تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

رلى سعادة مؤلفة كتب أطفال...

رلى سعادة كاتبة لبنانية أرادت من خلال قصص الأطفال أن تتحدّث إلى الطفل بلغته، فتقص عليه بأسلوب طريف ولغة عربية سهلة حكاية يعيش أحداثها ويتفاعل معها مما يمنحه  المتعة والتسلية والشعور بالمرح، مستندة إلى المعاني النفسية  التي تلبي حاجة الطفل. فمزجت بين الواقع والخيال، ليقرأ الطفل حكاية العصفور نونو الذي يبحث عن معنى السعادة في قصة «نونو»، وفي «الكنغرة الحاضنة» أنسنت أنثى حيوان الكانغر التي فتحت حضانة أطفال. رغم أن اختصاصها الجامعي لا علاقة له بأدب الأطفال، فإن الموهبة وحب الأطفال والإلمام بعلم النفس مكوّنات فكرية كانت انطلاقتها في كتابة قصص خاصة للأطفال.
«لها» التقت رلى سعادة وكان هذا الحوار
.

- يُعرف أدب الأطفال بأنه شكل من أشكال التعبير الأدبي والفني، له قواعده ومناهجه، سواء منها ما يتصل باللغة واختيار الأسلوب أو في ما يتصل بمضمونه ومناسبته لكل مرحلة من مراحل الطفولة. إلى ماذا تستندين في كتابة القصة والكتب المعلوماتية؟
صحيح أن أدب الأطفال اختصاص قائم بذاته، وأنا مجازة في علم الاجتماع وكانت مادة  التحليل النفسي من ضمن المواد التي كنت أدرسها خلال اختصاصي الجامعي، ولكن  كنت أحب كثيرًا الكتابة، وبناء على هذه الهواية بدأت كتابة قصة للأطفال. و أركز في كتابتي على  نفسية الطفل لا سيما تعزيز الثقة بالنفس والمزاح والضحك، فالطفل لا يحب القراءة ويفضل الألعاب الألكترونية، فإذا وفرنا له كتبًا تجعله يضحك يتحمس لقراءتها.

- ذكرت أنك في البداية لم تكوني في وارد كتابة قصص للأطفال. لماذا توجهت إلى الطفل في كتابتك؟
صحيح، ولكن كنت  أهوى الكتابة، في صغري كنت أقول لأصدقائي إنني سأصبح كاتبة في المستقبل ولكن لم تكن الفكرة قد نضجت بالنسبة إليّ. في البداية كتبت مقالات وخواطر. ولكن مع الوقت أدركت أنني أرغب في كتابة قصة للأطفال، لأنني أشعر بأنني طفلة، ففي كل واحد منا طفل يسكنه. أحب في الأطفال براءتهم وصراحتهم التي تجرح أحيانًا ولكن عن غير قصد بل صراحة عفوية وأنا مثل الطفل. في البداية كتبت باللغة الفرنسية ولكن لم أجد دور النشر التي تحتاج إلى قصص أطفال باللغة الفرنسية، فاضطررت لترجمة كتابي «غرائب وعجائب» إلى العربية. وكان أول كتاب أصدرته عن دار «أصالة.

- ألم تجدي صعوبة في الكتابة بالعربية خصوصًا أنك لا تتقنينها؟
أكيد وجدت صعوبة لأنني إلى الآن بعد سبع سنوات من كتابتي لقصص الأطفال، أفكر بالفرنسية وأكتب بالعربية ، لذا أرتاح أكثر إذا كتبت بالفرنسية ولكن سوق الكتاب يحتاج إلى اللغة العربية. بأسلوب ممتع وفريد لذا اتجهت إلى اللغتين.

- تكتبين قصصًا وكتب معلومات. من أين تستقين هذه المعلومات خصوصًا أنها مسألة دقيقة ويجب أن تكون موثوقة؟
أستقي المعلومات من مراجع عدة في الكتاب الذي يكون مضمونه معلومات وأتأكد من صحتها إذ لا يجوز إعطاء الطفل معلومة خطأ مهما كانت بسيطة. أما كتابة القصة فتعتمد على خيالي وأمزج بين الخيال والواقع، لأن الحياة هي كذلك مزيج من الخيال والواقع. إذ لا يجوز أن أجعل الطفل يعيش في عالم الخيال وحده ونصدمه بالواقع لاحقًا، ولا يمكن تصوير الواقع بكل قساوته بل يجب الدمج بين الاثنين بشكل بسيط وممتع.

- ما هي الرسالة التي تودين إيصالها إلى الطفل؟
معلومة بطريقة طريفة. مثلاً أعطيه المعلومة ومن بعدها جملة مضحكة. أي استيعاب المعلومة بإطار طريف. فقصصي موجّهة إلى الطفل ما بين السادسة والتاسعة، وهي مليئة بالدروس والعبر بطريقة تثقيفية ومسليّة. وهي تهدف إلى مساعدة الطفل في بلورة شخصيته مستحثة إياه على تنمية قدرته على التركيز والتفكير واكتساب صفات أخلاقية ضرورية لحياته في المستقبل.

- نال كتابك «أنا وأبي والشوكولا» جائزة أفضل إخراج في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب الذي أقيم في بيروت أخيرًا.
أفتخر بهذا الكتاب الذي يعرّف الطفل من خلال قصة طريفة إلى عالم الشوكولا برفقة والده. وقصدت أن تكون المغامرة مع الوالد لأن معظم قصص الأطفال تتحدّث عن الأم، فأردت أن أكرّم الآباء لأنني أؤمن بأن الطفل يحتاج إلى أمه وأبيه في الوقت نفسه، فلكل منهما دور أساسي في حياته. أما الفكرة فقد أوحت لي بها هادية غندور وشاركتني في كتابة النص غريس أبو خالد. وبالفعل الكتاب يستحق  نيل جائزة أفضل إخراج، نظرًا إلى طريقة عرض الرسوم والمزج بين الرسم الخيالي والصورة الواقعية.

- كيف تصفين قصتك الأولى؟
كانت جميلة جدًا باللغة الفرنسية Minou le chat gouttière ومن ثم ترجمتها «عنبر الهر القبيح»، وصدرت عن دار المؤلف ونالت إعجابًا ونجاحًا كبيرين. كانت دفاعًا عن المقهورين. فهي قصة قط قبيح جدًا تعرّض للكثير من الأذى بسبب شكله، إلى أن فاز بمباراة... هذه القصة يحبها الأطفال وفيها عبرة ونهاية سعيدة.

 

- من يوحي لك بالأفكار؟
أولاد أشقائي، وعندما أكتب قصة أتلوها عليهم قبل نشرها لأرى رد فعلهم. كما أن  قصصي تتحدث عني  ويتضمن بعضها أحداثًا عشتها  في طفولتي.

- كم تستغرق كتابة القصة؟
حسب موضوع القصة أو الكتاب، فهناك قصص تستغرق كتابتها أربع ساعات وأخرى أسابيع بحسب الموضوع والمضمون إذا كان قصة أو معلومات. فكتاب «أنقذونا» الذي يتناول موضوع انقراض أنوع بعض الحيوانات أخذ مني وقتًا طويلاً.

- ما هي المشاكل التي يواجهها كاتب قصص الأطفال في عالمنا العربي؟
الطفل لا يحب القراءة خصوصًا بالعربية لأنها لغة صعبة بالنسبة إليه، فاللغة المكتوبة مختلفة عن المحكية. ونحاول قدر المستطاع أن نجعل القصة ممتعة وتتضمن نشاطات لكي نحفزه على حب المطالعة. هناك كتّاب كثر ولديهم أفكر جميلة جدًا، إنما هناك احتكار للجوائز ولا يتركون مجالا لغيرهم، علما أن هناك الكثير من الموهوبين في مجال قصص الأطفال.

- ماذا تعنين بالاحتكار، هل يدفع البعض لنيل الجائزة؟
لا أظن، لا أعرف.

- لماذا لا تشاركين في المسابقات؟
أنا لا أتابع كثيرًا هذه الأمور، ربما هم يتابعون أعمالهم بشكل دائم، أو ربما مواضيعهم مفضلة أكثر لأنها كلاسيكية، بينما أنا أكتب مواضيع غريبة وطريفة.

- ما الفرق بين القصة الكلاسيكية والقصة التي تكتبينها؟
أنا مختلفة، أحيانًا تلغي دار النشر بعض الأفكار من قصتي، لأنني منحازة جدًا إلى الطفل ودائمًا معه مهما كان السبب، لذا لا تقبل دور النشر هذا الانحياز، وتفضل أن يكون هناك توازن بين الأهل والطفل في الحقوق والواجبات. فضلاً عن أنني أمزج بين الواقع والخيال ولا بد أن تكون النهاية سعيدة.فأنا بطبعي قلقة، ولكني متفائلة دائمًا، وأحب أن أوصل هذا الشعور إلى الأطفال. أحب أن أبعدهم عن القلق، وأجعلهم لا يخافون لأن هناك دائمًا فسحة أمل. ففي  كتابي «بلا نق» أرتكز على إعطاء الطفل فسحة أمل وجعله متفائلاً.

- ألا تواجهين صعوبة في إقناع الأهل بشراء قصة باللغة العربية لأطفالهم خصوصًا أنهم يفضلون اللغة الغربية نظرًا إلى أنها تتيح لأطفالهم اكتساب اللغة وإتقانها؟
صحيح أفضل الكتابة باللغة الفرنسية، ولكن اليوم هناك كتاب يؤلفون قصصًا باللغة العربية جميلة جدًا وتشجع الطفل على قراءتها. ومن المهم أن يكون سعر الكتاب زهيدًا، فقد لاحظت خلال مشاركتي في معرض الكتاب العربي في  بيروت أن هناك عائلات ليس في مقدورها حتى دفع مبلغ زهيد.

- هل كاتب قصة الأطفال مكتفٍ من عمله؟
للأسف لا، ولكن الحمد لله أنا لدي مورد آخر وأعتبر كتابة قصص الأطفال هواية لا مهنة. لذا لا أشارك في المهرجانات والندوات أو المؤتمرات التي تتناول موضوع الطفولة فوضعي المادي لا يسمح لي، ولا أتلقى دعوات.

- هناك انطباع أن الكتابة للطفل في العام العربي مهنة من لا مهنة لهم؟
أحترم هذا الرأي خصوصًا أن هناك بعض الكتاب غير مسؤولين عما يكتبونه للطفل و لا يفكرون في رد فعله. ولكن في المقابل هناك كثر يقومون بأعمال جميلة جدًا وتستحق التقدير. و لا أحبذ القصص التي تتناول مواضيع الحرب. فهو موضوع مقلق.

- من هم قراؤك الأوائل؟
أبناء أخوتي ويقولون عمتي أنت تجعليننا نحب المطالعة. والحمد لله توزّع كتبي  في المغرب العربي. هذه المهنة أعطتني ثقة بالنفس.

- إلى أي مدى تتدخلين في إخراج القصة؟
لا أتدخل. أعطِ خبزك للخباز. دار النشر تعرف ماذا يجب فعله.

- بعد سبع سنوات هل تشعرين بأنك قطفت الثمار؟
الحمد لله.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079