في يوم المرأة الإماراتية تعرّفوا على أسرار الكابتن الطيار هدى سعيد المسلمي
لم تفكر يوماً في أن تصبح قائدة طائرة بل قدمت طلبا لتصبح مضيفة على إحدى طائرات الإمارات، وسرعان ما نقشت القبطان هدى سعيد المسلمي اسمها كأول قائدة لطائرة «الايرباص» في برنامج طيران الإمارات، لتصبح ابنة مدينة عجمان كابتن طائرة بعد تفوقها أكاديمياً وعملياً. هدى سعيد المسلمي مولعة منذ نعومة أظافرها بعالم الطيران، وتقدمت للعمل كمضيفة في طيران الإمارات بالصدفة، وبعد اجتيازها الاختبار فتح الطريق إمام هدى لتلتحق ببرنامج طيران الإمارات لتدريب الطيارين المواطنين وتأهيلهم، لتصبح أول امرأة إماراتية تعمل بوظيفة كابتن طيار في طيران الإمارات. وكانت هدى قد التحقت بهذا البرنامج قبل أربع سنوات تقريباً وتخرجت منه في حزيران/يونيو 2008 مع 18 طياراً مواطناً، وهاهي الآن تعمل مع زملائها الخريجين على أسطول طيران الإمارات الحديث المكون من 132 طائرة، والذي يخدم نحو 100 محطة في 61 دولة عبر قارات العالم الست. فماذا قالت عن تجربتها؟
- كيف كانت البداية؟
البداية كانت امتحانات واختبارات لمدة ستة أشهر في كلية الطيران بدبي، وتم التدريب على اللغة الانكليزية والطيران النظري لمدة ثمانية أشهر، سافرنا بعدها إلى أوستراليا في رحلة تدريب لمدة سنة تقريباً، في تدريب مكثف نظري وعملي، وبعد ستة أشهر من التدرب نظرياً على الطائرات انتقلنا إلى التدريب العملي، وشاركنا في قيادة الطائرة. أصبحت بعدها أقود طائرة التدريب بمفردي، وهي طائرة تختلف عن الطائرات العادية. وبعد انتهاء التدريبات عدنا إلى الإمارات لنلتحق بتدريبات نظرية، تخصصت بعدها في طائرات الايرباص. وهذا التدريب يختلف نوعاً ما عن السابق، إذ كنت أقود الطائرة بمساعدة الكابتن، ولاشك أنها تجربة مرعبة في البداية، ولكن مع التكرار بدأ الخوف يتلاشى.
- ماذا عن أول رحلة قمت بها؟
أول رحلة قمت بها كانت من دبي إلى بيروت، وأعترف بأن الخوف والرعب تملكاني قبل عملية الإقلاع، فالتدريب شيء والواقع شيء آخر. فالمشكلة أرواح الناس، والتفكير دائماً في المحافظة على سلامتهم. وخلال هذا التفكير العميق كان تشجيع الكابتن حافزاً لي، وسرعان ما بدأت الرحلة التي تمّت بنجاح إقلاعاً من مطار دبي وهبوطاً في مطار بيروت الدولي.
بين الاعتراض والتأييد
- ما هي المواقف الحرجة التي تعرضت لها؟
في رحلة العودة بدأت الطائرة تسير على مدرج المطار، وما أن أعلن عن اسمي في قيادة الطائرة حتى فوجئت بثلاثة من رجال من الإمارات يعبرون عن عدم رضاهم عن قيادة امرأة للطائرة. وتملكهم الخوف والهلع، بل هدّدوا بالنزول من الطائرة، وقال أحدهم لو عرفنا أن الطائرة تقودها امرأة لما ركبنا فيها. وقال آخر: لا نثق بالمرأة على الأرض فكيف نثق بها في الجو؟! وأصبح هناك هرج ومرج حتى بين المضيفات وقيادة الطائرة لمراقبة تحركات الركاب الثلاثة. ولكن الطائرة كانت قد أصبحت في الجو، وخلال الرحلة لم يتحرك أحد منهم. وبعد الهبوط بنجاح في مطار دبي الدولي حضروا إلى الكابينة وسألوا عني، وعبروا عن فرحتهم وسرورهم، مؤكدين فخرهم بأن ابنة الإمارات أصبحت تقود طائرة. وبعدها توالت رحلاتي، فطرت إلى هونغ كونغ والصين ولندن وألمانيا والقاهرة ومسقط والبحرين وعمان وتركيا و أفريقيا ومعظم البلاد العربية والأسيوية والأوروبية.
الطائرة مسؤولية الكابتن
- باعتبارك تحملين رتبة ضابط أول ايرباص، حدثينا عن المسؤول الأول عن الطائرة؟ المسؤولية الأولي والأخيرة تقع على عاتق كابتن الطائرة، وهو المسؤول عن الطائرة بعد إجراء الفحص الهندسي وجاهزيتها للإقلاع، فيعطي أوامره بالتحرك ومغادرة المطار بعد توقيع كل الأوراق الخاصة بسلامة الطائرة. وإذا كان هناك خلل لابد من إعلام كابتن الطائرة، وهو صاحب القرار الأول والأخير في هذه الحالة، فقد يكون هناك خلل بسيط في بعض الأجهزة البسيطة التي لا تؤثّر في مسار الرحلة. وتعتبر عملية الإقلاع من الأمور المهمة في الطيران، وقد تكون أسهل من عملية الهبوط التي تعتبر الأخطر، وخاصة خلال الدقائق الثماني الأخيرة حين تتم برمجة الطائرة بدقة ومراجعتها خوفاً من إدخال بعض المعلومات بالخطأ، مما قد يسبب كارثة جوية. ولكن هذا نادر الحدوث، إذ ترفض جميع الأوامر التي تحمل الأخطاء ولا تستجيب لها الأجهزة؟
مشاكل جوية
- هل هناك مشاكل جوية خلال رحلة الطيران؟
لابد من أن يواجه قائد الطائرة مشاكل جوية مثل المطبات الهوائية التي تنتج عن ضغط الهواء من كتلة هوائية قوية، أو تغيّر مناخ من بلد إلى آخر أثناء عملية التحليق. ولكن يستطيع الكابتن التعامل معها من خلال استعماله تقنيات عالية للسيطرة على الطائرة. وقد يتعرض أحد المحركات إلى التوقف فجأة، وهناك تعليمات وتدريبات تمكن الطيار من إصلاح هذا الخلل أثناء الرحلة في الجو، بل وتستطيع الطائرة مواصلة رحلتها بواسطة محرك واحد، ولكن من الأفضل إصلاح المحرك الذي تعطل. وفي عملية الإقلاع تعتبر الدقائق الثلاث الأولى من أخطر الدقائق واللحظات على جميع ركاب الطائرة، حتى يستطيع قائد الطائرة اتخاذ المسار المطلوب والعودة إلى الوضع الصحيح.
الإماراتية والتحديات
- هل نجحت الفتاة الإماراتية وحققت ذاتها؟ وماذا عنك شخصياً؟
الفتاة الإماراتية حققت إنجازات طيبة بفضل القيادة الرشيدة للدولة التي قدمت كل الدعم. ومن أبرز القيادات التي قدمت لنا الدعم الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات الأب الروحي لنا جميعاً. وبالنسبة إليّ أضاف إلي العمل في الطيران أشياء كثيرة، فقد صقل شخصيتي وباتت قراراتي حاسمة وقطعية من أجل مصلحة العمل، كما تعلمت الجدية، وأصبح كل همّي وتفكيري كيف نصل بالركاب إلى أرض المطار سالمين، وتلك هي أسعد اللحظات.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024