مها عقيل... بعد توليها منصب مدير تحرير مجلة منظمة المؤتمر الإسلامي
هدوء شخصيتها ورزانة كلامها يجعلانك تتمعن في حديثها، تحاور شخصية مثقفة ولديها خلفية مختلفة الحضارات، أرجعتها الى تنقلها أثناء الدراسة بين الولايات المتحدة الأميركية وكندا. عملت معدة ومقدمة برامج للقناة العربية في أميركا وهذا أكسبها فن الحوار، ودراسة الإخراج التلفزيوني والسينمائي جعلت نظرتها الى العالم الإعلامي منتقاة، خصوصاً بعد عودتها لأرض الوطن ورغبتها في التواصل مع شرائح المجتمع المتعددة فكان لـ «عرب نيوز» خيار تواكب من خلاله هموم الشعب السعودي، والمقيمين من محبي قراءة الخبر باللغة الإنكليزية. مها مصطفى عقيل انتقلت مؤخرا من عالم الصحافة الواسع لتكون أول سيدة تدخل منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة، بعد أن أقر الأمين العام الحالي للمنظمة ضرورة مشاركة المرأة في أعمال المنظمة في كافة تفرعاتها، لتشغل منصب مدير تحرير مجلة «ذي جورنال» الناطقة باللغة الإنكليزية، وحاليا أضيف لها النسخة العربية. «لها» التقت مها عقيل لتتعرف عليها أكثر بعد أن أصبح عملها الإعلامي أكثر تخصصاً، ويقارب الأخبار السياسية لأكثر من 55 دولة عربية وإسلامية.
- مها عقيل أنهيت دراسة الإخراج التلفزيوني والسينمائي في الولايات المتحدة ومن ثم انتقلت إلى كندا لتحضير رسالة الماجستير وانتهى بك المطاف للعمل في الحقل الإعلامي، فكيف تحولت السينما من عدستها اللاقطة إلى الأعمال التحريرية الورقية؟
بعد انتهائي من الدراسة وعودتي الى السعودية لم يكن مجال الإخراج متاحاً للمرأة كما هو حاصل حاليا، وبالطبع هذا جعلني أبحث عن أقرب ما يمكن لمجال دراستي فكان الإعلام، خصوصاً أني عملت في الولايات المتحدة معدة ومقدمة برامج للقناة العربية في أميركا وهذا اكسبني كثيرا من إجادة اللغة العربية، وكيفية الحوار، ووضع الأسئلة المناسبة... وعند عودتي عرفت عن جريدة «عرب نيوز» التي تصدر باللغة الإنكليزية. وبحكم دراستي وإجادتي لهذا المجال قررت الالتحاق بالعمل الإعلامي، وبالفعل أعجبت بمجال الصحافة الورقية والعمل فيها، وكان سقف الحرية في صحيفة «عرب نيوز» جيداً مما أتاح لي التطرق الى كثير من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية التي كان لها صدى في المجتمع السعودي. ولكن هذا لا يمنع أنه من الممكن أن أعود الى ممارسة العمل التلفزيوني مستقبلا مع وجود كل هذه القنوات الفضائية، وحتى تطور التلفزيون السعودي جعل للمرأة حيزاً واسعاً داخله.
- ذكرت عملك كمعدة ومقدمة برامج في الولايات المتحدة الأميركية أثناء فترة دراستك فكيف سنحت لك الفرصة في هذا المجال؟ وكيف انعكست أعمالك هناك على تحريرك للمواد المكتوبة؟
عملي في مجال الإعداد والتقديم لم يكن بالصدفة بل هو جزء أساسي من دراستي، لأن الجامعات في الولايات المتحدة تهتم بالجانب العملي أكثر من النظري، وبالتالي كانت لدي ساعات عملية إجبارية، وكان عملي تطبيقاً للمواد التي درستها. وحقيقة ما استفدته من عملي كان أضعافاً مضاعفة من المواد التي درستها نظريا، وكان الهدف من القناة العربية الأميركية تواصل الجاليات العربية مع عالمها الخاص ووطنها، وفي الوقت نفسه كانت تعرف الشعب الأميركي على نشاطات العرب، أفكارهم، قضاياهم، وضيوف البرنامج كانوا ما بين شخصيات عربية تناقش حال العرب في أميركا، وأيضا شخصيات أميركية لتبادل الآراء والثقافات، وكانت بالفعل تجربة غنية ومفيدة إلى حد كبير جداً.
- ما بين عملك في الولايات المتحدة والعمل في الصحافة السعودية، ألم تجدي فرقاً في هامش الحرية في طرح المواضيع أيا كانت هويتها؟
بالفعل لا أنكر أن هناك فرقاً في هامش الحرية بين البلدين. ولكن كان هناك خياران، إما ترك المجال الإعلامي، أو الخروج من المواضيع الشائكة والتي تدخل ضمن محذورات مقص الرقيب، وإما أن يكون لدى الصحافي نوع من الذكاء في طريقة الطرح بحيث تكون موضوعية وبعيدة في الوقت نفسه عن الإثارة والبلبلة والاستفزاز، لأن الهدف في النهاية من الإعلام تقديم المشكلة وطرحها للنقاش والحل.
- من «عرب نيوز» إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، هل الخروج من الصحافة الورقية العامة إلى الصحافة المتخصصة كمدير تحرير خطوة صعبة خصوصاً أنك أول امرأة تعين في منصب مدير تحرير داخل المنظمة؟
في الحقيقة كان القرار صعباً إلى حد ما، فقد كان علي الموازنة بين المميزات والعيوب سواء في العرض المقدم لي من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي والفرصة التي ستتاح لي في الانتساب الى هذا الصرح الكبير، ومن جانب آخر العمل في الصحافة المكتوبة والحرية في التنقل بين تحقيق وآخر، ولكن كان القرار في النهاية الانتقال إلى منظمة المؤتمر الإسلامي كأول امرأة تعمل في المنظمة من جدة. وأيضاً كمديرة تحرير لمطبوعة «ذي جورنال» التي تصدر باللغة الانكليزية، ومن ثم أضيفت الطبعة العربية، ووجودي كان بناء على توجه من الأمين العام الحالي الى دخول المرأة ميدان العمل داخل المنظمة ودورها الفعال في كثير من المجالات، وحالياً نحن خمس سيدات رسميات في مختلف فروع المنظمة.
- بالمقارنة ما بين العمل في مطبوعة متخصصة تابعة لمؤسسة مثل منظمة المؤتمر الإسلامي وبين العمل الصحافي، كيف تحولت نظرتك الإعلامية؟
صراحة حتى اللحظة أعمل في مجلة منظمة المؤتمر الإسلامي بالنظام الصحافي المعتاد الذي تعودنا عليه في الإعلام المكتوب، بل وكتابة كل التحقيقات الإنسانية والاجتماعية والثقافية وحتى السياسية. إضافة إلى أن لدى المنظمة فريق عمل صحافياً متكاملاً يساعدني كثيراً في إخراج المطبوعة. وفي ما يخص المطبوعة العربية لدينا فريق للترجمة محترف جداً، والتعاون بيننا جعل للمطبوعة تميزاً يحرص عليه الجميع.
- وجودك كمدير تحرير مجلة منظمة المؤتمر الإسلامي أين وضعك؟ وماذا أعطاك؟
العمل السياسي كان حكرا على الرجل في الصحف السعودية اعتقاداً من رؤساء التحرير أن المرأة لا يمكن أن تخوض هذا المجال، وأنه يحمل كثير من المحاذير. هذا الجانب مختلف تماما في منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم ما يقارب 57 دولة عربية إسلامية علينا أن نغطي كل أنشطتها السياسية والثقافية والإنسانية وحتى الاجتماعية هذه النقطة تحديدا هي ما جعلت قرار الانتقال محسوماً لمصلحة مجلة منظمة المؤتمر الإسلامي، فأنا أعمل على كثير من الموضوعات ذات الطابع السياسي، ولقاء رؤساء الدول والمنظمات.
- يتطلب العمل في «ذي جورنال» الانتقال من دولة الى أخرى، فكيف تقبلت هذه التنقلات خصوصا أنك مطالبة بالسفر بشكل مستمر؟
بالفعل نحن مطالبون بالتنقل من مؤتمر إلى آخر ومن دولة إلى أخرى، إلا أن هذه التنقلات يمكن جدولتها بشكل محسوب، وبموازنة بسيطة بين ما تتطلبه مسؤولياتي كأم وزوجة، وبين العمل كمدير تحرير يمكن أن أتجاوز كل الصعوبات.
- هل تجدين أن المنظمة وبعد إقرار دخول المرأة إلى مضمار العمل داخل أروقتها المختلفة قد غيرت من نمط عملها مقرة بأهمية دور السيدة فيها؟
بكل تأكيد، فمنذ تولي الأمين العام الحالي مهماته الوظيفية ركز على دور المرأة في المنظمة، بل وكانت فكرته إسناد منصب مدير تحرير مجلة المنظمة إلى سيدة طالما أنها تمتلك كل المهارات والمقومات المطلوبة، إضافة إلى أنه وفي الخطة الحالية أقر وبشكل واضح دور المرأة وأصبح لدينا مركز يهتم بشؤون تمكين وتطوير النساء في كافة المجالات الاقتصادية، الثقافية، التعليمية، والإنسانية. وقد جعلت القاهرة مقرا للمركز. أيضاً بعد فترة لدينا اجتماع الدورة السابعة والثلاثين في طاجيكستان وسيقر خلال الدور إنشاء مركز المرأة والأسرة الذي يهتم بشؤون النساء في الدول الأعضاء، والأطفال والشباب. والمركزان ستكون أنشطتهما تحت مظلة منظمة المؤتمر الإسلامي.
- أنت عضو لجنة العلاقات الدولية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، فما هو دور هذه اللجنة؟
أنا عضو وأحد مؤسسي لجنة العلاقات الدولية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة التي أنشئت عام 2004، وكان الهدف منها استقبال الوفود الأجنبية الزائرة لمدينة جدة للتعريف بمعالم المدينة التراثية والحضارية والسعودية بشكل عام، ومن جهة أخرى العمل على توضيح الصورة الإسلامية الصحيحة والتقريب بين وجهات النظر العربية والغربية وذلك بطرق عدة من أهمها الندوات التي نقيمها بين فترة وأخرى. وقد أعددنا ندوة حوارية مفتوحة في العام 2005بين مجموعة من الإعلاميين والمثقفين ورجال وسيدات الأعمال من السعودية ومجموعة مماثلة من الولايات المتحدة الأميركية ليكون نقاش مفتوح بين الجهتين والوقوف على أسباب الصورة المشوهة المطروحة على الساحة الأميركية. وحاليا نعد لعقد ندوة حوار مفتوح بين السعودية والهند وطرق التبادل بين البلدين على كل الأصعدة، وفي كل المجالات.
- كيف تجدين أن هذه الندوات والحوارات تعمل على تغير الصورة المشوشة بين الإسلام والغرب؟
نمر حاليا بأزمة حقيقية بين العالم العربي والإسلامي والعالم الغربي، ونلاحظ ما تطالعنا به وسائل الإعلام يوما بعد يوم من العنصرية التي يتعرض لها المسلمون داخل الدول الغربية، إضافة إلى فرض الغرامات على الحجاب والنقاب وصولا إلى الرسوم المسيئة الى شخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وهنا تبرز ضرورة الحوار المفتوح بين العالم العربي والإسلامي والدول الأوروبية والأميركية، خصوصا أننا كنا نعتقد ونسلم بأن الدول هذه دول الحرية وعدم التمييز وسوى ذلك من الشعارات التي بتنا نرى عكسها تماماً في الفترة الأخيرة. فمثلا تمنع سويسرا بناء المآذن رغم أنها لا تمتلك أكثر من أربع مآذن على كبر مساحتها، حتى منظمة المؤتمر الإسلامي تعمل على هذا الجانب عن طريق الاتفاقات، والمحادثات مع رؤساء المنظمات الإنسانية والحقوقية لتكفل للجميع العيش بسلام، خصوصاً أن الإسلام دين ينادي بالتسامح والحرية، ويكفل حقوق كل من المسلم وغير المسلم.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024