لماذا تهرب الطبيبات العربيات من قسم الجراحة؟
من بين 170 ألف طبيب مصري مقيدين بجداول النقابة في مختلف التخصّصات؛ لا يوجد سوى 2797 طبيبة في تخصص الجراحة أي بنسبة 1.6 في المئة لا أكثر من مجمل الأطباء في مصر، وذلك في مقابل 23 ألفاً تقريباً من الأطباء المتخصّصين في الجراحة. والأرقام ليست أفضل في دول عربية أخرى هل يكمن السرّ وراء هذه الظاهرة اللافتة في هروب طالبات الطب أصلاً من هذا التخصّص؛ أم يرجع إلى احتمالات اهتزاز مشرط الجراح بين أصابع الطبيبات؟! أم لظروف العمل في غرفة العمليات التي تقتضي أحياناً استدعاء اختصاصية الجراحة في أي وقت نهاراً أو ليلاً؛ أم لافتقاد المرضى وأسرهم الثقة في الجرَّاحة؟
نقيب الأطباء: الطبيبات الجرَّاحات بارعات في عمليات التجميل
يقول الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء في مصر: «تشيرالإحصائيات إلى أن هناك 48 طبيبة متخصصة جراحة عامة مقابل 9053 جرَّاحاً؛ وفي مجال جراحة العيون هناك 208 طبيبات مقابل 2937 طبيباً؛ وفي جراحة الأنف والأذن والحنجرة 33 طبيبة مقابل 2867 طبيباً. أما في جراحة أمراض النساء فلدينا 2508 جرَّاحات مقابل 7715 جراحاً؛ وكما هو واضح فإن أعداد الطبيبات الجرَّاحات في مختلف التخصّصات قليل جداً بالمقارنة بأعداد متخصّصي الجراحة من الرجال؛ ويرجع تفسير ذلك من وجهة نظري إلى أسباب عدة منها صعوبة ومشقّة تخصّص الجراحة؛ بمعنى أن الطبيب الجراح هو دائماً رهن الإشارة بحيث يمكن استدعاؤه في أي وقت من الليل في حالة وقوع حادثة مثلاً وقد يمضي أوقاتاً طويلة خارج منزله؛ كما أن المرأة في هذه المهنة تقوم بمهمّتين في آن واحد: مسؤولية البيت ومسؤولية الجراحة؛ وهي حريصة على أن تكون متفوّقة في بيتها ولذلك فهي غالباً ما تختار الأقسام الأكاديمية مثل المناعة أو الأدوية أو الطفيليات حتى يتبقى لها بعض الوقت في المساء؛ وإن كانت الأرقام تشير في الوقت نفسه إلى الإقبال الكبير على الدراسة في أقسام جراحات النساء والتوليد من قبل الطبيبات بسبب إقبال السيدات عليهن ويرجع ذلك في الغالب إلى عوامل دينية ». ويضيف الدكتور حمدي السيد: «من ناحية أخرى هناك تخصّصات بذاتها برعت فيها الطبيبات الجرَّاحات بشكل كبير ومنها جراحات التجميل. وعلى أي حال قد يحمل المستقبل معه تغيرات جذرية لأن كلية الطب يشغلها حالياً عدد كبير من الفتيات .»
د. محمد سعد الدين: العمليات الجراحية تتطلّب قرارات حاسمة تتهيَّب منها السيدات
ويقول الدكتور محمد سعد الدين استشاري جراحة المخ والأعصاب: «إن هناك على ما يبدو حساسية عالمية من عمل الجراحات بدليل أن تبادل المراسلات بين جمعية الجراحين المصريين وجمعية جراحة الجهاز الهضمي العالمية من أجل عقد مؤتمر الجمعية السنوي أسفرت عن تلقي تساؤلات عما إذا كانت مشاركة الطبيبات الجرَّاحات أمراً مقبولاً لدى الجمعية أم لا!
وكان ردنا يحمل كل الترحيب بهن تماماً مثل الأطباء الجرَّاحين. وعلى ذكر المؤتمرات الدولية يهمّني أن أذكر أن لدينا أساتذة جراحة من السيدات في مصر ويشاركن في هذه المؤتمرات ويجرين العمليات الجراحية في مختلف الأقسام مثل الأستقبال والحوادث وإن كان عددهن قليلاً. ويضيف الدكتور سعد الدين: «أتذكر أنه جاءتني قبل 10 سنوات طبيبة لم تحصل على النيابة ويصحبها والدها الذي كان يرفض نيابة الجراحة بسبب المشقّة التي ستعانيها ابنته، ولكن الإبنة كانت تصرّ على الجراحة ورغم ضمّ صوتي إلى صوت والدها فإنها أصرّت على اختيارها معللة ذلك بحبها الشديد للجراحة. وبالفعل أنهت النيابة في الجراحة بامتياز وسبقت زملاءها الأطباء في أداء العمل ولكن كانت متفرّغة لهذه المهنة لأنها لا تقدر على الجمع بين مسؤوليات بيت وزوج وأولاد. ويزيد صعوبة الموقف أن البنت تتخرج في كلية الطب وعمرها 23 عاماً وتحتاج إلى 3 سنوات أخرى لإنهاء النيابة وهكذا يصل سنها إلى الثلاثين عاماً تقريباً وهي سن مازلنا في الشرق نعتبرها متأخرة نوعاً ما بالنسبة إلى الزواج وقد يكون ذلك أحد الأسباب المهمة في الابتعاد عن هذا التخصّص. ومن ناحية أخرى فإن إجراء العمليات الجراحية يتطلّب أحياناً اتخاذ قرار حاسم وسريع لمواجهة أي ظرف طارئ أو مضاعفات غير متوقعة واتخاذ مثل هذا القرار بالنسبة إلى السيدات ليس سهلاً .»
د. سامية صبري: الخبرة شيء والعاطفة شيء آخر
وتقول الأستاذة الدكتورة سامية صبري مدير المركز القومي للرمد: «إن ندرة عدد النساء المتخصّصات في الجراحة يرجع إلى أسباب عدّة يتعلّق أحدها بالمجتمع والأسباب الأخرى بالمرأة نفسها، لأن بعض النساء يفضلن الأعمال السهلة بحجة عدم تحمل المسؤولية وهناك عوامل خارجة عن إرادتها مثل رفض الرجال وعدم تشجيعهم هذا العمل ومنهم أساتذة الكلية أو الأزواج. ورغم التقدم الذي تشهده كل مناحي الحياة فإنه مازالت تسيطر على البعض فكرة أن البيت أولى بالمرأة. وفي رأيي أن عدم الثقة في الطبيبة الجراحة يرجع إلى فقد الإنسان لثقة بنفسه مع نقص الوعي والثقافة بشكل عام؛ ولقد امت الطبيبات المتخصّصات في الجراحة بتعليم أجيال ن الرجال وشاركن في مرحلة النيابة. والمقولة التي ستند إلى أن الجراحة عمل شاق ليلاً ونهاراً ويحدث فيه ستدعاء في أوقات متأخّرة من الليل لحالات الطوارئ، إن ذلك مردود عليه بأن ذلك لا يحدث إلا في فترة لنيابة فقط أما بعد ذلك فإنه لا يحدث تقريباً. وعن جهاز لمرأة العضلي فهو قادر على تحمل الصعاب والدليل على لك أن الله خصّها بالحمل والولادة وسهر الليالي لرعاية طفالها بعكس الرجل. ومن وجهة نظري فإن المرأة عندما اتدخل مجال العمل لا تفكر إلا في مهنتها التي تؤديها وأما عن سرعة اتخاذ القرار فهذا أمر يعتمد على المعلومات والخبرة والتدريب المتراكم ولا يمكن أن يعتمد على العاطفة».
الدكتورة سامية الميمني: اغتيلت في الولايات المتحدة الأميركية بعد اختراعها جهاز (الجونج)
سعودية الجنسية كان لها أكبر الأثر في قلب موازين عمليات جراحات المخ والأعصاب، كما أنها جعلت من الجراحات الصعبة بسيطة سهلة بالتخدير الموضعي.
درست هذه الطبيبة وتخرّجت من مدرسة الطبّ في جامعة الملك فيصل وقد توفّي والدها في حادث مروّع تعرّض خلاله لكسر في الجمجمة ومن هنا أصرّت وقرّرت أن تكون أول جرَّاحة سعودية تتخصّص في هذا المجال، ونظراً إلى عدم وجود هذا النوع من الدراسات في الجامعات العربية فقد تقدّمت وقتها إلى مجلس الدراسات العليا في الولايات المتحدة الأميركية واجتازت اختبارات الامتياز لتنضمّ إلى جامعة من أعرق جامعات الطب الأميركي وهي جامعة شارلز درو للطبّ والعلوم في مستشفى مارثن لوثر. وبعد أن تأهّلت وأنهت دراستها في هذا التخصّص الصعب عملت جاهدة على ترتيب معايير الإصابات الدماغية وطرق علاجها وقد استفاد العالم كله من أبحاثها الطبية، واختراعاتها التي جعلت الطب في تطوّر مستمرّ وكان من اختراعاتها جهاز الاسترخاء العصبي وهو عبارة عن وحدات من أجهزة الكمبيوتر المحاكي تستطيع من خلالها تحريك وشفاء الأعصاب المصابة بالشلل. كذلك اخترعت الشهيدة جهاز (الجونج) وهو جهاز فريد من نوعه يساعد على التحكّم بالخلايا العصبية ما بين فتحها وإغلاقها وهذا الجهاز يعدّ الوحيد في العالم، إضافة إلى الإختراع الذي يساعد على اكتشاف حالات السرطان المبكر.
كما أنها حصلت على براءة اختراع من المجلس الطبي الأميركي P.C.T ومن هنا بدأت لحظات عمر الدكتورة السعودية سامية الميمني بالعدّ التنازلي كما ذكر موقع مرسى العرب الإلكتروني. هذا وذكرت الراية القطرية أنه قد تمّ عرض مبلغ من المال والجنسية الأميركية على الدكتورة سامية مقابل التنازل عن بعض اختراعاتها وكان المبلغ خمسة ملايين دولار أميركي لكن الدكتورة سامية لم تقبل بهذا العرض، وقالت: «فائدة اختراعي ستعمّ العالم كله وليس بلادي فقط ». استمرّت الدكتورة سامية في دراستها وإنجازاتها ولم يصبها اليأس إلى أن حلّت الفاجعة الكبرى عندما نشرت محطة CNN صوراً لجثّة الدكتورة الشهيدة وقد تعرّف إليها أهلها عن طريق الصدفة عند مشاهدة القناة حيث قتلت خنقاً في شقّتها ووجدت جثّتها في إحدى المدن الأميركية داخل ثلاجة.
هذا وقد تمّت سرقة أبحاث الدكتورة سامية الميمني وبراءة اختراعاتها، إضافة إلى كل ما تملك من مال، ومصوغات. (نقلاً عن موقع مرسى العرب الإلكتروني).
الدكتورة نيّرة العمري: انتساب الفتيات إلى قسم الجراحة في ازدياد
تحدّثت استشارية الجراحة العامة في مستشفى الملك فهد العام في جدة الدكتورة نيّرة العمري الحاصلة على الزمالة السعودية في طبّ الجراحة عن هذه المهنة في السعودية، وقالت: «أنا أعمل في مجال الجراحة منذ ثلاثة عشر عاماً، خمس سنوات منها كإستشارية، خلال هذه الفترة وجدت أن لدينا إقبال من الفتيات على هذا القسم، وبالمقارنة بين السنوات الماضية والحالية لم يكن خلال السنوات الماضية في هذا القسم أكثر من طبيبة، أو اثنتين من بين مئة طالب، ولكن منذ أن التحقت بمستشفى الملك فهد العام في برنامج الزمالة لم تأتِ بعدي للقسم إلا واحدة فقط، ولكن في الفترة القريبة بدأن الالتحاق بالجراحة وبدأت أرى بعضاً منهن ولعلّ في ذلك رسالة أن هذا القسم ليس حكراً على الرجل، وأن الفتيات قادرات على التميّز في مثل هذا المجال الصعب بالفعل، ولكن لا أنفي أن هناك بعض التخوّف من دخول قسم الجراحة لأسباب عدّة منها النظرة الاجتماعية وساعات العمل الطويلة، وتعارض المهنة مع البنية الجسمانية للمرأة فنحن لا نستطيع أن ننكر أن الرجل أكثر تحمّلاً وصلابة في مثل هذه الأعمال. ولكن وبكل صدق وصراحة الجراحة السعودية لديها تاريخ مشرف والحمد لله في هذه المهنة، وعندها إسم يليق بطهارة المهنة، ولديها عطاءات عالمية في هذا المجال ». مشيرة أن بعض فئات المجتمع لاتزال لديها نظرة أن الرجل أقدر على النجاح في الجراحة من المرأة ليس في السعودية فقط بل في معظم الدول العربية .»
وتضيف الدكتورة العمري: «لعل الصعوبة تأتي من المجتمع ذاته، ولكن ليس على مستوى المهنة فالحمد لله لم أجد إلا كل تقدير من زملائي، ومدرائي في المستشفى التي أعمل بها، وتفضّل كلمتي على كلمة العديد من الزملاء الرجال بسبب الخبرات التي تؤهّلني لأكون صاحبة كلمة في مكاني، لأن من يعمل بضمير وجدية سيجد المكافأة التي يريدها من المريض الذي يعاينه قبل زملائه في العمل. وأنا في النهاية لا أنكر دور الرجل فهو أستاذي في البداية والنهاية وهو من علّمني في بداية مشواري العملي، ولكن المرأة الآن أصبحت لديها المكانة التي تريد والحمد لله .» وتتابع الدكتورة العمري حديثها قائلة: «حتى تبني جرَّاحاً أو جرَّاحة تحتاج من الخبرة إلى ما يقارب العشرين عاماً، ولعلّ الجراحة العامة التي قرّرت أن تكون مهنتي والتي في الوقت ذاته أخذت مني الحياة الاجتماعية بما فيها الارتباط بحكم ساعات عملية الطويلة فنحن الموجودين بصفة مستمرة في مكان العمل نُعتبر شبه متفرغين لمختلف الحالات الطارئة وغير الطارئة .»
وأشارت الدكتورة نيّرة إلى أن مجال الجراحة سيكون له مستقبل الفتيات، فرغم أن المناصب الإدارية بعيدة قليلاً عن النساء في كل مناطق السعودية، فإن التخصّص اليوم تقبل عليه الفتاة السعودية مؤكّدة أنها لا تبالغ حين تنوّه عن أن السعودية تضمّ أكبر عدد من الجرَّاحات السعوديات.
د. أسماء العباسي: الجراحة هواية شخصية
وتقول الدكتورة أسماء فريد العباسي أستاذة أمراض النساء والتوليد في كلية طب قصر العيني: حاولت أن ألتحق بتخصّص الجراحة عند تخرّجي عام 1972 نظراً إلى حصولي على درج .ات كبيرة في هذا التخصّص، ولكن لم يكن هناك في ذاك الوقت نيابة جراحة للفتيات وكان المتاح هو أمراض النساء بشرط قبولهن في النيابة فقط بالإضافة إلى أن الأمل في التعيين في الكلية كان ضعيفاً، وكان ذلك لعدم إعطاء السيدات فرصة الانضمام إلى هيئة التدريس في الجامعة؛ وبما أننا كنا في قسم أمراض النساء فكان لابدّ من الدراسة 6 أشهر في قسم الجراحة العامة ولحسن الحظ في ذلك الوقت تم انتداب كل الأطباء في القسم أثناء حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 لعلاج المصابين من الجنود والضباط وبالفعل أثبتت السيدات جدارة في هذا الاختبار الكبير.
ومن وجهة نظري أرى أن الجراحة هواية شخصية، وليس لها علاقة بطبيعة المرأة التي تتميّز بالصبر والتحمّل والحرص، وبالنسبة إليّ فأنا أعمل في الجامعة ولديّ ثلاث مهام أساسية أقوم بها وأؤدّيها على أكمل وجه أولاها الاهتمام بأسرتي وزوجي وأولادي، وثانياً البحث العلمي المستمر، وثالثاً ممارسة المهنة بما فيها من ط .وارئ مستمرّة. وهناك بعض الطبيبات تنحصر اهتماماتهن في ال .زواج والأولاد وهذه هي الفروق بين شخص وآخر.
لماذا لا يثق المرضى بالطبيبة الجرَّاحة؟
يرى الأستاذ الدكتور فتحي شبانة مدير مستشفى حميات امبابة أن هذا الموضوع له شقان يتعلق أولهما بطبيعة المهنة القاسية التي تتطلب ممارستها ساعات عمل طويلة، وسنين كثيرة لاكتساب الخبرة وتبادل أحدث المعارف وأساليب الجراحة المتقدمة من خلال السفر إلى المؤتمرات وغيرها ليتحقق لاختصاصية الجراحة الوصول إلى المستوى المهني المطلوب. وأما الشقّ الثاني فيعود إلى طبيعة الممارسة اليومية حيث يتطلب إجراء الجراحة أكثر من 15 ساعة متواصلة وهو ما يستلزم مجهوداً عضلياً وجسمانياً وذهنياً كبيراً قد لا تتحمله المرأة. وفي مقارنة سريعة بين التخصّصات المختلفة نجد أن ممارسة الطب بالنسبة إلى السيدات تكون أفضل في مجال الأمراض الباطنية من خلال العيادات الخاصة أو عيادات المستشفيات. وأما عن عدم ثقة المرضى بالطبيبة الجرَّاحة فإن ذلك لا يرجع إلى نقص في الخبرة أو المهارة لديها وإنما لأنه توجد خبرة تراكمية عند المرضى بسبب عدم وجود عدد كاف من الجرَّاحات .»
د. هناء السهيلي: تخصّص مشوِّق
وتقول الدكتورة هناء السهيلي استشاري جراحة الرمد: «منذ دخولي كلية الطب وأنا مغرمة بجراحة الرمد لأنها في نظري تخصُّص مشوِّق. وعندما قرّرت دخول قسم جراحة الرمد حذّرني الأهل والأصدقاء من عدم إقبال المرضى عليّ بسبب عدم الثقة في الجرَّاحات. ولكن ليس من المنطق أن أختار تخصُّصاً مثل الأطفال لمجرّد عدم إقبال المرضى، وأنا مؤمنة بأنني لو تميّزت في هذا التخصُّص سيقبل عليّ المرضى بصرف النظر عن كوني امرأة .»
د. سامر صقر: المستقبل لصالح الطبيبة الجرَّاحة
ويقول الدكتور سامح صقر مدرس جراحة المخ والأعصاب: «إن قلّة عدد اختصاصيات الجراحة تمثّل ظاهرة عالمية والإحصائيات تشهد بذلك، ففي انكلترا نسبة الجرَّاحات 7 في المئة وفي أميركا 13 في المئة. وفي رأيي أن هذه الظاهرة ترجع إلى أن عدد الطالبات في كلية الطب كان أقلّ من عدد الطلبة في الماضي بسبب مراعاة المرأة للأمور الأسرية فكانت تختار التخصُّصات السهلة ولكني أتوقع زيادة في نسبة الجراحات خلال السنوات القليلة المقبلة وسيساعد على ذلك التقدّم التقني في الجراحة لأنها لم تعد تتطلّب جهداً عضلياً فائقاً، بل فقط مزيداً من المهارة وبخاصة مع دخول التكنولوجيا الحديثة التي تتطلّب التدريب والتركيز والمهارة في الأداء وليس فقط التميّز الفسيولوجي والتشريحي لاختصاصيي الجراحة .»
في السعودية: الأسباب الاجتماعية تحول بين الفتيات وقسم الجراحة
أسماء لها ثقلها في المجال الطبّي تعود إلى سيدات سعوديات آث .رن التخصُّص في أدقّ تفاصيل الجسد الإنساني، وأثبتن على دراية بخطوات رسمنها منذ الصغر حيث قرَّرن العمل في المجال الطبي من أجل إنقاذ الحياة من مخاطر الموت. الجرَّاحات في السعودية يعانين ضغوطاً عملية، وساعات من الإرهاق المتواصل، من أجل تأدية واجبهن على أكمل وجه. ومع ذلك، فإن سؤالاً لا بدّ من طرحه في هذا المجال، فلماذا لايزال التحاق الطبيبات بقسم الجراحة في السعودية محدوداً ج .داً بالقياس إلى التخصُّصات الطبيّة الأخرى؟ «لها » التقت عدداً من الجرَّاحات السعوديات لإيضاح هذا الموضوع.
الدكتورة عائشة الحجاج: جراحة المخ والأعصاب تخصّص مهم لمن يملك المهارة والقدرة
من جهتها، تحدثت استشارية جراجة المخ والأعصاب في مستشفى سعد التخصُّصي في المنطقة الشرقية الدكتورة عائشة الحجاج، فقالت: «إن الإقبال موجود من قبل الفتيات على الجراحة خصوصاً الجراحة العامة. فعلى سبيل المثال لا يود جرَّاحات قلب بأعداد الجرَّاحين الرجال نفسها، ولا جراحة عظام، وبالتالي نعم هناك إقبال ولكن لاتزال الأعداد قليلة جداً، وأجد أن هذا الإقبال أيضاً له أسبابه الإجتماعية، حيث أن ساعات العمل الطويلة للجراحة تجعل الفتاة تفكّر أكثر من مرّة في مثل هذا التخصُّص، خصوصاً أن معظم الفتيات لديهنّ الرغبة في الارتباط، وتكوين الأسرة ما يجعل مهنة الجراحة صعبة، وإذا تحدّثنا عن المجتمع السعودي تحديداً لا يوجد فيه تعاون كبير، حقيقة أنا لا أريد التعميم ولكن بالفعل الرجل لدينا يريد الزوجة عاملة وفي الوقت نفسه متنقّلة من تربية الأولاد، إلى الطبخ، إلى مناسبات الإجتماعية بدون أدنى مساعدة منه، ما يدفعها إلى اختيار أي تخصّص آخر .»
وأش .ارت إلى أن عدد الطبيبات السعوديات في الأقسام الطبية الأخرى يضاهي عدد الأطباء أو هو مساو له لأنهن يحصلن على دوام بساعات محدّدة، وإج .ازة سنوية في الوقت الذي يتطلّب العمل الجراحي الكثير من ساعات العمل خصوصاً داخل غرف العمليات حيث يمكن أن تمتدّ العملية الواحدة في بعض الأحيان إلى العشر ساعات أو أكثر.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024