تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

٣٠٠ فتاة محجبة شكلن

الفكرة أطلقتها ياسمين محسن ابنة الخامسة والعشرين وخريجة كلية الإعلام،التي اعترفت بأنها دخلت هذا المجال بالصدفة وأنه طريقها للعمل مذيعة. ياسمين كشفت عن إغراءات شديدة تتعرض لها لخلع الحجاب، ونفت تماماً انتماء الرابطة إلى أي جهة دينية أو أنها تتلقّى تمويلاً من أي شخص.

- في البداية نود أن تعرّفي عن نفسك وكيف جاءتك الفكرة؟
اسمي ياسمين  محسن خريجة كلية الإعلام - جامعة القاهرة قسم الإذاعة والتلفزيون. بدأت العمل فى مجال عروض الأزياء عام ٢٠٠٣. فكرة هذه الرابطة بدأت منذ ما يقرب من عام عندما كنت أتحدث مع إحدى صديقاتي من عارضات الأزياء المحجبات وكيفية مساعدة مثيلاتنا من الفتيات المحجبات اللواتي يملكن طموحنا نفسه، من هنا ظهرت الفكرة التي حولتها  إلى واقع عندما أنشأت موقعاً للرابطة على شبكة الإنترنت وفوجئت بأعداد كبيرة من الفتيات يتصلن بي عبر «الفيس بوك» ليس من مصر فقط وإنما من مختلف الدول العربية. ودبّرت لقاء يجمعنا وبدأت تتوالى لقاءاتنا.

- الرابطة هل هي الأولى في العالم العربي؟
على حدّ علمي أنها الأولى بل إنه لا توجد رابطة للعارضات غير المحجبات إلا في عدد قليل من الدول، ولهذا فإن رابطتنا هي الأولى في مصر والوطن العربي.

- منذ متى بدأ اهتمامك بعروض الأزياء؟
بدأت محاولاتي منذ خمس سنوات وفوجئت بمهاجمتي كثيراً لأنني دخيلة على عالم عروض الأزياء البعيد تماماً عن الحجاب. ولكن مع تزايد أعداد المحجبات أصبح الأمر ضرورياً، وصورت فيديو كليب وبعض الإعلانات في القنوات الخليجية وخاصة السعودية، وشاركت في عروض أزياء مخصصة فقط لغير المحجبات وكنت أنا الوحيدة المحجبة.

- وكم بلغ عدد المنضمات إلى الرابطة حتى الآن؟
عددنا أكثر من 300 فتاة محجبة يشاركن في كل عمل له صلة بالحجاب، مثل عروض الأزياء والإعلانات والفيديو كليبات من خلال هذه الرابطة التي تكبر عضويتها باستمرار، خاصة أننا ننظم  الندوات المفتوحة ولقاءات اجتماعية ندعو فيها المحجبات إلى الانضمام.

- ماذا كان رد فعل العاملين في مجال الموضة؟
اختلفت مواقفهم، فهناك من أيدنا حتى وإن لم يلتق معنا بشكل مباشر. وهنا أذكر رد فعل المصمم هاني البحيري عندما سألوه رأيه في عملنا كمحجبات في مجال الأزياء فقال: «هذا شيء جيد، خاصة أن الحجاب أصبح ظاهرة قوية في مصر. وأنا غالباً عندما أقدم مجموعة من 60 قطعة مثلاً أضع فى اعتباري أن تكون خمس أو ست قطع بأكمام طويلة حتى تكون مناسبة للفتاة المحجبة. ووجود هذه الرابطة قد يكون مفيداً لي ولغيري من المصممين الذين يريدون تقديم تصاميم معينة للمحجبات، ولكن غالباً ما يعيقهم أنه من غير اللائق أن يرى الناس العارضة محجبة تارة ودون حجاب تارة أخرى. لذا نحن في حاجة إلى عارضات محجبات بشكل طبيعي لإضفاء مصداقية على التصاميم. وليست هناك أي مشكلة في وجود هذه الرابطة، والعارضات المحجبات لن يؤثّرن على العارضات غير المحجبات بأي شكل من الأشكال لأن لكل منهن جمهورها، وفي الوقت نفسه هناك إغراءات للعارضات لخلع الحجاب بحجة أنه يغطي جمالهن وهذا ما نرفضه بشدة»، أما المصمم المغربي العالمي «سوشا» فقد سألته عن إمكان تصميمه ملابس للمحجبات فأبدي تفهماً لرغبتي ووعد بالتفكير فيها مستقبلاً خاصة أن الإقبال شديد على الحجاب في الدول العربية والإسلامية.

- عمل العارضة يتطلب أحياناً اقتراب الرجال منها حتى يظهر العمل بصورة كاملة، فكيف تتعاملين مع المصممين والمصورين والمخرجين؟
نحن نرفض اللمس من الرجال مهما كانت الأسباب، وهذا ليس تعصباً بدليل أنني أسلم على الرجال. فالمصور والمخرج عندما يجدان الفتاة محجبة فإن انطباعهما يجب أن يختلف تماماً عن تعاملهما مع عارضة غير محجبة. كأن يتعاملا معنا شفهياً فقط، وهذا أفضل للجميع.

- ماذا استفادت عضوات الرابطة من الناحية الفنية؟
بفضل الله استطعنا تعليم الفتيات كيفية ارتداء الملابس الأنيقة ووضع الماكياج الملائم غير الصارخ أو المغري والمخالف للشرع، وكذلك الاكسسوارات البراقة بأناقة. فنحن لسنا متزمتات ولا متحرّرات، وإنما نقدم ملابس الفتاة أو المرأة الأنيقة بما لايخرج عن تعاليم الدين الذي لايرفض الزينة والأناقة بضوابطهما الشرعية.

- تردّد أن عروض المحجبات وسيلة جديدة من وسائل الإغراء وجذب أنظار الرجال فما ردّك؟
كوننا محجبات يمنع عنا الكثير من الانطباعات الخاطئة التي يمكن أن تلصق بأي عارضة غير محجبة ومع هذا نحن لسنا ملائكة. ومن المعروف أن كل مهنة فيها الجيد والسيئ ولكن عملنا كعارضات محجبات يعطي انطباعاً بالاحتشام، وهذا ما نحاول الالتزام به قدر الإمكان.

- كثيرات يتخذن عروض الأزياء طريقاً لدخول السينما، ما رأيك؟
العمل في الإعلان له شروطه غير المعلنة، فمن الطبيعي أن المعلن الذي يطلب فتاة محجبة يبحث عن الالتزام وتقديم شيء محترم تماماً. ولاشك أن كثيراً من المعلنين كانوا يعتقدون أن الفتاة المحجبة لا تستطيع ارتداء ملابس على الموضة أو أنيقة بشكل عام، وهو انطباع خاطئ نسعى لتغييره.- هل تنكرين أن عملك كعارضة هو بحث عن الشهرة؟
لا أستطيع أن أنكر أن أحد أهدافي تحقيق ذاتي وطموحي إلى أن أكون مذيعة مشهورة، وهناك طرق لذلك أرفضها مثل تصوير كليب ساخن أتبرأ منه في ما بعد. ولكنني فضلت أن أصل إليها من خلال عمل محترم يتوافق مع ميولي، فقررت العمل عارضة وكان ذلك خطوة لتحقيق حلمي في العمل مذيعة محجبة. ومن خلال عملي كعارضة  أصبح وجهي معروفاً وهذا سهّل لي العمل مذيعة ولست مبالغة إذا قلت إن هناك فتيات قلن لي إنهن تحجبن عندما رأينني أنيقة، وووقتها أدركت أنني قدمت عملاً شريفاً يحقّ لي أن أفخر به وليس شيئاً أخجل منه. ومع هذا مازلت أرى المحجبة مظلومة، بمعنى أنني إذا تقدمت للعمل كمذيعة في الوقت نفسه الذي تقدمت فتاة أخرى ليست مؤهلة بالمقدار ذاته ولكن عينيها خضراوان وشعرها أصفر ستكون الأفضلية لها.

- عارضات الأزياء يتعرّضن للإغراء بأشكال مختلفة فهل الأمر مختلف بالنسبة إلى المحجبات؟
بصراحة الإغراءات التي نتعرض لها أكبر بكثير من ارتداء نوعية محددة من الملابس، فالإغراء الأكبر الذي نتعرض له باستمرار هو أن نخلع الحجاب بحجة أننا جميلات وأن الحجاب يداري جمالنا كما أن فرص العمل لدى غير المحجبات أكبر بكثير من فرصنا حتى الآن.

- ما هي ضوابط الملابس التي تعرضنها؟
كل أنواع الملابس مسموح بها ماعدا الملابس الخاصة وملابس المنزل أو النوم بطبيعة الحال، حتى وإن كانت عباءات منزلية أو بيجامات شتوية مغلقة. وذلك يعود إلى أنه من الطبيعي ألا تجلس الفتاة أو السيدة في المنزل بحجاب، كما أن الملابس المنزلية تحتاج إلى إبراز جمالها وهو ما يحتاج إلى عارضة غير محجبة.

- ما هي المواصفات أو الشروط للانضمام إلى الرابطة؟
أن تكون الفتاة صالحة من حيث التكوين الجسماني لهذا العمل ولا يقل طولها عن ١٧٠ سم وألا يزيد وزنها على ٦٠ كلغ، وأن يكون وجهها مقبولاً ولديها خبرة في طرق اللبس والتصوير.

- عارضات محجبات هل هي رسالة للعالم أن المحجبة ليست متزمتة ويمكنها مسايرة الموضة؟
عملي كفتاة محجبة ومعي300 عارضة يعد رسالة في حدّ ذاته للعالم الغربي والمجتمع، تؤكد أن الحجاب أناقة وأن المرأة المسلمة يجب أن تعتني بنفسها وأناقتها، وأن الأناقة موجودة في الإسلام، فمن حق كل فتاة مسلمة محجبة أن تفخر بنفسها وأن تقتنع بأن حجابها لا يمنعها من أن تعيش سنها وحياتها كما الأخريات ولكن في إطار من الاحترام والاحتشام. فتعرية الجسد ليست أناقة أو أنوثة في أي حال من الأحوال. 

- البعض ردّد أن الرابطة وراءها جهات دينية معينة وتتلقى تمويلاً خارجياً؟
ليس لنا انتماء إلى أي جهة دينية في الداخل أو الخارج، وإنما نحن مستقلات في كل شيء لأننا ببساطة  إفراز طبيعي لمجتمع تتزايد فيه نسبة المحجبات يوماً بعد يوم، حتى أصبحنا غالبية ودخلت المحجبات كل مجالات الحياة ومنها عملهن في عالم العارضات.

- البعض يصف الرابطة بالعنصرية لقصرها على المحجبات؟ هذه ليست عنصرية بغيضة وإنما هي  نوع من الشعور بالتميز له مبرّراته. فمثلاً العارضات غير المحجبات ليس لديهن مشكلة فى إيجاد فرصة عمل وإنما كانت المشكلة لدينا وتطور الأمر وأصبحنا نساعد بعض الأحيان غير المحجبات. فمثلاً أقيم عرض في مدينة المنصورة ضم ١٠ بنات منهن ٣ غير محجبات ونحن نستعين بغير المحجبات فى حالات الضرورة، وأنا في حياتي عامة أرفض تقديم أي تنازلات لأنني لو قدمت تنازلات لكان من الممكن أن أصل من أول سنة إلى القمة، ولكنني ظللت أصارع لمدة ست سنوات من أجل أن أصل إلى ما وصلت إليه الآن. وطريق الألف ميل يبدأ بخطوة.

- أنت خرّيجة كلية الإعلام قسم الإذاعة والتلفزيون، فهل استفدت من دراستك في عملك؟
أصبحت أكثر قدرة على التعامل بنجاح مع البشر سواء من أعمل معهم أو من يشاهدونني. والأمر الآخر أن عملي  كعارضة خطوة لتحقيق حلمي في مجال التقديم التلفزيوني، وقد قدمت برنامجاً دينياً عن «فقه المرأة» مع مفتية النساء في مصر الدكتورة سعاد صالح عبر محطة «شبابيك»، وأستعد الآن لبرنامج اجتماعي على قناة «اللورد» الفضائية. وللعلم فإن الصدفة لعبت دوراً في اختياري كعارضة محجبة فى إعلان عن نغمات الموبايل، ومن وقتها توالت العروض وأصبحت العارضة الأساسية لإحدى الشركات المتخصصة فى صنع أغطية الرأس. وشاركت في عروض وكليبات وإعلانات، وظهرت كعارضة رئيسية مع المطرب السوري يحيى حوا فى كليب اسمه «حياتي كلها لله». وهناك الآن العديد من الكليبات الدينية التى تتطلب محجبات وبالتالي ليس من المنطقي أن أظهر في الكليب بحجاب وفي آخر دون حجاب.- سجّلت برنامجاً مع الدكتورة سعاد صالح، فهل استشرتها في حكم الشرع في عملك؟
للأسف لم أستشرها هي أو غيرها لأنني أرى أنني لا أفعل شيئاً يغضب الله، بل أقدم المرأة المسلمة بصورة عصرية لا تتنافى مع الشرع، والإسلام دين لا يحرّم الأناقة الملتزمة.

- الفنانات المحجبات تأثّرن بالدعاة الجدد فهل تستمعين إليهم أو تتأثّرين بما يقولون؟
إطلاقاً ولا تتعجب إذا قلت إنني لم أتحجب لأننى استمعت إلى أحد الدعاة الجدد مثل عمرو خالد أو خالد الجندي أو مصطفى حسني أو غيرهم، وإنما كان القرار نابعاً من اقتناعي. وأنا أؤمن بأن علاقتي بالله ليست في حاجة إلى «واسطة»، لذا أؤكد لك أن الحجاب كان قراراً نابعاً مني شخصياً.

- هل يمكن أن تخلعي الحجاب إذا وقف عائقاً أمام تحقيق طموحك؟
إطلاقاً فأنا وضعته مقتنعة تامة وليس لديّ أدنى استعداد لخلعه.

- ولكن هناك من يرتديه كموضة فقط، أليس كذلك؟
كل إنسان مسؤول عن نفسه، وأنا أسمع الآن فتيات يقلن إنهن تحجبن لأن الحجاب يجعلهن أكثر جمالاً من اللبس العادي. وهذا الأمر من الأمراض الاجتماعية التى أراها الآن في وسط المحجبات. بعض المحجبات يرتكبن ما يخالف الشرع وما ليس له صلة بالحجاب لأنه يسيء إليه، والحجاب والدين عامة من أفعالهن براء.

- ما هي خطتك للرابطة؟
أتمنى أن نصل إلى اليوم الذي تكون فيه نقابة للعارضات المحجبات في الوطن العربي أو العالم.

رأي الدين :

تحايل مرفوض شرعاً
تعترض الدكتورة سعاد صالح العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر على فكرة عارضات الأزياء المحجبات قائلة: «هذا نوع من التقليد الأعمى للغرب يعد تفريغاً للحجاب من مضمونه الشرعي وتحويله إلى مجرد ملبس تستهدف مَنْ ترتديه إبراز زينتها، ولكن بطرق أخرى، بدليل الألوان الصارخة والمكياج والزينة اللافتة لنظر الرجال، فضلاً عن الملابس الضيقة التي تخالف ما اتفق عليه الفقهاء في مواصفات الحجاب الشرعي بأنه هو الذي لا يصف ولا يشف ولا يلفت أنظار الرجال إليها حتى لا يكون هذا الحجاب الشكلي مدخلاً جديداً للشيطان، ولكن من بوابة يدّعي أصحابُها أنهم ملتزمون بالشرع مع أنه في الحقيقة لا يؤدي إلى غض البصر الذي يأمرنا الله به في قوله تعالى "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن علي جيوبهن...».وحذرت من التحايل على الشرع عن طريق الموضة الجديدة بدليل أن «كثيراً من هؤلاء المحجبات اللواتي يضعن هذه الأزياء التي يطلقون عليها حجاباً هن في الحقيقة غير مؤديات لفرائض الإسلام الرئيسية كالصلاة وغيرها، فضلاً عن أن كثيرات منهن يختلطن بالرجال بحكم طبيعة العمل من دون الالتزام بالآداب الإسلامية المتعلقة بطبيعة العلاقة بين الرجال والنساء».

خطوة على الطريق
ويخالفها في الرأي الدكتور صبري عبد الرؤوف أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر إذ يقول: «أقول للمشاركات في هذه العروض أن ما يرتدينه ليس الحجاب الشرعي بمواصفاته المثالية، إلا أنه خطوة على الطريق الصحيح. فهن أفضل بلا شك من الكاسيات العاريات اللواتي يحاربن الحشمة ويثرن الفتنة بين الرجال. ولهذا فأنا أشجع هؤلاء العارضات على أمل أن يكن أكثر التزاماً مستقبلاً وأن يستمعن إلى نصائح علماء الدين حتى يكن محجبات مثاليات شكلاً ومضموناً وليس بالشكل فقط».وأشار إلى أن «الإسلام دين التدرج وفتح باب الأمل والتوبة للعصاة وعدم اليأس من رحمة الله، ولهذا فإن أي خطوة على الطريق الصحيح نشجعها ونقومها ولا نغلق باب الرجاء والرحمة والطمع في رضا الله لأنهن على الأقل يعترفن بفريضة الحجاب. وإغلاق باب الطاعة يجعلهن فريسة لشياطين الإنس والجن. وواجب علماء الدين الأخذ بأيديهن إلى الله القائل «قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله أن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم».

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077