تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

الولادة في المنزل.. لمَ لا؟

الولادة في المنزل.. لمَ لا؟

آمنة منصور

في ما مضى، وحتى حالياَ، كانت "الداية" تعرف كل أهالي البلدة والجوار، وكانت تفوق المختار أو العمدة شعبيةً. كان ذلك في زمن لعبت فيه دورًا طبيًا واجتماعيًا في تنقلها المستمر بين البيوت: "خطّابة" تارةً، و"حكيمة" نسائية في غالب الأحيان. والحكمة هنا في المعرفة والنصيحة، لأنها كانت "الأصيلة" قبل دخول أطباء النساء والتوليد على الخط.

كانت النساء في ذلك الوقت يلدن في البيوت، ولم تترك السينما المصرية والدراما السورية، لا سيما التاريخية منها، غموضًا حول الأمر. وما تسخين المياه في ذلك الوقت أو إحضارها إلى غرفة "المطْلقة" (التي داهمها الطلق وصارت على وشك الولادة)، إلا دليل بدء المخاض ومؤشراً لقرب ظهور المولود، بعد صرخات الألم التي يسمعها الأهل والجيران المجتمعين في غرفة مجاورة، للدعاء بـ "خلاص الأم بخير".

ومع انتشار العيادات والمستشفيات، ذهبت النسوة إلى الأطباء، وانكشفن على الرجال منهم، وبات تحضير "شنطة" المستشفى للولادة قبل أسابيع من موعدها محطة تحضيرية لا بد منها لتجهيز حاجيات الأم والطفل المنتظر.

تحوّلات                                     

اللافت اليوم ما يُحكى عن ميل قسم من السيدات إلى اختيار الولادة في المنزل، بوجود تقنيات جديدة كالبرك المائية، التي تُخفّف الألم وتسهل المخاض، وما تُزكّيه نصائح الأطباء وأهل الإختصاص.


وفيما يُحكى عن أن الولادة في المنزل أصبحت اتجاهًا متزايدًا في عدد من دول أميركا اللاتينية، رغبة من النساء في "الحصول على تجربة أكثر طبيعية وشخصية عندما يضعن حملهن"، يعتبر طبيب التوليد الفرنسي ميشيل أودنت أن "هذه الطريقة هي الأفضل"، موضحًا أن "الولادة السريعة والسهلة تكون بعدم وجود أي شخص حول الأم إلا القابلة أو الخادمة التي تعتني بالمرأة التي تضع الطفل وتكون لديها خبرة واسعة".

من جانبها، تتحدث رئيسة الرابطة الأرجنتينية للقابلات المستقلات مارينا ليمبو عن ما وصفته بـ "مزايا" الولادة في المنزل، معتبرةً أنها "تتيح للجنين التموضع داخل حوض الأم، ويكون للمولود الجديد اتصال مباشر بالأم مع إتاحة إمكانية البدء في الرضاعة الطبيعية على الفور". وتشير إلى أنه "في حالات الولادة الطبيعية بالمنزل تكاد تنعدم حالات الاكتئاب التي تعقب الولادة، كما أن الأم وطفلها يتجنبان العدوى التي ربما يلتقطانها من المستشفى".

وهي إذ ترى أن نحو "95 في المئة من النساء يتمتعن بالصحة وبالتالي يجب أن يكن قادرات على الولادة من دون مشكلات"، توضح أن "عملية الولادة لدى البشر تستغرق قدرًا من الوقت، لكن الأنظمة الطبية تريد أن تضع المرأة حملها ويولد الطفل في غضون ساعتين من الزمن، فيما من الممكن أن تستغرق هذه العملية أيامًا عدة بالنسبة لكثير من الأمهات والأطفال".

وتختم بالتأكيد أن "جسم المرأة مهيّأ للولادة الطبيعية، غير أن الثقافة العصرية والمجتمع لا يساعدان كثيرًا في منحها الثقة في أنها قادرة على الولادة بهذا الشكل".

تحذير                                     

في المقابل، تحذر دراسة طبية من أن "السيدات اللواتي يلدن في المنزل من قبل القابلات، معرضات بمعدل أريعة أضعاف لأخطار أعلى لوفيات أطفالهن حديثي الولادة مقارنة بالسيدات اللواتي يلدن بالمستشفى". ويوضح مؤلف الدراسة الدكتور أموس غرونيبرن، أن "هذه الأخطار تزايدت بشكل مطرد لتصل إلى سبعة أضعاف حال كونه الحمل الأول للأم، وإلى نحو 10 أضعاف في حالات الحمل إلى ما بعد 41 أسبوعًا".

بدوره، يلحظ المعهد الوطني للصحة والرعاية البريطاني هذا الأمر، فيلفت إلى أن "لا فرق بين الولادة في المستشفى أو في المنزل، باستثناء حال من ينجبن للمرة الأولى"، ناصحاً "45 في المئة من النساء اللاتي تنخفض لديهن احتمالات حدوث مضاعفات خلال حملهن، بالولادة في المنازل".

ويكشف أن "مؤشرات زيادة مخاطر حدوث مضاعفات خلال الولادة تشمل أن تكون الأم فوق سن 35 عامًا، أو تعاني من ارتفاع ضغط الدم أو السمنة، أو يكون لديها تاريخ مرضي أسري في حدوث مضاعفات خلال الحمل".        



المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080