تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

"اللحم الحلو".. التناقض لا يفسد في "الطبق" قضية

يفتتح الجزائريون رمضانهم بطبق "اللحم الحلو". يقولون إن ذاك تقليدٌ متوارث ليكون الشهر الكريم حلواً باستهلاله بالحلو. هل يعني ذلك أن الوصفة المتوارثة أباً عن جد، ويُعيد البعض جذورها إلى الأتراك، فيما يقول البعض الآخر إنها أمازيغية الأصل، هي تحليةٌ يتناولها أهل الجزائر بعد الفراغ من تناول طعام الإفطار؟ لا، فالطبق الحلو هو أحد أبرز الأطباق المحلية الرئيسية، والتي تكاد تكون واحدة على موائد كل البيوت، كطاجين الزيتون والبوراك والحريرة.
آمنة منصور


تناقض "لذيذ"
يحمل اسم "اللحم الحلو" تناقضاً مثيراً للاهتمام. كيف يجتمع اللحم مع الحلو؟ أي توليفة تدمج المكونين؟ هل سيكون الطعم مألوفاً، مستغرباً، مستساغاً، أم مبهراً، في نظر وفم من لم يتذوّق الطبق سابقاً؟ هذه الأسئلة مشروعة، وتعكسها ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي على وصفة الطاجين وصوره، والمذيلة بعلامات التعجب والاستفهام.
بالنسبة للجزائريين الأمر مختلف تماماً. فطهو اللحمة مع ثمار المشمش والخوخ (البرقوق) وإضافة السكر إلى الخليط، يفضي إلى طبق شهي، يجدون فيه شكلاً مميزاً وطعماً لذيذاً وقيمة غذائية تمدّ الصائم بقدر كبير من الطاقة التي تعينه على متابعة أداء الفريضة بقوة ودون تعب.


عناصر ثابتة
كيفية تحضير الطاجين الحلو أو اللحم الحلو أمر على قدر من البساطة. فالمقادير، لمن لا يعرفها، موجودة على الإنترنت، وكذلك مراحل الطهو. ولا غرابة في الأمر، إن كان الطبق تراثياً في الجزائر أولاً، ويُرافق الجزائريين في مناسابتهم الاجتماعية والدينية كالأعراس وفي شهر الصيام ثانياً. وهم يعدّون لتحضيره العدّة، ويرصدون لمكوناته ميزانية خاصة، وغالباً ما يشترونها قبل حلول رمضان خوفاً من ارتفاع الأسعار.
وفيما تُبيّن المعلومات المنتشرة اختلافاً نسبياً في طريقة التحضير بين مطبخ وآخر، وبين قناة مختصة بالطبخ ونظيراتها، إلا أن ما يجمع بينها جميعاً هو طهو اللحم مع البصل وإضافة البهارات الخاصة إليهما (عيدان قرفة، زعفران وملح) ثم غليهما بالماء حتى النضوج، فيما يطبخ البرقوق والمشمش على البخار (أو يسلقان) كل على حدا للحفاظ على الشكل واللون. ثم يتم إضافتهما مع الزبيب الذي تم نقعه بماء الزهر ليستعيد طراوته، إلى اللحم. وبعد ذلك، يُترك الطاجين ليتعسّل إثر إضافة السكر وماء الزهر إليه.
هذا في الإعداد، علماً أن بعض الوصفات تتضمن بحسب ما هو متناقل على مواقع التواصل الإجتماعي الأناناس أو التفاح أو السفرجل أيضاً، أما في التقديم فالمشهد النهائي يختلف حسب الأذواق، ويبقى المتعارف عليه بصورة عامة تزيين الطبق باللوز المحمّص. ويُقال أيضاً الفستق السوداني. كما درج عدد كبير من الجزائريين على إضافة "شباح السفرة"، وهي مثلثات مقلية مصنوعة من عجينة اللوز،  إلى الطاجين.
وفيما يجد البعض تشابهاً كبيراً بين هذا الطبق مع "الخشاف"، فإن أوجه الشبه تصبح أكثر وضوحاً من خلال الوصفات الاقتصادية للطبق الأول والتي تستغني عن اللحم.


تفاعل مسبق
على "تويتر" حيث يكتسب "اللحم الحلو" شهرةً تخرج من حدود الجغرافيا في المغرب العربي، يتفاعل المغرّدون مع اسم الطبق أولاً ثم مع مقاديره وما ينتهي إليه طهوه. وهنا يأخذ جزائريون على عاتقهم تعريف من لا يعرف ما هو هذا الطاجين. فتقول أسما أنه "طبق إجباري في المائدة الجزائرية الرمضانية"، وتُضيف نورهان مؤكدةً بأننا "لا نستغني عنه في الشهر الفضيل".
من جانبها، تشرح نجاة مع وسم #مرحبا_بالضيف_يللي_جانا_فالجزائر، أن "اللحم الحلو يحضر أيضاً في الأعراس، ويعرف بهذا الاسم في العاصمة الجزائرية وضواحيها، وطاجين العين في الشرق الجزائري كقسنطينة"، مضيفةً: "هو مفيد جداً للجسم خاصة في شهر رمضان لمقاومة التعب". وتوافقها كل من مي وظافرة اللتان تتحدثان عن فلسفة الطبق بالقول "أول يوم في رمضان لازم يكون حاضر الطاجين الحلو أو اللحم لحلو باش يجينا رمضان حلو".


نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"

المجلة الالكترونية

العدد 1079  | تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079