تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

ممرضات يمنيات بين المرّ والأمرّ!

تقع الممرضة بين خيارين أحلاهما مر: اما ان تتعامل مع مرضاها ومن حولها بشدة وقسوة وهذا يتنافى مع طبيعة مهمتها الانسانية، واما ان تتعامل بدرجة عالية من الانسانية فيطمع الذين في قلوبهم مرض، وهذا ما يجعل الكثير من الممرضات يقعن فرائس للتحرش الجنسي من بعض المرضى ومرافقيهم. قصص عديدة ترويها ممرضات في مستشفيات يمنية لأشكال متنوعة من التحرشات الجنسية والايذاء النفسي... «لها» حاولت رصد بعض الحالات والاستماع الى هموم الممرضات اليمنيات في مستشفيات عامة وخاصة في كل من أمانة العاصمة صنعاء وفي محافظة تعز، وكانت الاقوال متعددة كما يلي:

 الممرضة عائشة (٢٧ عاماً) تقول انها وأثناء أدائها لواجبها الانساني فوجئت بأحد الزوار لصديق له مريض بالمستشفى يتلفظ بألفاظ خارجة عن الآداب، ثم حاول التمادي الى حد جعلها تلجأ الى مسؤولي الأمن في المستشفى.
الممرضة نجاة (٢٥ عاماً)  قالت انها أثناء تأدية عملها تواجه الكثير من هذه المشكلات تتغاضى عنها ولم تجد نفسها ملزمة بالشكوى لأحد. ومن ضمن الطرائف التي واجهتها ان أحد المرضى وهي تضع المغذية في يده وهو على سرير المستشفى بدأ يقول لها انه رجل ثري ويمتلك عقارات وأخذ يعدد ممتلكاته حتى ظنته يعتزم طلب يدها واذا به بكل قلة حياء يقول لها ان عنده شقة فارغة يستخدمها للتسلية فقط، لكن نجاة لم ترد عليه واعتبرت أنها لم تسمع شيئاً. وعند انتهائها من تركيب المغذية تركته ومضت في سبيلها، لكنها اتفقت مع زميلتها في القسم على ان تعفيها من تقديم واجبها نحو هذا المريض.

في أحد المستوصفات الحكومية حدث ان شخصين حضرا بسيارتيهما الى المستوصف وأكدا للممرضات انهما في حاجة الى اصطحاب ممرضة لتوليد احدى نسائهما في البيت وأغروا الممرضة بأجرة عالية. وبفعل الظروف الاقتصادية التي  تعيشها الممرضات وافقت إحداهن على الذهاب معهما وعند اقترابهم من المنزل بدأت الممرضة تفهم ان هذا المنزل هو وكر للخديعة ولا توجد مريضة، ففرت هاربة. وعندما أراد أحدهما الامساك بها هددته بأن تصرخ وتفضح أمرهما في وسط الحارة. فتركاها.

الممرضة ليلى (٢٧ عاماً) تروي قصصاً عديدة واجهتها خلال عامين من عملها في مستشفى الثورة بصنعاء، ومنها ان أحد المرضى جاء مصاباً بحمى الملاريا وهو رجل طاعن في السن، وقرر له الطبيب مغذية كانت تعطيه ليلى اياها في احد ذراعيه.
وتقول انها عندما كانت تقترب منه يقوم بحركات صبيانية لا تليق بسنه وانه في احدى المرات سحب يدها بين كفيه ولما صرخت في وجهه قبّل يدها.

ممرضة أخرى تؤكد انها تعرضت لعديد من المواقف المؤذية من مرضى، لكنها سرعان ماتنسى وتتفهم هذا النوع من المشاكل، وتحوّل بعض الأحداث الى سخرية ولا تجعل هذا النوع من المشاكل يتغلب عليها.
 ممرضة اشترطت عدم ذكر اسمها، تقول ان مصادر التحرش كثيرة وانها أحياناً تتحول الى عنف يمارس ضد الممرضة ليس في المستشفى وحده وإنما في الشارع أيضاً. وتحكي انها تأخرت ذات يوم طويل في العمل الى بعد صلاة المغرب وأثناء خروجها من المستشفى أوقفت سيارة تاكسي توصلها الى المنزل. وفي الطريق حاول سائق التاكسي ان يساومها على نفسها ويغازلها بأسلوب فج، الأمر الذي اضطرها لأن تطلب منه التوقف على جانب الطريق. لكن سائق التاكسي تمادى رافضاً التوقف الأمر الذي دفعها الى تهديده بأنها ستفتح الباب وترمي بنفسها مما جعل السائق يوقف سيارته التي غادرتها غاضبة حائرة من هذا التصرف الأرعن.

ومن أصحاب الاختصاص التقينا الاختصاصي الاجتماعي الدكتور صادق محمدأحمد الذي يرى ان هناك مجموعة من الأسباب للتحرش ومن بينها ما يعود الى الممرضة نفسها وبعضها يرجع للشخص الذي يمارس السلوك الشاذ مع الممرضات أو أي انسانة أخرى، فالتحرش مشكلة تعاني منها المرأة عموما والممرضة على وجه الخصوص.

ويضيف صادق: «ان الممرضة أحياناً قد تكون تتمتع بشكل خارجي جذاب، وبعضهن يضعن بعض المساحيق بصورة لافتة للنظر بقصد جذب الانتباه أو غير ذلك من المظاهر الخارجية التي تجعلها عرضة لسلوك مستهجن وغير سوي من جانب بعض المراهقين والأشخاص المكبوتين حتى وان كانوا كبار السن».
وبخصوص الشباب يقول الدكتور صادق ان معظم المتحرشين بالممرضات هم من المراهقين وشباب غير لائق تربوياً وأخلاقياً، وكل هذه الممارسات تعود الى ضعف البناء الأخلاقي والخلل في التربية السيكولوجية وضعف الرقابة الأسرية مع ضعف الوازع الديني وغيرها من الأسباب.

وعن الأسباب والدوافع تحدث الينا الدكتور، عبد العزيز راجح مدير وحدة صحية قائلاً: «ظاهرة التحرش هي ظاهرة عالمية لاتقتصر على بلد بعينه أو منطقة بعينها.
وهناك تحرش تتعرض له  الممرضات أحياناً من المرضى وأحياناً من المرافقين للمرضى خصوصاً من المراهقين الذين يترددون على المرافق الصحية كون المستشفيات في كثير من بلدان العالم ومنها اليمن هي أماكن تنشأ فيها قصص غرامية وتقوم فيها علاقات وصداقات في انواع مختلفة. كما أن هناك أيضاً مشاركة من الممرضات أنفسهن أو العاملات في المجال الصحي. وهذه الظاهرة لا يمكن الحد منها إلا بالوعي، فالمجال الصحي مجال مهني وانساني فيه جملة من المشاعر الانسانية.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077