عمرها 30 سنة واشتهرت بحواديت «تيتا مفيدة» آلاء سامي: أعالج سلوك الأطفال بالحكايات
تستلهم الحواديت من عالم الأطفال الخاص لتخترق قلوبهم وعقولهم، ومن دون أن يعوا تعدّل سلوكهم، إنها آلاء سامي، أو كما يطلق عليها البعض «تيتا مفيدة»، والمفاجأة أن عمرها 30 سنة فقط. لكن بقليل من المجهود في تغيير الصوت، وكثير من الخيال لبناء الشخصية، نجحت في بناء شخصية «الجدة مفيدة»، بعدما أخذت قراراً منذ أربع سنوات بالتخلّي عن وظيفتها الروتينية كمحاسبة. «لها» التقت «تيتا مفيدة» لتتحدث عن حكايتها مع الحواديت، ودوراتها التدريبية لتعليم الأطفال، وتعديل سلوكهم عن طريق المسرح وفن الحكي والرسم.
- كيف جاءتك فكرة «تيتا مفيدة»؟
أنا كاتبة قصة وسيناريو للكبار، وكنت أتعامل مع شركات إنتاج إذاعية. وذات مرة طلب مني أحد المنتجين كتابة قصة مستهدفةً جمهور الكبار والأطفال معاً، بحجة أن الموازنة لا تكفي لإنتاج قصتين، فرفضت لأن كل جمهور لديه مفرداته الخاصة والخيال المختلف الذي يجب أن يوجه إليه. ومن هنا شعرت بضيق، وبأن المنتجين يستخفّون بعقول الأطفال ولا يراعون المدخلات التي يقدمونها لهم، على رغم أن الأعمال المقدمة للأطفال تبني شخصياتهم وليست فقط بغرض الترفيه، كما هي حال الكبار، لذا قرّرت تقديم عمل خاص ونافع للأطفال يساعدهم في إدراك القيم الأخلاقية والعمل بها في المجتمع، وكان البحث عن قصص مقدمة للأطفال أولى خطواتي ومفاجآتي أيضاً، حيث اكتشفت أنها بدائية جداً ولا تواكب أطفال هذا العصر، فبدأت في كتابة قصص موجهة إلى الأطفال، ثم قرّرت أن أسجّلها بصوتي. كان نتاجها أربع قصص بالعامية المصرية، بعدها اكتشفت أن الصوت أصعب في الوصول إلى الأطفال، ففكرت في طريقة لمحاربة التكنولوجيا التي يتمسك بها الأطفال، أو حتى على الأقل طريقة توصلني سريعاً إلى هذا الجيل التكنولوجي، ووجدت أنه يجب أن يكون بطل أو راوي القصة شخصية يتمسك بها الأطفال ويحبونها. ومن هنا جاءت فكرة «تيتا مفيدة»، واختيار الاسم وحده استغرق ثلاثة أشهر، وهذه كانت المرحلة الأصعب في نشأة الجدة مفيدة. وجاء بالمصادفة عندما تحدثت مع أمي ذات مرة في اختيار الأسماء، حتى جاءتني الفكرة أن أستوحي اسم الشخصية من اسمها، ولقب «تيتا» كما يناديها أولاد إخوتي، وكذلك لاسم مفيدة دلالته في إفادة الأطفال.
- كيف يختلف عالم «تيتا مفيدة» عن أفلام الكرتون التي يعشقها الأطفال؟
«تيتا مفيدة» شخصية مستقلة، شكلها مختلف ولها عالمها الخاص وملامح شخصية مختلفة، بخاصة أن الأطفال يجتمعون عند حكايات الجدة ويعتبرونها المنقذ الملبّي لكل رغباتهم التي يعترض عليها الآباء. لها نبرة صوت خاصة محتفظة بها في كل حكاياتها كراوٍ، وهي تعيش في كوكب الحواديت، وبذلك صنعت عالماً موازياً للواقع والشخصيات الكارتونية أيضاً، بحيث أن الأطفال يشعرون أن «تيتا مفيدة» مزيج بين الشخصية الحقيقية وأفلام الكارتون، إذ إنها تعيش في عالم موازٍ له سماته ومميزاته.
- من ساعدك في اختيار اللمسات الأخيرة والمهمة لشخصية «تيتا مفيدة» مثل الأزياء والماكياج وأكسسوارات الشعر؟
في الوقت الذي قررت تغيير مجال العمل والتفرغ للكتابة للأطفال، بلورت شخصية «تيتا مفيدة» ولم يتبقّ أمامي سوى اللمسات الأخيرة لاختيار الأزياء والماكياج والشعر والأكسسوارات، إلا أن أسعار مصممي الأزياء والاستايلست باهظة الثمن، وراتبي لا يكفي، فحاولت من خلال راتبي في الأشهر الأخيرة شراء ماكياج خاص بتكبير العمر، وتعلّمت تلك الخدع من خلال موقع youtube، وكذلك للأزياء اخترت ألواناً مبهجة للأطفال.
- هل اقتصر دور والدتك على الإيحاء لك باسم الشخصية فقط؟
إطلاقاًـ فأمي دعمتني جداً في التمسك بقراري والعمل في ما أحب حتى أحقّق نجاحاً مميزاً، كذلك ساعدتني في اختيار الطلة الأخيرة لـ «تيتا مفيدة»، فمثلاً باروكة الشعر التي كنت أضعها كانت مفرودة ولا توحي بأنني امرأة عجوز، فساعدتني أمي في اختيار أكثر من تسريحة حتى استقررنا على التسريحة الأخيرة، وهي فكرتها بمفردها، وحتى الآن لم تغب أمي عن أي حفلة لي مع الأطفال، فدائماً ما تقدم لي الدعم وتؤكد ثقتها في نجاحي، فتعزز من ثقتي في نفسي ودوري في الحياة.
- شهرتك جاءت من الحكايات المصورة على موقع youtube، فكيف أعددت للحكاية الأولى؟
الحقيقة أنها جاءت بمحض المصادفة، فذات مرة حضرت عيد ميلاد طفل وحكيت له حكاية وتم تصويرها فيديو. ومرة أخرى، طلبت مني بعض الأمهات المساعدة في تعديل سلوك أطفالهنّ، فكتبت لهم حكايات تحمل قيماً سلوكية مناسبة للسن والعقلية والمواقف.
- لكن هل درست علم النفس لتكوني مؤهلة لتعديل سلوك الأطفال؟
دعينا نفرّق أولاً بين المعالج والطبيب. الطبيب هو من يشخّص الحالة ويصف الدواء المناسب، أما المعالج فهو من يمارس النشاطات المناسبة لعلاج الحالة، وعليه فأنا معالجة تعديل سلوك أطفال بالحكي، ومن أجاز لي ذلك هو طبيب الأطفال الأشهر في مصر الدكتور محمد رفعت، عندما استضافني أحد البرامج معه، وبعدها طلب مني أكثر من طبيب التعاون معهم، لكن في حالة طلبت أيّ أم مني تعديل سلوك الطفل بالحكي أرفض، إلا تحت إشراف طبيب أطفال، حتى يشخّص حالته ويسمح لي بالحكايات المناسبة له، وذلك كي لا أضرّ الطفل وتقع عليَّ مسؤولية إيذائه.
- تفاعلت مع الأطفال عن طريق المسرح، ما الفرق بين مسرح الحكي ومسرح الدراما؟
مسرح الدراما يقدّم قصصاً للأطفال ويعتمد على ممثلين عدة وديكور خاص لينشّط خيال الطفل، وملابس تشبه الشخصيات، أما مسرح الحكي فيعتمد على شخصية واحدة فقط وهي «تيتا مفيدة»، من دون ديكور، ويتمّ التفاعل مع الأطفال أثناء الحكي. وبعد فترة طوّرت المسرح ليكون حكياً ورسماً في الوقت ذاته، حتى يرسم الأطفال ما يسمعون وفق خيالهم، وبذلك أعمل على توسيع مداركهم.
- ذاع صيتك حتى كتبت عنك الصحف الأجنبية، كيف حدث ذلك؟
لأنني ببساطة ترجمت معظم حكاياتي إلى لغات مختلفة، مثل الإنكليزية والفرنسية والألمانية، وكذلك لغة الإشارة، حتى أصل إلى الصم والبكم، وكل ذلك بمجهود ذاتي في الترجمة الإنكليزية، لكن في الفرنسية والألمانية لجأت إلى مترجمين ومعلّق صوتي يساعدني في رواية القصة، وكذلك في لغة الإشارة استعنت بمتخصص.
- وماذا عن تجربتك في تقديم فوازير للأطفال؟
طلبت مني الإذاعة الرسمية لوزارة الشباب والرياضة تقديم فوازير رمضانية للأطفال، فكانت فكرتي عن تعريف الأطفال بفوائد الطعام الصحي وترغيبهم فيه للقضاء على البدانة ومرض السكر الذي يسببه الطعام السريع للأطفال. أعددت فوازير سميتها «الحلة فيها إيه؟» وقدّمتها بصوتي على مدار 15 حلقة. وفي عيد الأضحى الماضي، قدمت حكايات على التلفزيون المصري بموافقة وزارة التربية والتعليم والمصنّفات الفنية.
- أليس من الغريب أن تحقّقي كل ذلك النجاح رغم أنك لست خريجة إعلام أو تربية رياض أطفال؟
على مدار الأربع سنوات الماضية، درست دورات تدريبية كثيرة في الجامعة الأميركية، وتعلمت على أيدي أساتذة كبار، والأهم من ذلك أنني كنت مدمنة قراءة، فلا يمر يوم من دون اكتساب معلومة جديدة أو إضافة إلى شخصية «تيتا مفيدة» أو تخطيط لدورة من دورات الأطفال، أو من دون كتابة سطر في حكاية جديدة، ففعلياً كنت وما زلت أعمل 20 ساعة يومياً من أجل تحقيق هدفي في صنع شخصية عربية يتعلق بها الأطفال، بدلاً من الشخصيات الأجنبية المرسّخة للعنف.
- هل تعتقدين أن «تيتا مفيدة» من الممكن أن تكون «أبلة فضيلة» لجيل أطفال الألفية الثالثة؟
أنا من الجيل الذي تربى على حكايات «أبلة فضيلة» في الراديو، وهي انتشرت وأثرت فينا جميعاً بسبب مواكبتها العصر الذي كانت فيه، فكان الراديو أداة إعلامية مؤثرة. أتمنى أن أحقّق انتشارها ذاته بمواكبة السوشال ميديا والإعلام الجديد حالياً، وأتمنى كتابة فيلم كرتوني عن قصة حياة «تيتا مفيدة».
- ما هدفك من تقديم دورات تدريبية للدوبلاج خاصة بالأطفال؟
هدفي تعليم الأطفال مهارات مفيدة ومختلفة تخطفهم من الإنترنت والألعاب الإلكترونية قدر المستطاع، وجاءت الفكرة من قدرتي على تغيير طبقات صوتي، والعديد من الأطفال طلبوا مني أن أعلمهم، فجهزت استديو وأعلنت عن دورات تدريبية لتعليم الأطفال الدوبلاج، ولاقى نجاحاً كبيراً، بخاصة أنني أعددت المنهج بنفسي كي يتناسب مع طبقات أصوات الأطفال، وأصبحت أول مدربة دوبلاج للأطفال في الوطن العربي.
- من أين تستوحين أفكار حكاياتك؟
من تصرفات بعض الأطفال الخاطئة ورغبتي في تقييم سلوكهم. فكل طفل يوحي إليَّ بفكرة مختلفة. ثانياً الأطفال أنفسهم عندما أطلق إليهم عنان الخيال يبدأون في سرد قصص مختلفة، أو يغيّرون في نهايات الحكايات التي أرويها لهم في شكل يناسبهم أكثر.
- ما هو طموحك؟
أن تكون «تيتا مفيدة» شخصية مؤثرة في فن الحكي للأطفال، ويحذو حذوها كثيرون، وأن تنتشر سنوات طويلة كما هي حال شخصية «الأراجوز».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024