تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

مقدّم نشرة 'آخر ساعة' طاهر بركة:

الإعلام المرئي هو الهدف الذي جهد لتحقيقه منذ أن كان صغير السن، والأدب العربي حلم الطفولة. عمل مراسلاً في الـ« أم. تي. في.» اللبنانية وكان في التاسعة عشرة، ثم في «الحياة أل. بي. سي.» ليصبح في الثالثة والعشرين  إعلامياً ناجحاً يطلّ عبر  شاشة «العربية» التي يقول عنها إنها قرية كونية جمعت تحت سقفها سكّان مشارق الأرض ومغاربها. يطل على ملايين المشاهدين العرب قبل ساعة من منتصف الليل في نشرة «آخر ساعة». «لها» التقت طاهر بركة وكان معه هذا الحوار.

 -بعد أربع سنوات من العمل في قناة «العربية»، هل استطعت تحقيق طموحك؟
لا يمكن القول إنني وصلت إلى ما كنت أصبو إليه، لأن طموحي في الإعلام بعامة لا حدود له، سواء كنت في قناة «العربية» أو خارجها، ولكن يمكن القول إنني سائر في الطريق الذي أتمناه، وأخطو الخطوات الصحيحة. فالبرامج الإخبارية طريقها طويل وصعب ويحتاج إلى الاجتهاد والصبر، وعلى الإعلامي سلوكه كاملاً حتى يثبت نفسه. هناك الكثير من المراسلين ومقدمي الأخبار لم يثبتوا وتركوا البرامج الإخبارية رغم أنهم نجحوا في تقديمها. لذا نجد أن عدد الإعلاميين المخضرمين الموجودين في البرامج الإخبارية قليل، وبالتالي هم الذين استطاعوا أن يصنعوا اسمًا. لذا أحب أن أكمل في الطريق الإخباري.

 -لماذا ليس لديك برنامج حواري سياسي؟
الانطباع عند الناس أن الإعلامي الذي لديه برنامج حواري سياسي هو النجم أو أهم من مقدّم الأخبار، بينما بالنسبة إليّ هناك ثلاثة أمور تؤسس  لنجاح الإعلامي في المجال السياسي، فإما أن يكون مقدم برنامج حواري أو مقدم نشرة أخبار أو أن يكون مراسلاً، ولا يوجد أمر بالنسبة إلي أهم من الآخر، فالثلاثة مهمون.

 -كثر يفضّلون العمل في الأستوديو ويعتبرون أنهم مجرّد أن أصبحوا مقدّمي أخبار أو برنامج حواري فإنهم وصلوا إلى هدفهم. بينما أنت رغم أنك مقدّم نشرة «آخر ساعة» لا تزال تقوم بعمل المراسل، فهل هذا شغف؟  صحيح. أحب أن أبقى مراسلاً ولكن لأنني ملتزم بالظهور خمسة أيام على الشاشة أعمل المستطاع حتى أكون في الوقت نفسه مراسلاً. برنامجي يومي ثابت والمشاهد عليه أن يعتاد على هوّية محددة لهذا البرنامج. في «آخر ساعة» تعوّد الناس عليّ، وإداريًا ليس من المحبب أن نتغيّب عن البرنامج، علمًا أننا نضطر في بعض الأحيان لأن تكون لدينا تغطيات خارج دبي عند حصول أحداث كبرى. فهناك بعض الأحداث توجب وجود مذيعين قادرين على الظهور مباشرة وتكون لديهم الخبرة والمرونة في نقل الخبر وتغطيته بحرفية عالية. فليس كل مذيع قادرًا على أن يكون مراسلا ناجحًا، بينما هناك الكثير من المراسلين لديهم قدرة على أن يكونوا مذيعين ناجحين. أهم المذيعين في العالم هم الذين عملوا في بدايتهم مراسلين، ونراهم لا يزالون  يقومون بتغطية الأحداث لأنهم يعشقون العمل على الأرض.

 -درست الإعلام مدة ثلاث سنوات والأدب العربي في الوقت نفسه لتنال إجازة فيه. هل أنت نادم على أنك لم تكمل دراستك في الإعلام بعد مزاولته؟
لا أبداً. لم يكن من الأفضل لي إكمال تخصص الإعلام، لأن الجامعة اللبنانية للأسف، رغم كل الخبرات الموجودة فيها والطاقم الأكاديمي الممتاز المشهود له من حيث الخبرة والتميّز، لا تتوافر لديها التقنيات المواكبة للعمل الإعلامي المرئي الحديث التي تساهم في تخريج إعلاميين محترفين  خصوصاً في الإعلام الإذاعي التلفزيوني. الخبرة العملية التي اكتسبتها منذ كنت في الثامنة عشرة، أعطتني دفعاً للمضي قدماً. والشهادة الجامعية كانت بالنسبة إليّ مكمّلاً للسيرة الذاتية ليس أكثر. حتى الماجستير الذي أنوي أن أحصل عليه سوف أقوم به انطلاقاً من اقتناعاتي الشخصية ولإغناء معرفتي. فأنا أحب أن أدرّس في الجامعة لأن من المهم أن من لديه خبرة في مجال الإعلام أن ينقل هذه الخبرة إلى الطلاب الجامعيين، فهناك بون شاسع بين الأداء التطبيقي وما نتعلّمه في الجامعة.

 -هل هذا يعني أن لديك طموحًا في التعليم الأكاديمي؟
أتمنى اليوم أن أتعاقد مع بعض الجامعات لنقل خبرتي المتواضعة. فحلمي أن أمزج بين الأكاديمي والتطبيقي، لأن المجال الأكاديمي يعزز غروري. وحينما يصبح لدي ماجستير أو دكتوراه، يكون نتيجة البحث العلمي الذي جعلني أتابع تفاصيل الأشياء، فنحن في الصحافة نعرف القليل من كل شيء، بينما الاختصاص يجعل الإعلامي أكثر تعمّقًا. هناك من هم أكثر خبرة مني في التعليم، ولكن أرى أنه من الجيد  أن ينقل الأشخاص الذين يعملون على أرض الواقع خبرتهم إلى الطلاب كي يكونوا على علم  بما يحدث خارج صفوف الجامعة، وعندما يتخرّجون يعرفون كل ما سيواجهونه. فمن الضروري أن يعرفوا أن ما يدرسونه هو الأساس، ولكن التطبيق يختلف كثيرًا.

 -تقول إن عزوفك عن إكمال دراسة الإعلام سببه الافتقار إلى التقنيات الحديثة، في حين أن الأدب العربي دراسة نظرية لا ترتكز على مفهوم التقنيات، فبماذا ساعدك الأدب العربي؟
الأدب العربي كما قلت حلمي منذ أن كنت طفلاً إضافة إلى أن معظم أفراد عائلتي درسوا الأدب العربي أو الإنكليزي وعندي حب للأدب العربي واللغة العربية التي أتقنتها منذ الصغر. وفي المقابل صناعة التلفزيون تتغير وأنا أتوق إلى المساهمة في هذا التغيير. في الماضي كان القيّمون على التلفزيون يرتكزون على أخبار الصحافة المكتوبة واليوم تتغير المفاهيم، فالصورة أصبحت مهمة مثل الخبر وهذا ما نحاول القيام به في «العربية». وفي نشرة «آخر ساعة» أعتمد على الصورة وتقديمها مناصفة مع الخبر.

 -إلى أي مدى يشكّل إتقان اللغة العربية ضرورة للمقدّم التلفزيوني؟
أكيد إتقان اللغة العربية ضرورية للمذيع، فهناك كثر ممتازون في العمل الإعلامي وخلفيتهم الثقافية أو السياسية، ولكن عدم إتقان اللغة يشكّل عائقًا بالنسبة إليهم مما يؤثر سلباً في أدائهم الإعلامي. اللغة العربية هي أهم فقرة في عمود الإعلام الفقري ولا يمكن النجاح من دونها.

 -إلى أي مدى يشعر الشخص بالمسؤولية عندما يمنحه الآخرون الثقة؟
لم أكن أشعر بالمسؤولية تجاه الشخص الذي منحني الثقة بقدر ما شعرت بالمسؤولية تجاه نفسي، لأنني كنت أنتظر هذه الفرصة. والحمد لله في كل مكان ذهبت إليه التقيت أشخاصًا ساعدوني ربما  لأنهم رأوا فيّ إصرارًا أو موهبة . ولكن «العربية» هي المكان الأهم الذي فتح لي المجال الأوسع. وأحب أن أنقل هذه الخبرة إلى الشباب لأنني منهم ولا أريد أن أصبح من الناس الكلاسيكيين، فأنا أفهم الشباب وأشعر بهم. ورغم أنني من مواليد عام 1982 أشعر بأن فيّ جزءًا من كبار السن نظرًا إلى أنني تعاملت معهم وهم الذين تبنّوني وصقلوا شخصيتي ورسموا خطي المستقبلي.

 -برنامج «آخر ساعة» يتضمن معلومات متكررة عرضت في أوقات سابقة خلال النهار. ألا تظن أن ذلك يجعل المشاهد لا يرغب في مشاهدته؟ وما الذي يجعله جذّابًا؟
هناك سؤال دائمًا نطرحه، ما الذي أضيفه إلى نشرتي أخبار طالب وزينا وريما؟ يستحيل خلال 24 ساعة أن تأتي كل ساعة ببرنامج مختلف، حتى كبريات الشركات الإعلامية الإخبارية يستحيل عليها تحقيق هذا الأمر. في النتيجة نحن نقدّم الأخبار التي هي أولويات القناة، مما يعني أنني غير قادر على أن أظهر في أخبار «آخر ساعة» وأقول الأولوية الحديث عن الحرائق في لبنان وهناك أحداث دموية تجري في إيران مثلا. صحيح أن هناك تكرارًا في الأخبار ولكن لا ننسى أن الذي يشاهد الأخبار الساعة الثانية عشرة ليس هو نفسه الذي شاهدها عند الساعة التاسعة. فنسبة المشاهدة تختلف كل عشرين دقيقة. في نشرات الأخبار لا ضير من أن تتكرر العناوين والمواضيع، والمختلف في «آخر ساعة» هو عرض الموضوع من زاوية مختلفة وهذا ما نفعله. فمثلا عندما نعرض أخبار إيران ننقل الأحداث ثم نعرض تقريرًا عن «الفيس بوك وإيران»، وهذا التقرير لم يعرض في نشرات الأخبار السابقة لأنه اقتراح خاص بـ«آخر ساعة"، فهذا البرنامج يتحمل هذا النوع من التقارير، ولأنه نشرة تحاول أن تجذب المشاهد عبر المزج بين ما يهمه والموضوع السياسي.

 -هل لا يزال لدى الناس اهتمام بالسياسة؟
يمكن القول إن الناس لديهم حالة ملل من السياسة وأصحابها، ونحن نعرف من خلال المراقبة أن نسبة مشاهدة الأخبار ترتفع كثيرًا أثناء الأزمات الكبيرة كالحروب أو أحداث عالمية. ولكن في النتيجة لا يمكن إقناع المشاهد أنه كل يوم عند الثانية عشرة عليه التخلي عن مشاهدة فيلم.  يمكن أن يشاهد العناوين الرئيسية ثم ينتقل لمشاهدة الفيلم الذي يريده. وعمومًا لا يمكن الإدعاء أن المشاهد يتابع كل نشرتي. لا يمكن في محطة أخبار أن تجعل المشاهد يتابعك طوال الوقت فـ«العربية» ليست قناة تسلية وترفيه. والنسبة الأكبر من المشاهدين يفضلون القنوات الترفيهية، لذا نحاول أن نعرض تقارير فنية وصحيّة واجتماعية... أي المواضيع التي تهم المشاهد بعيدًا عن السياسة لتكون الأخبار شبه مجلة تضم كل ما يهم المشاهد.

 -ألا تظن أن سقف الحريات المتوافر للقنوات الإخبارية الفضائية هو أوسع بكثير مما هو متاح للقنوات الأرضية؟
سقفها أعلى لأنها ليست ملتزمة بالمحاذير السياسية المحلية، إنّما لديها سقف ثان ممنوع تجاوزه على صعيد العالم العربي. لا يمكن القول إن «العربية» حرة بكل ما تقوم به، حتى القنوات الفضائية العالمية كالـ «سي. أن. أن.» ليس لديها هذا الفضاء الرحب من الحرية. ليس هناك إعلام حر مئة في المئة أو محايد في العالم كلّه، وهذا ليس اتهامًا لأي محطة، ذلك أن الإعلام ليس «هايد بارك» تقول فيه ما تريد، بل لديه متلقٍ وعليك أن تعرف كيف توصل إليه المعلومة. فأنت في النهاية توجّهه، وهناك مسؤولية تجاهه. وهناك أيضًا العامل المادي الإعلاني الذي يتحكّم في البرامج والذي يفرض عليك بعض الأمور. وهذا معروف عالميًا، فأنا لا أؤمن أن الـ« بي. بي. سي.» أو الـ« سي. أن. أن.» أكثر موضوعية من أي محطة عربية فضائية.

 -أنت لا تزال مراسلاً وتواكب الأحداث الكبيرة. ماذا تقول عن تجربة تغطية الانتخابات اللبنانية؟ خصوصًا أن العربية أُتهمت بانحيازها إلى فئة معيّنة من اللبنانيين؟ وفي بعض المناطق اللبنانية مُنعت من التصوير؟
المشاهد اللبناني منقسم بين «العربية» و«الجزيرة» مثلما هو منقسم بين 8 و14 آذار. لنكن صريحين، هناك من يحب «العربية» وآخرون لا. ولكن اتهام «العربية» بالانحياز جائر، والمشاهد يدرك أن هذه حملة سياسية ضدها. بالنسبة إليّ أتعامل على الأرض بكل موضوعية ولا مرة فكّرت أن أقابل شخصا لأنه مع «العربية». فالقناة بالفعل تتعامل مع كل المسؤولين السياسيين بموضوعية،علمًا أن بعضهم يرفض أن يظهر على شاشتها لأنه معارض لسياستها. وصادف أثناء تغطيتي للانتخابات اللبنانية أنني كنت في مناطق لا مشكلة عند سكّانها مع قناة «العربية»، ولكنني واجهت مشكلة أثناء تغطيتي لانتخابات رئيس الجمهورية، فقد طُردت من إحدى مناطق بيروت لأنني مراسل «العربية».

 -في هذه الحالة ماذا تفعل؟
لا أتدخل وأنسحب بهدوء. إذ لا يمكن أن تناقشي الناس في اقتناعاتهم، فهم لا يعطونك الفرصة ليسمعوا ما تريدين قوله أو تشرحي لهم مثلا أنك موظفة في القناة الفلانية، ولست إدارة القناة. فهناك أمور لا يمكن أن أتحمل عواقبها مع أني في النهاية موظف أمثّل «العربية». نحن لا مشكلة لدينا مع أي أحد مهما كانت توجّهاته السياسية. هناك من قاطعنا وهناك من لم يقاطعنا. فحماس مثلا لم تقاطعنا رغم أنها تمثّل خطًا مغايرًا. إذا كنت لا تتفق مع توجهاتنا لا يعني أن ترفض الظهور على شاشتنا بل يمكنك أن تعبر عن معارضتك لنا على شاشاتنا. وفي النهاية لـ«العربية» جمهور واسع يتابعها وهو أيضًا يقاطع هذا المسؤول أو ذاك و لا يريد سماعه.

 -إلى أي مدى على الإعلامي السياسي أن يكون موضوعيًا خلال تحليله للحدث؟
عندما أكون على الأرض أو على الهواء في الأستوديو، أتجرد من كل ميولي الشخصية وجنسيتي وأتعامل مع الضيف بموضوعية، علمًا أنني  أرى في كل فريق الصواب والخطأ. في الإعلام أفضل أن أكون في الوسط. بينما هناك بعض الإعلاميين لديهم هواية الانحياز إلى طرف دون غيره ويتحوّلون إلى ضيف ثالث، ظنًا منهم  أن فئة من الناس سوف يحبونهم ولكنهم ينسون أن هناك من سيكرههم. وأسأل لماذا يعمل شخص كهذا إعلاميًا؟ على الإعلامي أن يكون حياديًا خصوصًا في البرامج الحوارية والسياسية.

 -هل تحقق طموحك في أن تكون الإعلامي الذي تطلبه المحطات الطموح؟
تقدّمت في هذا الموضوع، فهناك محطات تلفزيونية كثيرة تقدم عروضًا وهذا يرضيني.

 -بالعودة إلى البداية عملت في وسائل إعلامية لها ثقلها في الساحة الإعلامية، كيف وافقت  هذه الوسائل على عملك وإن تحت التمرين وأنت في هذه السن الصغيرة فضلا عن أنك لم تكن قد أكملت دراسة الإعلام؟
العمل الإعلامي كان حلمي منذ الطفولة. وعندما أنهيت دراستي الثانوية، كنت في حاجة إلى نقود، وكان أهلي قد انتقلوا إلى بيروت. عملت في مطعم مدة سنة، ولكنني لم أكن مرتاحًا رغم أنني كنت أتقاضى أجرًا جيدًا، فقد كان لدي طموح أكبر من العمل في المطعم وكنت أشعر بأن العمر يسابقني. لاحظت مساعدة مدير المطعم الذي أعمل فيه هذا الطموح وساعدتني في الانضمام إلى جريدة «الكفاح العربي». في البداية طلب مني المدير أن أكتب مقالا فأجريت تحقيقًا عن موضوع التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل وكنت جديًا، وفي الوقت نفسه خائفًا رغم أن المدير طمأنني إلى أنه لن يحاسبني على أساس أنني إعلامي محترف. وبعد ذلك طلب مدير الصفحة الاقتصادية أن أعمل في صفحته وتحت إشرافه، وبالفعل ثبّتوني في الجريدة وعملت مدة سنة اكتشفت خلالها أنني لا أريد العمل في الإعلام المكتوب لا سيّما في الصفحة الاقتصادية، فأنا أكره الأرقام وفي المدرسة لم أكن بارعًا في الرياضيات، بل أريد العمل في مجال الإعلام المرئي. وكان شقيقي يعرف شخصًا يعمل في الـ «أم. تي. في». وتحدث إليه عني وقال له إنني قادر على العمل مراسلا تحت التدريب. وبالفعل جازفت وتركت «الكفاح العربي» التي كنت موظفًا فيها وبدأت العمل في الـ« أم. تي. في». من نقطة الصفر. وعندما شعروا بأنني على قدر المسؤولية ثبّتوني وعملت فيها مدة سنة بعدها أغلقت المحطة. وكنت خلال هذه السنة قد بنيت شبكة علاقات فساعدني بول حداد وراغدة معلولي في التعرف إلى زينة صوفان، والمصادفة أن زينة كانت تسأل عن أحد غيري لديه المواصفات نفسها. بعدها عملت في «الحياة ال.بي.سي.» وظهرت على شاشتها للمرة الأولى في 8 أيار/ مايو في عيد ميلادي الحادي والعشرين في نشرة الأخبار.

 -هل تعتبر نفسك محظوظًا أم مجازفًا ؟
الاثنان معًا. فأنا جازفت بالشركات الإعلامية التي كنت فيها موظفًا لأبدأ من نقطة الصفر. وفي الوقت نفسه حصلت على فرص هناك الكثير من الشباب يستحق مثلها، فالمجال الإعلامي في العالم العربي ضيق وهؤلاء لا يأخذون الفرص لأنه لا يوجد أشخاص مخضرمون لديهم جرأة تبني مواهب يحوّلونها إلى كفاءات كما فعل معي عبد الرحمن الراشد الذي تبنى موهبتي وآمن بها ورسم مستقبلي. صحيح أنني كنت أبذل مجهودًا لتحقيق النجاح، ولكن في النهاية «العربية» هي التي وضعتني في هذا الموقع وفتحت أمامي المجال لإبراز قدراتي.

 -هل تندم لأنك لم تعش مرحلة المراهقة كغيرك من الشبان؟
لا أبدًا. لم يكن في إمكاني أن أكون إلا على هذا النحو. ولو لم أكن كذلك لما وصلت إلى ما أريد.  أعرف تمامًا أنني كنت لاغيا كل شيء من حياتي ما عدا طموح العمل في الإعلام المرئي. والآن استقريت اكثر وتأكدت من خطي الذي أسير فيه وأشعر بارتياح أكثر. والمطلوب مني الاستمرارية والمثابرة.

 -هل تفرحك الشهرة؟
أكيد. ولا أخفيك سرًا إذا قلت إنني أشعر بالسعادة عندما أكون في مكان عام ويأتي الناس ويسلّمون عليّ. ولكني لست مأخوذًا  بالشهرة ربما لأنني ظهرت صغير السن على التلفزيون وبالتالي تعودت على الفكرة. المهم أن تبني أساسًا جيدًا والشهرة ليست هدفًا بل نتيجة لعمل الشخص. وليس من الضروري أن تعشقك الناس بل أن تقبلك.

 -مَن مِن السياسيين تحب محاورته؟
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ليس لأني معجب به، وإنما لأن لدي فضولاً لمحاورته وتوقاً إلى أن اسأل أسئلة لم تطرح بعد. لا أعرف ما إذا سوف أكون مختلفًا عن غيري  فظروف المقابلة سوف تكون معقدة جدًا، فاللقاء المفاجئ واحترام هيبته الدينية والسياسية قد يجعلان الإعلامي مرتبكًا في المقابلة.

 -هل أنت مقيد في حياتك العامة؟
لا. أعيش حياة طبيعية. في بداياتي كنت أشعر بالارتباك لم أكن معتادًا على الموضوع. أما الآن فأصبحت مرتاحًا أكثر. ففي النهاية أنا شاب عادي يريد أن يعيش حياته كغيره من الشبان، ولكن أتصرف ضمن المعايير الاجتماعية.

 -هل قلبك مشغول؟
الحب ليس مشروعًا نخطط له بل يأتي فجأة من دون سابق إنذار. بينما الزواج هو مشروع مؤجل. المضحك أن أصحابي المقرّبون معظمهم تزوّجوا وعندما نخرج يكونون برفقة زوجاتهم أو خطيباتهم،  وأشعر بأنه حان الوقت لأخطو هذه الخطوة ولكن قد يكون ذلك بعد سنتين. أنا في السابعة والعشرين وأحتاج إلى سنتين كي أؤسس لنفسي في شكل جيد. فالزواج متطلباته كثيرة ولا يمكن أن أخطو هذه الخطوة كيفما اتفق.

 -هل تؤمن بالحب؟
كنت رومانسيًا جدًا في مرحلة المراهقة، وفي السنة الجامعية الأولى كانت لدي تجربة حب فاشلة علّمتني أنه لا يوجد حب بل هناك مصالح عاطفية. وعمومًا لا يستمر الحب بعد الزواج بل يتحوّل إلى تفاهم واحترام. الحب الذي قرأنا عنه في الأدب ليس موجودًا على أرض الواقع، وسببه الحرمان. تخيلي نفسك أنك تحبين شخصًا لا يمكنك رؤيته! من الطبيعي أن تبقي تحبينه لأنك لا تعرفينه جيدًا. بينما اليوم لم تعد توجد هذه العوائق ولم يعد هناك هيام. فالحب العذري لم يعد موجودًا ، رغم أنني أحب أن أسمع لأم كلثوم.

 -أنت عقلاني؟
بعد العمل صرت عقلانيا جدًا يمكن القول إن مشاعري جفت وصرت عمليًا.

 -أي صداقة تشعر بأنها دائمة؟
متى أتت تكون جيدة. أنا مثلا لا أؤمن بصداقة المدرسة بل بصداقة الجامعة،   فأنا لا أزال على تواصل مع أصدقائي في الجامعة و تحولت صداقتنا إلى صداقة عائلية. كما أؤمن بصداقات العمل، ولا أعني  الزمالة فهناك فرق بينها وبين الصداقة، فمثلاً عندما تتركين العمل في شركة ويستمر زملاؤك بالاتصال فهذه صداقة بينما عندما ينقطع التواصل فهذه زمالة فقط.

 -كيف تصف الجو في العربية؟
ودود شبابي جميل ونظيف. هناك روح جميلة تجمع الكل.فأنا  أشبّه «العربية» بقرية كونية سكانها من مشارق الأرض ومغاربها، نتعرف إلى عادات البلدان وتقاليدها من خلال زملائنا. وهذا الجو يساعد في تغيير نظرتك إلى الإنسان بصورة عامة وتصبحين تتعاملين معه على أساس هويته الإنسانية وليس الجغرافية أو الإثنية أو الدينية.

 -لمن تقرأ؟
أحب التنوع في قراءتي فأنا أقرأ الشعر والسياسة في الوقت نفسه

 -كيف تصف تعاملك مع تكنولوجيا الفيس بوك؟
لا بأس ولكن لا أفتحه كثيرًا ولدي فوق الألف صديق، ونادرًا ما أفتحه.

 -ما هي هواياتك؟
أنا لا أحب الرياضة، هناك علاقة سيئة مع الرياضة، أتحمس لها في الأسبوع الأول ثم أنساها.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079