أول مدرّبة في مصر للتعافي من آثار الطلاق شاهندة سعد: Divorce Coach حفلات الطلاق والخلع تدل على انعدام الوعي لدى النساء
نجحت الشابة الثلاثينية شاهندة سعد في ترسيخ اسمها كأول مدرّبة للتعافي من آثار الطلاق divorce coaching في مصر، ولم تكتف بذلك، بل أطلقت مبادرة “تقدري” التي تهدف الى إعادة تأهيل المطلّقات حتى يصبحن قادرات على مواجهة المجتمع والانخراط فيه، مستمدةً قوتها من تجربتها الشخصية في الطلاق، وقدرتها على التعافي من فقدان الزوج، واستكمالها رحلة الحياة بصحبة طفليها، فكان لـ”لها” معها هذا الحوار.
- في البداية، من هي شاهندة سعد؟
أنا شابة ثلاثينية، تخرجت في كلية التجارة وعملت محاسبة، وانفصلت عن والد أطفالي منذ ثماني سنوات، وبعد الانفصال غيّرت مجال عملي ودرست meta coaching وحصلت على ماجستير، كي أساعد نفسي في التعافي من الفقد، وأقدر على مواجهة المجتمع الذي يلقي على عاتقي وحدي فشل زواجنا، ونجحت فعلاً في الخروج من محنتي هذه وتحدّيت المجتمع وعاودت الانخراط فيه، وبالتالي صرت أساعد النساء اللواتي في مثل ظروفي، من خلال إخضاعهن للـ life coaching للتعافي من الفقد والتخلص من العلاقات السيئة، وهو ما يُطلق عليه divorce coachin g.
- وما الفارق بين الـlife coaching والـ divorce coaching؟
الفارق يكمن في التخصص، حيث إن الأول مجال عام يتضمن تخصصات مختلفة مثل الصحة أو العلاقات العامة أو ترميم العلاقات الزوجية أو “البزنس”، أما divorce coaching فأنا أول مصرية تخوض هذا المجال وتتخصص فيه، وفتحت الطريق لبعض الزملاء ليسلكوه من بعدي.
- ومتى يمكن المطلّقة أن تطلب المساعدة من divorce coaching؟
بشكل عام، سواء كان طلاقاً أو فسخ خطوبة، على المرأة أن تطلب المساعدة بعد فشل التجربة، حتى لو شعرت بأنها في حالة جيدة، لأن المجتمع الشرقي يضغط على المرأة ويحمّلها نتائج فشل العلاقة الزوجية، والفقد بشكل عام مؤلم، البعض يتخطّونه بسرعة، وآخرون يستغرقون في تجاوزه وقتاً طويلاً تتخلله نوبات من الاكتئاب. في هذه الحالة يأتي دور الـdivorce coaching للإسراع في عملية التعافي، للخروج من دائرة الحزن بسرعة، بدلاً من الدخول في دوامة المعاناة، الذي يختاره الإنسان من دون وعي.
- ما هي أعراض الفقد التي تتطلب المساعدة؟
الشعور بالاكتئاب، الإحباط، وعدم القدرة على مواجهة المجتمع. وتختلف حدّة الأعراض باختلاف شخصية المرأة والأسلوب المتبع في الانفصال، فكلما كان أسلوب التعاطي مع المطلّقة حضارياً، بدت أكثر استقراراً من الناحية النفسية. لكن في المجمل، كل امرأة بحاجة إلى المساعدة إثر الفقد، علماً أن الفقد لا يقتصر على الشريك فحسب، بل يتمثّل أيضاً في موت شخص عزيز أو خسارة وظيفة أو فقد الإنسان احترامه لنفسه بعد موقف ما... كل هذه الحالات تفرض على الشخص طلب المساعدة من متخصص للتعافي منها، وتلافياً للانسياق وراء الاكتئاب.
- بمناسبة الحديث عن الاكتئاب، ما الفارق بينك وبين الطبيب النفسي أو المعالج النفسي؟
الطبيب النفسي متخصص في الأمراض النفسية المتعلقة بكيمياء الجسم والمخ. وعلى الرغم من معرفتي بتلك الأمراض، أجدني لا أتعامل معها أبداً، فبمجرد ملاحظتي أن المريض يعاني أعراضاً تتطلب تدخلاً طبياً، أحوّله فوراً الى طبيب نفسي. أما المعالج النفسي فعمله تحليلي يقتصر على “الفضفضة”، وقد يقدم أحياناً استشارة من خلال خبراته، بينما “اللايف كوتشنغ” له مسمّيات كثيرة، منها مثلاً علم النفس الإيجابي، وفي تقنية التعامل أنا لا أقدّم حلولاً، بل أجعل المريض يتعرف على مشاعره ويجد الحل بنفسه من خلال الجلسة العلاجية التي تجمعنا، ذلك أن الحلول المطروحة لا تناسب الجميع، فلكل فرد شخصيته التي تميّزه عن الآخرين، وبناء على ذلك أساعد المريض في التعرف على ذاته عن قرب، كي ينجح في الوصول إلى الحل الذي يناسب شخصيته، ويصبح أقوى في التعامل مع الحياة.
- أطلقت أخيراً مبادرة “تقدري”، ما الهدف منها؟
رغم إيماني بأن مشاعر الفقد تصيب كلاً من الرجل والمرأة، أرى أن الرجل أسرع في التعافي، لذا أطلقت “تقدري” كمبادرة نسوية لتأهيل المرأة المطلّقة نفسياً واجتماعياً لتتعافى من الفقد من طريق رفع مستوى وعيها الفردي، إضافة إلى إعادة تأهيلها تربوياً كي تنجح في تربية أولادها على الأسس السليمة، وتقديم الدعم القانوني لها، ففي مصر أربعة ملايين مطلّقة، أسعى إلى تأهيلهن ليصبحن قادرات على الانخراط في المجتمع والعيش باتزان.
- لماذا خصّصت مبادرتك للمرأة المطلّقة في وقت تؤكدين فيه أن التعافي من الفقد لا يقتصر على الطلاق وحده؟
لأن الإحصاءات تُظهر حدوث 250 حالة طلاق يومياً، وبلغ عدد المطلّقات أربعة ملايين امرأة، أنجبن تسعة ملايين طفل، فضلاً عن 14 مليون قضية طلاق في المحاكم، أي أننا نتحدث عن قضية أمن قومي، خاصة أن نسبة الطلاق في الخمسينيات كانت سبعة في المئة، وأصبحت اليوم 47 في المئة.
- وما هي محاور المبادرة؟
العمل على إعادة تأهيل المرأة المطلّقة، إعادة تعريف “الست المطلّقة” في الفهم الذكوري للمجتمع، دعم المرأة المطلّقة في تربية أولادها من دون أب في المنزل، عرض تجارب واقعية للنجاح ما بعد الطلاق، محاولة توفير فرص عمل لها من خلال التواصل مع المؤسسات المعنية بذلك، “كامب تقدري” وهو مشروع جديد خارج القاهرة تنضم إليه المطلّقة لأيام عدة حتى تتمكن من بدء حياتها من جديد، برامج نفسية وعلمية وعملية لإعادة التأهيل، ندوات توعية بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة، كتاب “تقدري” وهو يتضمن تعاليم لاتباع النهج السليم في مرحلة ما بعد الطلاق، توعية قانونية بحقوق المرأة المطلّقة وكيفية التعامل معها.
- ما أهم التحديات التي تخوضها المطلّقات بشكل عام؟
هي بالطبع التحديات الاجتماعية التي تتمثل في نظرة المجتمع الى المرأة المطلّقة، وكم الانتهاكات التي تتعرض لها في المجتمع العربي، أما التحدي الأبرز الذي تواجهه المطلّقة في مصر فهو عدم التمكين الاقتصادي، إذ كثيراً ما يرفض الزوج الإنفاق على أطفاله بعد الطلاق، فتضطر المطلّقة للعمل لإعالة أولادها.
- في رأيك، هل لا يزال الطلاق وصمة عار في جبين المرأة؟
يمكننا القول إن الوعي زاد في الفترة الأخيرة، واعتاد المجتمع على المطلّقات وأصبح أكثر تقبّلاً لهن، مع بعض الاستثناءات التي تتمثل في النظرة الدونية الى المرأة المطلّقة.
- وما سبب ازدياد نسبة الطلاق المبكر؟
الأسباب كثيرة، لكن يمكننا اختصارها في سببين: الأول وهو عدم وعي الطرفين بمنظومة الزواج نفسها، فالرجل ليس مسؤولاً عن الأسرة بالقدر الكافي، والمرأة لا تعي دورها كزوجة وأم. أما السبب الثاني والأهم فهو انتفاء قدسية الزواج، بحيث يصبح من السهل على كل طرف التخلّي عن مسؤوليات الزواج، ولا يحاول بذل أي جهد للإبقاء على هذا الرباط المقدّس.
- بما أن الـdivorce coaching مهنة جديدة على المجتمع العربي، هل تُتّهمين بالتشجيع على خراب البيوت؟ وما الانتقادات التي تواجهينها؟
ربما أُتّهم بالمساعدة على هدم البيوت، لكن حتى الآن لم أواجه أي انتقادات في عملي، والسبب حين تستشيرني إحدى الزوجات في الطلاق وأرى احتمالاً لإنقاذ الزواج، أوجّهها لتقويم العلاقة وحلّ المشاكل.
- هل يختلف تأهيل المطلّقات من حالة الى أخرى؟
نظراً للفروق الفردية واختلاف الشخصيات، نجد امرأة قوية بطبيعتها وقادرة على التحمّل، وأخرى ضعيفة. ويختلف التأهيل أيضاً باختلاف طبيعة العلاقة الزوجية، فهناك امرأة ترى أنها نجت بنفسها من تلك العلاقة فتكون أسهل في التأهيل من تلك التي ترى نفسها ضحية وتكبّدت خسائر فادحة.
- حفلات الطلاق والخلع بدأت تنتشر بشكل ملحوظ، فما رأيك فيها؟
أراها انعداماً للوعي، وكيداً من المرأة للرجل، وتحاول من خلالها المطلّقة أن تثبت أنها قوية ولم تتأثر.
- وما هي مشاريعك المقبلة؟
أُعدّ كتاباً للتعافي من الفقد، حتى يصل إلى أكبر شريحة ممكنة من النساء، أوثّق فيه الخطوات التي يجب على المرأة اتباعها حتى تتعافى من الفقد، سواء كان انفصالاً أو فقد شخص عزيز أو موته، وسيكون جاهزاً نهاية العام، كما أحضّر حالياً فيديوات توعوية على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل زيادة الوعي في المجتمع.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024