مصمِّمة ومدرِّبة العطور هند الغيثي: عبير يفوح بعبق العطاء
منذ أكثر من 22 عاماً، فاح شغفها لتعبق به الأرجاء، وسط صعوبات ومشقات البدايات الصعبة لأي مشروع تبدأ به سيدة. وبعيداً عن شح الإمكانات المادية وقلة مسارات التسويق وخياراته حينها، كان التحدي الأكبر تقديم منتج غير مرئي أو ملموس، فتمكنت بموهبتها الفطرية من جذب كل من يهوى عبق الماضي بمزيج من عبير المستقبل، في عبوات قُدمت بأفكار وأساليب استثنائية، متربعة بذلك على إمبراطورية تصميم العطور والتدريب على فنها. لُقبت بسفيرة العطاء وسفيرة المحبة، هي المصممة والمدربة السعودية هند الغيثي، التي تبوح بمراحل بداياتها نافثة رذاذ الذكريات والطموحات في هذه الأسطر…
- من أين بدأت ميولك تجاه عالم العطور، وهل من السهل الإلمام بمهارات تمييز الروائح ودمجها؟
خبرتي وشغفي في البداية كانا حصيلة نشأتي وسط عائلة تحب العطور، وتحديداً الشرقية منها مثل العود والبخور، وقتها وجدت نفسي أصقل ميولي وشغفي بخبرة عملية، من خلال ترددي على محلات العطور وتركيبها، لأتمكن من التعرف أكثر على قواعد العطر الأساسية. وليس من السهل أبداً التعرف على الأسس والقواعد العطرية وثقة المصادر الأساسية لهرم العطر، فالموضوع بحاجة الى دقة متناهية لإتقان نغمة العطر من دون نشاز، وهذا ما يميز المحترف عن الهاوي في فن العطور.
- تشجيع عائلتك ودعمها لك هما ما قوّى عزيمتك لدخول هذا المجال منذ ما يقارب الـ22 عاماً، كيف كانت البداية؟
أخي الأكبر كان محفّزي للبدء بتحويل شغفي للعطور الى مشروع، وإن كانت بداياتي بإمكانات مادية وخامات قليلة ومتواضعة، إلا أن أفكاري اللافتة دعمت مضمون ما أقدمه بشكل جذاب. وفي زمن لم تكن تتوافر فيه وسائل التواصل الاجتماعي ولا حتى الهواتف الجوالة، وجدت نفسي أشق طريقي في صعوبة بالغة كسيّدة تعمل وسط مجتمع ذكوري، ولم تكن أمامي فرص أو تسهيلات، فاعتمدت على نفسي في تسويق ما أركبه من عطور عن طريق الإهداء للأقارب والصديقات والجيران، وكوّنت لنفسي شبكة اتسعت تدريجياً ليصل اسمي وشهرتي الى مسامع أناس كثر ولله الحمد.
- يجد تجار الجيل القديم غالباً صعوبة في التعامل مع التكنولوجيا، وتحديداً وسائل التواصل الاجتماعي، هل ما زلت تتبعين أساليب التسويق السابقة نفسها أم أنك عاصرت التسويق الإلكتروني؟
عملي في مجال العطور وتركيبها يعدّ صعباً نوعاً ما من ناحية التسويق الإلكتروني، كون المنتج غير مرئي أو ملموس، لكن شهرتي واسمي في السوق وحصيلة عملي وعلاقاتي على مدى سنوات كثيرة، جعلت هذه الصعوبة تتلاشى، فالسمعة الطيبة هي أساس استمرارية نجاحي حتى في السوق الإلكترونية.
- لكل مجالات التصميم المعروفة أبواب ومداخل لمعرفة ذوق العميل ورغبته، لكني أجد أنه من الصعوبة في مجال العطور التكهن بذلك، فكيف تستطيعين معرفة مختلف الأذواق وإرضاءها؟
عملي على مدى هذه السنوات كلها، واحتكاكي المباشر بالزبائن من خلال البازارات والمهرجانات، كوّنا لدي خبرة واسعة في اختيار العطر المناسب للزبون، وبمجرد طرح عدد من الأسئلة عليه أتمكن من اكتشاف ذوقه وتوفير ما يناسبه.
- العطور بحر واسع والخلط بينها أمر يحتاج إلى دقة ومهارة عاليتين، كيف تستطيعين الوصول الى نتائج مبهرة؟
دمج الروائح والعطور مثله مثل الموسيقى، فالعطر كاللحن لا بد أن يُبنى على قاعدة هرمية معينة، ليشكّل تناغماً حسب المستوى إن كان هادئاً أو متوسطاً أو عالياً.
- ما هي خطواتك لابتكار رائحة أو عطر جديد، وما المراحل التي يمر بها ليصل الى شكله النهائي في الزجاجة؟
مراحل الابتكار تبدأ من دمج التركيبة بأكثر من طريقة إلى أن أصل إلى التركيبة المطلوبة، ثم أرى ردة فعل الزبائن والمقربين حيالها ومدى تقبّلهم لها، بعدها تأتي مرحلة التصنيع التي تتم فيها معادلة الوزنية بدقة متناهية، ليصل العطر بعد مراحل من الدمج والتصنيع الى شكله النهائي.
- ما أكثر العطور التي لاقت رواجاً بين الناس وعُرفتِ بها؟
لقي عطر «Hend No.10» رواجاً واسعاً ولفت نظر الجميع في الآونة الأخيرة.
- ما العطر الذي تعتزّين بتقديمه للناس؟
العطر الخاص باليوم الوطني السعودي الذي عملت على تركيبه، هو أحد أكثر العطور تميزاً بنسبة إلي، كوني حاولت تجسيد معاني الشموخ والفخر في هذا العطر.
- سوق العطور واسعة وحافلة بكل جديد، والمنافسة فيها صعبة وتحتاج إلى ابتكار أفكار للبروز على الساحة، بما تميز اسمك عن الباقين؟
تميزت بطريقتي في تقديم العطور بأسلوب مبتكر وغير مألوف، من خلال ربط العطر نفسه بمناسبات وأشخاص، والتفنن بتقديمه على أشكال هدايا وتوزيعات في المناسبات كافة، وإنتاج زجاجات عطر ذات أشكال استثنائية تحمل أسماءً وصوراً بحسب رغبة الزبون.
- تقدمين ورش عمل ودورات تدريبية للراغبين في تعلم فن تركيب العطور، ما هي أكثر الفئات إقبالاً على هذه الدورات؟
يقبل كثر على تعلّم هذا الفن، وغالبيتهم من الطلبة ما بين المرحلة المتوسطة وصولاً إلى المرحلة الجامعية.
- كنت إحدى المشاركات في فعالية «بألوانهم» لذوي الاحتياجات الخاصة، ماذا أضافت إليك هذه المشاركة؟
تركت مشاركتي في معرض «ألوانهم» بمركز الملك عبدالله للاحتياجات الخاصة، أثراً جميلاً في نفسي، وكُرمت من جانب صاحب السمو الأمير عبدالله بن سعود، وحظيت بلقب «سفيرة العطاء» لمشاركتي السنوية في حفل «جنتي» الخاص بيوم الأم مع أطفال وأمهات المركز.
- بعد كل هذه الأعوام وحصدك ثمرة جهدك وتعبك بإنجازاتك، بما تلخّصين دواعم نجاحك؟
لولا الصعوبات لما وصلت الى ما أنا عليه الأن، فالإصرار والعزيمة والصبر والثقة بالنفس هي أساس الوصول الى النجاح بإذن الله.
- ما هي خططك وطموحاتك المستقبلية للسنوات المقبلة؟
الطموحات والأهداف لا تنتهي، وشغفي بالعطور مستمر، والقادم أجمل إن شاء الله، وقريباً سيتم الإعلان عن مفاجآت سارة لكل محبييّ.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024