تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

تجربة نسائيّة جديدة تثير ضجة: حكومة من النساء فقط

 الدكتورة غادة الوكيل

الدكتورة غادة الوكيل

أمل أباظة

أمل أباظة

مشيرة خطاب

مشيرة خطاب

 نجلاء الغنام

نجلاء الغنام

حكومة المرأة المصرية

حكومة المرأة المصرية

حكومة المرأة المصرية

حكومة المرأة المصرية

الدكتور أحمد يوسف

الدكتور أحمد يوسف

تحت شعار «على قلب امرأة واحدة»، قررت مجموعة من القيادات النسائية المعروفة تدشين ما أطلقن عليه «حكومة المرأة المصرية»، وبحسب العضوات في الحكومة، فإن هذه الفكرة تهدف إلى زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية المصرية، ولو في شكل غير رسمي، من خلال إبراز الفكر النسوي.
«لها» التقت عضوات هذه الحكومة التي أثارت فكرتها ضجة كبيرة، فدعمها البعض باعتبارها خطوة إيجابية للمرأة، وانتقدها البعض الآخر ممن رآها حكومة معارضة أو موازية.


لدينا رجل واحد في الحكومة
في البداية، تقول الدكتورة غادة الوكيل، عضو «المجلس القومي للمرأة»، ورئيسة الوزراء في حكومة المرأة المصرية: «حكومة المرأة هي حكومة متكاملة بتشكيل وزاري كامل، وهي حكومة مشكلة من خلال جمعية «التراث»، وتعمل تحت مظلة وزارة التضامن الاجتماعي، بدأنا العمل على تشكيل الحكومة في شهر تموز/يوليو 2016، وبتمويل ذاتي، لا نتبع لأي حزب سياسي أو تيار، ونحن نُعتبر حالة فريدة، فنحن لم نسمع عن أي دولة في الشرق الأوسط أن فيها حكومة نسوية بالكامل، ولدينا رجل واحد فقط في الحكومة، وهو يتولى حقيبة وزارية اسمها وزارة (الرجل والسكان).

وتضيف الدكتورة غادة: «فكرة الحكومة كانت موجودة منذ فترة طويلة، وأنا شخصياً من المعجبات ببينظير بوتو، رئيسة وزراء باكستان السابقة، وهي أول امرأة في بلد مسلم تشغل منصب رئيس الوزراء، وأنديرا غاندي السياسية الهندية التي شغلت منصب رئيس وزراء الهند لثلاث فترات متتالية، أو أي امرأة تقود دولتها ولو فكرياً، ونحن نقدم تصوراً لمجريات الأمور لو كانت الحكومة فعلاً كلها من النساء، فالمرأة أكثر من نصف المجتمع، ولا بد أن تكون لديها نظرة أكثر تدقيقاً، وأن يهتم المجتمع بالمسار الفكري النسوي».
وتكمل: «حكومتنا مكوّنة من الأطياف كافة، من الريف والمدن والشباب وصاحبات الخبرة، كالدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة الحالية، والسفيرة مشيرة خطاب كوزيرة للخارجية، والدكتورة هدى بدران، والأستاذة فريدة الشوباشي، وغيرهن من القياديات في المجتمع المصري، ومعنا أيضاً وزيرات من الصعيد ومن الإسكندرية ومن جميع المحافظات تقريباً، ولدينا في الحكومة حقائب وزارية تقليدية وحقائب أخرى مستحدثة، ونحن نمد أيدينا لجميع مؤسسات الدولة المصرية ونعمل معها، فعلى سبيل المثال لدينا وزيرة داخلية، وهي الدكتورة هناء الجوهري أستاذ علم الاجتماع في جامعة القاهرة، وهي تقود الوزارة في صورة ناجحة، وتقدم ملفات مهمة جداً وتعمل على الأرض، وتقود ملفين مهمّين جداً، وهما مشروع لتطوير صورة وزارة الداخلية في المجتمع، والملف الآخر متعلق بتحسين خدمات المرور».

تواصل الدكتورة غادة: «نحن لا نعمل على مراقبة الحكومة الرسمية، لكن فكرتنا الأساسية هي توفير العون لها، من خلال العمل على الملفات المختلفة، ثم تقديم هذه الملفات للحكومة جاهزة للتنفيذ، كما نقدم لها الدعم من خلال العلاقات والتمويلات، والأهم من ذلك تقديم الأفكار، وقد تقدمنا أيضاً بمشاريع عدة لمجلس النواب وتم النظر فيها».
وعن واقع المرأة المصرية وتولّيها المناصب المختلفة، تقول الدكتورة غادة: «هناك اهتمام ملحوظ بالمرأة المصرية، بدأ بتخصيص الرئيس عبدالفتاح السيسي 2017 عاماً للمرأة المصرية، كما أن هناك سابقة تاريخية وهي زيادة عدد الوزيرات في الحكومة المصرية، وهو إنجاز جديد للمرأة، فللمرة الأولى في تاريخ مصر أصبح عدد النساء في الحكومة 6 وزيرات، أي ما يمثل نسبة 20 في المئة من الحكومة، ونحن ننتظر المزيد في الفترة المقبلة، وسيزيد هذا العدد بالتأكيد».


تهميش
أما الإذاعية أمل أباظة، وزيرة القطر والأقاليم في حكومة المرأة المصرية، فتقول: «للأسف، دور المرأة في التاريخ المصري يواجه تعتيماً كبيراً، رغم أنه في كثير من الأحداث اتضح جلياً دور المرأة المصرية فيها، ففي الانتخابات مثلاً، نجد السيدة المصرية موجودة وحاضرة في شكل كبير، ولا تترك القرار السياسي في شكل كامل للرجال، وفي الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد تحدّت إلى جانب الرجال هذه الظروف وواجهتها، وكانت في الصفوف الأولى في التظاهرات والاحتجاجات، فمن الضروري أن يكتب تاريخنا دور المرأة بكل شفافية، بخاصة في هذه المرحلة، فالمرأة المصرية قوية جداً في شكل لا يتخيله كثيرون».
وعن طبيعة عملها في وزارة القطر والأقاليم، توضح: «اخترت أن أكون وزيرة القطر والأقاليم، أو وزيرة التنمية المحلية، للعمل على هذا الملف المهم، فالأقاليم تعاني من التهميش وعدم سماع صوتها، وقد أجريت استطلاعاً للرأي مع بعض السكان من الأقاليم وصعيد مصر، فوجدت أن هناك مشاكل كبيرة وصعبة جداً، متمثلة في قلة الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، ومن هنا يبدأ عملي في هذه الوزارة».

وعن أبرز المشاريع التي قدمتها وزارتها، تشير: «عملت على أكثر من ملف ومشروع، لكن أبرزها كان مشروعاً يحمل اسم (المجموعة م)، وقد سُمي بهذا الاسم نسبة إلى بلدنا مصر وتكريماً للسفيرة الغالية ميرفت التلاوي، وهي الأم الروحية لكل امرأة تدخل مجال العمل الاجتماعي في مصر، ومن خلال المشروع أقوم بالعمل مع 4 وزارات، هي الشباب والطاقة والبيئة والتعليم، ويهدف هذا المشروع إلى تحفيز الشباب في كل المحافظات، على تحويل بعض المدارس من مستهلكة للطاقة إلى منتجة لها، من خلال تدريب الطلاب في المدارس الصناعية على إنتاج الطاقة في أشكالها كافة.


تمكين المرأة
وتؤكد السفيرة مشيرة خطاب، وزيرة الخارجية في الحكومة النسائية، أن نجاح المرأة في ممارسة العمل السياسي والوصول إلى قمة المناصب السياسية أمر ليس بالجديد، وقد سطر التاريخ بحروف من نور قصة نجاح كليوباترا وحتشبسوت منذ عهد الفراعنة، ثم شجرة الدر في عهد المماليك، أما في العصر الحديث فحدّث ولا حرج عن مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا السابقة والملقبة بـ»المرأة الحديدية»، وتريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا حالياً، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وكلهن نماذج تفخر بها بنات حواء.
وتوضح خطاب، المرشحة السابقة لمنصب مدير عام «اليونسكو»، أنه لم تعد هناك مناصب وزارية حكراً على الرجال كما كان الوضع سابقاً، فقد رأينا المرأة حالياً تشغل مناصب مثل وزيرة الدفاع والداخلية في العديد من الدول في أوروبا والعالم المتقدم، وحققت نجاحاً مبهراً في هذه الحقائب، وعلى رغم الزيادة الملحوظة في مشاركة النساء المصريات في التشكيل الحكومي الحالي، بإننا نبحث عن زيادة هذا التمثيل، ونطمح الى زيادة حصة الوزيرات في أي حكومة، وأجزم أنه إذا افترضنا جدلاً تشكيل حكومة كلها من النساء فإنها ستنجح، ولهذا لا بد من تغيير ثقافة المجتمعات العربية لتكون أكثر قابلية لتولي المرأة مناصب وزارية.
وتضيف: «تمكين المرأة سياسياً، معركة خاضتها المرأة المصرية، ونستطيع أن نقول حالياً إنها كسرت السقف الزجاجي الذي كان يحول دون تمكينها سياسياً، ولكي نصل إلى هذا التمكين هناك بعض التحديات التي يجب علينا التغلب عليها، أبرزها التمييز الاجتماعي والثقافي ضد الأنثى، الأم والفتاة والطفلة والابنة داخل الأسرة.


تفكير مختلف
وتقول الإعلامية نجلاء الغنام، وزيرة الإعلام في حكومة المرأة المصرية: «الحكومات الرسمية دائماً ما تواجه ضغوطاً كبيرة في عملها، سواء على المستوى السياسي أو المستوى الشعبي، وقد تؤثر هذه الضغوط عملها إذا اشتدت، لكن الميزة في حكومتنا أننا نعمل من دون أي ضغوط، ولا نتبع أي سياسات، عملنا اجتماعي بحت، نطرح الرؤى التي درسناها على الحكومة بطريقة مهنية جداً وفي شكل قابل للتنفيذ، وكل وزيرة في الحكومة لديها طاقم معاون لمساعدتها في عملها، وفوق هذا كله لدينا مجلس استشاري مكون من سيدات مصريات وشخصيات من العيار الثقيل، كما أن حكومتنا مكونة من شخصيات لها باع طويلة في العمل الاجتماعي أو حتى الرسمي».وعن قيادتها لوزارة الإعلام، تلفت الغنام: «من خلال عملي في وزارة الإعلام التي أتولى حقيبتها في حكومتنا، أعمل جاهدة على تعديل المشهد الإعلامي الموجود، والذي حقق بالفعل تطوراً كبيراً في الآونة الأخيرة، وسينصب عملي على تحقيق التوافق والتجانس بين جميع المؤسسات الإعلامية، وذلك من خلال العمل مع المؤسسات الصحافية والإعلامية الرسمية، وهذا هدفي الأكبر، إلى جانب تحسين وضع المرأة المصرية في الإعلام، والحد من نشر المواد السلبية المسيئة أو المحبطة للمرأة، والبعد عن نشر النماذج السيئة للمرأة المصرية، فضلاً عن مساندتنا قضايا المرأة والدفع بها إلى الواجهة».
وعما ستفعله الحكومة إذا ما تولت رئاستها امرأة، تؤكد الغنام: «حكومتنا تنشر فكرة أن السيدات يمكنهن التفكير في شكل مختلف تماماً سيبهر الجميع، وذلك إلى جانب مهمتها الأولى في تربية الأبناء والأجيال المختلفة، ولدينا في تكويننا المثابرة على تحقيق الشيء، فالأم التي تدير بيتاً بأكمله وتربي أولادها على القيم والمبادئ والأخلاق، لتخرج الطبيب والمهندس، بالطبع لديها القدرة على خدمة وطنها بشكل مختلف إذا ما أتيحت لها الفرصة».


الكفاءة لا النوع
وحول رأيه في فكرة الحكومة النسائية، يقول الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة: «التاريخ شاهد على نجاح النساء في قيادة مصر في فترات تاريخية حرجة، ومنهن على سبيل المثال لا الحصر، كليوباترا وحتشبسوت في العصر الفرعوني، وشجرة الدر في عهد المماليك، كما لعبت زوجات حكام مصر دوراً كبيراً بدعمهن لأزواجهن، سواء في شكل مباشر من خلال الظهور الإعلامي وأداء مهام «السيدة الأولى»، أو في شكل غير مباشر بعيداً عن الإعلام، لأننا نؤمن بأن وراء كل رجل عظيم امرأة، وبالتالي ليس شرطاً أن تستحوذ المرأة على كل المناصب الوزارية حتى نؤكد أنها ناجحة».
ويشير الدكتور يوسف إلى أنه من حيث المبدأ، فإن الكفاءة وليس النوع هي الفيصل في تولي المناصب الوزارية، وبالتالي فإن للتصنيف والانقسام الحاد عليهما تحفظات، لأن المجتمع ليس كله سيدات حتى نقول إن المناصب الوزارية يمكن أن تكون نسائية فقط، والعكس صحيح، فلا يمكن أن تخلو حكومة ناجحة من العنصر النسائي.

ويوضح: «هناك بعض التجارب الرائدة التي شغلت فيها المرأة مناصب وزارية كانت حكراً على الرجال، حيث تولت في بعض الدول وزارات الدفاع والداخلية والخارجية، وقادت في العديد من الدول حكومات ناجحة، وأبرز مثال على ذلك مارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا، والملقبة بـ»المرأة الحديدية»، وكذلك المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وغيرهما».
وينهي الدكتور يوسف كلامه، مؤكداً أنه كانت هناك تجربة فريدة في السويد في التسعينات، حين أصبحت الحكومة السويدية أول حكومة في العالم تشغل المرأة فيها نصف المناصب الوزارية متساوية مع الرجال، والآن المرأة مسؤولة عن 43 في المئة من الحقائب الوزارية، مما أدى إلى تشجيع النساء في أوروبا على السعي الى تولي المناصب، وهذا يؤكد أن الكفاءة وليس النوع أو الجنس هي الفيصل في تولي المناصب الوزارية، والأفضل لأي مجتمع أن تكون حكومته مكونة من الشخصيات الأكثر كفاءة، سواء من النساء أو الرجال.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079