علي جابر عميد كلية محمد بن راشد للإعلام
اعتادت دبي أن تطلق العنان لمشاريع وأفكار أقرب إلي الخيال إلا أنها سرعان ما تتحقق على أرض الواقع. في دبي مئات المؤسسات الإعلامية العربية والعالمية التي وجدت الأرضية المناسبة لممارسة عملها في مجتمع أرتبط بالانفتاح والتطور السريع: مدينة دبي للإعلام، ومدينة دبي للاستوديوهات، وأخرى للطباعة. وأحدث تلك المشاريع المرتبطة بمستقبل الإعلام العربي وتوجهاته المستقبلية كان الإعلان عن كلية محمد بن راشد للإعلام، لتخريج إعلاميين عرب من نخبة من الطلاب المتفوقين من أنحاء العالم العربي. وقد تكفل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بتحمل نفقات ٧٥ % من طلابها للإقامة والدراسة في الكلية الملحقة حالياً بالجامعة الأميركية في دبي.
الإعلامي اللبناني علي جابر عميد الكلية تحدث عن فكرة هذا المشروع والرؤية المستقبلية للإعلام العربي من خلال ما تقدمه تلك الكلية المتخصصة. وعلى حد قوله «نعمل على أول مشروع أكاديمي نوعي يهدف إلى تقديم شهادات جامعية في اختصاصات الصحافة والتلفزيون والسينما والإعلام الحديث وفق أرقى المعايير العالمية، ومن أجل إعداد وتخريج جيل مؤهل من الإعلاميين الشباب القادرين على حمل رسالة إعلامية بأعلى قدر من المعرفة والمسؤولية والحرفية ليخدموا الإعلام العربي بكل وسائله».
- كيف كانت البدايات مع هذا المشروع الإعلامي الطموح؟
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم شخصية طموحة، ولديه شغف وإصرار دائم على أن يكون التدريب المستمر ورفع الكفاءات للعنصر البشري من عوامل نهضة دبي ومستقبلها. وتلك هي أيضاً نظرته الى الوطن العربي كله وليس الإمارات ودبي فقط. وفي مكتبي بتلفزيون دبي كنت أجلس مع مديرة قناة «دبي ون» السيدة نجلاء العوضي نناقش خطط التطوير، وفجأة فتح الباب لنجد الشيخ محمد كعادته في زيارة تفقدية يسأل فيها ويطمئن الى كل الأمور ومستويات التقدم في تلفزيون دبي ونسب المشاهدة وغيرها. ودائماً يؤكد أن عملي الأساسي مع تلفزيون دبي مرتبط بتدريب العاملين في التلفزيون بحكم خلفيتي الأكاديمية. ويومها سألني عن الخطط الجديدة المرتبطة بالتدريب أيضاً، وكان مشروع الكلية الخاصة بالإعلام في ذهني قبلها بسنوات، وتعمقت من خلال تجربتي في دبي التي تزخر بأكثر من ١٥٠٠ مؤسسة وشركة إعلامية، وعرضتها على الشيخ محمد الذي ناقش تفاصيلها ثم أمر بسرعة تنفيذها.
- وهل كانت الفكرة وليدة لحظة اللقاء مع الشيخ محمد بن راشد؟
دائماً ما كنت أرى ولا أزال أن عالمنا العربي في حاجة إلى كلية إعلام جديدة وراقية، تعنى بالإعلام الحديث. وكل الكليات المتخصصة في لبنان والقاهرة أو دمشق وغيرها تعلم طلابها باللغة الإنكليزية أوالفرنسية، بينما من يتعلمون الإعلام باللغة العربية مستواهم ضعيف، ولا يرتقي إلى مستوى الإعلام الحديث الذي شهد ثورة طويلة وعريضة لتكنولوجيا الإعلام. وبالطبع كانت لديّ الفكرة والرؤية لطريقة تخريج إعلامي عربي معاصر، وطرحتها على الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. وكما هو معروف فأن هدفه الأسمى هو الارتقاء بالإنسان العربي، لذا رحّب بالفكرة وطالب بسرعة تنفيذها.
- وماذا تقصد بالإعلام المعاصر؟
إعلام اليوم والمستقبل مرتبط بالإنترنت في كل شيء. وبعد عشر سنوات أتوقع أن تموت الصحافة الورقية، وستختفي الصحافة المطبوعة. هل تعلم أن نسبة القارئين للجرائد الورقية للشباب دون سن ال ٢٥ على مستوى العالم تبلغ صفراً. وكل شيء اليوم أصبح عبر الإنترنت، ستظل الكتب موجودة، لكن الصحافة المكتوبة التي نعرفها اليوم ستختفي، ومعهاأيضاً يختفي شكل الصحافي والإعلامي بشكله التقليدي. لم يعد الأمر كما كان نأتي بموظف من البلدية ونضعه لمدة ستة شهور تحت التدريب ليعمل في الصحافة المكتوبة أوالمرئية أوالمسموعة، كما نحضر طبيباً ليعمل في البورصة. العالم اليوم وتقدمه ورقيه يقوم على التخصص. نريد كلية جامعية تدرب الطلاب منذ سنوات دراساتهم ما قبل الجامعية على العمل الإعلامي ودراسة كل شيء يتعلق بالإعلام الحديث والمستقبلي، اي ان يتخرج منها إعلاميون حقيقيون.
- وعلى أي شيء تركز تلك الكلية الجامعية؟
هناك ثلاثة محاور أساسية غير موجودة في جامعاتنا العربية في ما يخص الإعلام، أولها دراسة الإعلام المعاصر باللغة العربية، وبالطبع لا نقصد أن نعلمهم كيف يستخدمون الكاميرا باللغة العربية، لكن نعلمهم كيف يكتبون بالعربية السليمة، كيف يكتبون مقالاً إعلامياً متخصصاً باللغة العربية ولكن بطريقة تعليم ومنهجية عالميتين، ومن أبرز جامعة متخصصة في الولايات المتحدة الأميركية وهي جامعة جنوب كاليفورنياUSC ، وبمعنى آخر تعريب منهج الكتاب الأميركي بمنهج عربي متميز في كل المساقات المتعلقة بالكتابة الصحافية للمجلة أوالجريدة أوالتلفزيون والسينما والإنترنت. وحتى الموبايل وغيره من وسائل الإعلام والاتصالات، فكل هذا أساسه الكتابة، برنامج تلفزيوني أو فقرة إعلانية وصولاً حتى الألعاب... كل شئ يبدأ من الكتابة، ومن بعدها التنفيذ بطريقة جيدة والإنتاج كمسالة تقنية. ولا توجد جامعة عربية تعلم بمستوى ومنهج عالمين الكتابة الإعلامية باللغة العربية بكل مستوياتها.
والأمر الثاني يتعلق بخلق جيل إعلامي متميز «مرتب». وللحق مع جيلنا ومن سبقنا كانت دراسة الإعلام تأتي في آخر أولويات البحث عن المستقبل، وإذا رفضوك أن تدرس الهندسة أوالطب أو غيره قد تفكر في الإعلام ! ومعظم الدارسين وقتها كن من النساء، والأهل يضحكون على من يرغب في دراسة الإعلام. لكننا اليوم نركز على نوعية الطلاب الراغبين، فلابد أن يكونوا متفوقين دراسياً، وبمعنى آخر من أصحاب العلامات الجيدة في مراحل التعليم، لأن الدارس أهم شيء في تلك المنظومة، ولا بد أن يكون خريج تلك الجامعة الإعلامية لامعاً ونجماً .
- وكيف يتحقق ذلك في اختياركم لنوعية الطلاب والطالبات الدارسين في كلية محمد بن راشد للإعلام؟
نذهب بأنفسنا إلى العواصم العربية ونبحث عن التلاميذ المتفوقين، ونقنعهم بدخول الكلية. وقمنا ونقوم بزيارات للدول العربية لنبحث عن أصحاب التفوق في المرحلة الثانوية وغيرها في أصقاع السودان أو موريتانيا، فمن يهمنا هم المتفوقون، ونخبرهم بأن من يحب دراسة الإعلام الحقيقي المستقبلي بطريقة جدية وصحيحة ويرغب في أن يتخرج كأعلامي حقيقي، وفي حاجة إلى منحة دراسية، فنحن نرحّب به، لأن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يتكفل بمنحة ل75% من هؤلاء الطلاب. وبالطبع يتم ذلك بالتعاون مع وزارات التعليم في الدول العربية لنتعرف على المتفوقين ونجتمع معهم ونسألهم عم من يرغب منهم في أن يعمل مستقبلاً في الصحافة أوالتلفزيون أوالسينما أوالإنترنت. ومن يهتم منهم نتكفل بمصاريف دراسته وإقامته في دبي بكل ما تشمل، وبالطبع يتم الاختيار وفق معايير ليكون لدينا مثلاً ٧ طلاب من الرياض و ٧ من دمشق ومثلهم من القاهرة ودبي وبيروت وغيرها ليكون عندي ١٠٠ أو ١٢٠ طالباً من ألمع الشباب، يتخرجون بعد 4 سنوات ليكونوا الوجه الحقيقي والمعبر عن الإعلامي المعاصر والحديث، خاصة أن وسائل الإعلام وتكنولوجياته تتطور كل يوم، وهي أسرع صناعة متطورة في العالم.
ولا بد أن تسأل نفسك اليوم كيف سيكون شكل الإعلام بعد 4 سنوات عندما يتخرج هؤلاء الطلاب؟ حتى تعرف أيضاً ماذا يجب أن يدرسوه، فلا بد من نظرة مستقبلية، وهذا هوالمحور الثالث الذي تركز عليه الكلية. نجتمع مع أساتذة جامعة جنوب كاليفورنيا، ونضع مناهج متطورة بشكل دائم لنتأكد من جودة المناهج وفي أي نوع إعلامي سيعملون، ونوعية التكنولوجيا التي ستكون بين أيدي هذا الخريج. فلا بد وأن تلاحق الدراسة العملية تلك الصناعة المتطورة. ومن واقع خبرتي أستطيع أن أؤكد أنها ستتغير بنسبة مئة في المئة!!
- وإلى أين سيذهب هؤلاء الخريجون؟
الكلية ستكون مشهورة بتميزها التعليمي في الكتابة الإعلامية باللغة العربية، لأننا نسعى إلى تخريج صحافيين وكتاب تلفزيونيين وسينمائيين وإذاعيين ومن يعمل في مجال الإنترنت، كل هؤلاء سينضمون إلي المؤسسات الإعلامية العربية، لأن الكلية ستعالج الفجوة الموجودة حالياً، خاصة أن ثلاثة أرباع من يعملون في مؤسساتنا الإعلامية العربية غير حائزين شهادات دراسية في الإعلام. نحن مؤسسة تعليمية هدفنا تخريج مجموعة متميزة من دارسي الإعلام متسلحين بمنهج تعليمي متطور، وجعل تلك الكلية مدفوعة من قبل صناعة الإعلام العربي نفسها. وإذا كان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قد تكفل بتحمل ٧٥ % من تكلفة هذا العمل الحضاري، فإننا نأمل أن تقوم المؤسسات الإعلامية العربية بتحمل دورها وتقوم m b c أو «روتانا» أو «الأهرام» و«النهار» مثلاً بتغطية كلفة عدد من المنح الدراسية، ويكون لها الأولوية في المقابلة والتعاقد مع الخريجين، وانتقاء من تريده هذه المؤسسات من هؤلاء الطلاب بعد تخرجهم، ليكونوا شركاء لنا في تلك المنظومة الإعلامية المتكاملة.
- ماذا عن القائمين على عمليات التدريس؟
أي إنسان لا يتذكر في رحلته التعليمية سوى من أثر في حياته من الأساتذة، والتعليم لم يعد مجرد قراءة التلميذ من صفحة كذا وحتى صفحة كذا ثم يدخل الامتحان، بل علاقة خاصة بين الأستاذ وتلميذه، ويكون الأول فيها مصدر إلهام الثاني، ليس في المادة الدراسية فقط بل وفي الحياة، يثيرون اهتمامك للدراسة والحياة والمبادئ العامة. ونحن نريد أساتذة يعطون هذا الانطباع لدي الدارس، وإذا كان لديك أهم منهج في العالم ولكن من يقوم على تدريسه غير كفء لفشلت العملية. ونحن لدينا خطة نجلب من خلالها أساتذة يحملون شهادة الدكتوراه ومن أصحاب التخصص ليقوموا بتدريس الأبعاد النظرية والفلسفية والبعد الثقافي لتلك المواد الدراسية، مع ضرورة أن يكون الطالب واعياً جداً ٍلنظرية الإعلام، وماذا يمكن أن يفعله للمشاهد والقارئ والمستمع، وماهي آفاقه ومحدوديته. يجب أن تكون تلك الخلفية الثقافية عند كل إعلامي، ومن هنا لابد أن يكون القائمون على التدريس أصحاب خبرة وأبحاث في هذا الموضوع، وقادرين على تدريس تلك النظريات.
- الدراسة قائمة على تخريج إعلامي عربي قادر على ملاحقة تطورات العصر والتكنولوجيا. فلماذا هي باللغة العربية؟
فقط الكتابة الصحافية بأنواعهاوعلاقةالإعلام بالمجتمع والدين والثقافة والسياسة وتاريخ الصحافة هي مايتم تدريسه بالعربية، وباقي المواد مثل النظرية العالمية للإعلام وكل المواد التقنية مثل المونتاج والكاميرا والاستوديو وغيرها ستكون بالانكليزية. وبالطبع سيكون هناك أساتذة متخصصون من أميركا وأوروبا وغيرهما. إذا جاء «مساق» عن كيفية تغطية الحروب مثلا فلا بد وأن يكون القائم على تدريس هذا المساق إعلامياً قام بتغطية الحرب في العراق أو أفغانستان، لبنان أو غزة، وحصل على جوائز عن تغطيته لتلك الحروب. نريد أيضاً أن نخلق جيلاً يعرف الإدارة الإعلامية، باعتبار أن هناك فجوة كبيرة في تخريج الكوادر الإدارية للمؤسسات الإعلامية، ويقوم بالتدريس فيها عبد الرحمن الراشد أو علي الحديثي، أو غيرهما من كبار الأسماء في إدارة المؤسسات الإعلامية العربية. والحال نفسها عند تدريس تاريخ الصحافة العربية فيتولى الأمر محمد حسنين هيكل وغسان تويني مثلاً. وأيضاً موضوع الإعلام والقانون وأخلاقيات المهنة، لا تهمنا الجنسية قدر أن يكون القائم على تدريسها صاحب كفاءة وخبرة ليكون على قدر ثقة طلابه وينسج معهم علاقة تبادلية وحواراً دائماً.
- لماذا دبي تحديداً لإطلاق هذه المبادرة الإعلامية؟
دبي هي المكان المثالي للفكرة. والشيخ محمد بن راشد هو صاحب المبادرة والرجل المناسب لدفع مستقبل العمل الإعلامي العربي. وأكثر من ٧٥ % من السوق الإعلامية العربية موجودة في دبي، وفي مدينة دبي للإعلام هناك أكثر من ١٥٠٠ مؤسسة إعلامية عربية وعالمية. دبي هي أيضا المكان الوحيد في الوطن العربي بل وفي العالم الذي يمكن أن يستضيف طلاباً من أنحاء العالم ليقيموا فيها للتعلم والعمل دون تعقيدات أو روتين أو غيره، الى جانب سمعتها العالمية في الأمن والانفتاح، والفكرة التي أولاها الشيخ محمد بن راشد رعايته ودعمه أصبحت حقيقة بعد عام واحد، والأمر ليس مجرد بناء من حجارة ورمل، بل جامعة ومنهج تعليمي ومحتوى ومضمون. والمميزات التفضيلية التي تكتسبها من العمل في دبي وبالقرب من الشيخ محمد بن راشد تجعل دبي المكان المثالي لأن هذه الجامعة بدأت بفكرة إنشاء مركز تدريب للإعلاميين، وتطورت إلى كلية جامعية ومركز أبحاث يعني بخدمة المجتمع. وهنا للحق أقول إن الأفكار في دبي قابلة للتنفيذ. ليس الأمر فكرة بل بيئة مناسبة للعمل، وقيادة سياسية حكيمة تحثك على التفكير إلى أبعد الحدود.
- هل هناك دراسات وأبحاث تؤكد نجاح هذا العمل الإعلامي التعليمي؟
كليتنا ليست هدفها الربح المادي، فهي مؤسسة ليست ربحية، بل تولى الشيخ محمد بن راشد معظم التمويل من أجل خلق جيل إعلامي عربي جديد وواعٍ ومسؤول وأخلاقي. وبمجرد وصول عدد الطلاب إلى المقرر فهذا يعني بدء خطوة النجاح الأولي.
- وخطوة التعاون مع مؤسسات المجتمع العربي؟
إلى جانب الكلية سنؤسس مركز البحوث الإعلامية وهدفه خدمة المجتمع في مجالات التعليم والصحة بالتعاون مركز عالمي في كاليفورنيا، ففي أميركا استطاعوا أن يقضوا على آفة التدخين بشكل شبه كامل عن طريق الإعلام، ومعظم الناس لا يدخنون في الولايات المتحدة الآن. وهذا المركز الذي نتعاون معه يؤكد في أبحاثه أن ٧٠ % من الأميركيين المحدودي الدخل يأخذون معلوماتهم الصحية عن طريق التلفزيون. وسنعمل معاً وعبر مجموعة من كتّاب السينما والتلفزيون لتقديم أعمال تلفزيونية أو غيرها عن الأطباء والمستشفيات كما حدث من قبل من خلال مسلسل« لحظات حرجة» من بطولة يسرا وعشرات النجوم، وعرضه تلفزيون دبي في العام الماضي. وسنقدم ذلك عبر هذا المركز وبالتعاون مع mbc وروتانا ودبي وأبو ظبي وغيرها، وعبر أعمال درامية وبمعلومات حقيقية ولها هدف تربوي وصحي واجتماعي وغيره. هل تتخيلون أن البعض مازال يعالج جرحاً في يده حتى اليوم بوضع كمية من البن أوالقهوة على موضع الجرح؟! سنقدم له نحن أخطار ذلك، وأن أبسط الطرق تتمثل في الضغط باليد الأخرى على مكان الجرح لوقف النزف. وسيكون ذلك بشكل غير مباشر بل ضمن سياق درامي وحبكة ومن خلال المسلسلات التي ترونها على الشاشات العربية، مثل «باب الحارة» وغيره. والحال نفسها عن أخطار وأمراض مثل السكري والإيدز والتدخين والإسراف وعشرات العناوين، بعيداً عن الأسلوب التقليدي في استضافة طبيب متخصص ليتحدث عن أخطار السكري أوالإيدز الذي يهرب منه القارئ والمشاهد، لأننا سنقدم تلك المعلومة بشكل درامي أو كوميدي شيق ليكون الإعلام بالفعل في خدمة المجتمع.
- ماذا عن مراحل التنفيذ وحتى الوصول الى رؤاكم في تخريج إعلامي عربي متميز؟
بدأنا بمقابلة مع الطلاب في معظم العواصم العربية، وتم قبول أعداد منهم، وهم يتلقون تعليما في البداية ليس له علاقة بالإعلام، مثل التاريخ والسياسة والثقافة العامة والجغرافيا والعلوم الإنسانية، لأننا نريد أن يتخرج من عندنا صحافيون إذا سألت أجابوك، قادرون على إدارة دفة الحوار، لا يمسكون الورقة والقلم ومعهم ثلاثة أو أربعة أسئلة. الإعلامي الحقيقي صاحب فعل ورد فعل، ويهمنا أن يكون مثقفاً وليس مجرد تقني مسلح بالعلوم والتكنولوجيا. وقد انتهينا من تثبيت المنهج الصحافي، ويتم حالياً الاتفاق مع كبار الكتّاب والإعلاميين في الوطن العربي للتدريس في الجامعة. ونعمل أيضاً على مناهج الراديو والتلفزيون والانترنت، وسنبدأ بتعريبه قريباً. وقد تفضل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مشكوراً بمنحنا قطعة أرض ملحقة بالجامعة الأميركية في دبي لبناء مبنانا الخاص، وحتى يتم ذلك نستخدم مبني الجامعة الأميركية بكل تسهيلاته وخدماته المساندة.أما التطبيق الفعلي للمنهج فسيكون اعتباراً من العام الدراسي المقبل، بينما يمضي الطلاب المنتظمون في الدراسة حالياً عامين في دراسة الثقافة العامة، ثم عامين في المساقات الإعلامية.
- ماذا يشغلك حالياً في هذا العمل الإعلامي والتربوي في وقت واحد؟
عملي المهم والأساسي أن أتأكد من النجاح، والشيخ محمد بن راشد عيّنني في هذا المنصب لأتأكد من أن التميز سمة هذه الكلية، خاصة انها تحمل اسم المعروف عنه دائماً النجاح وتحقيق المستحيل. ولهذا لا بد من أن يكون الأساتذة على المستوى المأمول، والطلاب أيضاً من الجادين المتفوقين، وبمنهج على أعلى مستوى. وكل هذا الخليط سينتج إعلامياً عربياً متميزاً، وعملي أن أكون حارس هذا المشروع الطموح.
- حديثك عن أن الأغلب والأعم ممن يعملون في الإعلام العربي من غير خريجي كليات الإعلام. يعني افتقادهم الكفاءة وتمتعهم فقط بالخبرة؟
لا أقصد ذلك، فهناك كفاءات في كل المواقع الإعلامية، لكن هناك فجوة يعاني منها الإعلام العربي، لأن معظم الشباب العاملين في الإعلام العربي اليوم غير قادرين على التواصل باللغة العربية وخاصة في مجال التلفزيون. والإعلام المكتوب معتمد على تاريخه وتراثه العريض وقواه الذاتية، ولهذا تخرجت أجيال رائعة لكن ذلك لا يخدم مستقبل الصحافة المكتوبة، ولا نراه في التلفزيون الذي هو إعلام الكتروني. ومن يكتب للصحافة المكتوبة لا يستطيع الكتابة للتلفزيون التي تعتمد على الصورة، وهدفنا سد هذه الثغرة عبر خريجينا، لأن ما يدرس في كليات الإعلام العربية اليوم قائم على مناهج ورؤية تعود الى نصف قرن مضي.
- وإلى أين يمتد طموحك باعتبارك عميداً لكلية محمد بن راشد للإعلام؟
فكرتي القائمة على معطيات ورؤية واقعية أن يصل هذا الكيان إلي العالم العربي، وأن يقود الإعلام بعد عشر سنوات خريجو هذه الكلية، وأن نرى بعد سنوات ليست بعيدة كلية محمد بن راشد للإعلام في دمشق والقاهرة والرياض وغيرها من العواصم العربية في امتداد طبيعي للكلية التي تتوافر فيها كل مواصفات النجاح.
علي جابر عميد كلية محمد بن راشد للإعلام
تخرج الإعلامي علي جابر من الجامعة الأميركية في بيروت مجازا في إدارة الأعمال ليتوجه بعدها إلى جامعة «سيراكيوز» في الولايات المتحدة الأميركية حيث نال شهادة الدراسات العليا في علوم الاتصالات.
في كلية بيروت الجامعية انضم علي معين جابر إلى الكادر التعليمي ليصبح أحد مؤسسي دائرة البث الإعلامي في الجامعة وأستاذاً رئيسياً في مواد الإنتاج التلفزيوني على مدى ثماني سنوات. ولكن عمله الأكاديمي لطالما تكامل مع عمله الميداني حيث عمل كاتباً مراسلاً لصحيفتي «النيويورك تايمز» الأميركية «التايمز أوف لندن» البريطانية بين ١٩٨٩ و ١٩٩٤، إضافة إلى توليه منصب المراسل الرئيسي في لبنان وسورية لوكالة الصحافة الألمانية بين ١٩٨٧ و ١٩٩٩.
في العام ١٩٩٢ تولى مهمة إنشاء «تلفزيون المستقبل» كمحطة خاصة تتوجه إلى المشاهد العربي من المحيط إلى الخليج.هناك تولى إدارة وتشغيل «تلفزيون المستقبل» التابع لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري حتى عام ٢٠٠٣، وفي عام ٢٠٠٤ تعاون علي جابر بصفته مستشاراً إعلامياً مع المشرفين على مؤسسة دبي للإعلام على إعادة تكوين وإطلاق القنوات التلفزيونية الأربع التابعة للمؤسسة وهي «تلفزيون دبي» و«سما دبي» و«دبي الرياضية» و«دبي وان».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024