تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

زوجة تجمع بين زوجين في منزل واحد

في محكمة الأسرة كانت الجلسة مثيرة: الزوج في الأربعين من عمره، الدموع تسبقه وهو يحاول أن يتماسك ليحكي ما حدث... وقائع القضية مثيرة وأحداثها فريدة. فقد أكد الرجل أن زوجته جمعت بين زوجين، ولم يكن هذا الحدث هو المثير، لكن الأخطر أن السيدة هناء جمعت بين الزوجين في منزل واحد! كيف حدث ذلك؟ وكيف تمكنت هناء من أن تخدع زوجها ست سنوات كاملة؟ وما هي مفاجأة الطب الشرعي في نسب ابنتهما الوحيدة؟!


الجريمة العادية التي حدثت كثيراً من قبل هي ان زوجة تخدع زوجها بعض الوقت، ويكتشف الزوج أن زوجته متزوجة من آخر وهي على ذمته. لكن الجريمة غير العادية أن تجمع الزوجة بين الاثنين في بيت واحد! هذا ما فعلته هناء التي جمعت بين زوجيها في منزل واحد برضا أحدهما، وظل صاحب المنزل هو المخدوع طوال سنوات، بعدما أحسن استقبال غريمه وفتح له أبواب منزله طواعية، وهو يعتقد أنه خال زوجته، واكتشف في النهاية أنه يعيش خدعة كبرى.
لم يكف صابر عن البكاء طوال جلسات القضية وهو يتذكر الأحداث السابقة. كان يغمض عينيه للحظات وهو يتخيل المشاهد المؤلمة التي عاشها حينما كان يودع زوجته قبل سفره، ويطلب من خالها أن يرعى شؤونها في غيابه.
الآن فقط فهم معنى الابتسامة التي كانت ترتسم على وجهيهما عندما كان يغلق الباب ويتركهما معاً. والكارثة الكبرى هي ابنته سماح، التي لم تتجاوز عامها الثالث، فقد اكتشف صابر أنها ابنة الزوج الأول وليست ابنته!
مجموعة من الجرائم ارتكبتها هذه الزوجة الهاربة، التي لم تراع أي قواعد، ولم تهتم بنفسها. ولم يدر صابر كيف يقبل زوجها الأول،الذي ارتبط بهناء رسمياً أن يلعب هذا الدور.

الخال والد!
النيابة أصدرت قراراً باحضار هناء وزوجها بعدما هربا معاً وتركا الزوج المخدوع الذي ظن أنه أسعد زوج في الدنيا طوال ست سنوات، هي عمر زواجه بهناء التي قدمت له الحب المزيف طوال هذه السنين.
لم ينس صابر أنه هو الذي كان يطلب من غريمه أن يأتي أثناء سفره ليقيم مع زوجته، وتمنى أن يعثر على هناء حتى يقتلها، فالموت فقط هو الذي سيشفي غليل رجل تلقى من هناء عشرات الطعنات، وليتها أطلقت عليه الرصاص بدلاً من خداعه بهذه الطريقة!
البداية كانت قبل سنوات حين التقى صابر وهناء  في مناسبة عائلية، فجذبه جمالها وأنوثتها وشخصيتها المميزة. وجد فيها المرأة التي يتمناها أي رجل رغم أنها مطلقة ولها تجربة فاشلة.
صارحها بحبه، طلبها للزواج، ترددت هناء لكنها وجدت نفسها محاصرة برجل يحبها بجنون، ووافقت بعد إلحاح من صابر على إتمام الزواج، كانت فرحته بلا حدود، وأعتقد أن حلمه تحقق بالارتباط بها، ولكنه لم يكن يعلم أنه دخل بقدميه إلى وكر الشيطان!
طار صابر فرحاً حين جاءت ابنته سماح الى الدنيا، وقرر أن يعمل ليلاً ونهاراً حتى يوفر لها ولزوجته حاجاتهما فضاعف ساعات عمله، وكان يقبل مأموريات السفر إلى محافظات مصر البعيدة من أجل الحصول على مكافآت مميزة.
بعد عامين من الزواج قدمت هناء لزوجها خالها حسين وأخبرته أنه كان يعيش خارج مصر وعاد قبل أيام ليستقر في القاهرة. أحسن الزوج استقبال الخال، ووافق على الفور على طلب الزوجة بأن يمضي حسين بضعة أيام معهما في الشقة حتى يوفر لنفسه مسكناً.
وصدف ان صابر سافر إلى إحدى المحافظات البعيدة في مهمة لمدة أسبوعين، فطلب من خال الزوجة الاهتمام بهناء وابنته الى حين عودته. وسافر مطمئناً، وغير مدرك أنه ترك منزله مرتعاً للشياطين ومرت السنوات، انتقل حسين ليعيش في شقته وكان يتردد على منزل هناء بين الحين والآخر، ويصر الزوج على أن يبيت الخال في منزله خلال سفره.

السر!
تلقى صابر صدمة هائلة عندما التقى مصادفة شقيقة زوجته، وقد حاول أن يُصلح بينهما بعدما امتنعت شقيقة هناء عن زيارتها لأسباب عائلية، وأخبرها بأن خالهما موجود في المنزل، فظهرت الدهشة على وجه شقيقة هناء، وبهدوء أخبرت الزوج أنها وشقيقتها ليس لهما خال على قيد الحياة!
كسا الذهول ملامح الزوج، وراح السؤال يهاجمه بشراسة: من هذا الرجل الذي يعيش في منزله بصفة شبه دائمة؟ وإذا لم يكن خال زوجته فهو من؟ هرع إلى بيته وكانت زوجته في الخارج، فراح يفتش في أوراقها بجنون، بحثاً عن شيء ما يكشف سر ما حدث.
أخيراً عثر على الدليل الذي يبحث عنه: ورقة زواج رسمي تحمل صورتي زوجته وخالها المزعوم، مع تاريخ يسبق تاريخ زواجه بعدة شهور. تسمر صابر في مكانه ولم يدر ماذا يفعل. اعتصر الحزن قلبه، ولم يعرف سبباً لهذا التصرف، ولا يدري لماذا تزوجته وهي متزوجة بالفعل من شخص آخر!
ظل يتخيل مشاهد تجمع بين زوجته وزوجها الأول بمباركته، ثم قفز السؤال في ذهنه : ماذا عن ابنته؟  وماذا يمنع أن تكون ابنة غريمه حسين؟
عادت الزوجة، فوجدت أمامها بركاناً ثائراً، أدركت منذ اللحظة الأولى أن زوجها كشف السر، حاولت الهرب لكن صابر أمسك بها، وسارع الى طلب الشرطة. وأمام ضابط المباحث نفت الزوجة بشدة مزاعم، زوجها.
طعنت في وثيقة الزواج التي قدمها الزوج، وهو يتهمها بالجمع بين زوجين وتزوير محررات رسمية، وطلب من النيابة إجراء تحليل الحامض النووي لابنته حتى يتأكد من نسبها.
أفرجت النيابة عن الزوجة موقتاً، وطلبت تحريات المباحث واستدعت الشهود، وعرضت وثيقة الزواج بين حسين وهناء على خبراء التزوير...أدركت الزوجة أنها متورطة في الجريمة فحسمت أمرها، وقررت الهرب. فحزمت حقائبها وأخذت ابنتها واختفت ولم يعد لها أثر. وجاءت نتائج التحاليل لتؤكد صحة اتهام الزوج، فالطب الشرعي أكد أن الطفلة ليست ابنة صابر، وأن الزوجة نسبتها إليه زوراً، وأن عقد زواج هناء بحسين سليم... وتتوالى الأحداث المثيرة في القضية انتظاراً للقبض على الزوجة الهاربة التي لم يجد صابر تفسيراً لما حدث منها سوى أنها أرادته فقط بنكاً ينفق عليها وعلى زوجها الأول وابنتهما، وكل هذا حدث بالاتفاق مع شخص لا يعرف ديناً ولا معنى للرجولة والنخوة، هو الزوج الأول الذي وافق على ارتباط زوجته بآخر، بل نسب ابنته إليه... حقاً إنه زمن العجائب.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079