شهرزاد الجديدة تعيد كتابة 'ألف ليلة وليلة'

07 أيار 2012

عمقها التراثي، غناها الثقافي، بعدها الإنساني أمورٌ تجعل من «شهرزاد» شخصية لا تشيخ. بل إنّها تتجدّد عبر الزمان. الحديث عنها يعود مع كلّ إشراقة. علاقتها الملتبسة بالرجل، أجواء حكاياتها الشيّقة،.
لغتها الشفافة، وأمور كثيرة غيرها مكنت شهرزاد من أن تكون الشخصية الأنثوية الأشهر في الشرق على امتداد التاريخ. فكانت شهرزاد ومازالت شخصية استثنائية تسحر بجمالها وغموضها كتّاب العالم على امتداد العقود.
آخر هؤلاء الكتّاب كانت الروائية اللبنانية التي وصفتها أقلام الغرب ب «شهرزاد الجديدة» حنان الشيخ والتي أصدرت حديثاً عن دار «الآداب» كتابها الجديد بعنوان «صاحبة الدار شهرزاد».

الكتاب هو إعادة اعتبار لـ «شهرزاد» التي تعترف الكاتبة أنّها لم تكن تعرفها حقّ المعرفة. تُعيد إلى الواجهة البطلة التي ما غابت يوماً عن مخيلتنا العربية والشرقية. تُعيدها لا لتُحاكمها كما فعلت أخريات من النسويات والكاتبات الثائرات على شهرزاد ورمزيتها.
وإنما تستعيد صورتها لتنصفها. لتجعلها «صاحبة الدار». لتعتذر منها بعدما كانت تنزعج من تسمية الغرب لها باسمها.

لم تتعرّف حنان الشيخ عن كثب على أنثى الشرق الأولى «شهرزاد» إلاّ في بلاد الغرب بعدما اختارها المسرحي البريطاني المعروف تيم سابل لتكتب له نصوصاً عن «ألف ليلة وليلة».
فارتأت أن تُقدّم كتاباً جديداً يقتبس حكايات مختلفة من ألف ليلة وليلة. أعادت تلك الحكايات بتصرّف داعيةً القارئ إلى الدخول في عوالم شهرزاد وقصص ألف ليلة وليلة التي تختصر الحياة كاملة بكلّ أوجهها وتناقضاتها.

الكاتبة لا تتعكّز على حكايات ألف ليلة وليلة لتخلق حكايات أخرى، كما أنّها لا تستلهم من شخصيات الكتاب لتصنع شخصيات روائية مغايرة بأمزجة مختلفة.
وإنما هي تقتبس العمل بحكاياته وشخصياته مُحدثةً تعديلات تجعلنا أمام «ألف ليلة وليلة» نفسها وإنما بأسلوب أكثر سهولة وبساطة وإيجاز.

في هذا الكتاب تُكرّس حنان الشيخ جرأتها مرّة جديدة. هذه المرّة هي ليست جرأة في الكشف عن سيرة والدتها وفضح أسرار خطيرة في حياة عائلتها، ولا في طرح قضية صادمة وإنما في قدرتها على المساس بالكتاب الأكثر شهرة وتأثيراً ورسوخاً في ذاكرتنا العربية الجماعية.
وإنما من دون نجحت الشيخ في أن تحثّ القارئ إلى الدخول مجدداً في مناخات ألف ليلة وليلة الغريبة والمدهشة.