تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

لقاء مع نورة الفايز

لن ينسى السعوديون يوم 14 فبراير/ شباط 2009 وسيكون له ذكرى تاريخية سعيدة ومختلفة، ليس لأنه اليوم العالمي للإحتفال بيوم الحب بل لأنه يوم تاريخي للمرأة السعودية التي دخلت الى منطقة صناعة القرار في تجربة هي الأولى من نوعها كنائب وزير. مشاعر السعادة والفرح تسيطر على السعوديات اللواتي وجدن في قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بتعيين أول إمرأة كنائب لوزير التربية والتعليم، أملاً  كبيراً في تمكين المرأة السعودية ومساندتها، لتصل إلى مواقع صناعة القرار في بلادها، ولتشارك الرجل في تحمل المسؤولية كعنصر فعال في المجتمع.
جاء القرار السياسي المنتظر بتعيين نورة الفايز نائبا لوزير التربية والتعليم لشؤون البنات، ليقضي على أي نظرة تميز ضد المرأة في السعودية، وليكون الخطوة الأولى التي ستفتح للمرأة السعودية أفقاً جديداً، وتعيد التوازن لدور المرأة في المجتمع على أنها شريكة للرجل في كل الأمور الحياتية. لم تتوقف وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة، سواء المحلية أو العالمية، عن التحدث عن هذا الخبر على كل المستويات. وكان خبر تعيين إمرأة في منصب نائب وزير يتصدر عناوين الصحف والنشرات، ولم تتوانَ أو تتخاذل الفايز في تقبل وسائل الإعلام، بل أبدت ترحيبا كبيرا بكل من يتصل بها أو يرغب في مقابلتها، لترسل رسالة غير مباشرة بأنها إمرأة واثقة من نفسها، وقادرة على تحمل مسؤولية منصبها، وشفافة ومستعدة لمناقشة كل الأمور بصراحة وإنفتاح.  وبرغم المفاجأة التي شكلها تولي الفايز لمنصبها، وبرغم تهافت الإعلاميين والإعلاميات عليها من كل إتجاه، إستطاعت أن تجد وقتا للجميع وأن تعطي الفرصة للجميع ليشاركوا في تغطية الحدث ومحاورتها. فبعد عدة محاولات للوصول إليها، تجدها تتصل بك لترد على أسئلتك وإستفساراتك بكل أريحية وود. ومن يرى الفايز أو يتحدث معها، لا يمكنه تجاهل نبرات السعادة الفائقة التي ترسلها ذبذبات صوتها، ولا يمكنه إغفال علامات النشاط والحيوية والتفاؤل التي تغلف حديثها، مع الحفاظ على حرصها ودقتها في جميع تصريحاتها، وهذا ما لمسته «لها» حين إلتقت نورة الفايز وفيما يلي نص الحوار.

- نورة الفايز إسم أصبح تحت الأضواء ودخل التاريخ، كونك المرأة الأولى التي تتولى منصباً في الحكومة السعودية كنائب وزير التعليم بالدرجة الممتازة، ماحجم المسؤولية التي يلقيها على عاتقك هذا التكليف وما هي التحديات التي ترينها أمامك؟
أولاً أعتبر التكليف وسام شرف لي كشخص وأيضاً للمرأة السعودية بشكل عام. أنا سعيدة وفخورة جداً بهذا التكليف وأتمنى أن أكون عند حسن ظن ولاة الأمر. التحديات موجودة في أي مكان وأي موقع عمل، ويمكن التغلب على هذه التحديات مهما كانت إذا وجد الإصرار ووجدت العزيمة ووجد الدعم. إذا عملنا جميعاً كفريق ووضعنا أيدينا في أيدي بعض لن تكون هناك أي معوقات أو تحديات وسنستطيع التغلب على ذلك، سواء من الإدارة العليا التي ترأسني والتي تتمثل في الأمير فيصل بن عبدالله أو النائب الأستاذ فيصل المعمر أو الدكتور خالد السبتي، وأيضاً بدعم من إخواني وزملائي الوكلاء ومدراء العموم وبدعم زميلاتي وأخواتي مديرات العموم والقيادات النسائية في جميع المناطق.

- هل تشعرين أنك مستعدة لتولي منصب قيادي، هو الأول من نوعه لإمرأة في السعودية، خاصة وأنك ستكونين تحت الأضواء مباشرة وستكون خطواتك محسوبة عليك؟
نعم وبالتأكيد، أنا مستعدة تماماً وجاهزة لتولي هذا المنصب. لا شيء مستحيل ويمكن عمل المستحيل إذا وجد الدعم اللازم كما ذكرت ووجد التعاون ووجدت روح الفريق سواء من رؤساء أو مرؤوسين. أنا متفائلة تماماً وسعيدة بهذا المنصب.

- السعودية اليوم تنتهج المنهج التطويري وتؤمن بتفعيل دور المرأة وإبراز قدراتها، في رأيك لماذا لم تكوني وزيرة بدلاً من نائب وزير؟
أولاً، أنا أعتقد أن التدرج مطلوب في أي مجتمع وفي أي عمل. ثانياً، أنا أعتبر هذا التعيين في منصب نائب للوزير خطوة أولى تمهد لخطوات لاحقة تعتلي فيها المرأة مناصب أعلى لتصل إلى مرتبة وزير.

- إلى أي مدى سيكون لك تأثير كإمرأة في صناعة القرار في وزارتك؟
سأكون نائب وزير التربية والتعليم لشؤون تعليم البنات ولدي كامل الصلاحيات في كل ما يتعلق بشؤون تعليم البنات، وبإذن الله سأبذل قصارى جهدي وبدعم من حولي سنتمكن من تحقيق التميز.

- هل تفاجأت بقرار تعينيك وكيف وصلك الخبر وكيف إستقبلته وكيف كانت ردة فعلك؟ وكيف يمكن أن تصفي لنا تلك اللحظة؟
تفاجأت كثيراً ولم أتخيل أنني يمكن أن أتقلد منصباً كهذا في يوم من الأيام. سمعت أنه سيتم تكليف سيدات في مواقع القرار ولكني لم أكن أتوقع أن التكليف سيكون في موقع كبير كهذا وسأكون أنا المكلفة. عندما وصلني الخبر، عن طريق إحدى القيادات المتميزة  في مجتمعنا، كانت مشاعري مضطربة ومختلطة بين الخوف والفرح والسعادة والتوتر. أنا سعيدة جداً بهذا التكليف وأتمنى أن أكون عند حسن ظن وثقة القيادة.

-  سبق وصرحت أن أحوال المرأة العاملة لن تتحسن إلا بقرار سياسي، فهل هذا القرار الذي كنت تنتظرينه؟
نعم هذا أحد القرارات التي كنا ننتظرها وأيضاً قرارات في شأن الأنظمة الموجودة والتي تمس المرأة والطفل والرجل في مجتمعنا.

- صرحت أيضاً أن المرأة مثقلة بالهموم في القطاعين العام والخاص وأنها تعاني من عدم الدعم من قبل الجهات المعنية مع عدم إتاحة الفرصة لها لاتخاذ القرار، كيف يمكن لنورة الفايز أن تخفف من ثقل هذه الهموم على المرأة من خلال موقعها؟
أنا أعتقد أن أكبر وأهم قطاع تعمل فيه المرأة هو التربية والتعليم. ووجود إمرأة تستطيع أن تصل إليها المرأة مباشرة بدون عقبات أو خطوط أخرى، وبوجود إمرأة لها القدرة على إتخاذ القرار والنزول إلى الميدان والإطلاع على الواقع، كل ذلك سيخفف كثيراً من الهموم التي تعانيها الكثيرات من السعوديات في مجتمعنا.

-  لو أتيحت لك الفرصة في منصبك الحالي لاتخاذ قرار ما. ما أول قرار سوف تتخذينه؟
لا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال لأني لم أنزل إلى الميدان بعد. أحتاج أن أتعرف الى الواقع وأطلع عليه عن كثب وأحدد الأولويات حتى أستطيع تحديد القرار الأول.

-  ولكن قبل أن تكلفي بمنصبك، الم تفكري أبداً في قرارات كنت تتمنين لو  يأخذها المسؤولون؟
حتى إذا كان لي أي أفكار سابقة، موقعي الآن يحتم علي النزول أولاً إلى الميدان وتحديد الإحتياجات ومن ثم فرزها في أولويات. فربما تكون نظرتي البعيدة الشخصية غير متفقة مع الواقع، واليوم أنا مسؤولة ويجب أن أتحقق من الواقع حتى أستطيع أن أتخذ القرار الصحيح.

- في رأيك ما هي أبرز مشكلات قطاع التعليم في السعودية وكيف يمكن التعامل معها؟
أنا أسمع كما يسمع غيري، ولكنني لا أعرف ماهو الواقع، وكما ذكرت طالما لم أنزل إلى الميدان بعد، لا أستطيع أن أتحدث في أي شيء.

- في حقيبتك الوزارية الجديدة هل يوجد فرص لوجود تخصصات أكاديمية جديدة للبنات توسع من فرص عملهن في المستقبل وتساهم في تفعيل دورهن في المجتمع؟
الفرص كثيرة وكبيرة للمرأة السعودية، ولتحدد هذه الفرص لا بد من وجود دراسة علمية ميدانية تتبناها إحدى الجهات لتحدد بدقة إحتياجات المجالات التي يمكن أن يكون فيها موقع للمرأة السعودية، وعلى ضوء هذه الإحتياجات تتبنى وزارة التعليم العالي دراسة التخصصات الحالية وتطوير بعض التخصصات وخلق أو إيجاد تخصصات جديدة.

- كثيراً ما هوجمت السعودية بأن مناهجها الدراسية كانت سبباً في تخريج فكر أحادي، فهل تصريحات المسؤولين ووعودهم بمخرجات تعليمية متسلحة بقيم الحوار والإعتدال دليل على إعترافنا بإخفاق مناهجنا التعليمية؟
كلنا نريد ونسعى لوجود مخرجات تعليم متسلحة بقيم الحوار والإعتدال والوسطية، ولكن أنا لا أستطيع أن أتهم مناهجنا بتخريب فكر أبنائنا وبناتنا. هناك أيد دخيلة عملت على تخريب أفكار بعض أبنائنا وبناتنا. ولا أستطيع أن أتحدث بشكل كامل عن المناهج الآن لأني لست ملمة بها وليس لي معرفة كاملة بهذه المناهج، ولكني أعتقد وأجزم أنها أفضل بكثير من مناهج بعض الدول الموجودة حولنا.

- إلى أي مدى ستركز الوزارة الجديدة على الطالب كفرد مشارك في العملية التعليمية وهل سيكون له دور في إتخاذ القرار؟
الطالب هو أساس العملية التعليمية وإذا إعتمدنا عليه وعودناه على تحمل المسؤولية والمشاركة في العملية التعلمية، سيكون له دور جميل ورائع سواء كان صبياً أو فتاة.

- في رأيك ما أسباب تغيب المرأة عن مراكز إتخاذ القرار في الفترة الماضية؟
كانت القيادة الحكيمة تنتظر أن تجد المرأة القادرة على إثبات ذاتها ومهاراتها والتي يمكن أن تصل لمناصب مختلفة. المنصب الذي حصلت عليه ماهو إلا بداية لوجود المرأة في مناصب قادمة وجديدة.
- في رأيك لماذا تم إختيار إمرأة في وزارة التربية والتعليم تحديدا ولم توجد في وزارات أخرى؟
وزارة التربية والتعليم أهم قطاع يمس المرأة، وأهم قطاع يجب أن توجد فيه المرأة لذا كان لا بد من أن نبدأ بالتربية والتعليم.

- هل وجود إمرأة نائب وزير سيفتح الباب لوجودها في مجلس الشورى كعضو متفرغ بدلاً من مستشارة غير متفرغة؟
بالتأكيد هذه البداية وسنرى سيدات أخريات في مواقع أخرى ومناصب أخرى في جهات أخرى.

- تطالبون بالتطوير وترغبون في وجود فكر جديد منفتح ومعتدل وترفض نورة الفايز التصوير مع أنها في موقع ظاهر تحت الأضواء مباشرة ولا يمكنها تفادي التصوير، فما السبب؟
لا زلت إبنة البلد وتحكمني عادات وتقاليد لايمكن أن أبتعد عنها ويجب أن أحافظ عليها. أنا لا أرفض التصوير ولكن أرفض أن تنشر صورتي في جريدة أو مجلة ولم أكن سعيدة إطلاقاً عندما نشرتها بعض الصحف في الأيام الماضية.

- أنت زوجة وأم وجدة وموظفة، عليك الكثير من المسؤوليات والواجبات، واليوم أصبحت نائبا لوزير التربية والتعليم، كيف يمكن التوفيق بين كل هذه المهام؟
لا أعتقد أن المهمة الموكلة إلي مستحيلة أو صعبة أو أنها أصعب من الدور الذي أمارسه الآن كمدير عام لمعهد الإدارة. أنا أعتبر نفسي إمرأة متعددة المهام، فأنا معتادة من صغري على العمل في مهام متعددة. فقبل الزواج كنت أدرس وأعمل، وبعد الزواج كنت أؤدي دوري كزوجة وإمرأة عاملة وأم. إذا إستطاعت المرأة تحديد أولوياتها، وإدارة وقتها بفعالية، ومعالجة القضايا العاجلة أولا بأول، ستستطيع تحقيق التوازن والإنجاز الجيد في جميع المستويات.

- نورة الفايز، بماذا تحلم كأول إمرأة  في موقع قرار في السعودية؟
أحلم أن أجد الفتاة السعودية المؤهلة القادرة على الوقوف بثقة في وجه أي كان وأي عقبات. أحلم أن أجد الفتاة السعودية القادرة على إثبات ذاتها والمساهمة في تحقيق طموحات ولاة الأمر والوصول بالعملية التعليمية والفتاة السعودية لأعلى المستويات.

نورة الفايز..الخبرات والمؤهلات..

  • نورة الفايز، التي ولدت في عام 1956 في محافظة شقراء، زوجة وأم لثلاثة أبناء وإبنتين ولديها حفيدان. شخصية محبوبة ومجتهدة ومعطاءة ونشيطة كما يصفها أقاربها والمتعاملون معها.
  • خبراتها متعددة وشاملة في مجال علم الإجتماع والتعليم. بدأت حياتها العملية في عام 1975 لثلاث سنوات كمراقبة في المدرسة المتوسطة التاسعة للبنات حتى حصلت على شهادة البكالوريوس في الآداب تخصص علم الإجتماع من جامعة الملك سعود عام 1978، لتعمل كمعلمة علم إجتماع لمدة عام في الثانوية الأولى للبنات.
  • في عام 1982 حصلت الفايز على شهادة الماجستير من جامعة ولاية يوتا بالولايات المتحدة الأمريكية في التربية تخصص تقنيات تعليم، لتعمل كمحاضرة ورئيسة في عام 1984 لمركز تقنيات التدريب في الفرع النسائي لمعهد الإدارة العامة حتى 1988. وفي خلال تلك الفترة عينت أيضاً للإشراف العام على روضة إسكان معهد الإدارة العامة إداريا وتربويا في 1985.
  • إعتادت الفايز على القيام بعدة مهام ووظائف لتطور من نفسها وتخدم مجتمعها، إضافة إلى مسؤولياتها كأم وزوجة. ففي 1989 عملت الفايز أستاذة متعاونة مع كلية التربية بجامعة الملك سعود في الرياض لتدريس مواد تقنيات تعليم لمدة ست سنوات، إضافة إلى عملها كموجهة للوسائل التعليمية لمعاهد التعليم الخاص في المملكة بوزارة المعارف حتى عام 1993 حين عينت المديرة العامة للفرع النسائي في معهد الإدارة العامة حتى تاريخه. عينت الفايز أيضاً في عام 2000 المديرة العامة لمدارس البنات في مدارس المملكة، وما زالت الفايز المديرة العامة للفرع النسائي في معهد الإدارة العامة حتى تم إختيارها نائباً لوزير التربية والتعليم لشؤون البنات في السعودية.
  • حصلت الفايز على دورات تدريبية متعددة صقلت حصيلتها العلمية وكانت عضواً في لجان كثيرة، حيث لم تنحصر نشاطاتها في الناحية التعليمية فحسب بل كانت أيضا لها مشاركات على المستوى الإجتماعي. لها العديد من البحوث وأوراق العمل عن التدريب والقوى العاملة النسائية والمشاركات في الندوات النسائية.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079