"نساء داعش"... تفاصيل مرعبة عما تعرضت له المرأة على يد التنظيم المتطرّف
يعدّ "فتيات في الأسر" كتاباً مهماً في تاريخ المرأة وما تتعرض له من ظلم واضطهاد ومشاهد ضد الإنسانية، ففيه تكشف المؤلفة أسماء مصطفى كمال، ما تعرضت له نساء الطائفة الأيزيدية من قهر واغتصاب وسبي على يد الدواعش، الذين دخلوا المناطق التي تتواجد فيها الطائفة الأيزيدية في العراق.
اعتمدت المؤلفة في هذا الكتاب، على المصادر الفرنسية التي روت من خلالها هؤلاء النساء ما حدث لهن، وهو يحكي عن مأساة المرأة ويعدّ نموذجاً لأبشع ما عانته النساء مع التيارات الدينية المتشددة، فالمرأة على الدوام هي ضحية رئيسية للحروب والصراعات، ومستهدفة دائماً من تلك التيارات، التي يكاد يتلخص جل خطابها في إحكام القبضة عليها واستعمالها، وقد وجدت أسماء أن النساء في كنف هذه التنظيمات مجرد سبايا ومحظيات.
وتكشف الشهادات التي يضمّها هذا الكتاب، أن النساء اللواتي وقعن في الأسر من قبل تنظيم داعش، قد اعتُبرن على الفور سبايا للمتعة الجنسية، فتمّ اغتصابهن والتعامل معهن كسلعة للبيع والشراء وحتى الإيجار، كما نجد أن النساء اللائي سافرن بإرادتهن إلى داعش، سواء كن مخدوعات أو مقتنعات بمبادئه، فإن وظيفتهن كانت في غالبية الأحيان التسرية عن الرجال، وإن كان عن طريق الزواج، وهو زواج كان يستمر في الغالب أسابيع، وقد يمتد إلى شهور، لتجد المجاهدة نفسها مجبرة على الزواج من مجاهد جديد، سواء لمقتل زوجها، أو بسبب الطلاق الذي اعتبر روتينياً في تلك العلاقات، حتى أن بعض المجاهدات تزوجن من سبع إلى تسع مرات خلال أعوام قليلة، ناهيك عما تعرضن له من تحرش وحتى اغتصاب، في حال رفض الزواج.
وتوضح المؤلفة أن تلك الشهادات قد سبق نشرها في أكثر من طريقة إعلامية، وما قامت به هو البحث عنها وتتبّع خيوط كل حكاية، عبر أكثر من مصدر، من خلال ما نشر في كتب باللغة الفرنسية، ومن خلال مقالات وحوارات صحافية وتغطيات، وحاولت بقدر استطاعتها أن تقدم صورة أقرب ما تكون الى الأصل، خصوصاً في ما يتعلق بالمشاعر والأحاسيس والتأملات الشخصية للنساء، كما تم نقل المحتوى مختصراً في ما يتعلق بالأحداث العامة.
والكتاب يشتمل على العديد من الفصول، إذ تم تخصيص الفصل الأول لبيان حال النساء المسبيات قبل اجتياح داعش من أيزيديات العراق، وقد عرضت المؤلفة شهادات حول تلك الفترة لترسم ملامح حياة المرأة الأيزيدية قبل الاجتياح. أما الفصل الثاني فيعرض قصة الاجتياح الداعشي لمناطق الأيزيديين بأكثر من عين، رصد كل منها ما يجري في إحدى القرى، وهي قصص مثيرة لحالة من الرعب والهروب والتعقب وتشتت الأسر، ومشاهد من العنف والقتل والتعذيب، اختلفت وتيرتها من قرية إلى أخرى، ومن عين إلى أخرى. وفي الفصل الثالث، نموذج لنساء ذهبن بمحض إرادتهن إلى داعش، وذلك من خلال رواية لسيدة أوروبية من أصول أفريقية، وفي الفصل الرابع نماذج لنساء تم تجنيدهن وإقناعهن بالسفر للانضمام الى التنظيم، في حين تعود المؤلفة في الفصلين الخامس والسادس الى النساء الأيزيديات، وقد استقرت بهن الحال في قبضة التنظيم، ليبدأن رحلة المعاناة والاغتصاب والاستغلال الجنسي. وفي الفصل السابع، تروي النساء اللاتي ذهبن بمحض إرادتهن ما حدث لهن، وفي الفصل الثامن روايات من نساء عدن من أسر هذا التنظيم، أما الفصل التاسع فيعرض لحكايات عن أطفال وُلدوا في كنف داعش، وكيف تعامل الغرب مع العائدات من داعش، لا سيما فرنسا.
من أجواء الكتاب الصادر عن "دار بتانة": "تم نقل جنان إلى فيلا بمنطقة راستي، حيث وجدت هناك خمس أيزيديات أخريات، كانت الفيلا في الأساس ملكاً لعائلة أيزيدية من الطبقة الراقية، وكانت الفتيات ينمن في غرفة مشتركة بالطابق الأرضي، وحرموا عليهن الصعود إلى الطابق العلوي دون إذن، وعندما كان يخرج مالكا الفتيات "أبو عمر" و"أبو أنس"، كانا يغلقان الطابق بالمفاتيح، "أبو عمر" كان أحد المساجين في سجن "بادوش"، قبل أن يقوم داعش بتحرير السجناء من الطائفة السنية عند اقتحامها للمكان، ومن وقتها صار إماماً لدى التنظيم، ويذهب بشكل دوري إلى الحدود لتقوية إيمان المجاهدين، وكان يكنّ حقداً غير عادي للشيعة بشكل خاص، لكنه كان يكره أيضاً الأيزيديين، وحسب تعبير جنان، فإنه كان يكره الجميع، ولا يحب سوى الموت".
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024