"اليوتيوبر" السعودية وجدان زعوري محتوى مبدع بدون قيود في الإعلام الرقمي
هم أشخاص لقّبوا أنفسهم بـ«اليوتيوبر» ليكونوا ضمن فئة من المؤثرين في عالمنا الرقمي الواسع، وقد تمحورت اهتماماتهم حول تقديم محتوى لافت ومهم بإمكانيات بسيطة لحصد أكبر عدد من المشاهدات. ووسط ازدحام شبكة «يوتيوب» بالمواهب الشابة والأفكار المستحدثة التي يقدّمها شبان وشابات من أنحاء العالم وبمختلف اللغات، برز منذ عام اسم «اليوتيوبر» السعودية وجدان زعوري التي تفرّدت بتقديم أفكار غريبة وغير مألوفة بمقاطع قصيرة وبسيطة تلامس واقع المجتمع السعودي، وتعكس ثقافة المرأة السعودية وميولها واهتماماتها بدون قيود. خطوات وجدان زعوري بدءاً من عالم الصحافة ووصولاً الى ترشّحها لمسابقة «يوتيوب» في لندن تكشفها لنا في الحوار الآتي.
تعلّمت من الصحافة آلية صنع الفكرة
حدّثينا عن اهتماماتك قبل أن يُطلق عليك لقب «يوتيوبر»؟
كنت وما زلت وجدان زعوري إبنة الـ 26 ربيعاً، خرّيجة قسم الصحافة والإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز في جدّة، الشغوفة بكل ما يقدّمه الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من يومي الذي أمضي معظم ساعاته في تصفّح وتحليل كل ما تقع عليه عيناي.
توجّهك للعمل في الصحافة، ماذا أضاف إليك على الصعيدين الشخصي والمهني؟
أعمل في الصحافة منذ فترة قصيرة، لكن رغم قصر المدّة، أؤكد أنها كانت مؤثرة جداً، فاختلاطي مع كبار المؤثرين في مجال الإعلام التقليدي، أكسبني خبرة واسعة وعلّمني مهارات الصياغة وتنميق الكلمات، والأهم من ذلك كيفية صنع الفكرة، ويوماً بعد يوم كنت ألحظ الفارق إذ أصبحت أكثر صبراً وحكمة واحترافاً في تنفيذ أصعب المواد الصحافية وأعقدها.
محاكاة الواقع بدون قيود كانت الدافع لإنشائي قناة خاصة على «يوتيوب»
الصحافي شخص غير مرئي ولكنه ملموس من خلال كلماته وأفكاره وصدقيته. كيف تجرّأتِ على التحول من شخصية غير مرئية الى «يوتيوبر» تنقل صوتها وتعابير وجهها منطق وحكاية وقضية اجتماعية إلى جمهور واسع؟
تعمّقي وتحليلي لكل ما يجري من حولي، حرّكا الرغبة في داخلي لأكون من الأشخاص المؤثرين بأفكارهم، فقدمت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي محاكاة لواقع الحياة بعيداً من القيود التقليدية التي فُرضت على باقي الوسائل الإعلامية في المؤسسات الضخمة. فالروعة تكمن في اختصار التكلف في الكلمات وتنميقها وبلاغتها، والمشاهد التلفزيونية والسينمائية التي تستغرق دقائق معدودة، وفّرت على المشاهد الوقت والجهد لرؤية محتوى هادف وخفيف، وفي الوقت نفسه طبيعي وحقيقي بدون أي «ريتوش» أو إضافات.
منصات ومسارح تنقلين فيها من خلف الشاشات آراءك وقناعاتك وتفاصيل حياتك اليومية، ما الهدف من هذا الانتشار الواسع على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، وهل تطمحين الى الشهرة من خلالها؟
كل لقطة وكل حرف وكل مقطع أتشاركه مع المتابعين من خلال حساباتي، له هدف جوهري ألا وهو نشر البهجة بكل تفاصيلها الإيجابية، ونقل عدوى التفاؤل وحب الحياة وسط تزاحم الأخبار السلبية التي أُتخم بها الإعلام فنشر من خلالها الإحباط وقلّة العزيمة، هذا إضافة الى رغبتي في أن أتحمّل جزءاً من مسؤولية إثراء المحتوى الإعلامي السعودي، وأناقش من خلال ما أقدّمه مواضيع جريئة وغير مسبوقة بأسلوب خاص وبجهد شخصي، لإيصال رسالة الى كل فتاه سعودية حصرت نفسها في قالب مجتمعي معين ومألوف بجانبيه السيئ والجيد فقط، متناسيةً ألوان الإبداع المختلفة التي أخرجتها المرأة السعودية بمواهبها المتعددة من الغناء والرسم والإخراج والتصميم.
تمثيلي لدور الخادمة كان فرصة لإظهار الجانب الإيجابي المفقود إعلامياً
مقاطع «يوتيوب» رغم بساطة فكرتها وتنفيذها، إلا أن إعداد الفكرة وتنفيذها خلال دقائق معدودة أمر في غاية التعقيد... أين كانت بداياتك ومن دعمك لإنتاج هذا المشروع؟
رغم انتمائي الى عائلة سعودية محافظة نوعاً ما، إلا أن ذلك لم يشكل عائقاً أمامي حين قررت خوض التجربة. فبعد أن وجدت نفسي محصورة في عملي الصحافي والإعلامي الذي حتّم عليّ مناقشة موضوعات تهم المؤسسة الصحافية التي أتبعها، أحسست أنني لا أقوى على إظهار إمكانياتي الإبداعية من خلال عملي التقليدي، لذلك ومنذ ما يقارب العام أنشأتُ قناتي التي تحمل اسمي على موقع «يوتيوب» لأبدأ مشواري في تقديم محتوى من الألف الى الياء، بدايةً من خلق الفكرة وتشكيل قالبها، وصولاً الى تصويرها وإخراجها بشكل يليق بالمشاهد. ومنذ انطلاقتي إلى اليوم وأنا أتلقى من عائلتي كل الدعم والتشجيع على المضي في هذا المشوار.
ما أكثر المقاطع والموضوعات التي عُرفت بها خلال العام الماضي؟
لي عدد من الحلقات التي حققت صدى إيجابياً لدى المتابعين، ولعل أهمها الحلقة التي تناولت فيها موضوع اختلاف معايير الجمال في المجتمع، وقد تمحورت فكرة المقطع على نشر حوارات مع فتيات مختلفات في الملامح ولون البشرة، فعبّرن فيها عن نظرتهن الى الجمال، وكذلك حلقة خروجي الى شوارع مدينة جدّة في يوم الأم وتوزيع الورود على السيدات، وأخيراً الحلقة التي طرحت فيها سؤال: ماذا لو ارتادت «الفاشونيستا» الأسواق الشعبية؟ وحاولت من خلالها أن أُعزّز ثقة الفتيات بأنفسهن وتشجيعهن على عدم الخجل، فكما تتباهى غالبية الفتيات على وسائل التواصل الاجتماعي بذهابهن إلى أفخم الأماكن والمطاعم والأسواق، لا بد لهن أيضاً من إظهار الجانب الآخر في حياتهن وعدم الخجل من ذهابهن إلى الأماكن الشعبية البسيطة.
روح الدعابة والفكاهة هي أبرز ما تميزت به كـ«يوتيوبر»... كيف تجمعين بين الجدية والمرح في مقاطعك؟
أتعمّد دوماً في مقاطعي أن أنقل صوراً من واقع الحياة بمرح وبساطة. فعلى سبيل المثال، يُعد موضوع العاملات في الخدمة المنزلية في المملكة موضوعاً شائكاً، لطالما دأب الإعلام على تسليط الضوء على الجانب المحزن والمأسوي فيه، غافلاً الجانب الآخر الإيجابي والمشرق، ومن هذا المنطلق قدّمت حلقة عن الخادمة التي تعيش وتعمل وسط أسرة تحترمها وتقدّرها وتعاملها كفرد من أفرادها.
تقبّلت الانتقادات السلبية بعدما كنت أحذفها
لا بد لأي شخص من أن يتعرض لانتقادات سلبية وبعيدة من الموضوعية، كيف تعاملت مع النقد؟
في الحقيقة، كنت في بداياتي أتضايق من الانتقادات السلبية وأحذفها، ولكن اليوم بدأت أتقبّل التعليقات التي تعبّر عن أصحابها، وبتّ لا أتأثر إلا بالنقد الإيجابي والبنّاء، فهو يدفعني الى تطوير إمكانياتي وزيادة إنتاجي.
خضتِ أخيراً تجربة فريدة بزيارتك لندن وحضورك فعالية نظّمتها شركة «يوتيوب»، حدّثينا عن تلك التجربة؟
في كل عام، تنظّم شركة «يوتيوب» حدثاً سنوياً لصنّاع المحتوى ودعمهم وتحفيزهم على الانتشار من خلال دورات تدريبية ودعم مادي أيضاً، وكنت واحدة من بين 5 آلاف شخص مرشح لهذه المسابقة، وشرّفني أيضاً كوني من ضمن الأشخاص الثمانية الذين زاروا مقر شركة «غوغل» الرئيس في العاصمة البريطانية لندن، وقد حضرت ورش عمل هادفة ومفيدة علّمتني كيفية تحويل الهواية إلى عمل احترافي متقن بخطوات بسيطة.
شهرتك على قنوات التواصل الاجتماعي، هل أثّرت في حياتك الشخصية وتعاملك مع الآخرين؟
الشهرة في الواقع لم تؤثر فيّ كثيراً، ولكن تغمرني السعادة حين أصادف أشخاصاً يعبّرون عن إعجابهم بما أقدمه.
ما المواضيع التي تنوين مناقشتها هذا العام، وهل تفكرين في خوض تجربة على شاشة التلفاز؟
أنوي هذا العام التركيز على واقع المرأة السعودية، وعلى التطورات الرائعة التي تشهدها المملكة، ولا مانع لدي في خوض تجربة في مجال التلفزيون لو أُتيحت لي الفرصة لذلك، لكن حلمي الحقيقي هو إنشاء محتوى مؤثر وتقديمه بمساندة شباب مبدعين على منصات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
الصدق في تقديم المحتوى الهادف هو مفتاح النجاح على قنوات التواصل الاجتماعي
في رأيك، ما الذي يؤهل الشخص للنجاح في مجال مواقع التواصل الاجتماعي، وما تقييمك لوعي روّاد هذه المواقع؟
مستخدم هذه المواقع أصبح أكثر تطلباً ووعياً بكل ما يرغب في مشاهدته. ومن هذا المنطلق، لا بد لأي شخص يود التغلغل في هذا العالم من أن يكون صادقاً في كل ما يقدمه.
كيف تخططين لتطوير نفسك على الصعيدين الشخصي والمهني؟
أنوي بعد أشهر قليلة السير في طريق الدراسات العليا، واستكمال دراستي في مجال الإعلام الرقمي، إلى جانب استمراري بتقديم محتويات مختلفة على قناتي على «يوتيوب».
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024