بعد فوزه بجائزة نجيب محفوظ
بعد فوزه بـ«جائزة نجيب محفوظ للأدب الروائي» للعام ٢٠٠٩ أصبح ممكناً النظر إلى السوري خليل صويلح باعتباره نموذجاً للتدليل على صدق مقولة «إننا نعيش زمن الرواية»، التي تنسب إلى الناقد المصري جابر عصفور. فصويلح المولود في العام ١٩٥٩ أصدر من ١٩٨٢ حتى ٢٠٠١ ثلاث مجموعات شعرية، ثم قطع صلته بالقصيدة على ما يبدو، وكتب أربع روايات، صدر أحدثها في العام ٢٠٠٨. والرواية التي فاز عنها صويلح بالجائزة، هي «وراق الحب» التي صدرت للمرة الأولى في دمشق عام ٢٠٠٤ وأعادت دار «الشروق» المصرية نشرها في العام ٢٠٠٨. وما تسرب من كواليس الجائزة، التي يمنحها سنوياً قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة، ويسلمها في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ، يؤكد أن صويلح واجه منافسة قوية من جانب الكاتبة السعودية رجاء عالم، التي كانت ضمن القائمة القصيرة للمرشحين عن روايتها «ستر».
وتعليقاً على الجدل الذي أثاره ذلك التسريب قالت عضو لجنة تحكيم الجائزة سامية محرز: «إن رواية «ستر» كانت بالفعل ضمن القائمة القصيرة للأعمال المرشحة للفوز، وتلك القائمة حُددت في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، وأعقب تحديدها نشر بعض الصحف ما يفيد أن اللجنة ستمنح الجائزة لرجاء عالم، وهذا أمر غير صحيح، فضلاً عن أنه لا يُعقل أن يحصل اتفاق بين أعضاء اللجنة وهم من بلاد مختلفة في تلك المرحلة المبكرة على اسم الفائز. في أي حال فإن جابر عصفور، المبشر بزمن الرواية، كان ضمن أعضاء اللجنة نفسها، ورأى أن «وراق الحب» شأنها شأن الإبداع الحداثي، الذي تنتسب إليه «تنعكس في فعل تشكلها لتصف هذا التشكل في الوقت الذي تشير فيه إلى العالم الذي يقع خارجها بإشارات دالة وتضمينات لافتة». وذهبت سامية محرز إلى أن «وراق الحب» رواية حاذقة «تنفذ إلى ماهية فعل الكتابة ذاته من خلال تضمينها وتوظيفها لجمع من النصوص التي تتواصل وتتعارض معها في الوقت نفسه، مؤكدة بذلك أن الكتابة دائماً ما تكون كتابة على كتابة».
ومن جانبها، توقفت عضو لجنة التحكيم هدى وصفي عند نجاح صويلح في إبداع خيوط سردية جديدة تجعل العمل الروائي متفرداً، رغم استلهاماته المتعددة. وقال الناقد فخري صالح: «إن صويلح يبدع في تهجين سرده وحكاياته بما يقتبسه، جاعلاً روايته التي تحكي عن الحب وتصنع مفارقة ساخرة، لعبة تناصية ذكية تلقي الضوء على موضوع الحب والنوع الروائي وفعل الكتابة في محاولة لإضاءة معنى العيش في عالم مضطرب مسكون بهاجس القمع وثقل السلطة الضاغط في هذه المنطقة التعسة من العالم». أما الناقد محمد برادة فلاحظ أن صويلح نجح في «تكسير طابع السرد الواقعي، وذلك من خلال توظيف نصوص روائية وغير روائية لاستنبات شكل سردي، يقوم على جعل محكياته تصل إلينا متخللة النصوص التي يقتبسها من روايات أخرى، والاستطرادات التي يوردها معلقاً أو منتقداً ظاهرة اجتماعية أو ثقافية».
وجاء فوز صويلح بـ«جائزة نجيب محفوظ للأدب الروائي»، ليتم سلسلة جوائز أدبية حصل عليها كُتاب سوريون من القاهرة في الشهرين الأخيرين، وذلك بعد فوز زكريا تامر بجائزة «ملتقى القصة العربية القصيرة»، وسامر الشمالي بجائزة «يوسف إدريس» في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، علماً بأن الجائزتين الأخيرتين يمنحهما المجلس الأعلى للثقافة في مصر.
وتبلغ قيمة جائزة الجامعة الأميركية في القاهرة ألف دولار، فضلاً عن إصدار طبعة جديدة من الرواية الفائزة في غضون عام، بعد ترجمتها إلى الإنكليزية، في كل من القاهرة ونيويورك ولندن
ومن جانبه، ألقى خليل صويلح كلمة عقب تسلمه الجائزة قال فيها: «كان ابن حزم بوصلتي الأولى في تمجيد الحب، لكن الخفر الأندلسي منعه من كشف المستور، فكان عليّ أيضاً أن أقتحم حصون البلاغة وخلخلة سطوتها القديمة، والذهاب إلى مناطق أبعد في المكاشفة في متاهة المكتبة العربية. سألتقي فقهاء كتبوا في اللذة والشهوات، لكن تلك المخطوطات أصابها التلف والنسيان والإقصاء في عفة كاذبة اخترعها فقهاء الظلام الجدد فحرمونا كنوزاً لا تحصى».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024