إلهام السعداوي
تخرجه من جموده المعهود وصمته الحجري، لتحاكي كنوزه الجمالية، وروعة ألوانه الترابية. فمن حجر لا ينطق إلا في سلسلة بناء، إلى تحفة فنية تتوسط حديث الطبقة المخملية السعودية. هذه حال ما تبدعه أنامل الفنانة الهام السعداوي التي عرفت بجمال إكسسواراتها وإبداعاتها التي تتألف من عدد مختلف من الخامات.
الهام عشقت تكوينه الصخري، لتجعله كنزاً تلفه تحفة المنظر، وغرابة الجوهر، وقيمة الطبيعة. معترفة بأن في الطبيعة الكثير من الجمال ولكن لمن لديه خيال يستطيع أن يتحاور مع خصائصه ومكنوناته.
«لها» التقت الفنانة التشكيلية والنحاتة الهام السعداوي في بيتها الذي تزين بأعمالها المبتكرة.
- لماذا عشقت الحجر؟ ومتى بدأت محاكاة جماله الصامت؟
لا أذكر تحديداً متى، ولكن أعرف أنه منذ زمن بعيد جداً وأنا أهوى الابتكار والفن بكل أنواعه. ولكن حالياً بعدما كبر أبنائي أصبحت أهتم بابداعاتي خصوصاً بعدما لاحظت أن ما يطرح في الأسواق لا يتناسب مع الأذواق التي تحب التفرد. من هنا كانت البداية بشكل فعلي وكنت حريصة على أن أجد ما لا يتوافر للعامة. بمعنى أن النقطة التي أقف على أبوابها هي التميّز والتفرّد والإبداع.
- لأي درجة تحاكين الحجر بجماله الطبيعي؟
كان من المستغرب أن أتجه إلى هذا الجمال الصامت خصوصاً أن الحجر عرف عنه أنه وسيلة للبناء. وحتى من يتجه إلى التصميم على الأحجار دائماً يبحث عن نوعيات معينة، ولكن الاختلاف لدي أني أستخدم كل أنواع الأحجار مهما كانت، المهم أن تلفت نظري. وبالفعل من الممكن أن أمر ببناء يتم تشييده وأعجب بالحجر، فأتقدم من صاحب المكان وأطلب منه قطعة فيستغرب تصرفي. لكن هذه القطعة الصامتة تتحول بين يدي إلى تحفة فنية فريدة لا يمكن أن تجدها في أي من المحالات التجارية. والواقع ان الحجر لم يكن هو بدايتي الفنية ولكن الإبداع بحد ذاته هو هاجسي كما ذكرت سابقاً.
- كيف يمكن أن تشكلي الحجر ليكون قطعة تجمل المكان؟
يعتقد كثيرون أن الحجر هو قطعة مهملة، لأنه بتكويناته الربانية لا يمكن أن يضاهيها جمال. فالأحجار مختلفة الألوان والتقسيم والطبيعة. كل هذه الأشياء تجعل الفنان ذا اللمسة المتميزة يحولها إلى قطعة فنية. فأنا أبدأ بإطلاق العنان لخيالي لأتصور هذا الحجر ماذا يمكن أن يكون، وماذا يمكن أن أضيف ليكون قطعة فنية جميلة تتماشى مع الذوق الراقي الذي يقدّر الفن.
- تضيفين عدداً من الخامات المختلفة. ما هي هذه الخامات التي تحوّل الحجر إلى لوحة جميلة؟
الإضافات كثيرة ومتنوعة، وما تستغربينه حقيقة أن معظم الإضافات هي أشياء تتوافر حولي سواء الزجاج، أو المعدن، أو النحاسيات، أو بعض الإكسسوارات القديمة التي لا أحتاجها، والجبس، والرخام، والشمع. حقيقة الإضافات كل ما يمكن أن يخطر في بالك، ولا يوجد لدي خامة بعينها تغلب على الأخرى، فأنا أستخدم ما أجده يتناسب وطبيعة الحجر أو طبيعة القطعة.
- لديك بعض القطع الفنية التي امتزجت فيها الألوان. هل يمكن أن تجعلي من الحجر لوحة جميلة تزدان بالألوان؟
بالطبع. يمكن أن أجعل اللون يتماشى مع الطبيعة الحقيقية للون الحجر، وهناك بعض الأنواع أتخيلها قطعة قماشية أرسم عليها لوحة طبيعية. وما يميّز العمل الفني أنه يتماشى مع كل الخامات المتوافرة. ولدي عدد كبير من القطع الحجرية أو الرخامية التي رسمت عليها صوراً طبيعية. وفي بعضها مزجت اللون باللون الطبيعي للحجر لأحافظ على طبيعته الحقيقية.
- لم تتوقف الهام السعداوي عند الحجر بل خرجت إلى ابتكار الإكسسوار وأيضاً التصميم. لماذا؟
الابداع لا يقف عند خامة بعينها، بل كل ما يمكن ألمسه يمكن أن أبدع فيه. هذا مفهوم الفن بالنسبة إلي، وهذا ما دفعني إلى التواصل مع فن الإكسسوارات التي أجد أني أبدع في جمالياتها كما هي الحال في اللوحة من حيث توليفة الألوان التي أنسقها، والخامة الكريستالية، أو الخرز الذي يدخل في صناعتها. وفي ما يخص التصميم فأنا لا أقول عن نفسي مصممة ملابس ولكن يمكن أن أدخل بعض الإكسسوارات على القطع بحيث يختلف موديلها تماماً، وهذا يضفي عليها نوعاً من التفرد.
- كيف توفرين الخامات؟
حقيقة زوجي هو المساعد والداعم الأول في هذه المسألة. فهو دائماً ما يوفر لي معظم متطلباتي. ولولا دعمه لما كان لي هذا النجاح والحمد الله. وبالنسبة الى الخامات كما ذكرت لك، أستفيد من كل شي حولي، أيا كان حجمه، او صفته، أو لونه. كل ما يمكن أن تتخيليه حتى القطع المكسورة لا أتخلى عنها خصوصاً اذا كانت تحمل لمسة إبداعية.
- هذا يعني أن ورشة العمل لديك تزدحم بأشياء كثيرة؟
صحيح ولكن الجميل فيها أنها داخل المنزل مما يعني أني أقوم بعملي الفني وبواجباتي العائلية في الوقت ذاته، فانا حقيقة مع المرأة التي تبدع من داخل منزلها وتنطلق إلى المتذوق من خلال أراء زوجها أولا وأسرتها.
- ماذا تعني لك المعارض الفنية في ظل هذه الزخم الفني المتناثر هنا وهناك؟
المعارض الفنية تبرز اسم الشخص وهوّيته. وقد شاركت في عدد من المعارض التي أقيمت في مدينة جدة كان من أبرزها المعرض مع الفنانة التشكيلية منى القصيبي، وأيضا بعض البازارات التي تحمل صفة الخصوصية، بمعنى أني لا أشارك في كل البازارات بل فقط التي تعنى بالمتذوق الحقيقي للفن.
- هل تجدين أن السيدة السعودية متذوقة لهذا النوع من الفن؟
بالتأكيد ولو لم أكن على يقين بذلك لما بدأت الخروج لعرض أعمالي في البازارات، خصوصاً أن الأعمال الحرفية اليدوية تلقى إقبالا لأنها لا تشبه الموجود في المحال التجارية.
- ماذا تريد الهام السعداوي غداً؟
أحلم بأن يكون لي محلي الخاص الذي يعرض إبداعاتي الفنية والقطع التي تأخذ مني كثيراً من الوقت، خصوصاً في الفكرة وتصميمها. فأنا بالفعل أعطي القطعة حقها في التواصل مع الروح الجمالية سواء من ناحية الألوان أو الإضافات. ودائماً ما أستشير من حولي لأكون على يقين أني أبدعت في كل عمل.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024