عضو المجلس التشريعي الفلسطيني نجاة أبو بكر:
لم تكن امرأة ككل النساء، عاندت واقعها وثقافة بيئتها التي تمنع المرأة من أن تحصل على أقل حقّ من حقوقها وهو التعليم، عملت كثيراً من أجل غيرها. تقلّدت مناصب مهمّة في فلسطين، آخرها نائبة في المجلس التشريعي. واجهت الموت مرات ولكن كتب الله لها النجاة. أحالت العديد من الفاسدين على القضاء الفلسطيني، وتقول إن الصحافة هي السلطة الثانية لا الرابعة... «لها» التقت النائبة في المجلس التشريعي نجاة أبو بكر.
- كيف تعرّفين القارئ العربي على نجاة أبو بكر؟
نجاة أبو بكر من مواليد عام 1963، من قرية عرابة في قضاء جنين. أنا إنسانة فلسطينية، كوّنت شخصيتها وثقّفتها بقدراتها الشخصية بالدرجة الأولى، وبإحساسها بأنها يجب أن تكون امرأة مميزة دائماً. وعندما كنت صغيرة في المدرسة، كانوا يسألونني ماذا سأدرس عندما أكبر؟ وكنت أجيب أنني أرغب في دراسة القانون وعلم الإجتماع.
- هل كانت عائلتك مشجّعة لطموحاتك؟
التحقت بالجامعة بعد معاناة طويلة مع أهلي. فكنت أول فتاة في العائلة تدرس في الجامعة. وكنت أتعرض بعد أي تظاهرة أو أيّ اعتقال للتهديد من أهلي بأنهم سيرغمونني على ترك الجامعة. وأنهيت الجامعة. وكانت أول قضية تعرّضت لها هي أن والدي لم يكن يعرف أنني أدرس علم إجتماع - فرع صحافة، وقضيتي الثانية أن أبي لم يكن يعرف أنني مشاركة في العمل السياسي، وعلم بعد أن تعرّضت لمرتين للضرب و الإعتقال والتعليق من يدي على جدران غرف التحقيق في سجون الإحتلال الإسرائيلي.
- كنت مسؤولة مجلس الطلبة طوال فترة وجودك في «جامعة النجاح الوطنية». حدثينا عن ذلك؟
كان هناك استغراب أن نجاة ابنة القرية جاءت من جو صعب جداً إجتماعياً، وطوال الأربع سنوات في الجامعة كنت منتخبة في مجلس الشبيبة للجامعة، وكنت باستمرار أحصل على أعلى الأصوات بين الشباب والبنات. في الجامعة عملت على تأسيس صندوق للطالب المحتاج.
- أنت مطلّقة حالياً، لماذا اخترت الطلاق من زوجك رغم أنك ارتبطت به عن حب؟
يبدو أن كل رجالنا في المجتمع العربي للأسف الشديد لا يتحمّلون امرأة مميزة، لا يوجد رجل عربي يتحمّل حراك امرأة صاحبة نظرية وجود للبشرية، لا يوجد رجل يتحمّل امرأة تستطيع أن تكون أفضل منه في أعين الناس. لم أسعَ لكي أكون أفضل منه إطلاقاً، والدليل على ذلك أنه عندما كان في السجن، كنت أتدرّب على قيادة السيارة. وعندما خرج شعرت بأن نظرات المجتمع ستكون سلبية لي إذا قدت سيارة وهو لا، وأوقفت تدريبي ودرّبته بدلاً مني، وعندما كنت أريده أن يكمل الماجستير شعرت بأنه لا يرغب في ذلك، ولكنني صمّمت على ذلك. ولأن وضعي المالي صعب أسّست جمعية وسجّلته في الماجستير، وأنا من قام بسداد الجمعية. ولكن هذا العطاء، إما يواجه بالنكران، أو يواجه بالحسد ممن يحيطون بالرجل والمرأة، أو بعدم الاستيعاب من الرجل وهذا ما يحدث غالباً. واستمرّت الحياة وأنجبنا ثلاث بنات وولداً. وبعدما أنجبت الولد بدأت الخلافات تتصاعد، وانفصلت عن زوجي. وأهم سبب لطلاقي هو الخوف من أن تكبر نجاة. كانت هذه قصة تخيفه، وكنت أرى في عينيه عقدة الخوف من تميز نجاة، لم يتحدث عنها ولكنني كنت أشعر بها وكانت تقتلني. أنا لا أؤمن بأن الحياة بين زوجين تكون فقط حياة من أجل أن يعيشا لأن المجتمع ينكر طلاق المرأة، ولكنني أتطلّع إلى نجاة وكيف يجب أن تعيش، وأن أمارس اقتناعاتي. مجتمعنا ممكن أن يمارس الرذيلة ولكن لا يمكن أن يؤمن بالطلاق، وأنا أؤمن بالطلاق ولا أؤمن بالرذيلة. ويجب أن تعرف المرأة أنها إذا عاشت مقهورة فستربي جيلاً مقهوراً، وإذا عاشت بعيداً عن القهر فهي تربي جيلاً من الأحرار. كذب الذين قالوا إن الطلاق يدمّر، فإذا كان علاجاً لمشكلة يجب أن نعمل به، ويجب أن لا نستمرّ في مشكلة تراكمية.
- كان هناك قرار من الإحتلال الإسرائيلي بمنعك من العمل، كيف تعاملت مع ذلك؟
لم تقبل أي مؤسسة مني أي طلب وذلك عام 1990، وقررت أن أتحدّى الظرف والإحتلال، وكان عليّ أن أعمل لأنه لديّ أطفال. وكنت على الصعيد السياسي أقول فلسطين سندفع لها ولن نأخذ منها، وفتحت مكتباً صحافياً في نابلس، وكان الأول في فلسطين تقوده امرأة وحدها. لم يكن لدي إمكانات وأخذت خطاً هاتفياً من عند الجيران. وكان عندي مكتب من الخردة وكرسي من البالة، ولا أخجل من ذلك. وانتصرت وأصبحت الرقم واحد في المكاتب الصحافية في الشمال. وبدأ دخلي بخمسين ديناراً شهرياً ووصل إلى ألف دولار. وكنت أحياناً أنام والتلفون في يدي. وأنا أقول من يرغب في الوصول إلى الحقيقة يجب أن يعمل صحافياً، وأنا دائماً أقول الصحافي هو حقيقة، والسؤال معرفة، وخلف هاتين القصتين هناك إنسان رائع.
- لماذا اعتبرت الصحافة السلطة الثانية بدلاً من السلطة الرابعة؟
الصحافي يشعل حرباً وصحافي آخر قد ينهي حرباً. ودائما أركّز على الإعلام، وضرورة أن يكون هناك حضور للمرأة، لأنه لو كان هناك إعلام حقيقي يغطي دور المرأة تحديدا في فلسطين لوجد في كل بيت في قصة وحكاية عن المرأة والعالم كله يشهد للمرأة الفلسطينية، لأنها حالة مميزة وليست حالة بكاء ولا حالة استشهاد ولا حالة فقدان، هي قصة انتصار.
- تعرضت للهجوم كثيراً من حركة «حماس». لماذا؟
تهجّمت علي حركة «حماس» عشرات المرات، وهاجموني تحديداً لأنني متديّنة في الجوهر والمظهر، ومن أسرة متديّنة جداً. ومع ذلك «حماس» كان لا يزعجها إلا الصوت المنادي بصوت ديني منفتح. وأقول من يريد أن يحرج «حماس» فليتحدث في الدين لأن «حماس» لديها انحرافات دينية خطيرة، ومردها فقهاء البورصة، بورصة الفتاوى، التي يقودها بعض المشايخ الذين يتقاضوا مقابل الفتوى 20 ألف دولار.
- انتخبت في العام 2006 عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني، حدثينا عن ذلك؟
أهمّ قضية كانت حاضرة في ذهني هي قضية المرأة والفقراء والطلبة، وهذا همّي الذي أعمل له ليل نهار، وإضافة إلى سيدة قلبي وأفكاري فلسطين الحبيبة.
- ما رأيك في وضع المرأة في قطاع غزة؟
مؤلم جداً، ويدخلني في مرحلة البحث طويلاً، ماذا يجب أن نعمل للمرأة في ظل هذا الاستبداد الاجتماعي المغلّف بسيف الدين والدين براء منهم؟ وفي هذه الفترة أقول لسيدتي المرأة الغزاوية حماك الله، وأنت وقود لهذه الأزمات التي يعيشها المجتمع الفلسطيني، وأتلقّى يومياً عشرات المكالمات من نساء غزة بسبب وضعن الاقتصادي، وأعتقد أن المرأة في غزة يجب أن تحصل على جائزة نوبل للسلام عن الصمود الذي تعيشه في قطاع غزة. ولو كانت الطريق مفتوحة لكنت ألان في غزة أشارك النساء مصابهن.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024