تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية ربيحة ذياب...

زخرت حياتها بالمفارقات الغريبة والصعبة، من فتاة عاشت وحيدة برفقة أمها إلى قيادية مميزة في المجتمع الفلسطيني. عانت الكثير أثناء زواجها وولادة أبنائها بسبب الإقامة الجبرية والسجن، حتى أن تعليمها تأثر بذلك فحاولت خلال خمسة وعشرين عاماً أن تنال شهادة إلى أن حصلت على شهادة البكالوريوس في مجال علم الاجتماع، ووصلت إلى منصب وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية. التقت «لها» وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية ربيحة ذياب، للاطلاع على أبرز محطات حياتها الأسرية والاجتماعية والنسوية والحكومية.


-
امتلأت حياتك بالمفارقات ومنها محاولتك الحصول على الشهادة الجامعية. حدثينا عن ذلك.
حصلت على شهادتي الجامعية خلال 25 عاماً، لأنني تعرضت للاعتقال مراراً. ولكنني عزمت على أن يكون لدي شهادة جامعية، وأكملت مادتين جامعيتين بعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وتخرجت من الجامعة في العام 1999، وكنت قد بدأت دراستي في العام 1974. ومنعت من السفر لمدة 19 عاماً، وكنت أدرس في بيروت مادة التاريخ، ولكنني لم احصل على شهادة لأنني لم استطع إكمال دراستي بسبب الاعتقال والمنع من السفر. وبالتالي بدأت من الصفر مرة أخرى في جامعات الوطن، وعندما كنت في السنة الجامعية الثالثة، اعتقلت لفترات طويلة، وكان هناك ملاحقة، وفرضت عليّ إقامة جبرية مرتين وكل مرة كانت المدة ستة أشهر. وعندما كنت  أنهي مدة الحكم أو الإقامة الجبرية، أجد الجامعة قد أغلقت، بالتالي تعثرت مسيرتي التعليمية حينها، وحصلت في ما بعد على درجة البكالوريوس في مجال علم الاجتماع من جامعة بيرزيت في رام الله.

- بالرغم من وجود إخوة لديك عشت الوحدة، حدثينا عن ذلك.
ولدت في العام 1955،  في قرية دورا القرع، قضاء رام الله، هي قرية صغيرة جداً، وأنا أعشقها، لذلك لم اتركها حتى الآن. عشت وحيدة في البيت، وكان هناك فارق بيني وبين إخوتي الذين كانوا يدرسون في الجامعات خلال حرب العام 1967. والوالد في الثورة الفلسطينية كان رفيق الحاج أمين الحسيني، وحكم عليه بالإعدام ثلاث مرات في فترات معينه، وكان الأهل داعمين لي، وأخي الكبير كان بمثابة والدي لأنني لم أتعرف على والدي إلا عندما كنت في السنة الأولى في جامعة بيروت العربية، وكنت غالباً ما أبقى مع أمي وحيدة في البيت.

- كيف تحولت حياتك من حياة طفلة بريئة تلعب وتلهو إلى سيدة قيادية؟
الشيء الذي قلب كياني هو حرب العام 1967. كنت صغيرة في ذلك الوقت وكان لدي أحلام في اللعب واللبس وان أصبح دكتورة... وعندما جاءت الحرب انهار الحلم، وفي تلك اللحظة قررت أن أكون فدائية.

- كانت قصة زواجك مميزة.
تزوجت بعد خروجي من السجن للمرة الثانية في العام 1986، وفرضوا علي الإقامة الجبرية لمدة ستة أشهر في فترة زواجي، وزوجي هو اللواء المتقاعد فائق حمدان الذي أمضى ست سنوات في السجن. ولديّ ثلاثة أولاد وبنت. كنت مناضلة في كل المجالات وكنت أرأس اتحاد لجان المرأة للعمل الاجتماعي الذي انتشر في كل الأراضي الفلسطينية.

- ماذا بعد مجيء السلطة الوطنية الفلسطينية؟
بعد إنشاء السلطة عُينت مديرة عامة في وزارة الشباب والرياضة، ثم صرت المدير العام للوزارة. ثم أصبحت وكيلة مساعدة في وزارة الشباب والرياضة. وعندما قررت خوض انتخابات المجلس التشريعي قدمت تقاعداً مبكراً، ونجحت في أن أكون في البرلمان. ومن ثم عُينت وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية.

 

- كيف توفقين ما بين كونك وزيرة وأماً؟
كوني وزيرة هو مهمة نضالية جديدة بالنسبة إليّ. وعندما أكون في مواقع صنع القرار أستطيع أن أفعل أكثر، وعندما أنهي عملي كوزيرة شؤون المرأة اتجه مثلاً إلى اتحاد لجان المرأة. وبالنسبة إلى أسرتي، في الصباح أجهز نفسي للخروج من المنزل إلى العمل وأمارس مهماتي المنزلية في الليل لأنني أعود في ساعة متأخرة. أحيانا أطفئ النار تحت طبختي عند الساعة الثانية ظهراً. وازور أقاربي وأهل القرية وأشاركهم المناسبات الاجتماعية. ولديّ أمي التي ساندتني حتى أثناء اعتقالي وسجني ودعمتني في كل مراحل حياتي، وفي كل ليلة يجب أن أراها، وأيضاً ابنتي الكبيرة تساعدني في قسم كبير من أعمال البيت.

- هل عايش أولادك ظروف اعتقالك وفرض الإقامة الجبرية عليك؟
أولادي عاشوا الظروف التي كنت أمر بها، فعندما كنت اذهب لأوقع لدى الاحتلال الإسرائيلي من اجل الإقامة الجبرية، كنت أخذهم معي. وابنتي عندما كانت رضيعة، كانوا يحضرونها إلى سجن المسكوبية لكي أرضعها. فقد تم سجني مرتين وهي في فترة الرضاعة. وكذلك اعتقلت مرتين وأنا حامل بها. وفي أول يوم وقعت فيه إقامة جبرية جاءني الم المخاض والولادة على درج الشرطة الاحتلالية... أولادي عاشوا ظروفي كلها.

- ما هي انجازات وزارة شؤون المرأة في العام الماضي؟
عودتنا المرأة الفلسطينية على تعاملها مع كل الظروف وعلى كل الجبهات. ووزارة شؤون المرأة هي وزارة لوضع السياسات والتوجهات العامة من أجل النهوض بوضع المرأة. واستطعنا أن ننجز الكثير بحيث شكلت وحدات النوع الاجتماعي في الوزارات المختلفة، ووضعت المرأة في الخطة العامة للحكومة، وفي كل وزارة حسب اختصاصها، ومن اجل أن ننفذ هذه الخطط يجب أن يكون هناك موازنة كافية.

- كيف تتعاملين مع قضايا النساء في قطاع غزة؟
عندما نستطيع الحصول على قانون خاص بالمرأة، فهذا يكون لمصلحة النساء في كل المناطق، سواء في غزة أو الضفة الغربية. مثلاً، أنجزنا إستراتيجية مناهضة للعنف ضد المرأة، وأنجزنا الإستراتيجية الوطنية على مدار سنوات لوزارة شؤون المرأة. وفي موضوع القوانين، ندرس مجموعة قوانين نبرزها في العام الحالي 2011. ونجحنا في أن نأخذ قراراً من مجلس الوزراء بالإجماع حول موضوع العذر المحل والمخفف، ورفعناه إلى الرئيس على أمل أن يوقّعه بمرسوم. ونعمل مع وزارة العدل على تعديل قانون العقوبات، وهناك نشاطات كثيرة أخرى.

- أطلقت مفاهيم جديدة للتعامل مع قضايا المرأة، حدثينا عن ذلك؟
مفهومي أنه يجب ألا نستهدف المرأة وحدها في مشاريعنا وبرامجنا، بل يجب أن نستهدف الطرفين من اجل إيجاد مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية.

- طموحاتك كوزيرة لشؤون المرأة الفلسطينية وكأم؟
طموحي أن أحس بأننا حققنا دولة فلسطينية مستقلة لها حدود، وأن أرى أولادي الذين لم أعطهم الوقت الكافي ناجحين، وان يتسلحوا بشهاداتهم الجامعية. كان لدي طموح شخصي وهو أن أكمل الدكتوراة. وبالنسبة إلى المرأة أحلم بأن تنال النساء المساواة الحقيقية في كل شيء.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079