تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

عقيلة السفير الإماراتي لدى أوستراليا عائشة النعيمي

إلى كانبرا عاصمة أوستراليا وفي الشق الآخر من الكرة الأرضية انتلقت المهندسة عائشة النعيمي عقيلة سفير دولة الإمارات علي ناصر النعيمي بعيدة عن الوطن والأهل لتكون إلى جانب زوجها تسانده في مهماته الديبلوماسية والاجتماعية، وهو بدوره يدعمها في نشاطها الاجتماعي والثقافي، فنشأت بينهما وبين الطلاب العرب رابطة متينة جعلتهما المرجع الآمن الذي يخفف وطأة الغربة عنهم. «لها» التقت عائشة النعيمي وكان هذا الحوار.


- ماذا يمكن لزوجة سفير القيام به في الغربة؟
أعيش في كانبرا وهي عاصمة هادئة إلى أقصى الحدود وبعيدة جدًا عن دولة الإمارات. وفي الوقت نفسه فيها طلاب عرب من دول الخليج والإمارات، ونسعى أنا وزوجي إلى التواصل المستمر معهم لأنهم مثلنا بعيدون عن الوطن مسافة طويلة جدًا، ونحاول قدر المستطاع أن نخفف عنهم وطأة الغربة من خلال اللقاءات المتواصلة، والقيام بالنشاطات التي تعرّف العالم الغربي لا سيما الأوستراليين إلى الشخصية الحقيقية للعربي والمسلم.

- هل كان صعبًا عليك ترك وطنك الأصلي؟
ليس سهلاُ على الإنسان ترك موطنه، والإقامة في بلد آخر، وأي بلد أوستراليا! مما يعني الشق الآخر من الكرة الأرضية. وليس سهلاً الابتعاد عن بيتك وعائلتك ومجتمعك وأصدقائك. و منذ البداية اتفقت وسعادة السفير على أن لدينا دوراً هنا في كانبرا لا يقتصر على المناسبات الرسمية وإنما التواصل المستمر مع الشبان والشابات الذين يدرسون في جامعة كانبرا لنشعرهم بأن دور السفارة ليس مجرد تخليص أوراق رسمية، بل دورنا اجتماعي وثقافي، وبأنهم ليسوا وحيدين في هذه البلاد البعيدة.

- ما النصيحة التي تسدينها للطالبات اللواتي تلتقيهن هنا في كانبرا؟
أقول للطالبات اللواتي ألتقيهن في كانبرا إن الشهادة وحدها لا تكفي بل عليهن بناء شخصيتاهن وتطويرها. الشهادة هي الباب ولكن في المقابل عليهن تطوير شخصياتهن وصقلها ولديهن فرصة في أوستراليا. هذه بلاد كانت قاحلة لا يوجد فيها أحد، تطورت وأصبحت في مصاف الدول المتطورة وكل الناس يقصدونها ويدرسون فيها. لذا أطلب منهن بإصرار التواصل مع الناس لأنهن عندما يعدن إلى بلادهن لن يكنّ مجرد موظفات عاديات يقبضن رواتبهن.

- ما الفارق الذي تلاحظينه بين الأمس واليوم في شخصية المرأة الإماراتية؟
في الماضي كان هناك تردد عند المرأة الإماراتية في تأسيس عمل خاص بها، أما  اليوم، فحتى البنت وهي طالبة لديها ميل إلى تأسيس عمل خاص بها. تسمعين اليوم عن المعارض التي تقام في المدارس والجامعات وتقدّم خلالها الشابات الصغيرات أعمالاً يدوية ويقمن بالبيع والشراء مما يمنحهن الثقة بأنفسهن ويبلور الإبداع عندهن. وبفضل الانفتاح الذي تتمتع به الإمارات على كل الجنسيات نالت الفتيات فرصًا لبلورة شخصياتهن وصقلها. والعمل يكبر وإن كان بسيطًا، فإذا عملت بجد سوف يكبر عملك وتجدين الدعم من كل شرائح المجتمع الاقتصادية.

- تتواصلين مع المرأة الغربية والعربية. ما الفرق الذي لاحظته بينهما؟
المجتمع الأوسترالي يشبه المجتمع الإماراتي إلى حد ما بانفتاحه على المجتمعات الأخرى. ما يهمني أن يرى الأوستراليون المرأة العربية المسلمة المتعلمة والمنفتحة، لديهم التصور الجيد ولكن ليس تفاصيل. فهم يعرفون أن الإمارات للتسوق والرفاهية فقط ولكن أرغب في أن يروا الوجه الآخر لنا والعادات والتقاليد العريقة التي لدينا. دوري ثقافي وفكري لذا أحرص في اللقاءات الرسمية على أن أرتدي الزي الرسمي لأعرّف عن هويتي، وفي الوقت نفسه يرون حقيقتي وأغير الصورة السلبية السائدة عن المرأة العربية. أريد أن أريهم عقل المرأة العربية.
في إحدى المرات أثناء وجودي في السوق استوقفتني سيدة أوسترالية وسألتني عن البرقع الذي أثار ضجة في فرنسا وما إذا كان هو الذي أرتديه فأجبتها لها لا هذا حجاب مفروض على المرأة المسلمة، واستغربت الضجة حوله لأنه أمر شخصي. لذا أرغب في تنظيم ليلة إماراتية يتعرّفون خلالها إلى إنتاجنا ويرون الإمارات بعيوننا، أو أصحبهم إلى الإمارات.

- ما الميزة التي لاحظتها في الشعب الأوسترالي؟
ميزة شعب الأوسترالي أنه منفتح وعنده احترام للآخر ويحتوون الآخرين، عندما ألتقي الجاليات العربية يقولون إننا لا نشعر بالغربة ولا نلاحظ تمييز في المعاملة طالما أننا ملتزمون بقوانينهم، يتكلمون على البلد كأنها بلدهم، طبيعة الشعب منفتح، ربما لوجود جنسيات كثيرة.

- عملت مهندسة وعضواً في مجلس سيدات أعمال الإمارات وأنت زوجة وأم. أي وظيفة أصعب؟
الأمومة أصعب وظيفة بالنسبة إلى المرأة ولا يمكن الاستقالة منها، فالأم تنشئ إنسانا وتساهم في تكوين شخصيته، لذا كل ما تغرسينه فيه ينعكس إما سلبًا أو إيجابًا. وكذلك أن تكوني زوجة فهذه وظيفة صعبة فيها تنازلات، تتنازلين عن الأنانية وتأخذين في الاعتبار رأي الزوج الشريك ومشاعره في كل خطوة تخطينها. بينما تكون حياتك مختلفة عندما تكونين عزباء، فالزواج والأمومة يجعلان المرأة جزءًا من كل وكلاً من جزء، خصوصًا إذا تزوجت في سن النضج على العكس عندما تكونين صغيرة السن.

- ما دور زوجك في الاحتفاظ على استقلاليتك؟
أنا محظوظة بزواجي من سعادة السفير والحمد لله وهو فخور بي، ودائمًا يقول من اختياراتي أن أتزوج امرأة قوية الشخصية ولا أستطيع أن أتحمل المرأة الضعيفة. وهو داعم لي. لم تتغير حياتي بعد زواجي، ما عدا إحساسي بنفسي ومسؤوليتي تجاه الآخرين.

- هل تؤمنين بمقولة المساواة بين الرجل والمرأة؟
المفارقة هنا أن المرأة تعمل بوظائف الرجل نفسها وتتقاضى أقل منه، فأين المساواة؟ فيما أرى أن المساواة موجودة في مجتمعنا العربي. كامرأة شرقية ومستقلة كان عندي تصور أني إذا أردت أن أتزوج شخصًا يجب أن يكون لديه مقدار من التميز حتى أشعر بأنني أنتمي إليه ويحتويني، وهذا لا يبخس من قدري كامرأة. هذا الإحساس موجود عند المرأة الشرقية، وأظن عند المرأة الغربية أيضًا، فهي تريد رجلاً تعتمد عليه ويشعرها بالأمان. مهما كنت قوية أنت امرأة تحبين أن يحتويك شخص أقوى منك. عندما أتكلم عن نجاح زوجي يستغربون، فأجيب أنها طريقة تفكير.

- من له الفضل في صقل شخصيتك؟
كل شخص ألتقيه أتعلم منه شيئًا ما، فالإنسان مكوّن من جملة صفات. كل شخص التقيته أضاف إلي إما الجيد أو السيئ. أنا مجموعة هذه الأشخاص. السيئ يعلّمني كيف أكون حذرة.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078