أول مأذونة في الصعيد
تشعر ميرفت محمود بالفخر لأنها أصبحت أول مأذونة في تاريخ صعيد مصر، فقد استطاعت أن تُحقق حلماً كان صعب المنال في مجتمع تحكمه الثقافة الذكورية.
في نجع الجنينة بقرية المراشدة بمحافظة قنا. تفوقت ميرفت على ثمانية مرشحين رجال، كانوا ينافسونها في وظيفة المأذون، فما هي أسباب ترشحها لهذه الوظيفة؟ وما هي قصتها؟
تقول ميرفت: في حقيقة الأمر كنت أحتاج إلى فرصة عمل، وبعد أن توفي الشيخ عبد الرحيم سالم مأذون المنطقة، وتم فتح باب الترشيح للوظيفة تقدمت بأوراقي مثل أي شخص. ومن شروط تولّي الوظيفة اختيار الأعلى في المؤهل العلمي، وأنا حاصلة على دبلوميْن، الأول في الفقه الإسلامي عام 2005 والثاني في القانون الخاص عام 2008 واستعد لمناقشة رسالة الدكتوراه، ولهذا تم اختياري من بين المتقدمين.
وعن كيفية مواجهة نظرة المجتمع الصعيدي لكونها أول مأذونة تقول:
المأذون وظيفة مثل أي وظيفة تقوم بها النساء بالمشاركة مع الرجال، ولا تتعارض مع ما أحلّ الله، ونحن أصبحنا في مجتمع متقدم، فالمرأة في مجتمعنا وصلت إلى منصب وزيرة، فليس هناك مانع من أن تكون مأذونة، كما أن المرأة الرشيد يجوز لها أن تتزوج وتزوّج غيرها، وأن توكل في النكاح لقوله تعالى: «فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف»، وقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «الأيم أحق بنفسها من وليها»، وما دامت المرأة لها الولاية على نفسها وعلى غيرها فيجوز أن يأذن لها القاضي بإنشاء عقد النكاح إذا احتاج إليها كـ«ولي» ومن باب أولى أن يأذن لها بتوثيقه لأن التوثيق يرجع إلى العدالة والمعرفة وهما يتوافران في المرأة.
وعندما اعترض على اختياري الآخرون كان اعتراضاً طبيعياً ولابد أن يحدث، خاصة أن كل واحد منهم يريد أن يكون هو المأذون، وهو ما جعلني أواجههم بالمثل حتى صدر قرار المحكمة الذي أنصفني. ولأن المادة 12 من لائحة المأذونين تنص على أن تتوافر جميع الشروط في المتقدمين، وهذا ما استوجب اختياري لأنني الأعلى في المؤهل العلمي والأعلى تقديراً، وهو ما يؤكد نزاهة القضاء المصري.
وعن موقف عائلتها وهل واجهت اعتراضات منهم، تقول ميرفت: لم يعترض أحد من العائلة، بل كانوا متحمسين لي بشدة، ولكن المشكلة ستكون في نظرة أبناء القرية، خاصة في بداية ممارستي للعمل وعقدي للقران، فلا أُنكر أن البداية ستكون صعبة لأن البعض سيتقبّل الأمر والآخر سيرفضه، ولأنني أعيش في مجتمع صعيدي له تقاليد وعادات وعرف، ويرون منذ عقود طويلة أن المأذونية للرجال فقط، فمن الصعب عليهم تقبّل هذا الوضع الجديد، ولكن أنا متأكدة أن نظرتهم ستتغير بعد التقدم الكبير الذي أحرزته المرأة في جميع المجالات التي شغلتها، وقبولهم لهذا الوضع سيأخذ بعض الوقت، ويكفي أن هناك من يشجعني من أهلي.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024