Reem Acra عملت جاهدةً لكي أجعل من منزلي جنّة وبيئة سلام
عشرون عاماً من الإبداع والابتكار في عالم الأزياء. لمستها الفنية ميّزتها وساعدتها في صنع تاريخها وحفر اسمها في عالم المبدعين. شخصية فريدة، قدوة في كفاحها ونضالها، واثقة في قدراتها... كلها صفات ساعدت المصمّمة ريم عكرا على حصد نجاحها. في حوار ممتع معها اتّسم بالحكمة والتفاؤل أجريته في مدينة نيويورك «مدينة الأزياء الأكثر تحدياً»، حدّثتنا ريم عن تعاونها مع سيدة أميركا الأولى ميلانيا ترامب، وعن تجارب الأعوام العشرين لكونها أول مصمّمة عربية تنضم الى لائحة الأكثر تأثيراً في صناعة الموضة. فضلاً عن إشرافها على مواهب ومصممي الموسم الثالث من Fashion Star المُذاع عبر قناة «دبي» حيث تقدم في كل حلقة تحدٍّ مختلف يتماشى مع توجهات الموضة العالمية.
-اختتمت مجموعتك الأخيرة لفساتين الأعراس لربيع 2018 بفستان أيقوني رُصِّع بالأحجار الكريمة والألماس حتى بلغ ثمنه 1.6 مليون دولار، كم من الوقت استغرق تنفيذه؟
التعاون الذي تم مع العلامة التجارية «تيفاني» الرائدة في عالم المجوهرات في الذكرى السنوية العشرين لدار ريم عكرا، كان حدثاً مميزاً بالنسبة إلينا، إذ كنت أريد التأكد من أن الثوب المعروض في نهاية هذا الحدث سيكون قطعة فنية. فمن خلال تعاوننا واجتماعاتنا المكثفة قرّرنا وضع ماسات حقيقية على الفستان، مما أثار حماسة «تيفاني» التي خرج أفرادها عن عادتهم وبدأوا يسألون عن كمية القلادات والأقراط التي أحتاج إليها لتزيين الثوب. فقد كانوا حقاً مستعدين لتفريغ محتويات كل متاجرهم وتقديم كمية المجوهرات التي أودّ تزيين الثوب بها، وأخيراً اتفقنا على شراء كمية بمبلغ يوازي 1.6 مليون دولار من مجوهرات «تيفاني». واستغرقت صناعة الثوب شهراً كاملاً، ما بين وضع التصميم الأولي لهذا الثوب، وصنع التفصيلات وجمعها معاً. كانت العارضة المناسبة حاضرة دائماً، وكانت تجرّب الثوب كلما طلبنا منها ذلك للتأكد من الوزن المطلوب، فيجب ألا يكون الثوب ثقيلاً إذا أردنا أن ترتديه وتسير به براحة، خاصة أنها سترتدي عدداً من الطبقات، إذ إن الفستان ليس قطعة واحدة، بل هو مؤلف من طبقات عدة وتفاصيل أخرى. وعندما أخذناه إلى «تيفاني»، بدأت أضع بنفسي المجوهرات عليه لأنني كنت أرغب في التأكد من وضعية القطع، ومن ثمّ حُفظ في مكان مغلق إلى حين العرض. وهكذا كان ختام العرض يساوي ثروة كبيرة، وبدا الثوب مذهلاً، وأصبح حديث العالم. أما اليوم فقد خرج هذا الثوب من «تيفاني» وعادت المجوهرات إلى متاجر «تيفاني».
-بدت قطع المجموعة لخريف وشتاء ٢٠١٧ كأنها تحف فنية مزيّنة بنقشات وطبعات مستوحاة من الحضارة العثمانية، حدّثينا عن أنواع الأقمشة والتقنيات التي استُخدمت في هذه المجموعة؟
مجموعة الألبسة الجاهزة لموسم خريف/ شتاء 2017 التي تمّ عرضها في باريس كانت حقاً بمثابة إلهام من الحضارة العثمانية، خاصة في ما يتعلق بالأقمشة. بالفعل سؤالك محق، فربما هو إلهام غير شعوري، وأظن أن ما جذبني الى هذا النوع من التمازج، هو أنه أتاح لي بعض الحرية، كما أنه يمثل شخصيتي وأسلوبي بشكل كبير. فهذه المجموعة تمثّلني أكثر من أي شيء آخر، لدرجة أن سيلين ديون اختارت فستاناً وارتدته في عرض «أسبوع الموضة في باريس» وبدت رائعة، خاصة أمام الكاميرات، وأنا مسرورة بأن جزءاً من خيارها للفساتين كان من مجموعتنا.
-تألقت سيلين ديون من مجموعتك الأخيرة للأزياء الجاهزة، ما رأيك بإطلالتها هذه؟
أشعر بأنها تتغير. لا أدري، لكنني لا أحب الغوص في نفسية الشخص، ولست متأكدة من السبب الذي دفعها الى اعتماد خيار كهذا، لكن من الواضح أنها كانت في رحلة موضة الى باريس، وربما كانت ترغب في الاطلاع على ما يقدمه جيل الشباب لإظهار أسلوب جديد يخصّها في الموضة، مع ضرورة التشديد على ذوقها الرفيع في الأزياء الراقية والأزياء العادية معاً... تعرفين أن الموضة تجذب الكاميرات.
-في ذكرى مرور 20 عاماً على تأسيس دار ريم عكرا، اخترت عرض مجموعتك للأزياء الجاهزة لخريف ٢٠١٧ ضمن أسبوع الموضة الباريسي بدلاً من نيويورك، هل هو اعتراف منك بأن باريس عاصمة الموضة الأبدية، أنتِ التي آمنت بنيويورك الى الأبد؟
نعم، وُلِدَت تصاميمي في نيويورك، وأعتز بأن أكون جزءاً من «أسبوع الموضة في نيويورك»، ولكنني شعرت بأن تصاميمي في هذه المجموعة تحمل الكثير من أسلوب الأزياء الراقية، وذوقي في هذه المجموعة كان يميل الى النفحات الفرنسية أكثر من تلك الأميركية، كما أردت إبراز المجموعة في سياقٍ مختلف، لذلك ذهبت بهذه التصاميم إلى باريس.
-احتفلتِ أخيراً بمرور 20 عاماً على تأسيس الدار، هل ما زلت تملكين الرؤية نفسها في عملك؟ وماذا تغيّر؟
منذ بداياتي حتى اليوم وأنا في تطور دائم، فكلما تعمّقت أكثر في هذا المجال، اكتسبت المزيد من الخبرة والثقافة والمعلومات. أعتقد أنني كنت قادرة على استيعاب كل دقيقة في حياتي المهنية وكل مرحلة من مراحلها، ولطالما كنت قادرة على فهم الموضة على طريقتي الخاصة ومن خلال خبرتي الطويلة. في الواقع، عندما تنظرين إلى المجموعة والتصاميم تعترفين بأنها قد تطوّرت، لكن الأهم هو الحفاظ على هوية ريم عكرا.
-نعيش في وقت تكرّس فيه المرأة حول العالم معرفتها وموهبتها ومهاراتها للنجاح في الأعمال والمهن التي اختارتها، ما هي رسالتك لهؤلاء النساء من خلال تجربتك الشخصية ومشوارك الطويل في عالم تصميم الأزياء؟
أعتقد أن هذا السؤال مهم جداً، خاصة في عالمنا اليوم والذي يشهد تغيّراً مستمراً. فسلطة النساء تزداد في هذا المجال، خاصة بعد الرسالة الأولى التي جاءت من «ديور» عند اختياره امرأة، للمرة الأولى، لتكون مصممة لدور أزيائه. كان هذا بمثابة رسالة للعالم يُعلن من خلالها قوة المرأة وأهميتها، ويؤكد أننا بحاجة إلى المرأة في مجال الموضة والأزياء، وإلا خسرنا ما يعادل 50% من قوّتنا ووجودنا. كل ما أريد قوله للمرأة، هو إذا رغبت بأن تكوني قوية، عليك العمل على إثبات هذا بالفعل. فأنا مثلاً بدأت عملي في سنّ مبكرة، وقد فتحت المجال للكثيرين من بعدي، وعليّ أن أُثبتُ أنني امرأة قوية وأعطي القوّة للآخرين، وكنت قد بدأت ذلك قبل أن تصبح المسألة اعتيادية. لكنني دفعت الثمن غالياً، فلم يتحقق الأمر بسهولة، وهو لا يزال كذلك.
-تألقت سيدة أميركا الأولى ميلانيا ترامب بتصاميم من توقيعك، حدّثينا عن هذا التعاون؟
نعم، مع احترامي لنخبة سيدات المجتمع اللواتي التقيتُ بغالبيتهن في الماضي وألبستُ الكثيرات منهن، أرى أن السيدة ميلانيا ترامب على وجه الخصوص هي امرأة جميلة وسيدتنا الأولى، وقد صمّمتُ لها أزياء ارتدتها في مراحل مهمة من حياتها. كنت أعرفها من قبل، وقد ارتدت الكثير من أزيائي في مراحل مهمة من مهنتها، وأنا أحترمها لهذا، كما أحترم قدرتها على الوصول إلى مركز السيدة الأولى، مع أنها من خلفية مختلفة وبلد مختلف. أن تصبح سيدة الولايات المتحدة الأولى فهذا أمر مهم جداً، وأنا شخصياً أمدّها بقوة ما، وتكون بمثابة القوة والنفوذ اللذين تقدمهما هي للنساء الأخريات.
-هل أزعجتك أضواء الشهرة باقتحامها خصوصيتك؟
أبداً، في الواقع أنا أحب الخصوصية، ولا أتشارك حياتي الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنني واقعية جداً، وقد رسّخت هذه الفكرة في عائلتي، فكرة أنه مهما حصل يجب أن تبقى أقدامنا ثابتة على الأرض، وأنا شخصياً لن أدع شيئأ يؤثر في طريقة تفكيري أو عملي.
-الكثير من دور الأزياء اتبعت أخيراً مفهوم See now buy now، هل من ممكن أن تتبع ريم عكرا هذه السياسة؟
هذا المفهوم معقد جداً، وأعتقد أن العديد من الماركات التجارية لم تُحسن التفكير في هذا الأمر بعد. فعند الظهور المفاجئ على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يتصور أحد بأنه سيؤثر فينا بهذه الطريقة، خاصة بالنسبة الى الزبائن الذين كانوا يشاهدون المجموعة على منصة العرض، ويرغبون بالحصول الفوري عليها. أرى أن الأمر في غاية التعقيد، وسيتطلب فهمه وتصوره العديد من السنوات.
-عندما نصل إلى عمق معنى كلمة النجاح نجد أنها ببساطة تعني الإصرار... ما رأيك؟
أعتقد أن هذا الأمر بمثابة مقاومة، فللنجاح مستويات مختلفة، وهي نسبية. والنجاح كلمة معقدة تدفعني للاستمرار بملاحقتها إلى الأبد. في كل جانب من جوانب حياتكِ، سواء كان على المستوى العائلي أو العملي أو الفردي، عليكِ أن تكوني شخصاً مقاوماً، شغوفاً وصلباً. بدون هذا لن تكوني شخصاً ناجحاً أبداً.
-ما الذي ينقص عالم الموضة اليوم، أم أن هناك فائضاً ومبالغة في كل شيء؟
أعتقد أن عالم الأزياء في تغيّر مستمر، وأن الكثير من الأشياء الجديدة ستحصل، لكنها ليست شديدة الصلابة في الحقيقة. أشعر أحياناً بوجود موهبة، وفي بعض الأحيان بعدم وجودها. فمن الصعب التمييز لأنكِ تعرفين أنكِ لا تدخلين الى روحكِ لكي تتمكني من التصميم. وسواء تعلّق الأمر بالجيل الجديد أو القديم، أعتقد أن الأزياء الحقيقية تكتمل عندما تغوصين في داخلكِ لتبتكري أي تصميم.
-هل أصبح عمل المصمّم أصعب وفيه متطلبات كثيرة مع تعزّز دور مواقع التواصل الاجتماعي؟
لقد أثّرت مواقع التواصل الاجتماعي في الصناعة كثيراً وبمختلف الطرق، سواء أكانت إيجابية أم سلبية. أشعر اليوم بأن الأمر أصبح أكثر صعوبة وتعقيداً، كما أعتقد بأننا نحاول جميعاً التأقلم مع الأمر لنرى إلى أين سيقودنا. نحن نمر بمرحلة معيّنة، وهي مرحلة سلبية، لكنها ربما ستنقلنا في النهاية إلى مكان أفضل. ما من دار أزياء إلا ونراها مشغولة بهذا الأمر.
-بمَ تحلمين؟ وما هي تحدياتك الشخصية كامرأة؟
أنا اليوم أعيش مرحلة معيّنة من حياتي، وأود أيضاً الاستمتاع بها والقيام بكل ما يروق لي. تعلمين أن بعد 20 عاماً من العمل المتواصل، يصبح هذا العمل عبئاً عليك، ووجودك في نيويورك هو بمثابة عبء إضافي. والتحدي الشخصي كامرأة هو تحدٍ كبير بحد ذاته، فعندما بدأت كنت في سنّ مبكرة ولم أفكر أبداً بأنه سيكون هناك تمييز بين الرجل والمرأة، لكن في ما بعد، ومن خلال خبرتي الطويلة، وبصفتي شخصاً عبّد الطريق للمرأة، فهمت أنني سأواجه الكثير من التحديات لكوني امرأة، وقد صادفت الكثير من العقبات التي تعترض المرأة حتى أنني أستطيع أن أنصّ كتاباً عنها.
-ماذا يعني لك أن تكوني امرأة مصمّمة في عالم مزدحم بالمصممين الرجال؟
أتدرين؟ لم أفكر بهذا من قبل. لم أرَ نفسي يوماً كامرأة مصممة للأزياء بين الرجال المصممين الآخرين، ولكنني أصبحت أُفكر بذلك أخيراً. قلت لنفسي، هذا عالم الرجال، علينا الاعتراف به لأنه واقعي وعليّ مواجهته. ولكن لمَ هو كذلك؟ لأن المرأة هي التي قررت أن هذا العالم خاص بالرجال. أما أنا فلم أعترف أو أقرّ بذلك يوماً، وكنت دائماً منكبّة على عملي، ولكنْ هناك أمور حصلت في حياتي لم أفهمها لأنني رفضت الاعتراف بذلك، رغم أنه أمر حقيقي. أما اليوم فقد فهمت أن بعض الأمور لم تحدث فقط لأنني امرأة.
-كيف تمضي ريم عكرا يومها في نيويورك بعيداً من العمل؟
تضحك مُمازحة «التحدّث عن العمل» في الواقع، لا! أنا أنفصل بالكامل. ومكاني المفضل هو منزلي، أحب أن أكون هنا. لقد عملت جاهدة لكي أجعل من منزلي جنّة، بيئة سلام. فأحب أن أمضي بقية يومي في منزلي.
يشهد الموسم الثالث من برنامج Fashion Star، تحدٍّ قويّ بين المتسابقين الشباب، حيث بقي 5 مشتركين في مرحلة التصفيات والتي تشرف عليها عكرا بالإشتراك مع هناء بن عبدالسلام ونديم شمّاس. القرار النهائي بيد ريم، والتي فاجأت متابعي الحلقة الأولى من البرنامج بعدم مغادرة أي مشترك، لتكر سبحة المغادرين، وتصل إلى الحلقة الثامنة حيث أرادت أيضاً رفع سقف التحدي مع تأهّل 6 متسابقين إلى الحلقة التاسعة، بعد أن أمضوا إجازةً في دبي، مكافأةً للجهد الكبير الذي بذلوه للوصول إلى هذه المرحلة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024