مصمِّمة الأزياء هلا العيطة: عالمي بلا حدود وأفكاري تعدّت الزمان والمكان
عشر سنوات مرت وهي تبدع وتبتكر في مجال تصميم الأزياء، ماضيةً قدماً في البحث عن كل ما هو جديد في عالم الموضة، متألقة ومشرقة في ألوانها، تحسن ابتداع التصميم حين تختار له اللون المناسب في عالم الموضة المتغير باستمرار، والذي ينبثق منه عالم الجمال بمختلف أشكاله وألوانه.
بعد عودتها من كندا، لا تهدأ مصمّمة الأزياء هلا العيطة، وهي تتلمس متطلبات المرأة السعودية وما يناسبها من تصاميم جميلة وألوان أجمل لتقدمه لها بقالب مميز.
«لها»، التقت هلا العيطة بعد عرض أزيائها لتتحدّث عن خطوط الموضة وآخر ما توصلت إليه.
- كيف تنظرين الى عالم تصميم الأزياء؟
تصميم الأزياء فن من الفنون التطبيقية المتخصصة في تصميم الملابس، ومجال مبتكر ومتجدد في خطوطه ومساحاته اللونية وخاماته المتنوعة. أحاول أن أترجم عناصر التكوين إلى تصميم مستحدث ومعايش لظروف الواقع في صورة تشكيلية جميلة، لاعتباره جزءاً من السلوك الإنساني.
- عشر سنوات وأنت تبدعين في عالم الأزياء، ما الذي يميز تصاميمك عن غيرها؟
عالمي بلا حدود، وأفكاري تعدّت الزمان والمكان في عالم تصميم الأزياء، نظراً الى استطاعة المرأة العصرية ارتداء تصميمي بأكثر من «موديل»، مع الأحزمة الجميلة التي أحرص على إضافتها إلى كل تصميم.
- الموضة عالم صعب، كيف تلاحقينها في ظل المتغيرات السريعة؟
أتابع خطوط الموضة بدقّة، لكن لا أسايرها في مجموعتي كلها، وما يميز كل «مجموعة» اختلافاتها في الشكل واللون، حيث تستطيع المرأة العصرية أن تجد تصاميم جميلة بأسلوب فريد ومغاير لأحدث صيحات الموضة. ولِمَ لا أكون أنا صانعة الموضة بعد دراسة طويلة في كندا، وخبرة عشر سنوات في التدريس في جامعة «دار الحكمة»؟
- لألوانك رائحة التصاميم التراثية المزيّنة بالخلاخيل، ما الذي يشدّك الى هذا الأسلوب؟
عشقي الكبير للتراث الحجازي، لألوانه رائحة الماضي، ولتصاميمه عبق التاريخ الذي يعيد ما فقدناه من جمال وإرث ثقافي. وما يشدّني إلى أبجديته الجميلة، أنها تمنحني جرأة في اختيار الألوان المزركشة بالأحجار الكريمة والفضة، مؤكدةً حضور الخلخال في يوم «الغمرة»، فتلك عودة ميمونة للتراث، والذي أصبح مطلوباً بكثرة في المناسبات مثل شهر رمضان الكريم والأفراح والأعياد.
- ما أهمية الأحزمة في تصاميمك؟
بما أن تصميم الأزياء أحد الفنون الراقية، على مصمّمة الأزياء الاطّلاع على الفن التشكيلي لتدرك معالم جسم المرأة فتبرز قدّها المياس، لذلك أركز على «الكورسيه» (المشدّ) تحت الفستان مع الحزام، حتى أشدّ خصر المرأة وأُبرز جمالها.
- حصدت في إحدى المسابقات جائزة المصمّمة الثالثة، كيف تقرئين ذاك الفوز؟
كانت تجربة ثرية ورائعة لن أنساها، قدّمتني بأجمل صورة حين حققت الفوز ونلت الدرجة الثالثة في المملكة العربية السعودية من بين 140 مشتركة. إحساس جميل ورائع دفعني الى الخلق والإبداع المستمر، لأنني لم أكن أتوقع الفوز، رغم ثقتي الكبيرة بنفسي وتميّزي بما قدمت من تصاميم مطابقة لمواصفات الجائزة، سواء في التصميم التراثي أو التصميم الأوروبي.
- ما الاستراتيجية التي نسجتها قبل الدخول في المسابقة؟
لم يكن التدريس من أولوياتي بعد عودتي من كندا، وكل ما يهمّني «البوتيك» الخاص بي وكيفية تفعيل العمل فيه، والالتزام بتصميم الأزياء المحبّب إلى قلبي، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن في بعض الأحيان، إذ انخرطت بالتدريس في كلية «نفيسة شمس»، وانتقلت بعدها الى معهد «المستقبل»، والتحقت من ثم بجامعة «دار الحكمة» بين عامَي 2008 و 2016، وكانت تجربة رائعة مع الطالبات حيث أعطيت بروح العشق للأزياء وقدمت لهن أروع الأفكار بأسلوب متجدد ودائم من دون كلل أو ملل، لأعدّ مصمّمات من الطراز الرفيع، وعدت بعد ذلك بقوّة إلى التصميم في البوتيك الخاص بي، لأمدّه بطاقة إنتاجية أكبر.
- كيف وجدت الطالبات في مختلف الأماكن؟
طالبات «نفيسة شمس» كان التركيز معهن على «البترون» والخياطة الدقيقة، فتتخرّج الطالبة مصمّمة ومنفذة للتصميم، مما يؤهّلها لسوق العمل، فيُطلق عليها لقب «مصممة أزياء من الدرجة الرفيعة» تمتلك كل المواصفات في مجال الأزياء، لذلك بدأ معهد «المستقبل» اليوم بتعليم «البترون» والخياطة، ومن لا تعرف شيئاً في الخياطة والتنفيذ، يجب أن تكون تحت مسمّى «ستايلست».
- هل دخلت مجال الخياطة؟
دراستي في جامعة كندا لمدة خمس سنوات جعلتني ملمّة بكل مفاصل التصميم والتنفيذ، وكان لزاماً عليّ أن أعود إلى المملكة العربية السعودية خلال سنتين ونصف السنة، فاجتهدت وكرّست كل وقتي لأعود إلى وطني حاصلةً على شهادة في تصميم الأزياء، الذي عشقته منذ طفولتي حين كنت أصمّم ملابس «باربي» وأخيطها.
- ما الفارق بين السوقين، الكندية والسعودية؟
السوق الكندية تحب الأفكار الغريبة في عالم الأزياء وتتطلع دائماً الى ما هو جديد وغريب، فتضيف أفكاراً جديدة تعجُّ بأسلوب مغاير لأسلوب السوق السعودية، لذلك طُلب مني هناك عرض تصاميم التخرّج لأنها غريبة عن هذه السوق ورفضت، فعدت بها إلى السعودية لأسوّق لنفسي، كون السوق السعودية تهتم بكل ما هو جديد في عالم الأزياء والزخرفة.
- في ظل المنافسة الشرسة في هذا المجال، كم تبلغ حصتك السوقية سنوياً؟
رغم ظهور اسمي في التدريس بشكل كبير، استطعت أن أصنع اسماً لا بأس به في عالم التصميم، حيث حققت أرباحاً تراوحت بين 70 و80 في المئة، لكن اليوم ومع تراجع الاقتصاد تراجعت الحصة السوقية إلى 60 في المئة، وكلي أمل بأن تتحسن أحوال السوق السعودية خلال 2018 وتعود الى سابق عهدها، ليستعيد المقص زهوته وقيمته على ساحة تصميم الأزياء.
- هناك منافسة في السوق السعودية، فلمن البقاء؟
لمن تظهر على الساحة بقوة، تصميماً وتنفيذاً، بدقة متناهية وبشكل جميل، فالسوق مملوءة بالمصمّمات، ولكل مصمّمة لمستها الخاصة بها، مع اختلاف الأذواق، لكن العمل المتواصل على التجديد والتغيير والدقة هو الذي يوصل إلى النجاح.
- ماذا حققتِ في عالم الموضة؟
عملت على نفسي منذ بدايتي وإن كنت في عالم التدريس، وتطورت كثيراً، كوني بدأت بالعباءات، واليوم أجول وأصول مع تصاميم فساتين السهرة، لأن الدراسة صقلت موهبتي وقدّمتني مصمّمة بمعايير ممتازة، ومتمكنة من كل أدواتي اللازمة لتنفيذ التصميم.
- ما المشاكل التي كانت تواجهك في التدريس؟
غالبية الطالبات كنّ يرفضن تعلّم الخياطة. كل ما أحببنه هو الرسم من دون أن يدركن أهمية التنفيذ، لكن وإن لم تكن الطالبة ستنفّذ في المستقبل، عليها أن تتعلم ذلك لتحقق النجاح في السوق، فحين يخطئ المنفّذ، عليها أن تُصحّح له بأسلوب جيد، لأن لقب تصميم الأزياء يجب الحصول عليه بجدارة.
- أين تسوّق الخرّيجات أعمالهن بعدما غصّت السوق بهن؟
لم يعد التسويق صعباً في ظل السوشيال ميديا، بعدما شرّعت أبوابها للجميع من دون استثناء، وغصّت بالغث والثمين، واختلفت الأذواق بين سيدة وأخرى، لكن البقاء للأفضل، وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك سيدات يشترين عباءات من السوق ويضعن عليها «كلفة» ويزخرفنها، وتحمل أسماءهن على السوشيال ميديا كمصمّمات أزياء، وهنّ لا يمتنّ الى التصميم بصلة.
- إلى أي حد خدمتك السوشيال ميديا؟
خدمتني كثيراً وقدمتني بطريقة جميلة، حيث أوصلتني إلى أبعد من المملكة العربية السعودية، وهذا يعني الانفتاح على العالم بشكل أكبر، وتحقيق أرباح أفضل من خلالها.
- من أين تستلهمين التصميم الذي يناسب المرأة العصرية؟
أحمل القماش بين أناملي في هدوء الليل وأقف أمام مرآتي، وأجرّبه على جسمي وأتناقش مع مرآتي فتخرج الفكرة وأبدأ بالتصميم، وأحياناً أسعى الى تحقيق رغبة الزبائن مع الاحتفاظ بلمستي، ووضع بصمتي.
- ما هي مساوئ السوشيال ميديا في عالم التصميم؟
أرى بعض تصاميمي على صفحات سيدات أخريات كُتب تحت أسمائهن «مصمّمات»، كأن تصميمي أصبح من حقهن، وهذا نتيجة لعدم حفظ الحقوق الملكية الفنية.
- ألوان، أقمشة...، لمن تُعطى الأولوية في التصميم؟
تصميم الأزياء يُعتبر لغة تشكّلها مجموعة عناصر في تكوين موحد (الخط والتصميم واللون والنسيج)، وتُعدّ هذه المتغيرات أساسية للوصول الى الهدف المنشود بما يتناسب مع شكل الجسم ولون البشرة والمناسبة، لتحقيق التناسق والتكامل في كل شيء.
- هل تتخلّين عن ذوقك أمام الزبائن، سواء باللون أو بالشكل؟
حين ندرك أن تصميم الأزياء يخضع لعناصر مرنة، سهلة التبديل والتشكيل، فهذا يعني أن أكون مرنة مع زبائني، مما يساعدني على فهم كل شخصية على حدة، وماذا تحب من ألوان الخامات، أو الأقمشة، لنصل معاً بأسلوب شيق وجميل، من دون أن أتخلّى عن ذوقي.
- ما التحديات التي تواجهك في عالم الموضة؟
كثرة المصمّمات في السوق السعودية، فقد أصبحت المنافسة شرسة جداً، والبقاء للأقوى.
- هل من قانون للموضة في المملكة العربية السعودية؟
ما من قانون يحمي المصمّمات خرّيجات الجامعات، وللأسف نريد حماية هذا المجال.
- ماذا تقولين لـ «لها»؟
كل الشكر لمجلة «لها» على حضورها عرض الأزياء الذي أقمته في جدّة، مما أعطاني زخماً قوياً ودفعني للقول إنه فعلاً «أصبحت للمرأة العصرية مجلة».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024