الدكتورة مريم الشناصي
شبهوها بحبة الألماس لما تتمتع به من صلادة تعادل صلادة الألماس. فهي صبورة تقبل التحدي، اكتسبت العديد من المهارات من خلال مشاركتها الدائمة في العديد من الأنشطة تجيد فن التفكير الإبداعي، تهوى الرياضة منذ نعومة أظافرها،أحبت العاب القوى ودخلت السباقات المتعددة. تمتلك جَلدا فأصبحت المرأة التي تصلح للمهمات الصعبة. أدارت البرامج الإذاعية الخاصة بالتغذية والصحة، وهي تعمل اليوم في وزارة البيئة والمياه الإماراتية كمستشارة، هذا العمل وضعها أمام تحديات كبيرة، حيث تستثمر جهودها في برامج التثقيف والتوعية واستراتيجيات الأمن الغذائي، وبرامج الاقتصاد البيئي. الدكتور مريم حسن الشناصي واحدة من فتيات الإمارات الواعدات اللواتي شققن طريقهن بالعلم والصبر والمعرفة والتفاني في العمل. حدثتنا بصراحة عن رحلتها الطويلة مع العلم والمعرفة وكشفت الكثير من الحقائق، فكان هذا اللقاء:
تعود بالذاكرة إلى الوراء لتقول عن أولي خطوات النجاح: «دراستي الابتدائية كانت أفضل مراحل حياتي. درست في الشارقة التي تعتبر منبع العلم والمعرفة على أيدي مدرسات فاضلات من المواطنات والمقيمات من الابتدائية إلى الثانوية، ثم تابعت الدارسة الجامعية في جامعة الإمارات حتى حصولي على درجة الدكتوراة، فكان المشوار طويلا وتطلب الكثير من الصبر والعمل والاجتهاد حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن».
لم تشعر في حياتها بالفارق المزعوم بين الذكور والإناث في حقول وحقوق التعليم. «أخذت الفتاة فرصتها كاملة مثل الشاب، بل أكثر من ذلك بحكم الاهتمام الكبير من المسؤولين والعمل على تشجيع المرأة الإماراتية في كل المجالات».
وتضيف: «أتذكر أن مدرستي كانت مزروعة بعدد كبير من أشجار القطن الذي لم تنجح زراعته بالشكل المطلوب فكان يستخدم للزينة. ورغم انه كان بالإمكان رؤية القطن إلا انه كان ذات إنتاجية ضعيفة، ولكن مع الاجتهاد والمثابرة استطعنا زيادة الإنتاج بشكل لفت النظر في تلك الفترة... تميزت في مختلف المراحل التدريسية بانخراطي في الكثير من البرامج والأنشطة اللاصفية فتعلمت الكثير من الأفكار، وتابعت نشاطي في الجامعة بالانضمام إلى عدد من الأنشطة والمعارض، وكنت عضواً في جمعية التشكيل للطالبات، وعضواً مؤسساً لجمعية صديقات البيئة، وعضو جمعية علوم الحياة. وكنت أشارك في العديد من المعارض الفوتوغرافية».
- ما هي المحطات التي تعتزين بها في حياتك؟
تعتبر مرحلة التدريس في جامعة الشارقة من أهم المحطات التي اعتز بها، فقد تشرفت بتدريس كوكبة من الطلاب المواطنين وأشرفت على تخرجهم من الجامعة. عندما التحقت بعملي كأستاذ جامعي كان الطلبة قد رسبوا جميعاً في معظم المواد للفصل الأول، وكان التوجه بإغلاق التخصص وهو تخصص دبلوم السلامة الغذائية ودبلوم الصحة البيئية، أما تخصص بكالوريوس الصحة البيئية فكان مجمداً، حدث ذلك في العام ٢٠٠٢. وقتها أبلغت عميدة الكلية آنذاك برغبتي في خوض التحدي، وأتذكر جيداً انه بعد فصل واحد حقق الطلبة نجاحاً واهتماماً بالتعليم والدراسة بل أن بعضهم تخرج بامتياز.
وقد حاولت عميدة الكلية أن تعطيني بعض الملاحظات على التدريس، فقلت لها أنا لي أسلوبي الخاص، واعلم نقاط الضعف في التعليم الجامعي في الإمارات، وأستطيع توفير عوامل النجاح. كل ما كنت في حاجة إليه هي فرصة التدريس لهؤلاء الطلبة، وليس مجموعة إرشادات ونصائح حول نظريات التعليم. قد تحديت الجميع بطلبتي، ودائماً أقول انني أحب طلابي وأعزهم وافتخر بهم. وأتذكر جيداً ان عميدة الكلية آنذاك ذكرت لي أن البرامج والأسلوب الذي اتبعته في تدريس الطلبة هو ما تحاول كندا صنعه وترسيخه ضمن برامج التعليم لديها، وقد تلقيت دعوة للتدريس في إحدى الجامعات الكندية فاعتذرت في ذلك الوقت لرغبتي في استكمال البرنامج مع الطلبة.
التكريم أفضل وسام
وقالت الدكتورة مريم: «تكريمي من جانب الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم أمارة الشارقة والرئيس الأعلى للجامعة عن دوري في خدمة الجامعة والمجتمع هو أفضل وسام حصلت عليه. بذلت خلال فترة عملي بالجامعة كل ما استطعت من جهد في خدمة الجامعة ضمن الصلاحيات الممنوحة لي، كما حرصت على تنمية دور الجامعة في خدمة المجتمع ضمن نطاق تخصصي. وقد كان دائماً التكليف الوطني دافعي الأول. وإنني على يقين وإيمان راسخ بان للجامعة دوراً ريادياً في تطوير الفكر وتوجيه سلوك افراد المجتمع».
وتضيف: «خلال دراستي في المملكة المتحدة شاركت في أكثر من ١٣ بحثا في مختلف المؤتمرات ونشرت عدداً من البحوث، وحصلت بعض من أوراق العمل التي أعددتها على جوائز تقديرية في المؤتمرات المختلفة».
- هل هناك نجاحات تحققت في مجالات أخرى؟
شبهوني بحبة الألماس لما أتمتع به من صلادة تعادل صلادة الألماس. كما قال احدهم انني لا أملك صبرا، بل امتلك جَلدا. فكنت أرشح لكثير من المهمات الصعبة، وإدارة البرامج المتعثرة لتتحول إلى قصص نجاحات تضاف إلى رصيد الوطن.
كما شبهوني بالقبضة الحديدية ذات القفاز المخملي لما امتلك من صرامة وحزم في إدارتي، ففي عام ١٩٩٧ كنت عضو مجلس إدارة جميعه الإمارات للفنون التشكيلية، وكنت الفتاة الوحيدة والأصغر سنا بينهم، وكانت الشكوى المتكررة أن الإقبال على الفنون الجميلة ضعيفاً، فوضعت برنامجاً ترويجياً لأنشطة الجمعية، وطرحت الجمعية خلال ٣ أشهر ٢١ دورة تدريبية في مختلف المجالات الفنية، واشرف على تدريس هذه الدورات عدد من الفنانين من بينهم ٧ إماراتيين، وتم اجتذاب ما لا يقل عن ١٢٠ متدرباً ومهتماً بالفنون الجميلة... جمعت زجاجات المشروبات الغازية، واستعرت الأدوات المخبرية في أول مختبر تدريسي لنقص الأدوات في مختبري، إلى أن استطعت تأسيسه بأدواته الأساسية. لكني تركت الجامعة منذ حوالي سنة ولا أعرف ماذا حلَ بهذا المختبر.
- هل تواجه الفتاة الخليجية صعوبات في تعزيز مكانتها في المجتمع وخاصة عندما تتقلد مناصب مهمة؟
لا أعتقد ان الفتاة الخليجية وخاصة الإماراتية إمامها معوقات أو صعوبات من اجل تعزيز مكانتها في المجتمع، فالإنسان أمامه تحديات، ونحن في دولة الإمارات أمام تحديات للنهوض بدولتنا، لذلك لا نعرف للطموح حدوداً. هذا ما رسخته القيادة الرشيدة لدولتنا الفتية، فدأبت هذه القيادة على دعم جهود المرأة لتحقيق العديد من الانجازات. حتى أصبحت الإمارات من الدول التي تتقدم بخطي ثابتة نحو مزيد من الأنماء، وعلى صعيد المرأة وعملها وتقلدها لمناصب عليا، فقد شهدت الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي تطوراً كبيراً في الآونة الأخيرة، فتقدمت المرأة والفتاة الخليجية الى العديد من المراكز المتقدمة، وتخطت كل الصعوبات من اجل تحقيق أمانيها، فتبوأت العديد من المراكز منها السفيرة والوزير والمحامية والمستشارة وغيرها من المناصب التي تؤكد تفوق الفتاة الخليجية في كل مناحي الحياة.
الإنسان سبب المشكلات
وتعتقد الدكتورة مريم أن الإنسان هو سبب المشكلات البيئية، وهو أيضاً مدخل لحلها. «كما يتوجب علينا في المرحلة المقبلة إعداد وتعليم وتدريب الشباب الإماراتي ككوادر فنية مؤهلة قادرة على إدارة البيئة. والعمل على زيادة الوعي بالنظم البيئية والأخطار الصحية والاقتصادية للتلوث، والحرص على تطبيق مفهوم التنمية البيئية المستدامة. ويُقصد بالتنمية المستدامة، استخدام الموارد الطبيعية لسد حاجة الإنسان بما لا يجاوز الإضرار بالنظام البيئي. وفي حالة استدامة المصادر المتجددة فإنه يجب تحقيق توازن بين معدل الاستخدام للمواد ومعدل التجديد، فاستخدام المياه الجوفية مثلا يجب أن لا يتجاوز معدلات تغذيتها. إلا إنه يقع على عاتقنا الكثير من التحديات للمحافظة على الموارد البيئية الطبيعية المحدودة لدولة الإمارات في ظل هذه الطفرة من الزيادة السكانية.
- وماذا عن مشوارك الإذاعي؟
البرنامج الإذاعي «سلامة الأغذية» فكرة استوحيتها من المعتقدات الغذائية الخاطئة لدينا حول الأغذية المفيدة والضارة ومن سلوك العديد من الأمهات و أولياء الأمور في تغذية أطفالهم. فمعظمهم يمثلون «القدوة» السيئة عند إجبار الطفل على تناول طعام لا يرغب فيه أو خضوعهم لرغبات الطفل. الغذاء السليم الخالي من المبيدات والملوثات بكافة أنواعها يأتي بالدرجة الأولى، وعندما يزداد وزننا أو نصاب بالأمراض نلجأ إلى أنظمة غذائية. أما ما يميز البرنامج فانه على تواصل مع الناس وعلى الهواء مباشرة، ونادراً ما أكرر الضيوف.
وحتى الآن أعددت وقدمت ما يزيد عن ١٥٠ حلقة، وهو دائما ما يأتي بنكهات مختلفة ليتماشي مع كافة شرائح المجتمع. واستمر البرنامج ٤ سنوات متواصلة. ولكن حينما عملت مستشارة في وزير البيئة والمياه وضعتني هذه المهمة أمام تحديات كبيرة، وحالياً استثمر جهودي في برامج التثقيف والتوعية واستقطاب الكوادر الوطنية وأيضا استراتيجيات الآمن الغذائي، وبرامج الاقتصاد البيئي، والبحوث التطبيقية، إضافة إلى المساهمة في بناء آليات التواصل الداخلي في الوزارة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024