البدانة مرض خطير يتطوّر بشكل مخيف
تتراوح معدلات البدانة في لبنان بين 18 و32 في المئة وهي معدلات تدعو للقلق وتزيد تدريجاً بشكل مخيف، مما يستدعي التدخل السريع للحد منها بكل الطرق. وهذه الزيادة في معدلات البدانة لا تقتصر خطورتها على الراشدين، بل تشمل الأطفال أيضاً إذ ترتفع معدلات البدانة بينهم بشكل يدعو إلى دق ناقوس الخطر للتصدي لها بأسرع وقت ممكن. في حرصها على التوعية حول مخاطر البدانة، أقامت الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد والسكري والدهنيات بالتعاون مع شركة “نوفو نورديسك”، لقاء ركزت فيه رئيسة الجمعية الطبيبة الاختصاصية بأمراض الغدد الصم والسكري د. بولا عطالله على كل مخاطر البدانة على الصحة وطرق التصدّي لها.
- متى تعتبر البدانة خطيرة؟
تعتبر البدانة خطيرة مع تكدس الدهون بشكل زائد يهدد الصحة من نواحٍ عدة. علماً أن البدانة تشكل عامل خطر للعديد من الأمراض الخطرة التي يمكن الإصابة بها كالسكري وأمراض القلب والسرطان وغيرها. واللافت أنه من عام 1975 زادت معدلات البدانة حول العالم بمعدل 3 أضعاف. وفي عام 2016 أكثر من 340 مليون طفل ومراهق أصيبوا بالبدانة، فيما يصل الرقم إلى 1,9 بليون بين الراشدين، وهي أرقام مخيفة فعلاً. وفي لبنان وحده يبلغ عدد المصابين بالبدانة المليون.
- من الواضح أن البدانة تزيد إلى حد كبير اليوم، فما أسباب ذلك؟
أظهرت الدراسات معدلات مقلقة من الزيادة في البدانة منذ السبعينيات إلى اليوم. ما لا شك فيه أن عوامل عدة لعبت دوراً في ذلك كقلّة الحركة، سواء بين الراشدين أو الأطفال، وقلّة ممارسة الأنشطة الرياضية مع توافر الأجهزة الالكترونية وظروف العمل التي تدعو إلى الجلوس ساعات طويلة. كما أن النظام الغذائي المتبع تبدّل، فأصبح هناك ميل أكبر اليوم إلى الأطعمة المصنّعة وتلك السريعة التحضير، وهي مشبعة بالدهون وغنية بالوحدات الحرارية. شيئاً فشيئاً من الطبيعي أن تؤدي هذه العوامل إلى زيادة معدلات البدانة.
- هل الحمية هي حل لمكافحة البدانة؟
غالباً ما تكون الحمية حلاً مرحلياً. فكل منا يلجأ إلى حميات متتالية لسنوات طويلة، وبعد التخلص من الوزن الزائد تعود من جديد مرحلة الكيلوغرامات التي خسرناها. نادراً ما تكون الحمية من الحلول الحاسمة، فالمطلوب هو نمط حياة صحي متوازن ومتكامل لتحقيق الهدف والحفاظ على النتيجة. فقد تبين أن ثلث الأشخاص الذين يخضعون إلى حمية يستطيعون الحفاظ على النتيجة التي حققوها فقط. أما الباقون فيكتسبون الكيلوغرامات مجدداً. كما أنه في حال البدانة الزائدة قد يكمن الحل أحياناً في العلاج الدوائي أو الجراحي، إذا تحقق الطبيب من توافر شروط معينة لإجرائها أو اللجوء إلى الأدوية المساعدة على خفض الوزن.
- لماذا تعتبر البدانة مصدر قلق؟
لا تعتبر البدانة مصدر قلق لأسباب تجميلية من الناحية الطبية، بل هي مرض خطير يستدعي المعالجة نظراً لتداعياتها الخطيرة على الصحة والأمراض الكثيرة التي يمكن أن تسببها كالاضطرابات المرتبطة بالنوم والجلطات وأمراض مرتبطة بجهاز التنفس والقصور في عضلة القلب وارتفاع ضغط الدم وغيرها من أمراض القلب والسكري والسرطان. كما أن معدل سنوات العيش ينخفض بشكل ملحوظ ومؤكد مع ارتفاع مؤشر كتلة الجسم. واللافت أن أعداداً هائلة من المصابين بالبدانة تحتاج إلى الجراحة لتوافر الشروط المطلوبة لإجرائها ولاعتبار البدانة التي يعانونها تهدد صحتهم.
- استناداً إلى أي معيار تبدأ زيادة الوزن بتهديد الصحة؟
من المؤكد أن قياس الوزن ليس أبداً المعيار لتحديد معدل الخطر بالنسبة إلى شخص يعاني زيادة في الوزن. فإذا أردنا التحدث من الناحية الطبية، يؤخذ مقاس محيط الخصر، فهو المعيار الأساس لاعتباره مؤشر خطر ينذر بالإصابة بأمراض خطيرة مزمنة كالسكري مثلاً. فيتم الاستناد إلى معدل الدهون في محيط الخصر.
- ما الأسباب التي تؤدي إلى البدانة؟
من المؤكد أن العامل الجيني يلعب دوراً في الإصابة بالبدانة، لكن في الوقت نفسه لنمط الحياة تأثير كبير. فالتوازن مطلوب بين المحصول اليومي من الطاقة ومعدل الطاقة الذي نحرقه، والزيادة تحصل في حال عدم التوازن وزيادة كميات الوحدات الحرارية اليومية التي نحصل عليها. والمشكلة تكمن في قلّة الوعي حول الكميات التي يتم تناولها وعدم إدراكنا محتويات الأطعمة من الوحدات الحرارية. لكن في كل الحالات ثمة عوامل عدة تلعب دوراً كالظروف الحياتية والاجتماعية والاقتصادية للأشخاص، والعوامل النفسية حيث يشعر البعض بالراحة النفسية لدى تناول أطعمة معينة وبالاكتفاء. ولا ننسى أن ظروف حياة البعض هي السبب في البدانة التي يعانونها لاعتبارها تفرض عليهم نمطاً غذائياً غير متوازن. كما أن ثمة أدوية تساهم في حصول البدانة، إضافة إلى الحالات الصحية التي قد تؤدي إلى ذلك.
- هل يُستفاد من خفض الوزن بحسب كمية الكيلوغرامات التي يتم التخلص منها؟
من الضروري التوضيح أنه يمكن الاستفادة من الناحية الصحية لا في حال التخلص من عدد كبير من الكيلوغرامات الزائدة، بل قد يكفي خفض الوزن تدريجاً لظهور نتيجة إيجابية من الناحية الصحية. من هنا، يبدو من الأفضل عدم وضع أهداف خيالية يصعب تحقيقها، بل يمكن العمل على الخفض التدريجي للوزن لتكون النتيجة إيجابية فتشكل عندها حافزاً للمريض. قد يكفي خفض نسبة 5 إلى 10 في المئة من الوزن للحصول على نتيجة حيث يتم العمل عندها على الحد من خطر الإصابة بالسكري والحد من خطر حصول وفاة أو الإصابة بأمراض قلب وغيرها من الحالات وإن كان المريض لا يزال بديناً.
مدربة الرياضة سوسن فرحات:
الرياضة لم تكن يوماً لمن يعاني زيادة في الوزن فقط بل هي حل علاجي للجميع
تشدّد مدربة الرياضة على أهمية الرياضة كجزء أساسي من نمط الحياة الصحي لاعتبارها حلاً علاجياً لكل إنسان أياً كان وزنه. هذا وشددت على فوائد الرياضة، على الصعيدين الجسدي والنفسي:
- الوقاية من السكري
- ضبط ضغط الدم
- الحد من التوتر
- تحسين عملية الأيض
- تحسين الصحة العامة
- الوقاية من ترقق العظام
- مكافحة علامات التقدم في السنّ
- الوقاية من أمراض القلب والشرايين.
- كثر لا يجدون الوقت الكافي للتوجّه إلى النادي الرياضي، فما العمل؟
اللجوء إلى النادي الرياضي ليس ضرورياً إذ إنه يمكن ممارسة النشاط الجسدي والتمارين الرياضية في المنزل. وبالنسبة الى من يرغبون بخفض أوزانهم فمن الضروري أن يعرفوا أنه في مرحلة من المراحل لا يعود الجسم يتجاوب مع الحمية وتعتبر الرياضة ضرورية في هذه الحالة لتنشيط عملية الأيض.
- ما معدل الرياضة المعتدل المطلوب؟
في حال ممارسة رياضة معتدلة كالسباحة أو المشي أو غيرهما، تكفي 150 دقيقة موزعة على مرتين أو ثلاثاً في الأسبوع. أما في حال ممارسة رياضة الركض أو غيرها من الرياضات القاسية فتكفي 75 دقيقة في الأسبوع.
نصائح للحد من البدانة:
- التقيد بالنظام الغذائي المتوسطي الصحي والمتوازن الذي صنّف في المرتبة الأولى في عام 2017 بين مختلف الأنظمة الغذائية.
- حرص الأهل على الطهو وتحضير وجبات من النظام المتوسطي وتشجيع الأطفال على الاستمتاع بهذه الأطعمة.
- الحد من اللجوء إلى الأطعمة المصنّعة وتلك السريعة التحضير.
- الحرص في أحجام الحصص لأن زيادة الكميات يعني زيادة الوحدات الحرارية التي نحصل عليها والتي تتحول إلى دهون. ذلك حتى في ما يتعلق بالأطعمة الصحية.
- عدم الإفراط في تناول الأطعمة الخاصة للحمية وتلك القليلة الدهون لأنها قد تكون في المقابل غنية بالسكر، والعكس صحيح.
- الحرص على قراءة لائحة المكونات في الأطعمة التي نتناولها.
- ممارسة مختلف الأنشطة الجسدية، والتشجيع على التنقل مشياً على الأقدام.
- تجنّب الحميات السريعة التي سرعان ما تُكتسب بعدها الكيلوغرامات الزائدة.
- أن يكون الأهل مثالاً جيداً للأطفال، سواء لجهة النظام الغذائي الصحي المتبع أو لجهة ممارسة الرياضة والأنشطة الجسدية المختلفة.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024