في المغرب.. الصحراويات يحتفلن بطلاقهن
احتفلت طبيبة مصرية بطلاقها خلال الفترة الأخيرة، ما أثار ضجة في وسائل الإعلام المصرية ومواقع التواصل الاجتماعي. ومع أن الاحتفال بالطلاق يعتبر عادة أو "تقليعة" جديدة على المجتمع المصري وغيره من المجتمعات العربية، إلا أن الظاهرة منتشرة في الأقاليم الصحراوية المغربية منذ سنوات عدة، حيث تحتفل النساء بطلاقهن في حفلات صاخبة، وبحضور عدد كبير من أفراد عائلاتهن وأصدقائهن.
هدى أمين
ولا يُعتبر الطلاق داخل المجتمع الصحراوي أمراً معيبًا أو يقلل من قيمة المرأة، مثل باقي المجتمعات العربية الأخرى، بل يُنظر إليه كأمر عادي، ولا ينظر إلى المطلقة نظرة يشوبها العيب والانتقاص من شخصيتها، كما هو الحال في مجتمعات عربية أخرى، لا بل ان المطلقة في المجتمع الصحراوي تُستقبل من طرف عائلتها بالحليب والتمر والعطر، وأهازيج توضح مدى جمالها ومكارم أخلاقها، وأن الرجل الذي قام بتطليقها تعيس لا يعرف قيمتها.
وبعد وصول المطلقة إلى بيت عائلتها ببضعة أيام، يبدأ التحضير لحفل الطلاق المخصص للنساء فقط، وتقوم بعض العائلات الثرية بذبح الإبل وتوزيعه على الفقراء، وإقامة وليمة كبيرة، ابتهاجًا بطلاق ابنتهم وتخليصها من البؤس والأسى الذي عاشته مع زوجها، واستعدادًا لاستقبال الراغبين في الزواج منها من جديد.
ويعتبر حمدي يحضي، الباحث في المجتمع الصحراوي، أن المرأة في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية يجب أن تنتظر مرور أربعين يوماً قبل الاحتفال لتتاكد من عدم حملها، ثم تنطلق الأفراح بمباركة الأهل، الذين يعتذرون غالباً لابنتهم لأنهم اختاروا لها الزوج الخطأ، ويسمحون لها في الزيجة الثانية بالارتباط بمن ترغب به.
وأضاف يحضي في دراسته عن حفلات طلاق الصحراويات والتي يطلق عليها محليا "ابراز"، أنها لا تقام فقط عند الطلاق الأول للمرأة، بل تقام تكراراً ولو ارتبطت بعشرة رجال ثم انفصلت في طلاق بين.
ولا تعتبر المرأة الصحراوية الطلاق انتقاصاً من قيمتها كامرأة، بل تعتبره تجربة عاشتها واستفادت منها وجعلتها أكثر قوة وإقبالاً على الحياة. فالطلاق بالنسبة للمرأة الصحراوية وسيلة لإنهاء مشروع فاشل أقدمت عليه، بسبب تحكم الزوج بها أو ضربها أو بسبب أي مشكلات أخرى تدفعها إلى التفكير مباشرة بالطلاق، لاعتباره أمرًا شائعًا داخل مجتمعها، ولا يُعتبر وصمة عار ترافقها طيلة حياتها.
ولا تكمل المرأة في الصحراء عدتها، إلا وتجد عددًا كبيرًا من الرجال الراغبين في الزواج منها، يطلبون القرب من ولي أمرها، ويقدمون هداياهم ومهورًا تفوق مهر البنت البكر، لأن الرجل الصحراوي يرى في المرأة المطلقة زوجة ناضجة، اختبرت الحياة الزوجية واطلعت عليها، وليست كالفتاة البكر التي يجب تعليمها واجبات الزوج ومتطلبات الحياة الجديدة.
وتقيم المطلقة عرساً فخماً، وتفرض شروطًا على العريس الجديد، لتجنب ما عانته مع الزوج السابق. ويُعد طلب "لا سابقة ولا لاحقة" من أكثر طلبات المرأة المطلقة في الزواج الجديد، وهو يعني أن الرجل لم يسبق له الزواج من قبل، أي لا سابقة سبقتها في الزواج منه، ولا لاحقة، أي لا امرأة جديدة يتزوج منها وهي على ذمته.
وسبق أن أكدت الفنانة المغربية سعيدة شرف، ذات الأصول الصحراوية، أنها غير منزعجة البتة من طلاقها، وتحمد الله أنها تنتمي للمجتمع الصحراوي الذي يحتفي بالمطلقة، ويحفظ لها مكانتها كامرأة، بل تزيد تلك المكانة، ويقام لها حفل للرفع من معنوياتها وعدم دخولها في الحزن بعد نهاية حياتها الزوجية.
نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024