تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الدكتورة منيرة الناهض.. أمين العام المساعدة في مؤسسة الفكر العربي

الدكتورة منيرة الناهض، سيّدة سعودية تخصّصت في علم الإجتماع وعملت في المجالين الأكاديمي والميداني. بعد مسيرة طويلة، حطّت رحالها في بيروت لتتولّى مسؤولية أساسية في «مؤسسة الفكر العربي». للإطلاع على مسيرتها التي تُجسّد قدرة تلك المرأة وتفوقها، والوقوف على تفاصيل المشاريع التي تعمل عليها كان هذا اللقاء.

- تشغلين اليوم منصب الأمين العام المساعد في مؤسسة الفكر العربي والمسؤولة عن ملف التنمية والتعليم. بدايةً من هي منيرة الناهض؟
أنا إمرأة سعودية درست علم الإجتماع في أميركا ومن ثمّ سافرت إلى بريطانيا حيث حصلت على شهادة الدكتوراه من إحدى جامعاتها، بعدها عدت إلى وطني وبدأت بالعمل في قطاع المجتمع المدني وفي الجمعيات الأهلية لفترة طويلة. شاركت أيضاً في تأسيس الكثير من الجمعيات واللجان الوطنية في المملكة العربية السعودية قبل أن أتسلّم عملي في «مؤسسة الفكر العربي».

 - كيف وصلت إلى هذا المنصب القيادي في «مؤسسة الفكر العربي» في ظلّ الظروف الصعبة التي قد تُعانيها المرأة الخليجية أكثر من غيرها؟
 وصلت إلى هذا المنصب بعد عمل شاق وطويل، بمعني أنني لم أتسلمه نتيجة وراثة أو واسطة وإنما نتيجة تخصّصي وعملي وإنجازاتي في هذا المجال. وأنا سعيدة بوصولي إلى هذا المركز القيادي خصوصاً أنّه يخولني تنفيذ الكثير من المشاريع التي طالما حلمت بها لأنّ شغفي بالعمل التنموي كبير جداً. وأكثر ما يُسعدني أنّ وجودي في هذا المكان يجعلني في مجال يجمع بين الإداري والفني، فأنا عندما كنت أدرّس في الجامعة علم الإجتماع كنت أقوم في المقابل بعملي في الهيئات الوطنية واللجان والجمعيات. لذا أقول إنني لم أكن يوماً أكاديمية بحتة ولا ممارِسة بحتة بل بين الإثنتين. وهذا ما وجدته في عملي الجديد من خلال منصبي في مؤسسة الفكر العربي حيث أعمل في الإدارة وعلى الأرض أيضاً.

- هل واجهت مضايقات معينة من العائلة أو الزوج لأنّ عملك هذا يُحتّم عليك السفر والإقامة في لبنان والإختلاط وغيرها من الأمور التي لم يتقبلها بعد المجتمع السعودي؟
أنا أعتبر نفسي محظوظة لأسباب عديدة أوّلها أنني أنتمي إلى أسرة مستنيرة، فوالدي كان من مشجعي دراسة المرأة وعملها ووصولها، ولم أكن محظوظة لأنّ والدي ساعدني وشجعني وأخواتي على الدراسة فحسب بل لأنني وُجدت في وقت كانت الدولة فيه تُشجعّ الفتيات على مواصلة المراحل التعليمية المتقدّمة من خلال توفير نظام البعثات إلى الخارج. وقد أُرسلت إلى الخارج في بعثة ودرست هناك وحصلت على الدكتوراه، ثمّ عدت وعملت ولم أواجه أي مشكلة مع عائلتي التي طالما كانت فخورة بي وسعيدة بكلّ ما أحققه من نجاحات وإنجازات.

- وما كان موقف الزوج من عملك؟
أنا أرملة منذ أكثر من ١٨ سنة، وربيت أولادي وحدي إلى جانب الأهل ومساندتهم الدائمة لي، ولكن لم أكن أجد مع زوجي، رحمه الله، كما مع أهلي أي مشكلة في مواصلة علمي وعملي.

- في غياب مواجهة عائلتك الصغيرة التي شجعتك على عملك، ألم تجابهي مشكلة معينة مع عائلتك الكبيرة التي تتمثّل بمجتمعك السعودي خصوصاً أنك بدأت مشوارك المهني في فترة لم تكن فيها المرأة السعودية قد بدأت تظهر علناً في الشأن العام؟
أعتقد أنّ سيرة والدي الذاتية وشخصيته وقيمته واحترامه لم تسمح لأي أحد من عائلتنا الصغيرة أو الكبيرة بالتدخّل في شؤوننا. ورغم أنّ هذا قد يكون عاملاً واقعياً يتكرّر مع أغلب السيّدات البارزات، إلاّ أنني وبحسب تجربتي لم أمرّ في هذا النوع من الحرب لمجرّد أنني إمرأة. ولكن مهما يكن لا بدّ للمرأة أن تحارب لكي يكون لها صوت مسموع لأنّه في الغالب الرجال هم في موقع المسؤولية وعلى المرأة أن تبادر وتحارب لإثبات نفسها وتكريس قدراتها في المكان الذي تعمل فيه.
ولكن دعيني أخبرك أنّ المشكلة التي كنت أواجهها عندما كنت أعمل في جامعة الملك سعود، وهي المشكلة الحقيقية التي تعيشها مجتمعاتنا العربية، أنّ الرجل هو من يملك صنع القرار، وإن كان هذا القرار متعلقاً بالمرأة. ولا أعتقد أنّه بوسع الرجل الذي يعمل في مجال آخر مختلف عن مجال المرأة ويعرف ظروفاً مختلفة أن يتمكّن من أخذ القرار عنها. وأنا أجد أنّ هذا الأمر يُشكّل عبئاً على الرجل ذاته، ما عدا الرجال الذين لا يهتمون أصلاً لمعرقة مدى فعالية قرارهم وما إذا كان يناسب المرأة أم لا.

- ألم يتغيّر هذا الوضع في جامعة الملك سعود اليوم بالمقارنة مع الفترة التي درست فيها هناك؟
لا شكّ أنّ التغيرات الهيكلية التي حصلت في الجامعة التي أتيت منها قد أدّت إلى تغير بعض الأوضاع الأساسية فيها. وإنما لا شكّ أنّ المرأة- ولا أعني نفسي هنا- دائماً تُعاني من صعوبة في الوصول إلى مراكز القرار في الشكل المطلوب، وليس لديها فرصة أحياناً لأن تُشارك في صنع القرار في الميادين أو المسائل التي تخصّها.

- هل تقصدين المرأة السعودية أم المرأة العربية في شكل عام؟
أقصد المرأة في شكل عام، لأنّ مشكلة المرأة واحدة في العالم أجمع، رغم اختلاف الظروف والشكليات. فالمرأة- بعيداً عن الإستثناءات- لم تستطع حتى الآن أن تُشارك فعلياً في صنع قرار الدول وتغيير أنظمة ووضع قوانين والوصول إلى المراكز القيادية الحقيقية، رغم أنّها أثبتت خلال الآونة الأخيرة وجودها وقوّتها بطريقة واضحة. وهذا التطوّر الذي بدأنا نشعر به في وضع المرأة لا بدّ أن يُؤدّي إلى تغيير جوهري ما.

- ما الذي ينقص المرأة العربية والسعودية في شكل خاص لتثبت وجودها في شكل أكبر حتى يكون هناك أكثر من منيرة الناهض تعمل في عالمنا العربي؟
لا ينقص المرأة العربية أي شيء على الإطلاق سوى العدل والإنصاف في مواقع حياتها، سواء كانت إمرأة عاملة أو ربّة منزل. إذا كانت المرأة، مثلاً، غير عاملة فعلى زوجها أن ينصفها في منزلها ويأخذ برأيها وتُشارك في صنع القرار الأسري والمجتمعي. أمّا إذا كانت  تعمل خارج منزلها فمن حقّها أن تجد العدل والإنصاف في مكان عملها، وأن تُعطى الفرصة لتُثبت نفسها كشريك قوي للرجل في المجتمع الكبير. وسبق أن قدّمت دراسة كبيرة عن «المرأة وصنع القرار» في المملكة العربية السعودية، ووجدت أنّ المرأة السعودية لديها قدرة قوية  في صنع القرار، وخصوصاً عندما يكون يُشعرها زوجها بالعدل والإنصاف. وكذلك في الهيكل التنظيمي والقانوني وهياكل العمل كلّها لا بدّ أن يكون هناك عدل ومساواة بين المرأة والرجل حتى تبرز قدراتها أكثر فأكثر. لذا أقول إنّ المرأة العربية أثبتت نفسها بجدارة في مختلف المجالات ولا ينقصها سوى أن يتبدّل النظام ويتعدّل لمصلحتها ومصلحة المجتمع ككلّ.

- هل يُمكن لهذا النظام أن يتبدّل طالما أنّه يُنَفّذ تحت غطاء الدين والشريعة الإسلامية؟
لا بدّ من أن يُعدّل بما يتوافق والشريعة الإسلامية التي أعطت المرأة حقّها. ولو عُدنا إلى التعاليم الإسلامية الحقيقية وروح الدين لوجدنا أنّ كلّ الحقوق الأساسية ممنوحة للمرأة وإنما لا تُعطى لها بل على العكس تُشَوّه. وبالنسبة إلى المرأة السعودية أعتقد أنّ هناك آلافاً مؤلّفة من السيدات القادرات على العمل في مختلف المجالات وعلى أرفع المستويات في أي زمان ومكان بعدما أثبتت لنفسها وللعالم كلّه أنّها بسبب سقف الحرية المنخفض حاربت وجاهدت كثيراً لكي تصل إلى أعلى مستويات التمكين، وعندما أُتيح لها وصلت. ولكن هناك فئات معينة من السيدات السعوديات اللواتي لم يتمكّن من الوصول إلى الموارد التعليمية والإقتصادية والعلمية لذا لم يستطعن البروز، أمّا من سمحت لهن الظروف بالوصول إلى كلّ هذه الموارد فنجحن في أن يسطعن ويصلن إلى أعلى مستويات التمكين والقدرة. أمّا ما ينقصهنّ فهو ما ينقص كلّ السيدات في المجتمع العربي وبعض المجتمعات الأكثر تقليدية: العدل والمساواة والوصول إلى مواقع صنع القرار.

- بعد البحث الطويل الذي أجريته عن المرأة السعودية وصنع القرار، لا بدّ أن تكون هناك امرأة معينة أثّرت بك أكثر من غيرها. فمن هي المرأة السعودية التي وجدتها مؤهلّة لتكون قدوة لكل امرأة ناجحة؟
حقيقة أنا تأثّرت كثيراً بالدكتورة ثريا عبيد التي تولّت منصباً كبيراً جداً في الأمم المتحدة وأعتقد أنّها كانت المديرة التنفيذية في منظمة الأمم المتحدة للسكان. ولم أتوقّف عند هذه الشخصية فقط لأنّها نجحت في الوصول إلى منصب عالمي كبير بل لأنّها كبيرة أيضاً على الصعيد الشخصي، بمعنى أنّها متواضعة جداً وتعرف كيف تتواصل مع الآخرين بطريقة جميلة ومحبّة. وأذكر أنني عندما رأيتها للمرّة الأولى كانت في تلك الفترة تحتضن جميع السيدات العربيات من خلال مساعدتهن وتشجيعهن ومساندتهن، بالإضافة إلى أنّها لم تتخلّ يوماً عن قيمها وتراثها وتقاليدها بل أعطت صورة مشرّفة جداً عن المرأة العربية في الخارج. لذا أراني لا أجد في ثريا عبيد مثالاً وقدوة للمرأة السعودية فحسب بل قدوة للمرأة في أي مكان.

- ولكن هناك الكثير من السيدات الخليجيات والسعوديات اللواتي ما إن يتمكّن من إيصال صوتهن عبر تبوؤ مركز معين حتى يتمرّدن على عاداتهن وتقاليدهن وقيمهن بكلّ ما فيها من سلبيات وإيجابيات. كيف تنظرين إليهن؟
أعتقد أنّه على كلّ إنسان متعلّم ومتنوّر أن يحتفظ باحترامه لقيمه وتراثه، لأنّ بعض الذين تمردّوا على روح قيمنا وتراثنا لم يفهموا مع الأسف ماهية روح هذه القيم والتقاليد. وأنا لا أتكلّم هنا عن كلّ العادات والتقاليد بل عن القيم الإسلامية والعربية القديمة الجميلة. وبصراحة أنا لست من الشخصيات التي تتمسّك بالتقاليد لمجرّد أنّها عادات متوارثة لا تقبل النقد، ولكن عندما يكون للتقاليد دور مجتمعي كبير مثل صلة الرحم واحترام كبير السن وإكرام الضيف ومساعدة المحتاج وغيرها، أقدرها واحترمها لأنّها هي في الأساس قيم دينية قبل أن تكون قيماً اجتماعية أو إنسانية.
من هنا أقول إنّ التمسّك الأعمى بالتقاليد ليس ظاهرة صحية والتمرّد على كلّ العادات والقيم ليس دليل ثقافة وعلم وحضارة، فأنا مع احترام القيم الدينية الإصلاحية الضرورية جداً في حياتنا الإجتماعية، إلاّ أنني في المقابل أرفض التقاليد المضرّة رفضاً قاطعاً ولا احترمها بتاتاً. وأنا أحترم كينونة كلّ شخص وأرى أنه من حقه قبول أو رفض ما يشاء دون أن يضرّ الآخرين، ولكني كإنسان لا أنظر بعين الإحترام والتقدير إلى من يتمرّد على تراثه وقيمه التي عاش بها لمجرّد التمرّد أو لسلخ جلده، وأرى انه لم يفهم الدور الجوهري الذي تقوم به بعض هذه التقاليد في حياتنا.

- ما هي أبرز القيم التي تحرصين على التمسّك بها في حياتك المهنية والشخصية؟
ترابط الأسرة من أكثر القيم التي أوليها اهتماماً في حياتي لأنّ الأسرة تعني لي الطمأنينة، فأنا أطمئن كأم بوجود أولادي إلى جانبي والأبناء يطمئنون بدورهم لوجود الأم إلى جانبهم، بعاطفتها وخبرتها وإرشاداتها واهتمامها. وهذا الإطمئنان ينعكس حتماً على سلوك الطرفين في الحياة العملية. فضلاً عن أنني أتمسّك بكلّ القيم التي تجعل من المجتمع مجتمعاً سليماً وقادراً على تنمية نفسه، أمّا كلّ التقاليد التي تكرّس روح التفرقة والنزاع ورفض الآخر فأنا لا أعترف بها ولا أقبلها. لذا أقول إن قيمي هي إسلامية إنسانية قبل أي شيء آخر.

- هناك خمسة مشاريع تعليمية وتنموية جديدة تحضرين لها من موقعك كمسؤولة عن الملّف التنموي في مؤسسة الفكر العربي. إلى أي مدى يُعتبر التعليم أولوية في المؤسسة؟
جعلت «مؤسسة الفكر العربي» منذ تأسيسها عام ٢٠٠١ التعليم محوراً كبيراً من محاور رسالتها. وبدأت فكرتها أولاً من خلال المنتديات والمؤتمرات لتنمية وعي المجتمع العربي حول أولوية التعليم واحتياجاته لأنّه لا يمكن أن يكون هناك نهضة في المجتمع العربي من دون نهضة في مجال تعليم الجيل الجديد من الشباب والشابات، لذلك عملت المؤسسة في هذا المجال لمدّة خمس سنوات أقامت خلالها الكثير من المؤتمرات كان آخرها عام ٢٠٠٨.
 بعد ذلك قرّرت المؤسسة أن تُغيّر منهجيتها في التعليم لأنّ المنتديات وصلت إلى أهدافها. واليوم بدأت المؤسسة تنظر إلى قضايا التعليم من خلال رصد المدرسة العربية وكيف يتمّ تطوير المجال التعليمي من خلال المدرسة العربية، لذلك منهجية العمل للتعليم في الوقت الحالي هي في كيفية مدّ العاملين والممارسين في التعليم بالتمكين الكافي لكي يكونوا عنصراً من عناصر تطوير التعليم.
 هذا لأننا نؤمن كمؤسسة بأنّ تطوير مجال التعليم لا يكون بالضرورة من القمة إلى القاعدة، لأننا نعتقد أنّه بعيداً عن تطوير القاعدة في منهجية التعليم في عالمنا العربي لن نصل أبداً إلى النتائج المرجوّة في هذا الميدان. من هنا تجد «مؤسسة الفكر العربي» أنّ الدور الذي يلعبه التعليم في حياة المجتمعات جوهري جداً، ومن أجل تطويره يجب دائماً مراقبة المدرسة العربية ودعم الممارسين التربويين لكي يتمكنّوا من تطوير التعليم بدعم من صنّاع القرار التربويين في الدولة.

- هل لك أن تُخبرينا عن هذه المشاريع التنموية التي تبنيتها؟
يُسرّني كثيراً التحدّث في هذه المشاريع لأنّني أضع عليها الكثير من الآمال انطلاقاً من اقتناعاتي بتأثير الحقل التعليمي في  المجتمع وقدرته على تغيير شؤونه وأحواله. والمشاريع الخمسة التي تبنيتها تركّز جميعها على هذا المنظور الذي يُكرّس فكرة أنّ تطوّر التعليم لا يكون إلاّ في اتجاهين: من القاعدة إلى القمّة ومن القمّة إلى القاعدة. ومن هذه المشاريع هناك مشروع تحت عنوان «تمام» ويعمل على مستويات عدّة ويهدف إلى التطوير التربوي من خلال تمكين الممارسين التربويين العرب، وينظر إلى برامج رائدة في هذا المضمار من خلال مدارس رائدة في الوطن العربي، وفي مرحلة لاحقة يتمّ تعميم هذه البرامج.

وسيبدأ المرحلة الثانية من «تمام» في نهاية هذا العام وستضمّ دولاً جديدة بعد لبنان والسعودية والأردن. كما أنّ هناك برنامج التعليم الرقمي، وهو مبادرة من مبادرات «فكر» وقد تمّ تنفيذها في لبنان ويتمّ الآن تنفيذها في فلسطين. ويهدف هذا المشروع إلى توزيع المحمول الرقمي الحديث على المدارس الحكومية في المناطق الأقلّ حظاً في العالم العربي، ويدرّب المعلمين على استعمال هذا المحمول لتدريس الأطفال.
أما المشروع الثالث فيتمثّل في تطوير ثقافة العمل التطوعي في المدارس لتعزيز مفهوم الخدمة الإجتماعية من خلال تدريب المدرسين والمدرسات على تعليم الأطفال مفاهيم إنسانية مثل العطاء وفعل الخير والمساعدة.
وهناك مشروع رائد آخر بالتعاون مع الأونيسكو يفضي إلى إنشاء موقع ضخم جداً للتطوير التربوي في العالم العربي، وهو مخصّص لكلّ العاملين في المجال التربوي من صنّاع القرار إلى أصغر مدرّس، وكلّ الأدوات الأساسية والمواد العلمية ستكون متوافرة لجميع الممارسين التربويين من خلال هذا الموقع. وبالنسبة إلى المشروع الخامس فهو عبارة عن منتدى متخصّص سيُقام في تشرين الأوّل/ أكتوبر للتربويين بهدف الإطلاّع على البرامج الرائدة في المجال التربوي.

- رغم أنّ المؤسسة تأخذ طابعاً عربياً من حيث أعمالها وأهدافها ومشاريعها، فإنّ البعض يدعّي أنّها سعودية الجنسية. ما صحّة هذا الكلام؟
«مؤسسة الفكر العربي» ليست سعودية وأهدافها تطال العالم العربي كلّه، فهي تأسست من أموال رجال أعمال عرب وكان بينهم خليجيون ومصريون ولبنانيون وغير ذلك. والسيّدة بهية الحريري جزء من هذه المؤسسة التي تأسست تحت أطر القانون اللبناني ومقرّها في بيروت، مما يعني أنّ المؤسسة عربية بامتياز.

- وماذا عن دور الأمير خالد الفيصل فيها؟
المبادرة أتت من الأمير خالد الفيصل، الأمر الذي دفع بعض الأمناء لاختياره رئيساً للمؤسسة. وهذا شرف كبير لنا أن تكون المبادرة من أمير سعودي، وأنا كسعودية أفخر بذلك. ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ المؤسسة سعودية. والأمير نفسه يؤكّد في كلّ مرّة رفضه لأن تكون المشاريع محليّة ويحثّ على أن تكون مشاريعنا كلّها إقليمية لأنّ هدفنا العالم العربي ككلّ وليس منطقة محدّدة. 

- هل يُمكن لمؤسسة الفكر العربي أن تنجح في تحقيق أهدافها في ظلّ سيطرة مجتمع عربي غرائزي أكثر منه فكري أو ثقافي؟
أؤمن بأنّ الثقافة لا تُصبح شيئاً مغروساً في نفس الإنسان إلاّ عندما يكون التعليم متطوراً وقادراً على حثّ الطفل والطفلة نحو القراءة والمطالعة وتثقيف النفس. لذلك أنا أعتقد أنّ مؤسسة الفكر العربي أحسنت صنعاً في تركيزها على محور التربية والتعليم لأنّه لا يُصبح المواطن العربي مثقف إلاّ من خلال الأسرة المثقفة أو المدرسة التي تُعزّز روح الثقافة والمعرفة عند التلميذ.

- نظراً إلى نتائج «تقرير تنمية» الصادر عن مؤسسة الفكر العربي بالإضافة إلى بعض الإحصاءات، نجد أنّ نسبة القراءة في العالم العربي متراجعة باستثناء السعودية التي تطوّرت، كما أنّ هناك مؤشّراً يؤكّد أنّ المرأة السعودية هي الأكثر اندفاعاً نحو القراءة. كيف تبررين ذلك خصوصاً في ظلّ تزايد نسبة الكاتبات السعوديات خلال الفترة الأخيرة؟
المرأة السعودية بسبب سقف الحرية المحدود في مجتمعها تريد دائماً أن تدفع بنفسها دفعة قوية جداً نحو الأمام، لذلك نراها دائماً متوجهة نحو القراءة والمطالعة وإثبات الذات.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079