تدليل الأزواج واقع قوي ومفعول سحري
التدليل هو الرقة المبالغة في المعاملة، وقد ارتبط في الأذهان بالأطفال خاصة عند من حرموا هذه النعمة لفترات طويلة، فهم يعوضون ذلك بالتدليل الزائد للطفل، وهناك بالطبع تدليل الزوجة لزوجها. الآراء تختلف في تفسيرها لهذا الدلال، والزوجة قد يكون تدليلها للزوج للحب أو خوفاً على عش الزوجية من عواصف الخلاف، أو مسايرة لموجة ما تراه الزوجة في المسلسلات والأفلام. «لها» التقت مجموعة من الزوجات وعلماء النفس وخرجت لمعرفة مدى أهمية هذا الأمر في الحياة الأسرية وضرورته بالنسبة الى الزوج، فكان هذا التحقيق.
تقول وجدان العبودي إن تدليل الزوجة لزوجها أمر مطلوب لزيادة المحبة بينهما ولجعل الحياة في تجدد باستمرار.
وللتدليل أوجه عدة تفرضها الظروف المحيطة بالزوجين مثلاً في حال استقبال الزوج عند دخوله للمنزل أحرص على أن ألبس أجمل الثياب وأتعطر له بأطيب عطر محبب له، ولا أنسى أن استقبله بعد عودته من العمل بأجمل عبارات الترحيب والاستقبال، وأساعده في تغيير ملابسه مع سؤاله عن أحواله وظروفه اليومية».
وتضيف: «تدليل الزوج له واقع قوي ومفعول سحري اذا غضب الزوج، وذلك بمحاولة تهدئته وضبط الانفعالات وفتح الموضوع من جديد بعد نسيانه بأسلوب شيق لطيف مع الحرص على ألا أقف منه موقف الند».
وتقول العبودي: «الزوج يكون أحوج للتدليل وقت مرضه، فعندها تستطيع الزوجة تخفيف آلامه بروايات مسلية والجلوس بجواره لمساعدته وتقبيل رأسه بين فترة وأخرى، ولكن نحن أيضاً نحتاج إلى تدليل من أزواجنا».
وتوافقها الرأي أمل الدوسري: «الدلال من حق الزوج كما هو من حق الزوجة، ولكن بسبب طبيعة المرأة السعودية وعدم تعودها على ذلك وخجلها قد تمتنع عن تدليل زوجها مما قد يؤدي إلى أخطار، من أهمها حدوث فتور من ناحية الزوج، فعلى الزوجة أن تتيقن أن الخجل المبالغ فيه قد يكون سبباً لهدم بيتها».
وتقول: «تستطيع المرأة تدليل زوجها بطرق وأساليب لا تتطلب الكثير من الجرأة، مثلاً أن تقابله بعد العودة بعناق، ولا تبخل في التعبير عن مشاعر الاشتياق لزوجها، ونظراً الى سفر زوجي المتواصل فإنني أحرص على أن أحضر له ملابسه وأرتبها في حقيبة السفر، وأن أضع الرسائل الغرامية في حقيبته دون علمه وألا أثقل علية الطلبات».
وتوضح أمل الدوسري أن «لكل سيدة طريقة في تدليل زوجها، فالرجال مختلفون في طباعهم عن بعض، وكل رجل يريد أن تدلله زوجته. والمرأة التي تملك موهبة حسن التصرف هي التي تستطيع أن تعرف كيف تكسب زوجها بالتدليل. في أي حال، أن طول العشرة كفيل بأن يعلم المرأة أموراً كانت تجهلها في بداية حياتها الزوجية».
من جهتها تقول نوف الخضير: «الرجل الشرقي في المجتمع الذي نعيش فيه مدلل منذ نعومة أظفاره، فبدءاً من لحظة ولادته تدللله والدته وبعد أن يكبر تدلله الزوجة، وهكذا نرى أن الرجل محاط بالدلال على الدوام ويصعب عليه العيش دون تلك المعاملة. والزوجة الحريصة على بيتها واستمرار علاقتها الطيبة بزوجها هي التي تعي أهمية هذا التدليل في حياته، بل وتحرص عليه أشد الحرص ما دام يرضي الزوج».
وتضيف: «أرى أن يكون الدلال ممزوجاً بالاحترام بحيث لا يشعر الزوج بأنه مهان في رجولته والتقليل منها، لأن هناك نوعيات من الزوجات يبالغن في التدليل لدرجة تستفز الزوج وتغضبه. ويجب تذكير الزوجات بأن التدليل له وقته وطريقته، وأن العملية ليست اعتباطية، بل يجب أن تكون مدروسة. ولتدرك الزوجة أن الزوج في أحيان كثيرة تكفيه نظرة حب أو كلمة تخرج من الفؤاد كي يشعر بان زوجته تدلله».
وقالت عفاف السند: «الرجل كالطفل، فبقدر ما يحتاج الى التدليل فهو يحتاج إلى الصرامة. فالتدليل المبالغ فيه قد تكون نتائجة وخيمة ومن خلال معارفي أدركت أن تدليل الزوج عملية معقدة ومحفوفة بالأخطار، لأن الزوج المدلل بشكل كبير قد لا يمانع الخوض في تجربة عاطفية أو نزوة عابرة إذا لم يستشعر مراقبة الزوجة له، وخاصة بعد أن يصل إلى سن اليأس».
الرجل الشرقي يستحق الدلال!
من جهته، يقول الاختصاصي النفسي ناصر العيدان: أن الرجل الشرقي في حاجة فعلية إلى التدليل من قبل زوجته، بل أنه يستحق الدلال بدرجة كبيرة، ولكن للأسف المجتمع يفرض أحياناً بعض العادات والتقاليد الرسمية التي تفرض عليه، وإلا أعتبر رجلاً ناقص الرجولة. وكثير من الشباب اليوم يبحثون عن الزوجة التي تستطيع أن تدلل. لأنه متى ما أدركت المرأة هذا الاحتياج الحقيقي في زوجها فإنه من المستحيل أن نراه يعيش خارج نطاق العلاقة الزوجية بحثاً عن الدلال المفتقد داخل جدران منزله. والدلال ليس بالضرورة أن يكون فعلاً، بل يكفي الزوج أن تدلله زوجته بكلمات العشق والحب بين الفينة والأخرى».
ويضيف: «المبادرة بالقول والفعل تعد للزوج أروع أنواع الدلال الذي ينشد، فالرجل بطبيعته محدد بروتينات ورسميات في العمل والحياة الاجتماعية، لذا فإن كسر رتابة تلك الرسميات لا يكون إلا في المنزل ومع الزوجة. لذا يجب التنبيه على الزوجات إلى مبادرة الزوج ومفاجأته ببعض الكلمات الغزلية التي تعيد التوازن العاطفي والاحتياج الرومنسي إلى قلب الزوج».
أما الاختصاصية النفسية منال الزيد فتقول: «الرجل ما هو إلا طفل كبير الحجم لأنه مهما تقدم في العمر فإن احتياجه للتدليل والرعاية الخاصة يتزايد، فالرجل مدلل من الأم منذ نعومة أظفاره واعتاد الدلال من الأم والأخت والأهل، وبالتالي فإنه لا بد أن يبحث عن زوجة تواصل تدليله. ولو نظرنا إلى الموضوع من ناحية شرعية لوجدنا أن ديننا الإسلامي الحنيف يحتم على المرأة أن تعطي زوجها كل حقوقه والتدليل بالقول والفعل هو حق من حقوقه، وقد تتساءل المرأة كيف لي أن أعرف ما الذي يريده زوجي وكيف لي أن أدلله، وهنا أقول إن الموضوع قد يكون صعباً في بداية الحياة الزوجية، حيث يكون كلا الطرفين مجهولاً للآخر، ولكن يمكننا إزاحة هذا الجدار عن طريق المصارحة واطلاع شريك الحياة على الأمور التي تدخل السرور إلى القلب. وبالتالي فإن الزوج سيطلع بالتدريج زوجته على عدد من التصرفات التي تستطيع أن تستشف من خلالها كيفية تدليله.
وهنا يجب التطرق إلى نقطة مهمة قد تغفل عنها بعض الزوجات، وهي ضرورة أن تقوم الزوجة بتدليل زوجها بطرق غير مباشرة، وليس بأبسط من ذلك، كأن تشيد بأمه وأهله، فيعتبر الزوج أن هذا الثناء إنما ينصب على ذاته، وبما أن الثناء نوع من أنواع التدليل فإن هذا النوع بالذات له مفعول السحر على العلاقة بينهما، بل إن مفعوله يمتد للمدى البعيد. ولكن هناك نقطة أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها وهو أنه في اليوم الواحد هناك أوقات مختلفة للتدليل وكل وقت يستلزم أسلوباً مغايراً عن الوقت السابق أو اللاحق، وهذا ما يجب أن تدركه كل زوجة بحسها الأنثوي، وإلا فإن كلمة تدليل في الوقت غير المناسب قد تجلب للزوجة من العواقب ما لا تحمد عقباه».
لمزيد من الألفة و المحبة
ويقول استشاري العلاقات الأسرية من مركز الأسرة الطبي الدكتور محمد الفاضل إن احتياج الرجل للتدليل يختلف وفقاً للمرحلة العمرية التي يمر بها، فهو منذ الصغر وحتى عمر العشرين عاماً نراه مدللاً من والديه ماديا ومعنوياً بالالفاظ واللمسة الحانية، لأنه وبطبيعته متكل على أهله. وتأتي بعد ذلك الفترة ما بين العشرين والأربعين عاماً التي نطلق عليها مرحلة «الطموح» لأنه ينشغل بالاعتماد على نفسه وبناء ذاته بالزواج والعمل مما ينسيه الدلال. ولكن هذا لا يعني أن تبخل عليه الزوجة بكلمات تقوي عزيمته وتشد أزره في رحلته المنهكة، فهو بحاجة ولو إلى القليل من الرقي في المعاملة والرومانسية في التعامل مع التركيز على احتياجاته الرئيسية من حيث الاهتمام بالملبس والمأكل والمشرب وغيرها.
أما بعد الأربعين عاماً فإن الرجل يكون قد انتهى من رحلة كسب العيش ووفر لزوجته وأبنائه ونفسه كل الاحتياجات المادية والاجتماعية، وعندها يكون أحوج ما يكون إلى أن تعاملة زوجة بأسلوب كلاسيكي عامر بالحب والحنان، فعقب رحلته الشاقة وغرقه المتواصل وسط أعماله يكون بحاجة إلى شاطئ من الرومانسية الدافئة والمتدفقة من أعماق القلب. وليس بغريب أن نرى غالبية الأزواج يلجأون الى الزوجة الثانية بعد الأربعين، فهذا تصرف طبيعي لمن يلهث وراء كلمة حب أو نظرة غزل من زوجته في الوقت الذي تكون الزوجة غير مبالية لذلك التعطش بحجة التقدم في العمر. ونلحظ أن احتياجات الزوج الى التدليل تتفاوت وفقاً للمرحلة العمرية التي يمر بها، وهذا ما يجب أن تفهمه الزوجة جيداً كي تتمكن من العيش في جو من الألفة والمحبة والتفاهم المتبادل مع شريك الحياة».
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024
شؤون الأسرة
اقتراحات تمييزية للتشويش على حق الأمهات اللبنانيات بإعطاء الجنسية لأطفالهن
شؤون الأسرة
عائلة حسام ورولا تنقل تفاصيل دقيقة عن الحياة في هولندا بكل صعوباتها وإيجابياتها
شؤون الأسرة