مأدبا...عاصمة الفسيفساء الأردنية
تقع مأدبا إلى الجنوب من العاصمة الأردنية عمّان على مسافة ٣٣ كيلومتراً منها، وترتفع حوالي ٧٧٤ متراً. ومأدبا اسم آرامي (سرياني)، ورغم ما اكتشف فيها من آثار إلا أن الكثير الكثير لا يزال مدفوناً في جوفها. ويرجع تاريخ هذه المدينة إلى العصر الحديدي الأول (١٢٠٠-١١٦٠) قبل الميلاد.
لعل أكثر ما يبين درجات الحضارة التي شهدتها هذه المدينة الخالدة عدد الكنائس المزينة بالفسيفساء الرائعة التي خلفها لنا البيزنطيون وتعد أهم الكنائس التي عثر عليها وتعود إلى ذلك العصر من أبرز آثار المدينة وعددها عشر كنائس، وتحوي في داخلها أثمن وأروع اللوحات الفسيفسائية في العالم وأهمها خريطة مأدبا الشهيرة التي لا نعلم تحديداً التاريخ الدقيق لها. ويعتقد العلماء أنها تعود الى حوالي عام ٥٦٥ ميلادي. وتشمل الخريطة الأماكن الواقعة بين بيبلوس (جبيل) ودمشق شمالاً إلى ثيبة في مصر جنوباً ومن البحر الأبيض غرباً إلى عمان والبتراء شرقاً. وتحتل مدينة القدس مركز الخريطة، ويقع الشرق في القسم العلوي من الخريطة والغرب في القسم الأسفل منها كما كانت عادة رسم الخرائط في تلك الفترة. وتذكر الخريطة مدناً وقرى مثل أريحا، نابلس، اللد، يافا، أشدود، عسقلان، بيت جبرين، غزة وغيرها. وتصور الحيوانات والنباتات والسمك في نهر النيل والنخيل في أريحا وأسداً يطارد غزالا في سهل مؤاب.
وتشتهر مأدبا بأرضية الفسيفساء النادرة التي تعود الى العهد البيزنطي، في كنيسة الروم الأرثوذكس. هنا يستطيع الزائر أن يشاهد أقدم خريطة أصيلة للأرض المقدسة، يعود إنشاؤها إلى سنة ٥٦٠ للميلاد، وقد بلغت فنون صناعة الفسيفساء ذروة الروعة والاتقان بين القرنين الثاني والسادس للميلاد.
إلى الجنوب من مأدبا، على مسافة تقل عن أربعين كيلومتراً، تقع قلعة مكاور. هنا ألقي يوحنا المعمدان في السجن، ولكن رقص سالومي جعل هيرود يأمر بقطع رأسه وتقديمه هدية لها على طبق. وفي مكاور يشاهد الزائر منظرا بالغ الروعة، إذ ينبسط أمام ناظريه البحر الميت والجبال المحيطة بالقدس.
أما إلى الغرب من مأدبا، وعلى مسافة عشرة كيلومترات، فان منطقة جبل نيبو على طرف الهضبة، توفر مناظر مدهشة للبحر الميت ووادي الأردن. وفي الأيام الصافية يستطيع المرء أن يرى قبة مسجد الصخرة وأبراج الكنائس في مدينة القدس.
وهناك من يعتقد أن النبي موسى دفن في جبل نيبو. وعلى قمة ذلك الجبل بناء أنشأه رهبان الفرنسيسكان لحماية لوحات الفسيفساء الرائعة التي تعود إلى القرنين الرابع والسادس بعد الميلاد. أما مستوطنة أم الرصاص فتقع إلى الجنوب الشرقي من مأدبا على مسافة ثلاثين كيلومتراً. وفي هذا المكان يرتفع برج بيزنطي نحو ١٥ متراً. وكان هذا البرج ملاذاً للنساك الباحثين عن الوحدة. وقد كشفت الحفريات في أم الرصاص كنيسة تعود إلى عصر الأمويين، وفيها أرضية فسيفساء تخلب الألباب بجمال رسومها.
ماذا تشتري من مأدبا؟
السائح في هذه المدينة التاريخية يمكنه أن يستمتع بالصناعات الفسيفسائية، تلك اللوحات والأكواب والتماثيل التذكارية. يمكنه أيضاً أن يأخذ هدايا لأصدقائه من تلك اللوحات مكتوية بأسمائهم.
التجول في مأدبا يرجعك إلى عصور تملؤها الدهشة بالجمال والعراقة، عليك أن تحمل كاميرا التصوير الخاصة بك، لأنك حتما ستسجل لحظات لا تنسى.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024