خيري شلبي 'صوت المهمّشين'
الروائي المصري الكبير خيري شلبي، الذي غيّبه الموت أخيراً، كان أغزر الروائيين المصريين إنتاجاً، إذ ترك أكثر من سبعين عملاً أدبياً، بينها الكثير من الروايات التي تعدّ من العلامات المضيئة في مسيرة الأدب العربي الحديث.
وما يميّز ذلك الإنتاج لا يقتصر بالطبع على الكمّ، بدليل الجوائز التي حصل عليها شلبي، وما تردّد عن ترشّحه لنيل جائزة نوبل للآداب التي لم يحصل عليها كاتب عربي حتى الآن سوى نجيب محفوظ.
شلبي وافته المنية على إثر أزمة قلبية حادة، عن عمر ناهز الثالثة والسبعين عاماً، بعد أسابيع قليلة من صدور سيرته الذاتية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب تحت عنوان 'أنس الحبايب'، أما أحدث رواياته 'أسطاسية'، فضمّتها القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية في دورتها الأخيرة.
ويعد حصول خيري شلبي على جائزة نجيب محفوظ للأدب الروائي عام 2003 عن روايته الشهيرة 'وكالة عطية'، من أهم محطات سيرته الذاتية العامرة بممارسة العديد من الأعمال الهامشية لمواجهة شظف العيش، قبل وبعد نزوحه من مسقط رأس، قرية شباس عمير التابعة لمحافظة كفر الشيخ في شمال مصر، إلى القاهرة بحثاً عن التحقق الأدبي.
عمل خيري شلبي بائعاً متجولاً، وعامل بناء، وجامع محاصيل زراعية وخياطاً، وعاش لسنوات عديدة وسط منطقة مقابر شهيرة في القاهرة، ما أتاح له الاحتكاك بنوعيات مختلفة من الهامشيين في الريف والحضر على السواء، وانعكس ذلك في أدبه ووضعه في مكان شديد التميّز في الوسط الأدبي العربي، على مدى نحو نصف قرن.
ومن أبرز أعماله روايات 'صالح هيصا' و'صهاريج اللؤلؤ' و'بغلة العرش' و'صحراء المماليك'، و'زهرة الخشخاش'، و'نعناع الجناين'.
وكتب خيري شلبي أيضا عدداً من المسلسلات التلفزيونية المأخوذة عن أعمال أدبية له؛ من أشهرها مسلسل 'الوتد'، كما تحوّل بعض قصصه إلى أفلام سينمائية منها 'سارق الفرح'، إخراج داوود عبد السيد.
وتميّز خيري شلبي أيضا بكتابة 'البورتريهات' التي ترسم ملامح شخصيات معروفة بأسلوب أدبي، وكان يكتب مقالات صحافية في كثير من الصحف، ومنها 'الأهرام' و'الأسبوع'، وترأس تحرير مجلة 'الشعر' التي تصدر عن اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وكان يشغل قبل رحيله منصب مقرّر لجنة القصة في المجلس الأعلى المصري للثقافة، ورئيس تحرير سلسلة الأدب الشعبي التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة. ومن مجموعاته القصصية: 'صاحب السعادة اللص'، 'المنحنى الخطر'، 'سارق الفرح'، 'أسباب للكي بالنار'، 'الدسَّاس'، 'أشياء تخصنا'، 'قداس الشيخ رضوان'، ومن من مسرحياته: 'صياد اللولي'، 'غنائية سوناتا الأولى'، 'المخربشين'، ومن مؤلفاته ودراساته: 'محاكمة طه حسين: تحقيق في قرار النيابة في كتاب الشعر الجاهلي'، 'أعيان مصر' (وجوه مصرية)، 'غذاء الملكات' (دراسات نقدية)، 'مراهنات الصبا' (وجوه مصرية)، 'لطائف اللطائف' (دراسة في سيرة الإمام الشعراني)، 'أبو حيان التوحيدي' (بورتريه لشخصيته)، 'دراسات في المسرح العربي'، 'عمالقة ظرفاء'، 'فلاح في بلاد الفرنجة' (رحلة روائية)، 'رحلات الطرشجي الحلوجي'، 'مسرح الأزمة' (نجيب سرور).
وحصل على عدة جوائز منها: جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 1980- 1981، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1980 - 1981، جائزة أفضل رواية عربية عن رواية 'وكالة عطية' 1993، الجائزة الأولى لاتحاد الكتاب المصريين للتفوق عام 2002، جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأميركية في القاهرة عن رواية 'وكالة عطية' 2003، جائزة أفضل كتاب عربي من معرض القاهرة للكتاب عن رواية 'صهاريج اللؤلؤ' 2002، جائزة الدولة التقديرية في الآداب 2005، كما رشحته مؤسسة 'إمباسادورز' الكندية للحصول على جائزة نوبل للآداب.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024