تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

جراح الحوامدة يقهر قمة "إيفرست" بساق واحدة

"لا يملك الجميع قدماً واحدة، إنني أروي قصتي لأقول للعالم إنه بوسع المرء أن يتغلب على المشاكل والصعاب كافة إذا ما امتلك الإرادة الصلبة والعزم".  

رانيا برو

بهذا العزم وصل اللاجئ الفلسطيني جراح الحوامدة إلى قمة جبل "إيفرست" في 20 نيسان (أبريل) الماضي، بساق واحدة، ليثبت للعالم أن صعود القمم لا يحتاج أقداماً بل إقداماً وعزيمة.

بعد تعرض مدرسته التي درس فيها لخطر الإغلاق بسبب الأزمة الكبيرة التي تعاني منها المدارس التي تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) مع نقص التمويل الحاد الذي يهدد مستقبل آلاف الطلاب من اللاجئين الفلسطينيين، عزم جراح على القيام بتحدٍ كبير يحقق فيه حلمه بتسلق الجبال، وفي الوقت نفسه يجمع مبلغ مليون دولار للمحافظة على مدرسته مفتوحة.

الألم والأمل

الشاب الذي لم يتجاوز الـ 23 من عمره، يتحلى بشخصية ممتلئة بالنضج والوعي والحكمة، منحته الصلابة والعقلانية في مواجهة مرض السرطان الذي أدى إلى بتر ساقه، فلم ييأس ولم يستسلم أمام جبروت المرض، بل عمقت التجربة الأليمة من إصراره على فرح الحياة وعلى تحقيق أحلامه وفي مقدمتها حلمه بتسلق الجبال.

بعد عامين من فقدان ساقه، أصبح جراح متسلقاً بارعاً، كما كان أول متسلق جبال بطرف اصطناعي من بين اللاجئين الفلسطينيين. وفي العام 2015 تسلق جراح جبل كليمنجارو حاملاً رسالة أمل لمرضى السرطان، مفادها أنه "ليس هنالك من شيء مستحيل".

"أردت أن أدلي بتصريح قوي.. أن تكون متسلقاً يحتاج منك أن تضغط كثيراً على نفسك.. ليس الجميع بإمكانهم أن يكونوا متسلقي جبال، ناهيك عن شخص بساق واحدة"، يقول جراح لموقع الأمم المتحدة الإلكتروني، واصفاً الرحلة بأنها "رحلة محفوفة بالمخاطر".

كان يسير من خمس إلى تسع ساعات يومياً، يقطع في كل ساعة مسافة كيلو متر واحد. ويتابع: "كان برفقتي 11 متسلقاً من دول مختلفة، ولكني استطعت بطرفي الصناعي، أن أصل ومتسلق سويدي، إلى معسكر القمة".

ويفتخر جراح بوطنه، فيقول: "أنا أول فلسطيني يصل قاعدة إيفرست، حتى يعرف العالم بأن الفلسطيني قادر على تحدي الصعاب". وهو ابن لوالدين لاجئين في الأردن، عاش مع أشقائه الخمسة على حلم أبويه بالعودة إلى أرضهم مهما طال الزمن.

مبادرة وفاء

وراود حلم تسلق الجبال جراح الحوامدة حين كان على سرير المستشفى يتلقى العلاج من مرض سرطان العظام. كان في الخامسة عشرة من عمره يوم عانى من نوبات طويلة من الأرق بعد أن قام الأطباء ببتر ساقه اليمنى.

لكنه لم يستسلم لآلام سرير المرض ولم يسمح أن تُدَمر حياته. وبنى إرادته وتصميمه على أن يحول إعاقته الجسدية إلى دافع لتحقيق إنجاز خاص. فنجح الطالب اللاجئ من فلسطين، والذي يعيش في جبل الجوفة بمنطقة جنوب عمان، في ان يصبح منذ ذلك الحين متسلقاً معتمداً ومرخصاً.

"لقد جعلني ذلك مميزاً. شعرت أنني أحقق شيئاً ما"، يقول جراح، مضيفاً: "ليس لدى الجميع قدم واحدة، وإنني أستخدم قصتي لأبين للعالم أنه حتى لو كان المرء يواجه المشاكل فإن بمقدوره أن يتغلب عليها".

 وبدأ الحوامدة رحلة التسلق باتجاه معسكر قاعدة جبل إيفرست في الثاني من نيسان (أبريل) ووصل إلى المعسكر في 20 من الشهر نفسه.

وعاد جراح أواخر الشهر الماضي إلى بلد اللجوء، حيث نشأ في العاصمة الأردنية عمان، وقد دوّن إسمه بأحرف من ذهب في سجلّ الإنسانية، ورسم أمثولة للشباب من أبناء جيله، لروح التحدي والعزيمة والطموح والصبر، مجسداً حب الحياة بمعناها الفعلي والعملي.


نقلاً عن "شبكة الحياة الاجتماعية"

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077