بعد أن شغلت الناس ووسائل التواصل الاجتماعي ميشال حجل تتحدث بإيجابية لافتةً قبيل سفرها لتلقي العلاج: لم أتوقع أبداً أن يتعاطف الجميع معي وأزعجتني بعض التعليقات
شغلت ميشال حجل وسائل التواصل الاجتماعي والناس جميعاً. وكثر تساءلوا عن أسباب هذا الحشد والتعاطف غير المسبوق معها. أياً كانت الأسباب، لا يمكن أن ننكر أنه في حالة ميشال طغى الجانب الإنساني دعماً لهذه الشابة التي لم تضعف أمام المرض، بل واجهته بشراسة، لكن بضحكة وإيجابية. كما أتت وسائل التواصل الاجتماعي لتلعب دوراً إيجابياً غير متوقع هذه المرة في مساعدة ميشال على إيصال رسالتها. قبيل سفرها للخضوع للعلاج، تتحدث ميشال بحماسة بعيداً من الخوف والقلق، لا لاقتراب موعد سفرها بل لتعاطف الناس الكبير الذي لم تتوقعه أبداً عندما خطت هذه الخطوة الجريئة.
- كيف اكتشفت إصابتك بالمرض؟
في بداية العام الحالي عانيت سعالاً جافاً مع تعرّق ليلي وألم في الصدر. لكنني لم أعِر الأعراض أهميةً لاعتبارها عادية وقد تكون ناتجة من إصابتي بالإنفلونزا. لكن في أحد الأيام عانيت هبوطاً في ضغط الدم فيما أنا لطالما كانت مناعتي قوية ونادراً ما أُصاب بالإنفلونزا أو أمرض. لذلك قررت زيارة الطبيب الذي أخضعني للفحوص الطبية الشاملة، والتي تبين فيها إصابتي باللمفوما من نوع Non Hodgkins. كنت في المرحلة الرابعة من المرض، لأنه كان من النوع الشرس حيث تقدّم خلال شهر بمعدل كبير. عندها بدأت بتلقّي العلاج الصارم مع مطلع العام. كان تجاوبي ممتازاً مع العلاج الذي أنهيته خلال 6 أشهر وشُفيت تماماً. لكن بعد ذلك تبين في الفحوص الطبية أن المرض قد عاد مجدداً وبسرعة كبرى.
- ما الخطوة التي قررت القيام بها عندها؟
عندما اكتشفت عودة المرض، فكرت باللجوء إلى جراحة زرع النخاع الشوكي، لكن قبلها كان من المفترض اللجوء إلى العلاج الكيميائي فتبين بعد أن بدأته أن المرض قد تطور فكان رد الفعل معاكساً، وهذا يحصل نادراً.
- هل كان سفرك وعلاجك خارجاً الحل الوحيد المتوافر؟
ثمة اختيارات أخرى كانت متاحة في لبنان لكنها ليست مضمونة النتائج، بل على العكس فرص التجاوب معها كانت قليلة... كانت كلّها بمثابة تجربة. اقترح عليّ طبيبي اللجوء إلى علاج مخصص لحالتي في الولايات المتحدة الأميركية يُظهر نتائج مذهلة ولكنه مكلّف جداً. لم يكن في مقدوري دفع هذا المبلغ الكبير فقررت السفر إلى أميركا علّني أشارك في التجارب العيادية فأسجل اسمي بتكلفة أقل. سافرت فعلاً واستشرت طبيباً هناك أكد لي أن هذا العلاج هو الحل الأفضل للشفاء من المرض. فتّشت كثيراً عن تلك التجارب، لكن الضغط عليها كان كبيراً لكثرة الطلبات. عدت إلى لبنان علّني أجد حلاً وأحاول جمع مبلغ يسمح لي ولو بالمشاركة في التجارب العيادية للعلاج.
- كيف فكرت بالقيام بهذه الحملة الواسعة في ظل وجود أعداد هائلة من المرضى الذين قد لا يجدون من يساعدهم؟
أنا أصلاً كنت ناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنذ بداية إصابتي بالمرض كنت قد أعلنت عن إصابتي وعن مكافحتي للمرض. كما نصحني طبيبي بالسعي إلى جمع المبلغ من خلال المساعدات. اتّصلت بالتلفزيونات للمشاركة في البرامج التي تعمل على جمع المساعدات لحالات معينة.
- هل كنت تتوقعين أن تؤثري في هذا الكم الهائل من الناس وأن تجدي كل هذا التجاوب منهم؟
في الواقع فوجئت كثيراً بردود الفعل، ولم أكن أتوقعها أبداً. وجدت الكل يتصل بي ويسألني عن طرق المساعدة. كان الأمر مفاجئاً لي بكل صراحة.
- في رأيك، ما أسباب هذا التجاوب الهائل الذي وجدته من الناس؟
لم أكن أعرف السبب، لكن البعض أكد لي أن إيجابيتي وقوتي ساهمتا في تجاوب الناس وتعاطفهم معي، فلم أقصدهم من موقع ضعف ويأس، بل على العكس كنت قوية وأظهرت رغبتي في مكافحة المرض بشراسة وإيجابية أياً كانت الظروف. قد يكون هذا السبب الأساس لتعاطف الناس الكبير معي.
- هل تعتقدين أن كونك من الوجوه المعروفة وشاركت في مسابقة ملكة جمال لبنان حيث وصلت إلى مرحلة التصفيات النهائية، ساهم في ذلك أيضاً؟
عندما أعلنت عن إصابتي لم أذكر أنني كنت من المشتركات في المسابقة، لكن وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي سلّطت الضوء على هذه الناحية.
- هل تعتقدين أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً إيجابياً في قضيتك؟
لولاها لما استطعت أن أحقق شيئاً. هي لعبت الدور الأساس في حالتي لأحقق هذا الانتشار الواسع وأصل إلى هذا الكم الهائل من الناس. وأشير هنا إلى قريبتي التي حجزت فيلم “كفرناحوم” وجمعت ريعه لعلاجي، فكانت هذه البداية التي تلتها حفلات نُظّمت من أجلي.
- هل كنت إيجابية من البداية واتخذت قرار مكافحة المرض؟
كنت قوية وإيجابية من البداية وسعيت إلى الخطوات المقبلة التي تسمح لي بمحاربة المرض.
- تمت خطوبتك قبل أسبوعين من اكتشاف مرضك، هل أشعرك ذلك باليأس؟
من الطبيعي أنني حزنت في البداية، لكنني انتقلت مباشرةً إلى النواحي العملية لمحاربة المرض. كما فكرت في الأطفال الذين سأُرزق بهم بعد الزواج واتخذت الخطوات الوقائية اللازمة. لكن أعتقد أن حالتي قرّبتني أكثر من خطيبي الذي وقف إلى جانبي وكان وفياً ولم يتخلَّ عني للحظة بعكس ما يحصل في كثير من الحالات. اكتشفت عندها كم يحبني.
- هل تشعرين بالخوف والقلق مما قد تواجهينه عند سفرك؟
حتى الآن أتمنى أن تحصل أعجوبة فلا اضطر إلى الذهاب فأتبرع بكل المال الذي جمعته للناس المحتاجين. كما أن العلاج صعب سيتم فيه سحب الكريات البيض من دمي والعمل عليها بطريقة ما ثم تُعاد قوية إلى جسمي لتتصدّى للمرض. ونسبة الشفاء في هذا العلاج تصل إلى أكثر من 80 في المئة. ونوع مرضي هو الأكثر تجاوباً مع هذا العلاج.
- هل تتبعين اليوم خطوات معينة في حياتك؟
كوني اختصاصية تغذية، أتخذ بعض الإجراءات كالحد من تناول اللحوم والسكريات والتركيز على الخضر والفاكهة، إضافة الى النوم بمعدل كافٍ والراحة.
- ما أكثر ما أثّر فيك في هذه المرحلة؟
حزن العائلة وقلقهم عليّ بشكل أساس لأنني معتادة على جلب الفرح إلى العائلة لاعتباري إيجابية جداً. أزعجني حزنهم الشديد وحاولت أن أقوّيهم قدر الإمكان فنجحت في ذلك، وتخطّوا هذه المرحلة.
- هل تلقيت مساعدة معينة من أحد فاجأتك أكثر من غيرها؟
فاجأني دعم الجميع لي من دون استثناء، ولم أكن أتوقع ذلك. كما أشير إلى أن وزارة الصحة اللبنانية قدّمت لي مساعدة من ضمن المبالغ التي تخصصها لدعم الحالات الاستثنائية.
- هل من تعليق معين أزعجك؟
أزعجتني التعليقات التي أشارت إلى أن مساعدتي تتم فقط لأنني شاركت في مسابقة ملكة جمال لبنان، أو لأنني جميلة في مقابل كثر يحتاجون إلى المساعدة. شخصياً، أشجع كل من يحتاج إلى طلب المساعدة في سبيل مكافحة المرض.
الاختصاصية في المعالَجة النفسية شارلوت خليل: “ميشال دخلت القلوب بقوّتها وإيجابيتها”
- إلامَ يشير لجوء ميشال إلى كل هذه الوسائل للتغلب على مرضها، استناداً إلى علم النفس؟
من المؤكد أن اتخاذ ميشال قرار اللجوء إلى كل هذه الوسائل المتاحة بالتعاون مع الناس أجمعين لمحاربة المرض بهذه الطريقة، لم يكن سهلاً عليها ويدل على قوّتها ومدى تعلّقها بالحياة وعدم رغبتها في الاستسلام للمرض والموت انطلاقاً من غريزة الإنسان الطبيعية وتمسكه بالحياة.
- أي سر يكمن في تعاطف الناس الكبير مع ميشال؟
في السنوات الماضية ارتفعت معدلات الإصابة بالسرطان وشعر فيها الإنسان بازدياد الخطر وبأنه مهدد بالإصابة به، مما زاد من تعاطف الناس مع ميشال ومساعدتها وكأنهم بهذه الطريقة ينتصرون بأنفسهم على المرض والموت الذي يطاول الجميع. هم بمساعدة ميشال يحاربون المرض الذي يبقى هاجسهم وإن بطريقة مختلفة. من جهة أخرى، تبقى ميشال من الوجوه المعروفة نسبياً، ومشاركتها في مسابقة انتخاب ملكة جمال لبنان ساهمت في تأثرهم بقضيتها لاعتبار أن المرض يؤثر أولاً في الشكل، وجميعنا نعرف علاقة المرأة مع جسمها وشكلها وتأثرها الزائد بكل ما يصيبه. فإذا أردنا مقارنة صور ميشال اليوم بعد إصابتها بالمرض وخضوعها للعلاج، وصورها يوم شاركت في مسابقة انتخاب ملكة جمال لبنان، نلاحظ هذا الاختلاف الكبير والواضح في شكلها ومظهرها. هذه الصور تدعو الناس إلى التعاطف مع ميشال.
- إلى أي مدى لعبت أيضاً شخصية ميشال وإيجابيتها دوراً في التأثير في الناس وتعاطفهم معها وسعيهم لمساعدتها؟
من الواضح أن شخصية ميشال القوية لعبت دوراً أساسياً أيضاً في حشد الناس لمساعدتها. فهي تتميز بقوة الشخصية والإيجابية، مما أثّر في الناس. وفي مختلف البرامج التي استضافتها، ظهر واضحاً للمجتمع أن هذه الشابة الناعمة والجميلة لا تريد الاستسلام للمرض وتنوي مصارعته وحدها. لذلك كان طبيعياً ألا يقف الناس مكتوفي الأيدي أمام هذا المشهد فقدّموا الدعم لها فيما لم تظهر هي يوماً ضعيفة تستجدي شفقة الناس. لا أحد يقف من دون حراك أمام هذا الصراع بين الحياة والموت، خصوصاً إذا طاول هذا الصراع من دخلت القلوب بقضيتها وشخصيتها وأسلوبها وصورتها.
- إلى أي مدى يمكن أن تتشابه قضية ميشال مع قضية الفنانة إليسا؟
الفارق هنا أن صراع ميشال مع المرض كان علنياً، بحيث أعلنت من اللحظة الأولى عن مواجهتها للمرض وعن صراعها معه. أما في حالة الفنانة إليسا فكان صراعاً صامتاً إلى أن اتخذت قرار الإعلان عن أنها تخطت هذه المرحلة الصعبة. في المقابل، من المؤكد أن صراع إليسا مع المرض أمّن الدعم لكل امرأة تحارب السرطان، لكنها في النهاية صارعت المرض بمفردها إلى أن أعلنت عنه وعن إمكان الانتصار عليه كما فعلت هي فأعطت صورة قوية تشكل مثالاً. أما ميشال فدعت الناس إلى الوقوف إلى جانبها ودعمها في محاربة المرض. كما سمحت لهم من خلال هذه الحملة بأن يشاركوا وألا يكونوا سلبيين، وأن يواجه كل مريض مرضه بجرأة مماثلة. هي أيضاً من دون شك مثال للإيجابية والقوة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الأول 2024