'بين الشرفة وشجرة اللوز'

17 أيلول 2012

الكتاب: بين الشرفة وشجرة اللوز

الكاتبة: زهراء الغانم

الناشر: «الدار العربية للعلوم ناشرون»،2012

بعيداً عن حسابات «الجيّد» و«الرديء»، لا يسعنا إلاّ الإقرار بأنّ نهضة الروائيات السعوديات التي شهدها الوسط الثقافي قبل عقد من الزمن تقريباً مازالت في صعود مستمر.
وفي كلّ عام يكون القارئ العربي على موعد مع أكثر من عمل روائي وإبداعي توقعه كاتبة سعودية جديدة، باسمها الحقيقي أو المستعار. وفي هذا السياق، صدرت أخيراً الرواية الأولى للكاتبة السعودية زهراء الغانم بعنوان «بين الشرفة وشجرة اللوز» عن «الدار العربية للعلوم ناشرون».
شهادتان، لإسمين مخضرمين في عالم الأدب والثقافة هما الدكتور أحمد الشويخات (رئيس تحرير الموسوعة العربية العالمية) والروائي المعروف ياسين رفاعية، تكشفان روائية جديدة تُنذر بمستقبل أدبي جميل وبرواية مهمة تتميز بتقنية سهلة ممتنعة في تنمية الأحداث ورسم الشخصيات.

تدور أحداث الرواية حول ثلاث أخوات، إحداهن هي الراوية «هيفاء» وأخ وحيد «حسان» يعود من غربته ليجد أنّ كلّ ما كان لديه قد ضاع: والده توفي، حبيبته ارتطبت بغيره، أخواته غارقات في عوالمهن المختلفة... فيقع حسّان فريسة الندم على ماضٍ خسره وخوف من مستقبل يتربّص به.
وأمام كبوة حسّان وضعفه، يدهشنا حضور المرأة الذي غلبت عليه الإيجابية «كمّاً ونوعاً» من خلال شخصيات نجحن في التصالح مع ذواتهن وحيواتهن وحاضرهن بالرغم من العوائق الكثيرة التي اعترضتهن «هيفاء، منى، ضحى، جمانة، جاكلين».
وكأنّ الكاتبة اختارت في روايتها الأولى أن تتجاوز موضوعات وسمت الروايات العربية «النسائية» لتُكرّس وجود مغاير للمرأة القوية الصلبة من دون الوقوع في صدام مع المحيط.

عنوان هذه الرواية «بين الشرفة وشجرة اللوز» الغنيّ بالإيحاءات الرمزية يشي بالمسافة الزمنية التي تتحرّك فيها الحكاية. فالشرفة كأنما هي المكان الأمامي الذي نستشف منه المستقبل، أما شجرة اللوز فهي العودة إلى الطبيعة أي إلى الفطرة والماضي.
وبين ذاك الماضي «المُتذكّر» والمستقبل «المُتخيّل» تتحرّك أحداث الرواية التي تؤكّد عجز الإنسان عن تجاوز ماضيه الذي لا يأخذ شكل بعد انتهائه شكل الذكرى لا العدم.
وهذا العبور ما بين الماضي والمستقبل يتجلّى في استخدام الكاتبة لتقنيات روائية مختلفة تتمثّل بالاسترجاع الزمني والإستقدام.
الرواية الأولى لزهراء الغانم تشذّ عن العوالم التي قدّمتها روائيات سعوديات قبلها، فتبني عالماً مختلفاً بمناخه ولغته وأحداث وشخوصه.