لا تؤجلوا المشكلة.. بدانة الأطفال تهدد صحتهم
آمنة منصور
لن تقتنع الجدّة أن حفيدها لم يعد قادراً على تناول المزيد. وفي رواية أخرى، كل الأطعمة الطيبة تعدّها الجدة لـ"ولد الولد" أو البنت، وتخبئ جانباً السكاكر والحلويات استعداداً لزيارتهم المفاجئة. كما تسمح بالممنوع وتُبيح المحظور، وتتستر عن "الجرائم" الغذائية التي يرتكبها فلذات فلذاتها أمام ناظريها، وتدافع عنهم أمام أولياء أمورهم بعبارة "ما بياكلوا إلا الصحّة" الشائعة بالمحكية اللبنانية.
مفاد هذه العبارة في عقول الجدات هو وجوب السماح للطفل بتناول ما يشاء، وذلك بناء على "نظرية" أن الطعام، وإن فاق حاجته وظهر في بنيته على شكل كيلوغرامات زائدة، إلا أنه دليل صحة، على اعتبار أن البدانة هي نقيض النحافة وبالتالي خير منها. في حين أن الحقيقة هي خلاف ذلك، لانه على رغم التناقض الظاهري بين الحالتين، إلا أنهما في مقياس الصحة، وجهان لعملة واحدة.
هل يعني ذلك أن البدانة خطر يتهدد صحة الأطفال؟
استخدام دراسة حديثة لمنظمة الصحة العالمية لكلمة "كارثية" في توصيفها لارتفاع معدلات السمنة عند الأطفال والمراهقين (بين 5 و18 سنة) في العقود الأربعة الأخيرة، قد يفي بالغرض كإجابة على السؤال أعلاه.
يُضاف إليه ما يُقدّمه موقع verywellfit على أنه من تأثيرات البدانة أو الوزن الزائد على صحة الأطفال، على غرار: قلة تقدير الذات، والإحباط، وارتفاع خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، وخطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، ومشاكل في العظام والمفاصل.
أسباب أخرى
لكن حري القول أن هذه المخاطر التي تتهدد صحة الطفل جرّاء زيادة وزنه (بصورة لافتة وتفوق المقبول) لا تتحمل مسؤوليتها الجدّة وحدها، ذلك لأن البدانة ترتبط بعوامل أخرى، منها ما هو جيني، في مقابل ما يمكن وصفه بأسلوب الحياة الذي يعتمد من جهة على الوجبات السريعة وغير الصحية، مع تراجع في النشاط والحركة وإهمال التمارين الرياضية، إما بسبب ضيق الوقت أو الخمول والكسل من جهة أخرى.
مع العلم أن الأطفال في هذا المجال يتأثرون بالجو العائلي، إذ يُلاحظ أنه غالباً ما يكون أحد والدي الأطفال البدناء، أو كليهما، يعانون من مشكلة الوزن الزائد أيضاً.
العبرة في التفاصيل
بناء على ما تقدم، فإن وضع حد لبدانة الأطفال هو ضرورة لقطع الطرق على كل الآثار الجانبية للكيلوغرامات الإضافية، التي تعرضهم لمشكلات نفسية وصحية على المديين القريب والبعيد.
ويكون ذلك بدايةً بأسلوب هادئ وحازم في آن معاً، على أن يتم توضيح الغاية بأفضل صورة ممكنة للطفل وبالشكل الذي يتناسب مع سنّه إذا أمكن، لتسهيل المهمة وضمان تعاونه. وهذا أسلوب يكاد يكون شائعاً ويقترن في كثير من الأحيان بالاستعانة بأحد خبراء التغذية.
لكن موقع doctissimo الفرنسي يقدّم مجموعة نصائح قد يبدو بعضها في شكله "خارج عن المألوف" أو مستغرب، لكنه في واقع الحال منطقي لأن "العبرة في التفاصيل".
ومن هذه النصائح ألا يتم "تنحيفه"، "إذ يكفي السماح لطفل يعاني من السمنة بالنمو من خلال ضمان أنه لا يكتسب وزناً (أو أنه يكسب القليل منه)، بحيث يصل تدريجياً إلى وزن مقبول لحجمه". وهنا يؤكد الموقع على أهمية أن تتم مراقبة ومتابعة الوزن "في وقت مبكر بما فيه الكفاية في حال كان زائداً أثناء الطفولة، وذلك من أجل الاستفادة من ديناميات الجسم خلال فترة النمو".
أما النصيحة الثانية فتدعو إلى العمل على أكثر من صعيد، الأول على مستوى الأكل، حيث يكفي بشكل عام تقليل الكمية وإعادة تنظيم الوجبات وتوجيه خيارات الطفل الغذائية جيداً، والثاني تشجيع النشاطات البدنية، لا سيما التمارين الرياضية من أجل حرق السعرات الحرارية.
ويلفت docitissimo إلى "أهمية انخراط كل أفراد العائلة في هذا الأسلوب الصحي" لتحفيز الطفل على الامتثال والمضي قدماً، لأن العكس سيجعل من السكاكر والمشروبات الغازية بمتناوله مما يثبط عزيمته ويسيء بكل الأحوال إلى صحة كل من في البيت.
من جانبه، يعدد موقع obesite بعض الإرشادات المفيدة في هذا الإطار، منها "تحديد وقت مشاهدة التلفزيون أو التسلية بألعاب الفيديو ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات، والتنزه سيراً على الأقدام لمدة نصف ساعة عدة مرات أسبوعياً، والذهاب للتزحلق أو السباحة مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، واللعب في الخارج إذا أمكن، وخروج العائلة للتنزه في عطلة نهاية الأسبوع".
نقلاً عن شبكة الحياة الاجتماعية
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024