'أفندي الغلغول'
الكتاب: «أفندي الغلغول»
الكاتب: نادر سراج
المدينة وعائلاتها... وجهان لعملة واحدة. كلاهما مرآة الآخر، ودليله. هذه الخلاصة هي التي يخرج بها قارئ كتاب «أفندي الغلغول» للباحث واللغوي نادر سراج.
في هذا الكتاب الأنيق، يسرد الكاتب - المهتم بإثنوغرافيا بيروت وتاريخها ولهجاتها- حكاية بيروت القديمة عبر استحضار أحد أبنائها «البيارتة» المتأصلين، وهو جدّه لأمّه هاشم علي الجمّال. إلاّ أنّ سيرة «أفندي الغلغول» تتجلّى في الكتاب على أنّها بيوغرافيا المدينة نفسها.
ولأنّ العائلة هي الباب الأرحب للدخول منه إلى المدينة، اختار سراج- الذي أحبّ بيروت وكتب عنها أكثر في أكثر من كتاب- أن يدخل المدينة من باب «عوائلها».
هكذا يقودنا سراج من خلال شخصية «أفندي الغلغول» (هاشم علي الجمّال) إلى بيروته القديمة. بيروت كما لم نعهدها ولم نعرفها، لتبدو المدينة وكأنّها مجموعة مدن: غنية، متجددة، متنوعة...
واللافت في هذا الكتاب أنّ صاحبه اعتمد إلى حدّ ما تقنية السرد الروائي لسيرة المدينة- الرجل، مُصرّاً على قطع الستار العازل بين كليهما.
عايشت شخصية أفندي الغلغول مدينة بيروت في أهمّ تحولاتها (1854-1940)، أو بمعنى آخر بيروت العربية المشرقية بوجهها العثماني الذي تعكس مرحلة التعددية الثقافية.
يرصد هذا الكتاب الغنيّ منطقة «الغلغول» البيروتية حيث يوجد زقاق الجمّال، ومنه يرجع إلى الجذور التاريخية لتسمية الغلغول القديمة، مُستعيداً تاريخ عائلة الجمّال كنموذج للعائلات البيروتية المعروفة. فيُصوّر أعراف هذه العائلة وعاداتها وتقاليدها وطقوسها في الزواج والتعليم والسفر...
ويتميّز كتاب «أفندي الغلغول» بوفرة صوره التي تعكس قرناً من حياة تلك المدينة المتحولّة ومن حياة عائلاتها.
فتغدو الصور في هذا الكتاب جزءاً من السرد، أو بمعى آخر مُكملّة له. فهي تُضفي على السرد معنى أعمق وجمالية اكبر.
وعن هذه الصور النادرة التي يزخر بها الكتاب، يقول الكاتب إنّها كانت جزءاً من بحثه وقد جمعها من أرشيفه الخاصّ ومن أرشيف الأحفاد الموزعين في عواصم العالم، بحيث قصدهم وحصل منهم على بعض من هذه الصور العائلية، والمدينية.
يُمكن اعتبار «أفندي الغلغول» بمثابة رحلة ينقلنا الكاتب عبرها إلى الوراء... إلى عائلات اختلفت تقاليدها، ومدينة تبدّلت معالمها ولم يبقَ منها سوى اسمها «بيروت».
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024