أغادير المدينة المغربية
عند جنوب شرقي المغرب وعلى شاطئ لؤلؤي تلثمه بلا ملل أمواج المحيط الأطلسي مع كل مد وجزر، تستلقي أغادير المدينة المغربية التي تعرف كيف تجدد سحرها مع كل شروق للشمس، تتسامر مع المحيط فترمي في أعماقه أسراراً لن يعرفها إلا من يغوص في بواطن سحرها، وتلتفت خلفها إلى جبل أطلس الكبير ينقل إليها أخبار القوافل التي تعبر الصحراء الكبرى، متجهة نحو وادي سوس الخصب الذي تتضمخ بعطره أغادير الجميلة.
بدأ تاريخ أغادير في القرن السادس عشر حين بنى البرتغاليون ممراً تجارياً وقلعة" سانتا كروس دو كاب غيه" عام ١٥٠٥ التي كانت محطة بحرية للتوجه نحو الهند. وحرر عام ١٥٤١ محمد الشيخ مؤسس سلالة السعيدي المالكة المدينة من البرتغاليين، وجاء ابنه بعد ٣٠ عاماً وشيد قلعة كاباش المشرفة على المحيط الأطلسي من أجل المراقبة ومنع البرتغاليين من العودة إليها. اشتهرت المدينة بتصدير البلح وشمع العسل والتوابل والذهب.
وتشهد قلعة كاباش على تاريخ المدينة والمجد الذي عرفته. وتضم اليوم مجموعة من المعالم الأثرية المهمة كمرفأ الصيادين الذي يعتبر الميناء الأول المصدّر للسردين في المغرب، ومتحف يعرّف زواره إلى الفن التقليدي لقبائل بربر الجنوب.
كل شيء في أغادير يفيض سحراً مغربياً، والموهبة الفطرية هنا تصقلها الطبيعة بعفوية تجعلنا نعيش مغامرة من مغامرات" ألف ليلة وليلة"، لا ينقصها سوى بساط الريح حتى نطوف في أرجائها . فأينما جلت في أسواقها تجد بسطات فُرشت عليها خزفيات من السيراميك ينبعث منها بريق يخدع النظر فلا تعرف أشكالها إلا حين تقترب منها، لتكتشف إبداع حرفي موهوب تفنن في رسم أشكال معقّدة يحتاج دارس الفن إلى سنوات حتى يتوصّل إلى خطّها بهذه التقنية العالية، وتتدلى من الدكك الصغيرة عباءات تتراقص بخفة في الهواء على وقع رنين مطرقة نحّاس ينقش حروفاً ورموزاً على آنية تلمع وكأنها أحجية يصعب حلّها. ويؤخذ الأنف برائحة البهارات والأعشاب التي تفوح في سوق العطارة ليجد صاحبه أن قدميه تسوقانه بلا إرادة إلى سوق السمك الذي يعتبر من أكبر الأسواق فهو مقصد السياح الذين يتمتّعون بتناول أطباق السمك المختلفة وعلى الطريقة المغربية. قد يؤخذ الزائر بهذه المتاهة المغربية ويتسوّق من دون حساب لذا من الضروري أن يضع في باله أنه مهما وجد من أشياء رائعة عليه أن يساوم على السعر ليحصل على ما يريد بحسم قد يصل إلى ٧٠ ٪ .
تشكّل أغادير راهناً مركزاً سياحياً بحرياً يستقطب السياح من جميع أنحاء العالم، فشاطئها الرملي الممتد عشرين كيلومتراً يعتبر ملاذاً لهواة السمرة. تنتشر على طول الكورنيش الموازي للشاطئ الفنادق الفخمة ومقاهي الرصيف التي تقدّم أفخر الأطباق المغربية في جو موسيقي رائع يتناغم مع مشهد المحيط المهيب. ويتحوّل ارتشاف الشاي المغربي بالنعناع أو عصير الليمون المحلي ساعة الغروب إلى متعة فريدة لمن يريد أن يستمتع بلحظة الغروب حين تسقط خيوط الشمس الأرجوانية في المحيط الأطلسي فتبدو المدينة كأنها تستريح لتلتقط أنفاسها، فتكون الإشارة السحرية إليها لتتلوّن بلوحات من الفلكلور المحلي، ويتحوّل الكورنيش إلى كرنفال ألوان مغربية تشغل الحواس.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024