أهيله شومر... المديرة التنفيذية لجمعية 'سوا' لمناهضة العنف ضد المرأة
يعاني المجتمع الفلسطيني ظاهرة العنف النفسي والجسدي ضد النساء، وصولاً أحياناً الى قتل المرأة على خلفية ما يسمى شرف العائلة. وأخيراً ظهر تقرير يكشف وجود نساء ورجال وعائلات يعملون في الاتجار بالنساء والفتيات الفلسطينيات.
تضمن التقرير حالات تقشعر لها الأبدان، اذ أورد أن هناك أمهات يعملن في هذا المجال، وآباء يبيعون بناتهم بعقود زواج موقت. ومن هذه القصص واحدة «بطلتها» امرأة تمارس الاتجار، وهي ف.س. التي تبلغ من العمر 52 عاماً، وهي امرأة تملك شقتين في منطقة الرام قضاء القدس، حيث تشغل نساء من الرام ومدينة نابلس في مهن غير شريفة. وتعد ف. س المعيل الوحيد لعائلتها، وكانت في الرابعة عشرة من عمرها عندما تزوجت وغادرت مصر لتقيم في فلسطين، وقد تعرضت للاغتصاب على يد شقيق زوجها. ولا يبدي زوجها أي معارضة لعملها، ويغادر الشقة كلما كان لديها زبائن. ويروي سائق سيارة أجرة في رام الله: «نقلت طالبات مدرسة مختلفات ثلاث مرات إلى المكان ذاته في وسط مدينة رام الله، مما أثار استغرابي. وعندما سألت أحد أصحاب ورش تصليح السيارات هناك عن المكان، قال لي انه بيت بغاء خاص تديره امرأة اسمها «أم ز». ومعظم الفتيات اللواتي يعملن هناك تلميذات مدارس. وأعرف أيضاً ان ثمة نساء في مخيم في مدينة رام الله يقدمن خدمات الجنس عبر الهاتف، ويعمل أزواجهن داخل إسرائيل».
«لها» التقت المديرة التنفيذية لجمعية «سوا» لمناهضة العنف ضد المرأة، أهيله شومر التي قالت: «نحن كمؤسسة نقدم خدمات كثيرة مثل الخط الهاتفي للنساء والخط الهاتفي للأطفال، إضافة الى متابعتنا للقضايا التي تنشر في الصحف الفلسطينية. ومن خلال ذلك بدأنا نكتشف موضوع الاتجار والبغاء، ولذلك اعددنا التقرير لكي نقول إن هناك مشكلة في المجتمع الفلسطيني. ويسعى هذا التقرير لاستكشاف قضية الاتجار بالنساء والفتيات والبغاء في الأرض الفلسطينية المحتلة. وبسبب غياب المعلومات الدقيقة والدراسات والتقارير الرسمية التي تتعامل مع هذا الموضوع بانفتاح، فان هذا التقرير لا يقصد منه بأي شكل من الأشكال أن يقدم كدراسة شاملة، بل هو خطوة أولى نحو تحديد هذه المشكلة في الأرض الفلسطينية المحتلة، ويتبقى الكثير مما يجب عمله حتى في مجال البحث والتوثيق».
وأضافت: «نحن عانينا طوال إعداد التقرير، ولكن في بداية العمل كان هناك صعوبة في المنهجية، فعملنا بناء على تحليل ست حالات. وكان هناك صعوبة في جمع المعلومات. كما أن الوصول الى الأشخاص صعب وسري. بالتالي احتجنا الى الكثير من الوقت لجمع البيانات. ولكن تجربتنا هذه ستفيدنا في الدراسات المقبلة».وأوضحت: «اخترنا هذه الفترة لكي ندق الجرس، ونقول إن هذه المشكلة موجودة في مجتمعنا، وان هناك عدة أشكال للاتجار وقد تكون عن طريق الأهل والمجموعات. ونحن أسميناه اتجاراً لأن هناك تنقلاً ما بين مدن وحواجز وحدود، ولاحظنا أن الحالات تتنقل ما بين مناطق الضفة الغربية ومناطق غزة والقدس. وهناك اتجار من مناطق الضفة الغربية إلى مناطق ما بعد حدود القدس، وبالعكس من داخل إسرائيل إلى الضفة الغربية».
وتواصل شومر حديثها حول تقرير الاتجار والبغاء: «شاركت في إعداد التقرير لجنة مكونة من عشرة مهنيين، وكانت الأدوار تتوزع علينا. ووصلنا إلى حالات عن طريق الصحف، وكانت الحالات من مناطق مختلفة من الضفة الغربية. وكان هناك دوافع عديدة تم تحديدها خلال التقرير مثل الفقر وتعرّض النساء للعنف الجسدي، وغيرهما. كما أن الاتجار موجود بكل الأشكال، فهناك أب يزوج بناته بعقود موقتة، وزوج يشغّل زوجته... كما أن النساء اللواتي يمارسن هذا الشيء هن مرغمات، وحتى ولو قالت إحداهن إنها ترضى بذلك، فهي ليست قادرة على أن تحدد الاحتياج الصحيح، لأنه لا يرضى أي إنسان أن ينكل أحد بجسده. وعملياً الاتجار والدعارة فيهما تنكيل بحرية الجسد».
وحول طريقة مقابلة الحالات تابعت شومر: «مقابلة الحالات كانت صعبة جداً لأنهن مراقبات، وليس لديهن حرية الحركة ومنهن من هي مهددة بالقتل. كما أن هناك صعوبة في الوصول إلى أماكن عملهن. وفي التقرير ذكرنا كيف يستطيع المشتري أو الزبون أن يحصل على هذه الخدمات، ويتفاوت الزبائن بين رجال أعمال أثرياء في أواسط العمر إلى شباب عاديين. ويدفع الزبون عادة ما يقارب سبعين دولاراً».
وأشارت اهيلة إلى الجهات التي عملت على وضع شروط من شأنها المحافظة على وضع المرأة، فقالت: «اتخذ الجهاز القضائي الفلسطيني عددا من التدابير القانونية الوقائية لمعالجة قضايا العائلات التي تجبر بناتها على الزواج من رجال من خارج الأرض الفلسطينية المحتلة، وأحياناً على الاتجار والبغاء. وقد أصدر الشيخ تيسير التميمي قاضي القضاة ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي تعميماً موجهاً إلى القضاة الشرعيين، مع توجيه نسخة منه إلى وزارة شؤون المرأة، للتثبت من توافر بعض الشروط عند إتمام عقد الزواج، وأهمها موافقة المخطوبة، والتأكد من تجاوز المخطوبة الثامنة عشرة من عمرها».
توصيات
تضمن التقرير العديد من التوصيات التي من شأنها الحد من الاتجار بالنساء. قالت شومر: «جرى تقديم بعض التوصيات العملية لمنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية الفلسطينية المدعوة لأن تقوم بما يلي: «المناداة بسن قانون في المجلس التشريعي الفلسطيني يصنف البغاء القسري كعنف جنسي ويكفل معاملة الفتيات والنساء كضحايا للجريمة وليس كجناة، وإعداد بحث جديد ومعمق يستكشف أبعاد قضية البغاء والاتجار بالبشر لأغراض جنسية من الأرض الفلسطينية المحتلة واليها، وتوثيق حالات البغاء القسري والاتجار بالفتيات والنساء لأغراض جنسية في ضوء توفر فهم مشترك للمصطلحات المستخدمة في إطار قانون حقوق الإنسان. ويتوجب بناء آليات تعاون وتنسيق بين منظمات المجتمع المدني في رصد الحالات وتوثيقها، وتكوين شبكة عمل بين منظمات المجتمع المدني الفلسطينية التي تتعامل مع البغاء القسري والاتجار بالنساء والفتيات لأغراض جنسية ومنظمات المجتمع المدني في الخارج، بما يشمل المنظمات في البلدان التي تأتي منها الحالات وتلك التي تستقبلها. ودعم الحركات الدولية التي تنادي بتبني تعريف أكثر شمولية لمفهوم «الاتجار بالبشر»، بحيث يغطي الاتجار الداخلي».
وختمت شومر: «كما أن منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية الفلسطينية مدعوة معاً لاتخاذ تدبير وقائي من خلال إعداد برامج للتوعية تستهدف الرجال والنساء والشباب حول القضايا المتعلقة بالاتجار بالبشر وحقوق المرأة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024