في الامارات: نواعم على دراجات ناريّة
.فتيات في الإمارات يرتدين الشيلة والعباية ومعها أحدث وأرقى خطوط الموضة العالمية، وتفوح منهن روائح أرقى أنواع العطور في المساء. ولكنهن في الصباح يرتدين زياً عسكرياً ويحملن سلاحاً ويركبن درجات ويظهرن قدرات فائقة في الحزم وأداء متطلبات العمل الأمني.
هؤلاء لسن بالطبع كل بنات الامارات، وإنما أعضاء فرقة تكونت حديثاً في شرطة دبي خرجت من رحم فريق الشرطة النسائية لحماية الشخصيات المهمة.
ست فتيات تم اختيارهن بعناية ووفق مواصفات محددة أهمها اللياقة البدنية وإجادة اللغات والقدرة الفائقة على الرماية، ليكونّن نواة أول فرقة لقيادة الدراجات النارية لحراسة الشخصيات المهمة من النساء.
دبي-«لها»
عن تأسيس الفرقة التي تعد الأولى من نوعها في المنطقة العربية قال الفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي إن فكرة تأسيس فريق الدرجات من الشرطة النسائية جاءت بعد النجاح الكبير الذي حققته فرقة حماية الشخصيات المهمة من النساء في كل المهمات التي أوكلت اليها.
وأشار الى أن مرافقة الدراجات النارية في تلك المواكب كانت مقتصرة على الرجال من العسكرين، ولكن تبين أن وجود الرجل في موكب حماية شخصية نسائية كبيرة فيه تناقض بعض الشيء، «كما أن الفتيات لدينا من ذوات القدرة الكبيرة على العمل وتحمل المشاق، بل ولديهن القدرة المهارية الفائقة على حمل السلاح والتعامل مع مختلف المواقف».
وأوضح أن دورهن السابق كان حماية الشخصيات النسائية المهمة التي تزور الدولة عن طريق المرافقة الأمنية وحمل السلاح تحسباً لوقوع أي مكروه، أما اليوم ومع وجود الفريق الجديد فازدادت الاختصاصات وأصبحن يقدن الدراجات النارية ويستخدمن الذخيرة الحيّة إذا تعرّض الموكب لهجوم.
وأضاف أن هذا الفريق هو الأول من نوعه في المنطقة على مستوى الأجهزة الأمنية، لافتاً إلى أن وجود فرق شرطة نسائية بالطرق التقليدية لم يعد هدف شرطة دبي بل الهدف إمكانية المرافقة في الحماية الراكبة والراجلة اللصيقة، وهذا الفريق من الشرطيات تمّ تدريبهن على الحماية في مختلف الأوضاع والظروف، وتدرّبن في الطرق والشوارع على طرق التصرّف إذا تعرض موكب الشخصية لأي هجوم لا قدّر الله، إضافة إلى تدريبهن على فنون وعمليات المداهمة والاقتحام وتحرير الرهائن والقبض على الخاطفين.
شروط ومواصفات
من جانبه، قال اللواء محمد عيد المنصوري مدير الإدارة العامة لأمن الهيئات والمنشأت والطوارىء إن هناك زواراً للإمارة من الشخصيات النسائية المهمة، ولذلك اختير عدد من الشرطيات لإشراكهن في دورة تدريبية على قيادة الدراجات النارية وذلك بناءً على رغبة من جانبهن. وتكوّنت مجموعة فتيات تنطبق عليهن كل الشروط المطلوبة من حيث اللياقة البدنية والوزن والسن. والتحقت بدورة تدريبية لمدة ثلاثة أشهر تمكّن خلالها من اجتياز كل التدريبات العملية الخاصة بممارسة هذا العمل الميداني، أي قيادة الدراجات النارية بالسرعة والخفة المطلوبتين، إضافة إلى إجادتهن لحمل السلاح وطرق التعامل معه في المواقف التي تتطلّب استخدامه، الى أن تمّ أخيراً تخريج هذه الفرقة كباكورة لفرق تالية تعمل في المجال نفسه.
وأشار المنصوري إلى أن هؤلاء الفتيات مسلحات بالمسدّسات ومدرّبات في الوقت نفسه على كل أنواع الأسلحة، إلى جانب تدريبهن على قيادة الدراجات بمهارات عالية ومدربات أيضاً على التايكواندو والملاكمة والكاراتيه.
وأضاف أن طبيعة عمل الفتيات في هذه الفرقة تتمثّل في وجود اثنتين منهن على الدراجة النارية، إحداهن للقيادة والثانية لإحاطة الضيفة بكل أشكال الحماية، مؤكداً أن أعضاء فريق حماية الشخصيات المهمة من النساء يجدن لغات عدة للتعامل مع أي شخصية تأتي من أي بلد من أنحاء العالم.
حب المغامرة
في لقاء مع عضوات الفرقة للتعرّف إلى كيفية ممارستهن لعملهن تحدثن عن مدى تأثير هذا العمل في حياتهن الشخصية وطموحاتهن واسلوب الحياة التي يعشنها في يومهن.
كانت البداية مع الرقيب فاطمة سعيد البالغة (25 عاماً) وهي ذات جسم نحيل بعض الشيء، إلا أنها بزيّها العسكري تعدّ مثالاً للجسم المطلوب لهذه المهمات.
تقول: «انضممت للعمل في سلك الشرطة منذ كان عمري 21 عاماً رغم معارضة أهلي في البداية، والتحقت بدورة تأسيسية لمدة 6 أشهر في أكاديمية شرطة دبي، اكتسبت خلالها خبرة ومعرفة في الفنون العسكرية الشاملة من رياضة وكونغ فو ورماية وعمليات الإنزال من الطائرات ومن فوق الأبنية، وخلافه من التدريبات العسكرية الشاقة. والحمدلله اجتزت الدورة بنجاح واقتدار وانضممت للعمل في فرقة حماية الشخصيات النسائية».
وأضافت أنه منذ أشهر عدة تمّ الإعلان عن تأسيس فريق الدراجات من الفتيات «فسارعت إلى الانضمام إليه لرغبتي في خوض كل ما هو جديد وحبي الشديد لروح المغامرة. وقبلوني لأني الشروط المطلوبة تنطبق عليّ ومنها اللياقة البدنية وسرعة التصرف في المواقف الصعبة وإجادة الرماية» وتؤكد فاطمة أن عملها يبعد عن الروتينية وتعتبر السلاح في يديها أمانة، ورغم عملها في مهمات تعد صعبة لم تتوانَ عن استكمال دراستها في كلية الطيران لدراسة «البيزنس».
وعن أهم الشخصيات التي رافقتها خلال عملها قالت: «كنت من المرافقات للراحلة بنازير بوتو قبل وفاتها بأيام عدّة، وكنا حريصات عليها جداً لأننا كنا نعلم ان حياتها مهددة بعد تعرضها لمحاولة اغتيال في بلدها. ورافقت أيضاً ابنة جورج بوش والعديد من الرياضيات العالميات والمطربات الشهيرات».
الدرع الواقية
مريم أحمد إحدى «بطلات» فريق الدراجات النارية تبلغ من العمر 28 عاماً. التحقت بالعمل في شرطة دبي في العام 2005. وتؤكد أن التحاقها بفريق الدرجات جاء بناءً على رغبة منها لأنها تعرف جيداً أن أي شرطية لا بد ألا تخجل من أي عمل تقوم به، وأن المبادرة لكل مجال جديد هي دليل ثقة بالذات قبل كل شيء. ونفت أن يكون عملها يشبه عمل «البودى غارد»، مؤكدة أنها وزميلاتها يعتبرن دروع حماية ومدربات على كل فنون الحماية لأي شخصية.
وأوضحت مريم أن فريق حماية الشخصيات يشكل الدرع الأولى في حماية الشخصية، ولذلك لا بد أن يكون مدرباً تدريباً جيداً على استخدام السلاح وعمليات الإنقاذ وسوى ذلك من المتطلبات الخاصة بحماية الشخصية.
وأشارت إلى أن الدراجات حجمها كبير عليهن، لذلك يكون كل التركيز على مشط القدم أثناء القيادة، ولكن بحرفية كبيرة جاءت من خلال التدريبات العملية التي قمن بها خلال الدورة التدريبية، لافتة إلى أن هناك تدريبات تكميلية يقمن بها حالياً حول عملية انقاذ شخصية داخل مبنى تعرّض لإنفجار سيارة فيه، وبالتالي التدريب على محاولة إخراجها من هذا المبنى بالدراجة النارية، مشيرة الى أن هذه الوضعية تتطلّب وجود 3 شرطيات على الدراجة، ويقوم على عمليات التدريب خبراء وخبيرات من فرنسا.
وتشير مريم الى أن يومها يبدأ في السادسة صباحاً بإجراء التدريبات الرياضية الميدانية لمدة ساعتين، ومن ثم الفطور ومن بعدها محاضرات نظرية على بعض المهمات، وإذا كانت هناك تكليفات بمهمات خارجية يقمن بها، أو يواصلن التدريبات على الرماية أو الكاراتيه أو خلافه.
وأضافت أنها لاعبة كرة يد في النادي الأهلي في دبي، الى جانب التحاقها بعدد من دورات اللغة الانكليزية والألمانية. ورغم وظيفة مريم التي تتطلّب الجرأة والتعامل بشجاعة مع الظروف، فإنها خجولة للغاية ورفضت الوقوف أمام كاميرات التصوير، ولم تسمح بتصويرها إلا بعد وضعها قناعاً أخفى وجهها كاملاً ماعدا العينين.
«عائلتي شرطية»
فتاة الدراجات النارية الثالثة هي نعيمة جمال التشكري البالغة من العمر 21 عاماً. تقول: «أنا من عائلة شرطية، فوالدي كان شرطياً وأختي تعمل في سجن النساء في دبي». ولديها 11 شقيقاً وشقيقة.
تضيف: «التحقت بالعمل في جهاز الشرطة منذ عام و9 أشهر، وتابعت دورة تخصّصية للشرطة النسائية، ثم قررت الالتحاق بفرقة الدراجات فور الاعلان عنها لانني أهوى ركوب الدراجات وأحب التحدّي بشكل عام».
وأكدت أن أهلها شجعوها على أن تكون في اول فرقة تخصص لهذا العمل في المنطقة رغم الأخطار. وشددت على أنها تحب عملها ولن تتخلّى عنه مهما كانت الظروف، حتى إذا جاءها عريس وطلب منها ذلك، وروت أنها تعرضت أثناء التدريب للوقوع أكثر من مرة عن الدراجة إلا أنها أصبحت تتمتّع بالخبرة والشجاعة ولم تعد تتعرّض لمواقف مماثلة.
وتشير إلى أن يومها يبدأ في السادسة صباحاً بالتمارين الرياضية والسير في الميدان، ثم الفطور مع باقة عضوات الفرقة ثم الدروس الرياضية والمحاضرات أو تدريبات ميدانية على الرماية او المشاركة في مهمات ميدانية.
ورغم طبيعة عملها، فإن أمنيتها هي أن تمتلك دراجة نارية خاصة بها تقودها وتتنزه بها في أوقات فراغها!
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024