تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

مصطفى ذكري..بعد صدور يومياته 'على أطراف الأصابع'

عرف الوسط الثقافي الكاتب المصري مصطفى ذكري من أعمال روائية عدة مثل «هراء متاهة قوطية» التي صدرت عام 1997، و«الخوف يأكل الروح» 1998، و«لمسة من عالم غريب» 2000، بالإضافة إلى مجموعتين قصصيتين هما «تدريبات على جملة اعتراضية» و«مرآة 2002». وكتب مصطفى ذكري السيناريو لفيلمين هما «جنة الشياطين و«عفاريت الأسفلت». وفي يومياته الصادرة حديثاً عن دار «العين» في القاهرة تحت عنوان «على أطراف الأصابع»، يتناول ذكري الكثير من مشاهداته السينمائية، ومشاهداته الأدبية أيضاً، إذ يتحوَّل مشهد من رواية لكاواباتا، على سبيل المثال، إلى مشهد سينمائي، يخضع لصياغة أدبية. ولمناسبة صدور كتابه الأخير أجرينا مع مصطفى ذكري الحوار التالي


- هل صحيح أن الكتاب هو تصفية حسابات مع أساتذتك؟ إدوار الخراط مثلاً تصفه بالمتوسط القيمة. أين أنت الآن من مقولاته النقدية التي انحاز من خلالها إليك وإلى كتّاب آخرين من جيلك، ومنها «الكتابة عبر النوعية»؟

الكتاب بالفعل هو تصفية حساب ولكن مع ذوقي الفني، على اعتبار أنني كنت حتى تخرجي في معهد السينما في أوائل التسعينات من محبي أدب إدوار الخراط، ولما عدتُ بعد ذلك إلى هذا الأدب صدمتني هشاشته الفنية. وجدت أن جزءاً من تطهير ذوقي الفني أن أقول ما قلته في الكتاب عن أدب إدوار الخراط، خصوصاً ثلاثيته «راما والتنين» و«الزمن الآخر» و«يقين العطش». وتصفية الحساب هذه شملت أيضاً أعمالاً سينمائية كنتُ أحبها لاعتقادي أنها ذات قيمة كبيرة، وهي لمخرجين كبار في مقدمهم ألفريد هتشكوك، وخصوصاً فيلمه «الطيور». تصفية الحساب هذه أفعلها وكأني أقوم بجرف الأرض التي تربيت فيها لأختبرها. وأنا عندما وصفت إدوار الخراط بأنه متوسط القيمة لم أجد في ذلك أي قسوة. فثلاثية الخراط مثلاً هي عمل كبير حجماً، لكنها في النهاية عمل عاطفي. أما مقولاته النقدية، ومنها «الكتابة عبر النوعية»، فأنا أرى أنها إنشائية تماماً ولا تنطبق على كتابتي.

- هل توقفك عن كتابة سيناريوهات سينمائية جديدة هو صمت عجز أم صمت إرادة؟ 
هو صمت إرادة، لأن ظروف السينما الراهنة محبطة تماماً. كما أنه  صمت عجز في الوقت نفسه لأنني غير قادر على التعامل مع شروط تلك الظروف، ومنها شرط تحقيق إيرادات ضخمة والذي يفرض نوعية معينة من الأفلام السطحية.    

- يلاحظ بعض أصدقائك أنك كسول بطبعك. هل تسير على درب الفرنسي المصري الأصل ألبير قصيري في مسألة الكسل هذه التي اشتهر بها؟
لا أنكر أنني أتخذ ألبير قصيري مثلاً في استمراء الكسل الذي أحياناً ما أضبط نفسي تقاومه على استحياء. وهكذا يندر أن أتواجد في وسط المهنة، مهنة الكتابة. لا أشارك مطلقاً في ندوات أو مؤتمرات. وعموماً أنا أجد في الكسل مادة جيدة للتأمل والتهيؤ لإنجاز ما.   

- أصدقاء البدايات نورا أمين، مي التلمساني، منتصر القفاش كيف تراهم اليوم؟
عندما تصادقنا كنا لا نزال صغاراً في السن وكنا لا نزال نشتعل حماساً. الآن كل منا ذهب في طريق. نورا أمين تعمل باحتراف زائد عن اللزوم، ولكن همّ الكتابة لم يكن يشغلها بشكل حقيقي، بدليل انشغالها في السنوات الأخيرة بالمسرح تمثيلاً وكتابة وإخراجاً، على عكس منتصر القفاش المهموم بالكتابة طوال الوقت، لكن تحولاته في هذا المجال تسير في خط واحد، ومن ثم يصعب أن تكون له طفرات، وهذا ينطبق أيضاً على مي التلمساني. وأضيف إلى الثلاثة ميرال الطحاوي التي أخلصت للعمل الأكاديمي على حساب الكتابة. 

- ماذا تقصد من وراء الاستعاضة عن العناوين بأرقام؟
الرغبة في التجريد، فالأرقام أكثر رصانة وتجريداً وجفافاً مقارنة بالعناوين التي ستؤدي إلى تمييع جمالي خصوصاً عندما تتصدر 56 فقرة هي مجموع فقرات الكتاب.

- لمن تكتب؟
أكتب لنفسي. لأستمتع أولاً. وهذا لا يعني الحرص على الصنعة. لكن أن أتوجه إلى قارئ فهذا غير موجود عندي تماماً.

- كيف تنظر إلى ظاهرة رواج بعض الأعمال الأدبية العربية في الفترة الأخيرة؟
الكتابة الأدبية، من وجهة نظري، هي تلك الكتابة التي تحقق متعة جمالية، ولذلك أنا لا أنظر إلى كتب راجت في الآونة الأخيرة مثل «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني و«تاكسي» لخالد الخميسي باعتبارها أعمالاً أدبية. وأرى أن رواج تلك الأعمال يرتكز على كونها مكتوبة بشكل تقليدي يراعي شروط الحصول على جوائز.  

- «على أطراف الأصابع» كتابة أدبية ومع ذلك أنت تعتبرها يوميات وكأنها مجرد كتابة صحافية؟ 
ذلك لأن المادة الدرامية في هذا الكتاب هي مجرد حطام يغوص داخله بشكل متطرّف، ومتحرّر في الوقت نفسه من أي عبء للكتابة. واليوميات صيغة أكثر رحابة وعمومية فهي خليط ما بين التأمل والحكم الجمالي والتعليق شبه السياسي أو الاجتماعي.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079