تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

في ثلاثة معارض دفعة واحدة فنانون مصريون يعودون الى الحياة الشعبية

الفنانة هند سمير

الفنانة هند سمير

الفنان عاطف أحمد

الفنان عاطف أحمد

المولوية

المولوية

زكريا الزيني

زكريا الزيني

من معرض

من معرض "الهيلا هوب"

من معرض زكريا الزيني

من معرض زكريا الزيني

شهدت القاهرة ثلاثة معارض دفعة واحدة، تعتمد على إعادة توظيف المفاهيم الشعبية، من أجل خلق عالم جديد يتناسب مع الأفكار والرؤى التي يطرحها هذا الفنان أو ذاك. في المعارض الثلاثة ثمة محاولة لاستدعاء المفردات الشعبية بمغزاها الكامن في النفوس، من أجل إعادة تأملها مرة ثانية، بعد توظيفها في عالم جديد مبتكر، وهذه المعارض هي: “متاهة الهيلا هوب” للفنانة هند سمير، “مولوية” للفنان عاطف أحمد، أما المعرض الثالث فجاء ليستعيد أجواء الفنان الراحل زكريا الزيني.

في المعرض الأول حاولت الفنانة الشابة هند سمير أن تذكّرنا مرة أخرى، برقصة “الهيلا هوب”، وهي رقصة تعتمد على الأداء التمثيلي في المقام الأول، ويؤديها فنانون في السيرك يرتدون ملابس مزركشة ذات ألوان زاهية ومتداخلة.
وظفت هند هذه الحالة الشعبية بشكل درامي، فبدت اللوحات في مجملها كما لو أنك تشاهد عملاً تلفزيونياً بشكل متتابع، وهو ما أشار إليه الفنان محمد طلعت مدير غاليري مصر، الذي يستضيف المعرض بقوله: “لهند سمير لغة جمالية، تدفع في حد ذاتها نموذجاً سردياً واضحاً يعيد استخدام الأنظمة المألوفة، مثل (الرموز التلفزيونية، صور التجمعات العائلية والبيئات ذات التوجه العائلي)، التي يتداخل فيها المرغوب مع واقع الحياة غير الآمن، الاندفاعي المغامر، أو في أحيان أخرى مع المخاوف التي تسكن أحلام اليقظة، فالأعمال تنطوي على أداء من الفعل الجسدي بأوضاع تصويرية للأبطال وسرديات، وهناك فضاء بينهما يبحث عن شيء ضائع، كما تمكنت الفنانة من توظيف اللون وحرارته، مما وضعها في مرتبة متقدمة بين الرسامين المحترفين”.
هند سمير فنانة مصرية تخرجت في كلية الفنون الجميلة عام ٢٠٠٨ قسم التصميمات المطبوعة في جامعة حلوان، وهي تجرّب في أعمالها الفنية العديد من التقنيات، بما في ذلك الرسم والطباعة والوسائط المختلطة والفيديو والتركيب. عرضت أعمالها في معرض فردي في مدرار، والكثير من المعارض الجماعية المحلية في الإسكندرية والقاهرة، كما تم عرض أعمالها في متحف (Mattress factory) في الولايات المتحدة الأميركية، وفي السويد، وأماكن مختلفة في إسبانيا.
أما المعرض الثاني فهو للفنان أحمد عاطف، وفيه يستعيد رقصة المولوية التي يجيدها فنانو التنورة، ولها جمهورها الواسع مصرياً. وتحظى فرقة التنورة التابعة لهيئة قصور الثقافة، والتي تحاول أن تحافظ على هذا التراث بسمعة دولية طيبة، في المهرجانات العالمية التي تشارك فيها، ولهذه الرقصة قواعدها، وترتبط بحس صوفي وفقدان الوعي للحظات، ويدخل الفنان الذي يؤديها في طقوس صوفية، وهو ما عبّر عنه ببراعة الفنان عاطف أحمد في هذا المعرض الذي حمل عنوان “مولوية” وشهدته قاعة بيكاسو. ويحلل الفنان صلاح بيصار هذا المعرض بقوله: “ينحاز الفنان عاطف أحمد في في معرضه الحالي استكمالاً لهذا النبض، الذي يعلن بهجة الحضور الإنساني”.
عاطف أحمد من مواليد 1969، يعمل ويعيش في القاهرة، له معارض شخصية في مجمع الفنون (إيجاز) 2003، أتيليه القاهرة (المولد) 2003، أتيليه القاهرة (الدائرة) 2007، غاليري مصر (إيقـاع) 2015، غاليري ضي (خارج البؤرة) 2016، وشارك في العديد من الفعاليات والمعارض الجماعية محلياً ودولياً، ونال الكثير من الجوائز داخل مصر وخارجها.
أما المعرض الثالث فهو للفنان الراحل زكريا الزيني “1932 – 1993”، وهو واحد من أهم الفنانين المصريين والعرب، وتعد لوحاته بمثابة تاريخ حي للشعب المصري، وقد أحسن غاليري سفر خان اختيار اللوحات التي ترصد تاريخه الفني والمحطات الرئيسة في مشواره الإبداعي، فلا يزال للوحاته تأثيرها الساحر في المتلقي، كما لا تزال تُحدث فينا حتى الآن، الانبهار بقدرته على تقديم صورة بانورامية للحياة الشعبية.
يُعد الفنان زكريا الزيني أحد رموز الحركة التشكيلية المصرية، إذ اتسمت أعماله بخصوصية وببصمة سبق بها عصره، فكانت لوحاته التي هيمنت عليها موضوعات وقضايا مصرية الهوى والهوية، مزيجاً رائعاً بين التجريدية، المدرسة المهيمنة على أسلوبه وإحساسه، والتعبيرية التي استعان بها في كثير من لوحاته، من خلال وجوه ورموز شديدة التلخيص، تيسيراً على المُتلقي لفهم رسالته من العمل، مع ترك مساحات شاسعة للتأويل والحذف والإضافة وفقاً لرؤية كل مُتلقٍ. ويبدو واضحاً من مسيرته الفنية، التي عبّرت عنها الأعمال المعروضة، أن نشأته في حي السيدة زينب قد تركت تأثيرها القوي في ثقافة الفنان، وظهر ذلك واضحاً في المراحل التي مرت بها مسيرته الفنية، وسمّاها بالمولد والزار، وغيرها من مظاهر الاحتفالات الشعبية، ثم مرحلة “القمامة” في الثمانينيات، رفضاً لهذه الظاهرة التي تفشت في ذلك الوقت، ثم مرحلة الأقنعة وغيرها من المراحل التي تضمنت الكثير من الموضوعات المجتمعية والإنسانية، التي اكتست كلها بحس فلسفي وتناول راقٍ وغير مألوف، إذ تميز بالجرأة في التعبير عن أفكاره وموضوعاته بمنتهى الصدق، صانعاً لكل حالة بيئتها التصويرية شديدة التوازن، من حيث البناء التشكيلي والحس الفني والجمالي.
الجدير ذكره أن الفنان التشكيلي زكريا الزيني، حاصل على دبلوم كلية الفنون الجميلة في القاهرة- قسم التصوير 1960، دبلوم أكاديمية الفنون الجميلة في فينيسيا- قسم التصوير 1964، دبلوم أكاديمية الفنون الجميلة في رافنا- قسم التصوير جداري 1966، وعضو في الكثير من الجمعيات الفنية في مصر وخارجها، تقلّد مناصب عدة، منها أستاذ ورئيس قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة في جامعة حلوان، وكيل كلية الفنون الجميلة لشؤون التعليم والطلاب، ورئيس قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة في المنيا، وخلال مسيرته شارك في عشرات المعارض والفعاليات الفنية محلياً ودولياً، وتكلّلت مسيرته بالكثير من الجوائز والتكريمات، لعل أبرزها الجائزة الأولى (تصوير) في بينالي الإسكندرية 1991، وله أعمال يقتنيها أفراد في مصر والوطن العربي وأوروبا وأميركا.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078