تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

المجاملات الاجتماعية تهدد الصحة النفسية

المجاملات الاجتماعية تهدد الصحة النفسية

ترى جنان، عبر حسابها الشخصي على "تويتر"، أن "أسوأ أنواع اللطف المجاملة"، ويوافقها فيصل عطا الذي عقب قائلا: "عندما يسألني أحدهم قول رأيي بصراحة ودون مجاملة، فهذا يعني بذل مجهود أكبر في المجاملة وإخفاء المشاعر وتزيينها".
حسام بركات


مريم أمير، غردت بكلمات ذات معان أعمق وقالت: "تعودنا على كبت المشاعر حتى تشرب فينا النفاق الاجتماعي، واعتدنا العيش بشخصيتين مختلفتين.. الحقيقية، وتلك التي يريدها المجتمع من حولنا". أبو فارس قال في تغريدته إن "كبت المشاعر يحمل الجسم فوق طاقته، وأكثر مما يحتمل".

هذه التغريدات التي عبر عنها أناس بسطاء معتمدين على خبراتهم الحياتية، جاءت الدراسات العلمية مؤكدة لها ومؤيدة بالدليل القاطع، حيث كشفت دراسة أمريكية نشرتها قناة BBC عنوانها "التظاهر باللطف يهدد الصحة" قامت بها دكتورة علم الاجتماع الأميركي آرلي راسل هوتشيليد، عن مدى الأذى الذي يمكن أن يقع على أولئك الأشخاص الذين يعملون في مهن تتطلب منهم التظاهر باللطف وكتم المشاعر طوال الوقت.

خير مثال على تلك المهن، موظفو الاستقبال في المطارات والفنادق الفخمة والمطاعم الراقية، الذين تتطلب طبيعة عملهم الاحتفاظ بابتسامة دائمة أمام الزبائن. ومثلهم أيضا مضيفة الطيران التي تسعى جاهدة طوال ساعات الرحلة لصنع انطباعات هادئة على وجهها، بخاصة أثناء مرور الرحلة بمطبات جوية أو في حالات الهبوط الاضطراري.


"الزبون دائما على حق"

وقالت BBC نقلا عن هوتشيليد الدكتورة، المشرفة على الدراسة، إن تلك الأعمال التي تتطلب التعامل مع الناس بشكل مباشر تلزم أصحابها بإخفاء المشاعر السلبية وإظهار اللطف الزائد والمجاملة، وذلك لتحقيق الأغراض التسويقية بنجاح، أو لأن القاعدة الأهم في طبيعة تلك الأعمال تقول إن "الزبون دائما على حق"، وهذا يتطلب كبت المشاعر والتظاهر باللطف والاكتفاء بالابتسامة التي تخفي عكس ذلك.

الدراسة، وفقا لقناة BBC، خلصت إلى أن قمع المشاعر يؤدي إلى الإجهاد والإرهاق والقلق أيضا، وأن التصنع في اللطف يتطلب من الشخص جهدا نفسيا مضاعفا لإعطاء صورة إيجابية مشرقة من خلال اظهار الابتسامة العريضة والرضا، موظفا تعابير معينة على الوجه ومستعينا بلغة الجسد.

وأخيرا، فإن الدراسة تناغمت مع بيت الشعر العربي الشهير لصاحبه المتنبي "إذا رأيت نيوب الليث بارزة.. فلا تظنن أن الليث يبتسم".. فكم من ابتسامة أخفت وراءها ما لا يمكن الافصاح عنه.


نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية
"

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079