تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

منزل من «أوليغ كلودت» يتأرجح بين الماضي والحاضر: في «روبليفكا» ديكور على حافة الزمن!

مشهد بانورامي للصالون حيث تبدو كل محتوياته من أثاث وأكسسوارات وأيضاً الفضاء الكبير الذي يوفره

مشهد بانورامي للصالون حيث تبدو كل محتوياته من أثاث وأكسسوارات وأيضاً الفضاء الكبير الذي يوفره

الهيكل المعماري لعب دوراً مهماً في التنسيقات الداخلية

الهيكل المعماري لعب دوراً مهماً في التنسيقات الداخلية

ركن في الصالون يستدعي الراحة والقيلولة والتأمل

ركن في الصالون يستدعي الراحة والقيلولة والتأمل

المدفأة تبدو في إطارها كلوحة حديثة وتدعمها طاولة منخفضة من الرخام بشكل بالغ الحداثة

المدفأة تبدو في إطارها كلوحة حديثة وتدعمها طاولة منخفضة من الرخام بشكل بالغ الحداثة

ركن لمكتب تبدو عليه ملامح الستينات

ركن لمكتب تبدو عليه ملامح الستينات

رصانة لقطع تحيلنا الى الماضي

رصانة لقطع تحيلنا الى الماضي

ركن للقراءة في صالة الطعام ومدفأة بهيكل مبتكر

ركن للقراءة في صالة الطعام ومدفأة بهيكل مبتكر

فكرة مبتكرة لصالة طعام تشبه الصالون مع ستائر تستحضر الطبيعة المحيطة بالمنزل

فكرة مبتكرة لصالة طعام تشبه الصالون مع ستائر تستحضر الطبيعة المحيطة بالمنزل

تفصيل لطاولة الطعام حيث انتفاء الحدود بين الداخل والخارج

تفصيل لطاولة الطعام حيث انتفاء الحدود بين الداخل والخارج

ركن آخر لمكتب مستلهم من الستينات

ركن آخر لمكتب مستلهم من الستينات

حضور «السيمترية» في بعض الأركان يضفي على الأجواء الداخلية ملامح «زن» خاصة

حضور «السيمترية» في بعض الأركان يضفي على الأجواء الداخلية ملامح «زن» خاصة

ركن تابع للمطبخ ويقوم مقام صالة الطعام

ركن تابع للمطبخ ويقوم مقام صالة الطعام

غرفة النوم الرئيسة تبدو وكأنها خارج الزمن

غرفة النوم الرئيسة تبدو وكأنها خارج الزمن

من الخارج تبدو ملامح العمارة الروسية لبدايات القرن العشرين

من الخارج تبدو ملامح العمارة الروسية لبدايات القرن العشرين

صالة حمام كل ما فيها متفرد

صالة حمام كل ما فيها متفرد

ممر يوزع المساحات ويبدو دور الهندسة المعمارية في رفد الداخل بما يؤكد تميزه

ممر يوزع المساحات ويبدو دور الهندسة المعمارية في رفد الداخل بما يؤكد تميزه

الجاكوزي يبدو وكأنه مقيم على الحدود بين الخارج والداخل

الجاكوزي يبدو وكأنه مقيم على الحدود بين الخارج والداخل

ميزة هذا المنزل هي التميز... والتميز هنا ليس في الهيكل المعماري، ولا في الأثاث ولا في الأشكال ولا في الخطوط ولا في الألوان ولا حتى في التنسيقات... بل هو في هذا المجموع الذي يشكل من هذا المنزل علامة فارقة في مجال الديكور والزخرفة، وفي مستويات الأناقة والرفاهية، وفي معايير الفرادة والخصوصية.

لذا فإن الحديث عن كل عنصر من عناصر هذا المنزل دون الأخذ في الاعتبار ذاك الترابط «الكياني» بين العناصر والتصورات والخيارات والتنفيذ، سيكون حديثاً مبتوراً، وربما خارجاً عن سياق المشهد نفسه.

ولأن وراء كل تميز قصة، لا بد من سرد قصة هذا المنزل الذي يقع على مقربة من الخط الدائري لموسكو، في ضاحية روبليفكا التي تعتبر اليوم واحدة من أرقى المناطق السكنية في العاصمة الروسية.

أُنجز هذا المنزل بطلب واحد من ذوّاقة «الديزاين» وعشّاق العمارة في عصرها «السوفياتي» المبكر من القرن العشرين. فكان على مكتب «أوليغ كلودت» للهندسة أن يقبل هذا التحدي ويعيد تشييد المبنى الذي كان قائماً، ويحوله مقراً سكنياً عائلياً مكتمل الشروط الجمالية والوظيفية.
بالطبع، عملية التحويل لم تكن سهلة، ولكنها تمت بطريقة بارعة، بحيث لا يمكن تصور أن الجاكوزي في مكانه الحالي وسط الطبيعة كان قبل ذلك في موقع الصالون. المنزل يتكون من ثلاثة أدوار، الأرضي وهو للمعيشة والحياة الاجتماعية، الدور الأول مخصص للأطفال، والدور الثاني هو لسيد المكان حيث غرفة النوم وغرفة الملابس والحمام، وثمة برج يقود الى صالة سينما منزلية والى صالة ألعاب.

وكان استخدام مواد ذات جودة عالية أمراً ضرورياً لتحقيق التأثير المطلوب، حيث تم تجهيز العديد من الأرضيات بباركيه من خشب البلوط، في حين أن التشطيبات الخشبية في الحمام من خشب الساج، والأرضيات فسيفساء من الرخام الجوراسي، مما يخلق شعوراً بالأبّهة والفخامة. أما اختيار لوحة ألوان «أوليغ» فقد جاءت بسيطة وإنما صحيحة وفي مكانها المناسب.

وما يثير الدهشة في هذا المنزل، أننا حين نلقي نظرة أولى على داخله فإنه ينقلنا الى حقبة تاريخية غامضة يصعب تحديد سنواتها، هل هي الثلاثينات أم الأربعينات أم الستينات من القرن الماضي؟

وإذا كان هذا الداخل قد وضعت تصوراته وتصاميمه لتعكس جوانب من الثلاثينات والأربعينات، فإن الأسلوب الحديث والعملي الذي تم تطعيمه به، جعل منه مكاناً فريداً يجمع بين جدرانه الكثير من الأعمال الفنية القديمة والحديثة والتي تم اختيارها بعناية، وتتراوح بين لوحات ومنحوتات وعناصر إضاءة وقطع أثاث وأكسسوارات، وغير ذلك الكثير من الأعمال الفنية بتوقيع كبار المصمّمين من كل القارات.
وقد عمد «أوليغ كلودت» إلى توزيعها في كل أركان المنزل من دون مراعاة لتاريخها، بحيث تبدو وكأنها في أماكنها الطبيعية، مما أعطى هذا الداخل ذائقة بنائية مشبعة، من دون تكلّف أو تصنّع أو تكدّس. ولضمان أن تنال كل موجودات المنزل حصتها من الإضاءة الطبيعية، فقد تم تثبيت نوافذ عملاقة في كل جهات الهيكل المعماري، مما أضفى على الداخل أبعاداً وقيماً لا يمكن تجاهلها.

لوحة الألوان
في تأملنا لهذا الداخل بعين متفحصة، نجد أننا في القرن الواحد والعشرين بكل تقديماته الجمالية والوظيفية والتقنية أيضاً... غير أن هذا الأمر لا يعني قطيعة مع القرن السابق، بل على العكس، فإن ما يتبدّى عبر المساحات الداخلية هو تظهير للعلاقة «الحميمة» بين الماضي والحاضر، ومعالجة هذه العلاقة بأسلوب سلس وبسيط ومتفرد يحتاج الى موهبة وخبرة ومعرفة بالأساليب وانتماءاتها الزمنية، وكذلك تخضع مثل هذه العملية الى شروط تتعلق بالمهارة والحس.
وهكذا يبدو داخل هذا المنزل، في كل مظاهره، وكأنه مديح لديكور عابر للأزمنة.        

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079