هبة زاهد: النجاح الذي تحصده أي امرأة سعودية هو نجاح لكل السيدات السعوديات
سيدة سعودية من طراز رفيع سعت لتحقيق ما تصبو إليه من نجاحات، ليس على الصعيد المحلي فحسب، بل على الصعيد العالمي كنتيجة حتمية لتواصلها المستمر مع العالم حين أصرّت على التعلّم المستمر، والتعرف إلى الآخر من منظور علمي وعملي، لتحصد المعرفة في مجال العلاقات العامة والتطلع إلى الأفضل، فحازت جائزة سيدة العام في العلاقات العامة على مستوى العالم حين نالت برونزية جائزة «ستيفي العالمية» لسيدات الأعمال في الولايات المتحدة الأميركية في دورتها الثانية عشرة لعام 2016. هبة زاهد هي رئيس مجلس إدارة «شركة فينومينال للعلاقات العامة وتنظيم الفعاليات»، وحاصلة على ماجستير في العلاقات العامة، التقتها «لها» في مكتبها لتبارك لها الجائزة وتطالع أوراق نجاحها.
- في حفل كبير شهدته مدينة نيويورك صدح اسم هبة زاهد، كيف لامس روحك هذا التكريم؟
بما أنني كنت السيدة السعودية الوحيدة الحاضرة في المكان الذي كان يعُجُّ بسيدات ناجحات من كل أنحاء العالم، شعرت بالفخر لأنني امرأة سعودية تشارك في هذا المحفل الدولي. ولأن جائزة «ستيفي» مخصّصة للسيدات الناجحات حول العالم، فقد تعرفت إلى كثيرات يعملن في مجالات مختلفة.
- من مفردات الطفولة إلى أبجديات العلاقات العامة، ما كل هذا التغيير الجذري؟
دخلت عالم الطفولة وتخصّصت في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة نظراً لمحبتي لهم ولمكانتهم الخاصة في قلبي، ومن أجلهم تطوّعت للعمل في الجمعيات الخيرية، كما عملت وأنا بعدُ طالبة جامعية في مدرسة تجمع بين ذوي الاحتياجات الخاصة والطلاب العاديين لأتابع نشاطاتهم الجميلة، وبعدما انتهيت من الدراسة، كان أخي شادي زاهد رحمه الله قد أسّس «شركة فينومينال للعلاقات العامة»، وطلب مني أن أتعاون معه قبل متابعة دراساتي العليا في مجال الطفولة.
- وكيف تغير الاتّجاه؟
بعد عملي لخمس سنوات في شركة أخي «فينومينال» والذي بدأته من الصفر، أحببت المجال وقلت له: «يجب أن أوسّع مداركي في مجال العلاقات العامة، وأطّلع على المزيد من الثقافات»...، فسافرت في بعثة لدراسة الماجستير في مجال العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأميركية.
- ما الذي تعلّمته من شادي الإعلامي المتمرّس؟
أخي شادي رحمه الله كان قدوتي في العمل ومثالاً يُحتذى به أخلاقياً وعلمياً وعملياً. كان يحفّزني على النجاح، وثبّت خطوتي الأولى في مجال العلاقات العامة وسار إلى جانبي، وكل نجاح حققته في هذا المضمار يعود إليه.
- اللجنة الخاصة بالجوائز وصفتك بأنك تمثّلين المرأة السعودية الناجحة والمميزة والتي أحدثت تحولاً في مجال العلاقات العامة، ما الذي قدّمته على الصعيدين المحلي والدولي؟
على المستوى الشخصي يأتي التعليم والتنوع الفكري، وعلى المستوى العملي تأتي الأعمال التطوعية والتي بدأتها منذ طفولتي مع جمعية للأطفال المعوقين، نظراً لحبّي للأطفال، وذلك من خلال برنامج صيفي كنت فيه مسؤولة عن طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة فأهتم بطعامه وشرابه وسباحته ولعبه ونشاطه... وبعدها بدأت الأعمال التطوعية مع صديقاتي.
- تعشقين عالم الأطفال، وعملت في مجال العلاقات العامة... ما كل هذا التناقض؟
أحببت المجالين، فمن خلال العلاقات العامة أستطيع الوصول الى الأطفال من طريق برامج تطوعية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، أطلقت حملة من خلال شركة «فينومينال»، للأطفال الذين يعانون من التوحد بالتعاون مع «جمعية جدة للتوحد» فالعلاقات العامة تُفسح في المجال للعمل التطوعي، وتتيح التواصل مع كل شرائح المجتمع بمن فيهم الأطفال.
- ما الأعمال التطوعية التي قمت بها وأنت طالبة جامعية؟
كانت أعمالاً تطوعية تخدم أفراد المجتمع وخصوصاً الفقراء والمساكين منهم، أو حملة زراعية في منطقة ما، أو أعمال تنظيف في أخرى.
- ماذا حققتِ على الصعيد الدولي؟
برنامج التوظيف العالمي الذي أطلقناه في يوم المهنة العالمي والتابع للملحقية الثقافية للمتخرجين، من خلال شركة «فينومينال» التي بدأتُ فيها بأدنى منصب وأهّلتني في ما بعد لنيل جائزة «ستيفي»، مكّننا من توظيف عدد لا بأس به من المبتعثين والمبتعثات في كل التخصصات في الشركات السعودية المنتشرة في عدد من دول العالم.
- ما الاستراتيجية المتّعبة لدخول شركات التوظيف السعودية؟
كانت تلك الاستراتيجية صارمة وجدّية وجديرة بالاحترام، سواء من الملحقية الثقافية أو من وزارة التعليم العالي السعودية، لكون الدخول لا يعني نشر اسم الشركة فقط، وإنما توظيف الخرّيجين والخرّيجات، لذلك كانت تُجرى حوارات صحافية فورية مع الشركات، وتوقَّع العقود على أثرها.
- ماذا أكسبك هذا التنوع الثقافي؟
تعرّفت خلال مسيرتي إلى شخصيات مختلفة، وتعلّمت أن الاختلاف في وجهات النظر لا يفسد للودّ قضية، لذا فحين أقع في مشكلة ما، أخرج منها وأنظر إليها من الأعلى بشكل محايد، وأفكّر عن الطرفين وإن كنت طرفاً فيها، لأجد حلاً لها... هذه الأمور ساعدتني كثيراً وأوصلتني إلى ما أنا عليه اليوم.
- لمن تُمنح تلك الجائزة، وكيف وصلت إليها؟
المسؤولون عن جائزة «ستيفي» يحاولون تكريم المرأة في كل دول العالم، على دورها المهم والفاعل في المجتمع، من خلال إعلاناتهم، فتقدّمت للجائزة وجاءني الرد على صعيد العمل بأنني أملك فرصة للفوز نظراً للقدرات والمؤهّلات التي أتمتع بها، وأستحق التقدّم لتلك الجائزة.
- ما الاستراتيجية التي وضعتها في يوم المهنة على الصعيد الدولي؟
لم أرسم استراتيجية بمفردي، لأن اليد الواحدة لا تصفق، بل كان النجاح ثمرة عمل فريق متكامل، ضم أكثر من شركة، وأكثر من جهة حكومية، لكننا كنا نتخذ القرار النهائي للتواصل الجماعي مع مختلف الجهات، كما قدّمت الملحقية الثقافية في أميركا دعماً قوياً، ومن طريقهم تمّ التعامل بأسلوب جيد مع التعليم العالي، وكنت آنذاك مديرة المشروع.
- مَن هي الجهة التي قدّمت لكم المساعدة في أميركا آنذاك؟
كانت هناك شركتان أميركيتان، واحدة اهتمت بتنظيم الأعمال اللوجستية، والأخرى تولّت الأمور التقنية، ومن جهتنا كان تواصلنا منظماً مع الجهات الإعلانية وسهّلنا سفر الشركات المشاركة.
- كم بلغ عدد الشركات التي شاركت في يوم المهنة على مدار ثلاث سنوات؟
كانت حوالى 340 شركة، في السنة الأولى شاركت 90 شركة، وفي السنة الثانية 100 شركة، وفي الثالثة 150 شركة.
- من هي الجهة الإعلامية السعودية التي غطّت الحدث في أميركا؟
رعى الحدث المغفور له الملك عبدالله، وكان يحظى بتغطية واسعة وشاملة من وسائل الإعلام المحلية.
- كيف كان وقع هذا النجاح عليك وعلى المرأة السعودية؟
حين سمعت اسم المملكة العربية السعودية تتردد أصداؤه في المحافل الدولية، لتحقيق إنجاز عظيم بعد مجهود كبير، شعرت بالفخر والاعتزاز، وازددت إصراراً على المزيد من العمل الدؤوب، فالنجاح الذي تحصده أي امرأة سعودية، هو نجاح لكل سيدات المجتمع السعودي.
- بعد رؤية 2030م، كيف تقرأ هبة مستقبل المرأة السعودية؟
على الرغم من حصولي على الجائزة قبل رؤية 2030م، أؤكد أنها فتحت آفاقاً واسعة أمام المرأة السعودية وسلّطت الضوء على دورها الفاعل في المجتمع ونجاحها في المناصب المهمة التي شغلتها.
- في عام 2018 نظّمت شركة «فينومينال» حفل المجلس الاستشاري لقيادة المرأة للسيارة عقب صدور القرار السامي بقيادة المرأة للسيارة، بمَ خرجت منه؟
بما أن شركة «فينومينال» تدير منذ 7 سنوات خدمات العلاقات العامة لشركة «الجبر»، فقد أصبحت الأمور متوازنة. وحين صدر القرار السامي بقيادة المرأة السعودية للسيارة، وبحكم أنني امرأة سعودية وأملك رخصة دولية، التقينا معاً وارتأينا أن نطلق حملة للمرأة السعودية، لكن بناءً على تطلعاتنا، توصّلنا الى نتيجة وتساءلنا: لماذا لا نُجري استفتاء نسأل خلاله السيدة السعودية عمّ تريد؟ وبالتالي أقمنا ورش عمل للسيدات في جدةّ والرياض والشرقية.
- ماذا تضمنت تلك الورش؟
على مدى شهر، كان الحضور متنوعاً وضمّ ربّات بيوت وأكاديميات وطالبات جامعة، وكنت مسؤولة عن تلك الورش، وبناء على الأسئلة التي طُرحت خرجنا بنتائج مهمة.
- ما هي الأسئلة التي طُرحت على جميع النساء؟
هل تدعمنَ القرار؟ متى ستقدنَ السيارة؟ وكيف تتطلّعنَ إلى القيادة؟ وما الذي يهمكنَّ في السيارة؟ وهل القيادة ضرورية أم من الكماليات؟ نظراً للتعليقات السخيفة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بعد صدور القرار.
- وكيف كانت النتائج؟
كلهن أجمعن على القيادة بغض النظر عن لون السيارة أو شكلها، لأن السيارة أصبحت ضرورة من ضروريات الحياة، وطالبن بالأمان وعدم التعرض لهنّ في الشارع، وإنزال أشد العقوبات بمن يسيء إليهن. وهناك سيدات أجمعن على القيادة مباشرةً من أمثال المرأة العاملة، الأكاديمية والإعلامية. أما ربّة البيت فقررت أن تقود سيارتها بعد أن ترى الوضع العام، وهذا ما اتفقن عليه في المدن الثلاث.
- كيف شُكّل المجلس الاستشاري؟
بعد نجاح الورش، قررنا تشكيل مجلس استشاري بالتعاون مع بعض الفتيات والسيدات اللواتي كنّ حاضرات معنا، لاستشارتهن، ويوم الحفل كان التدشين بحضور إعلامي وحكومي كثيف.
- وهل الهدف منه تسويقي؟
أبداً، كان شعاره الجدية، لأننا قررنا تقديم أشياء مفيدة للمرأة، وحصلنا على دعم من الجهات الإعلامية والحكومية، لنعطي المرأة لا لنأخذ منها.
- حدّثينا عن الأعمال التي قمت بها؟
أقمنا ورشة عمل بحضور فئة من هيئة السلام المرورية، وحشد إعلامي كبير لتثقيف الحاضرات في موضوع القيادة، منذ حصولهن على الرخصة إلى شراء السيارة والمحافظة عليها وكيف يقدن السيارة بأمان... وسوف نطلق حملات تثقيف متتالية حفاظاً على السلامة العامة.
- هل قدتِ سيارتك في 10/ 10/ 1439هـ؟
أملك رخصة سوق أميركية منتهية الصلاحية، لكنني أنتظر موعد خضوعي لامتحان القيادة، نظراً لزحمة المواعيد، وفور حصولي على الرخصة سأقود سيارتي بنفسي.
- ما لون السيارة التي ستقودينها؟
لم أقرر بعد، لكن أغلب عملائي يملكون شركات سيارات، وعليّ أولاً أن أتمرّن على القيادة وبعدها أقرر نوع السيارة ولونها.
- ما هي مشاريعك المستقبلية؟
نظراً لإيقاع الحياة السريع والتغير المستمر، أُحضّر مشروعاً ترتكز فكرته على كيفية تحويل بعض الخدمات العادية إلى أخرى إلكترونية في شركة «فينومينال»، ذلك أنني كنت قد شاركت في محاضرة لروّاد الأعمال، بحضور فرع السعودية، وطُرحت خلالها أسئلة من قبيل: كيف أرى شركتي بعد 100 عام؟ وما الذي قد يحدث؟ وكيف ستغير التكنولوجيا الحديثة حياتنا؟ كل هذا حتّم عليّ التغيير والتطوير في برامج الشركة ليسير موظفوها مع إيقاع العصر السريع.
- وطموحاتك؟
أن تكبر الشركة كما أراد لها أخي رحمه الله، وأن أُضيف اسمه الى شعار الشركة فيصبح Phenomenal PR SZ، أي شادي زاهد المؤسّس الأول للشركة فيبقى اسمه محفوراً فيها وفي القلب في آن واحد.
- من يقف وراء نجاحك؟
الفضل في نجاحي يعود الى الله عز وجل، ثم الى والديّ، وأخي الذي أخذ بيدي، فأمي الكاتبة والإعلامية أميمة زاهد دفعتني لأكون هبة الناجحة في كل المجالات، وكيف أفكر خارج الصندوق لأصيغ قراراتي.
- ماذا تقولين للمرأة؟
لا تستسلمي، النجاح جميل وتحقيقه ليس سهلاً ولا صعباً، بل هو السهل الممتنع، وليس مهماً أن تكوني إيجابية أو سلبية، بل الأهم ألاّ تتوقفي بل تقدّمي بخطوات واثقة إلى الأمام.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024