تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

كبار السنّ ضحايا للوحدة في الأماكن الراقية

كبار السنّ ضحايا للوحدة في الأماكن الراقية

الشعور بالوحدة لا يصيب المرء بين عشية وضحاها، بل يكون نتاجاً لعوامل حياتية عدة. وتقول دراسة جديدة إن كبار السن الذين يعيشون في المجتمعات السكنية الراقية، يواجهون درجة كبيرة من الشعور بالوحدة، ومع ذلك، قد تتوافر في هذه المجتمعات في الوقت ذاته، خصائص مختلفة، تجعل منها أماكن مثالية للحد من هذه الوحدة، وفق الدراسة ذاتها.
فتوح شعبان علي

وهناك اكثير من الدراسات بشأن الشعور بالوحدة، بين كبار السن، الذين يعيشون في المجتمعات العادية والشعبية. إلا أن أبحاثاً محدودة فحصت العلاقة بين إقامة كبار السن في المجتمعات الراقية، وبين شعورهم بالوحدة، وفق هاري تايلور، طالب الدكتوراة في مدرسة براون في جامعة واشنطن، والمؤلف الرئيسي لورقة جديدة نشرت في "مجلة العمل الاجتماعي".

وفحصت الدراسة مدى الوحدة في ثلاث مجتمعات سكنية عامة. كان اثنان من المجتمعات الثلاثة في الأحياء الحضرية العالية، والأخير يقع في أحدى الضواحي الشعبية.

وجمع الباحثون بيانات من عينة عددها 148 شخصاً، استخدموا معهم "مقياس الوحدة" المكون من 3 درجات، وتضمن الاستبيان أيضاً تدابير بشأن التركيبة السكانية والاجتماعية والصحة، والصحة النفسية، والمشاركة الاجتماعية، والدعم الاجتماعي. وأشارت النتائج إلى أن نحو 30 في المئة من المشاركين لم يعانوا من الوحدة، أغلبهم من الأماكن الشعبية، بينما نحو 70 في المئة كانوا يعانون من الوحدة، بدرجات متفاوتة بين الاعتدال والشدة.

ووجد الباحثون أن الوحدة ترتبط أيضاً بأعراض اكتئابية. ويقول تايلور "نحن نتكهن بأن الوحدة قد تكون أعلى في مجتمعات الإسكان العليا، لبعض الأسباب المهمة".

وأوضح أن "السبب الأول هو أن كبار السن الذين يقيمون في مجتمعات سكنية رفيعة المستوى، غالباً ما يكونون أكثر عرضة للوحدة، لأن الاستعداد للعيش في هذه المجتمعات، يؤثر على الدخول المالية لكبار السن سلباً، علماً أن الحصول على دخل أقل في هذه المجتمعات يؤدي إلى الشعور بالوحدة والعزلة عن الآخرين، من ذوي الدخل المرتفع".

ويتابع: "بالإضافة إلى ذلك، حدد معظم السكان الذين قابلناهم وضعهم العائلي كأفراد، ليس لديهم أقارب يزورونهم، وهو عامل خطر ينتج وحدة أكبر. كما أن العديد من كبار السن الذين يعيشون في مجتمعات سكنية رفيعة المستوى، لديهم أيضاً نقاط ضعف صحية وعقلية، وهو ما يزيد من احتمال تعرض الشخص الكبير في السن للوحدة".

وأضاف تايلور: "وعلى رغم من كل هذه العوامل، قد تكون هذه الأنواع من المجتمعات أكثر ملاءمة لمكافحة الوحدة من المنازل السكنية التقليدية والشعبية، وأن تصبح مواقع مثالية للحد من الشعور بالوحدة بين كبار السن"، موضحاً "أن مجتمعات الإسكان عالية المستوى، تحتوي في الغالب على أشخاص لديهم العمر وتجارب الحياة ذاتهما، وهناك أنشطة عرضية تدعم بناء الصداقات والسندات والدعم الاجتماعي بين الكبار، كما يوجد لدى معظم المجتمعات السكنية الكبيرة مساحة مشتركة، أو أماكن متعددة الأغراض للاستخدام، يمكن أن تساعد في تسهيل بناء العلاقات بين السكان".

ومن جهتهم، نقل الباحثون في موقع futurity أن هناك دوراً يقع على المتخصصين في رعاية كبار السن، الذين يعانون من أعراض الوحدة، مع أفراد عائلاتهم. وأوضحوا أنه على الممارسين التحلي بالصبر، لأن كبار السن في العادة يستغرقون وقتاً طويلاً كي يعترفوا بأي شيء، وبخاصة شعورهم بالوحدة. وبالنسبة للعائلة، ينبغي على أفرادها تجنب مناقشة مشاكل الوحدة مع كبار السن، أثناء تقديم الخدمات لهم، والصبر عليهم حتى يتخلصوا من هذا الشعور تدريجياً.

نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079