'سير مبدعة'
الكتاب: «سيَر مبدعة» Creative Lives
النصوص: سييرا براسادا
التصوير: روجيه مكرزل
الناشر: Turning Point، ديسمبر ٢٠٠٩
أحياناً يُفاجأ اللبنانيون لشدّة إعجاب الآخرين ببلدهم الصغير الذي يكتنز في مُدنه وأرصفته ومقاهيه وجبله وبحره ووديانه والفسيفساء التي تُكوّن مجتمعه سحراً غامضاً يفتن الغريب قبل القريب. وطالما اعتُبرت عاصمتهم بيروت ملهمة كبار الشعراء والكتّاب الذين تعلّقوا بها وامتدحوها بدءاً من ننوّس اليوناني وصولاً إلى لامارتين وموسيه ونزار قباني ومحمود درويش... ولا تُعدّ الأميركية سييرا براسادا سوى واحدة من كتّاب وصحافيين عالميين كثيرين مُغرمين بهذا الوطن الذي قدّره الآخرون أحياناً أكثر من أبنائه. ودِفاعاً عن صورة لبنان الجميلة، أبت الكاتبة والصحافية براسادا أن تُظهرها مكسورة ومهشّمة جرّاء المآسي التي عصفت به وإنمّا اختارت ٣١ شخصية لبنانية من مجالات مختلفة جمعها حبّ الوطن والمهنة والجمال بكلّ تجليّاته. وفي انتقاء هذه الشخصيات التي عايشت فترة الحرب اللبنانية وجابهت ظروفها القاسية والمريرة بالإرادة والموهبة والحياة تلميح مباشر لانتصار لبنان بوجهه الثقافي السلمي البهيّ.
لقد اختارت براسادا هذه الشخصيات لتكتب عبر سِيَرها المبدعة حكاية مثيرة بطلها «لبنان»، ويبدو أنّ الكاتبة الأميركية مُعجبة على المستوى الشخصي بهذه الأسماء التي جهدت من أجل إعلاء إسم وطنها، كلٌ حسب مجاله. فدرست الشخصيات الإحدى والثلاثين بتيقّن وكتبت عنها بحبّ وحماسة وفضول. وتأتي الصور التي التقطها الفوتوغرافي روجيه مكرزل لتضفي إلى نصوص براسادا المكتوبة بالإنكليزية عمقاً ودلالة، إذ بدت الصور مأخوذة بعين تخترق أغوار الذات لتكشف عن كوامن الروح والوجدان.
«سير مبدعة» يقتفي إذاً حياة شخصيات رفعت إسم وطنها في شتّى المجالات مثل هبة قوّاس وغي مانوكيان وخالد مزنّر وميشيل ألفترياديس في التأليف الموسيقي وخليل جريج وربيع مروة ونادين لبكي وهاني طمبا وجوانا حاجي توما في إخراج الأفلام وجان كلود بولوس وفيليب سكاف في الإعلام وزهير مراد وربيع كيروز وجورج شقرا وسارة نحولي وسارة بيضون في تصميم الأزياء وحسين ماضي وفلافيا قدسي في الرسم وأناشار بصبوص في النحت وإليسار كركلا في تصميم الرقص وأنيسة حلو وإيمان حميدان في الكتابة ونبيل غلام وبرنار خوري وإيلي غازوري في الهندسة وماريا هبري وهدى بارودي وندى دبس في تصميم المفروشات وندى غزل في تصميم المجوهرات وروجيه مكرزل في التصوير الفوتوغرافي...
ولا شكّ أنّ غلاف هذا الكتاب الذي صمّمته شانتال يزبك كورولير بلونه الأسود الأنيق لعب دوراً في إثارة فضول القارئ للغوص في أسباره واكتشاف أسرار نجاح شخصيات تغلّبت على الحرب بالحب وعلى الدمار بالجمال وعلى الخوف بالعمل وعلى التقليد بالموهبة والتجديد.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024