في معرضها... هبة حسين «تعزل» المرأة
منذ اللحظة الأولى لقراءة عنوان معرض الفنانة طبيبة التجميل هبة حسين، «العزل الأكبر»، تصاب بحالة اندهاش، وربما عدم معرفة ما المقصود بـه. لكن مع مشاهدة اللوحات، تصل إلى رسالة الفنانة بأن هذا العزل يصيب النساء بسبب عدم التمكّن من أداء مهامهن بشكل يسير، إذ إن العقبات التي في طريقهن تعرقلهن، الى درجة الإحساس بعدم الجدوى، ويكون «العزل» أو البعد، هو المسيطر عليهن. من هنا، أطلقت هبة حسين صيحتها التي لم تفقد فيها الأمل في أن يمارس النساء حقوقهن، فعلى رغم أن لوحاتها لا يوجد فيها سوى امرأة بين جدران، فإن هذه المرأة لم تنظر إلى السماء من خلال نافذة، التي ربما تكون «نافذة» إلى المزيد من حريتها واستقلال قرارها.
تقول هبة: «الحياة التي نعيشها هي الحياة القائمة على المبادئ والمُثل سعياً نحو غايات كبرى، مما يجعل الإنسان – في نهاية المطاف – يشعر بالوحدة والغُربة، حيث لا يكون هناك من يرغب في مصاحبته خلال رحلته على هذا الطريق الصعب، وهذا هو الثمن الذي يدفعه الشخص منا راضياً إذا ما أراد أن يكون متفرداً، مثابراً، متأملاً – طوال الوقت – في هذا العالم، الذي يُغرينا أن نسترخي ونتكاسل بدلاً من أن نُبدع!! ويا للغرابة!! فالوحدة هي المكان الوحيد الذي يتيح لنا الفرصة لكي نحقق أحلامنا!!».
وكان من بين حضور افتتاح المعرض، الفنان سمير فؤاد الذي يحللّ أعمال الفنانة هبة حسين، ويبيّن رؤيتها في تناول موضوع المرأة قائلاً: «هذا المعرض يعد تجسيداً ناجحاً لعشق هبة للفن، الذي ولعت به ودرسته على يد الفنان الكبير حسن سليمان في منتصف الثمانينات، ثم جرفتها متطلبات الحياة ومهنة الطب، لكن جذوة الفن ظلّت متّقدة في داخلها تلحّ عليها، ثم تأججت مع كم الإصرار والمُثابرة التي تسبك معدن الفنان، فكان هذا المعرض».
ومثل العديد من الفنانات المُعاصرات، تتمحور أعمال هبة حول المرأة، فتصوّرها بلغة تعبيرية ذات مسحة ميتافيزيقية، بطلات لوحاتها وحيدات محصورات داخل غرفة، ورغم أنها تترك لهن أحياناً مساحة من الحرية عبر نافدة مفتوحة على الفضاء الخارجي أو شرفة ذات سياج غليظ، فإن نظرات أعينهن الساهمة الشاردة التي تنظر الى الداخل أكثر مما ترنو الى الخارج، تجعل من هذا الفضاء الخارجي الذي يُمثل الأمل في الحرية، هدفاً عسير المنال، لكن الصلابة التي شكلت بها الفنانة أجساد نسائها، والتي تشي بالإصرار، جعلت الأمل حاضراً والهزيمة غير واردة».
من جانبه، يؤكد الفنان محمد طلعت مدير غاليري مصر، الجهة المحتضنة لهذا المعرض: «لقد كنت سعيد الحظ بمشاهدة مجموعة من الأعمال الرائعة التي انفردت بها، وأنا أُعدُّ لهذا المعرض، حالة فنية قادرة على جذب المُتلقي لمساحات شائكة، حيث النزعة الإنسانية للتمايز والتفرد، وجوه صامتة تبوح لك بكل أسرار صراع المد والجزر الذاتي مع الواقع، محاولات تصويرية رائعة لأجوبة سديدة ترتقي بنا لمناطق جوهرية لا يُمكن فهمها بعيداً عن فلسفة «أكون أو لا أكون» بداخلنا، أو بالأحرى بعقلية الشاعرين بالتميز والاختلاف، بعقلية المتمردين على القوالب الإجبارية للواقع والحياة، إننا في صدد تجسيد صادق وشفاف لمشاعر مُرتبطة بالوجود الإنساني من زوايا مختلفة، تشوقنا لمحاولات التعرف على توجهات وقناعات صاحبتها الفكرية والمنهجية، حول العديد من الموضوعات الجدلية، زادتها تشويقاً وجمالاً بطولاتها الأنثوية، ولمَ لا؟ فأنت سيدتي مُلهمة الحياة، ومُلهمة المُبدعين، وستبقين».
المعرض يضم ما يقرب من الأربعين لوحة، وقد أجادت صاحبتها التعبير عن انطباعات المرأة في مختلف الظروف.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024